شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

عمر المختار .. من تنتظر ليبيا وريثًا له

عمر المختار .. من تنتظر ليبيا وريثًا له
"إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا؛ حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، إنا لله...

"إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا؛ حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، إنا لله وإنا اليه راجعون"، كلماتٌ نتذكر بها تاريخ القائد العربي الليبي، السيد "عمر مختار"، والذي  تمر الذكرى 81 على استشهاده، وفي الوقت الذي تعيش فيه ليبيا حالة من الاقتتال الشعبي.

 

يحيي الليبيون هذه المرة "يوم الشهيد"، وهم يخوضون حربًا تكاد تكون أهلية، بين مناطق وجهات وأيديولوجيات، وكل طرف يعتبر قتلاه شهداء في الجنة، و خصومه أعداء في النار. وكل طرف حين يجهز على خصمه  يعلن ابتهاجه بالتخلص منه و يكبّر على رأسه.

 

مولد المختار

ولد أسد الصحراء، عمر بن مختار بن عمر المنفي الهلالي،  في 20  أغسطس عام  1858، واستشهد على يد الاستعمار الإيطالي في 16 سبتمبر 1931، اشتهر بـ"عمر المُختار"، المُلقب بشيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، هو قائد أدوار السنوسية في ليبيا، وأحد أشهر المقاومين العرب والمسلمين، ينتمي إلى بيت فرحات، من قبيلة منفة الهلالية، التي تنتقل في بادية برقة.

 

بداية الجهاد

مع مرارة الانقلاب، أضاف المختار لنفسه واجب إضافي، مع تعليم القرآن، وهو الجهاد باقتتال في سبيل بلاده، ودينه؛ لدفع الاحتلال عنها.

 

 وكان قد اكتسب خبرةً كبيرة في أساليب وتكتيكات الحروب الصحراويَّة، أثناء قتاله الفرنسيين في "تشاد"، وكان له معرفة سابقة بجغرافيَّة الصحراء وبدروبها ومسالكها وكل ما يتعلَّق بها، فاستغل هذه المعرفة وتلك الخبرة ليحصل على الأفضليَّة دومًا عند مجابهته الجنود الإيطاليين، غير العارفين بحروب الصحراء، وغير المعتادين على قيظها وجفافها.

 

أخذ "المختار" يقود رجاله في حملاتٍ سريعة، على الكتائب العسكرية الإيطاليَّة، فيضربوهم ضرباتٍ موجعة، ثمَّ ينسحبون بسرعة إلى قلب الصحراء. عمل المجاهدون الليبيّون على مهاجمة الثكنات العسكريَّة الواقعة على أطراف الصحراء، وإيقاع الرتل، وراء الرتل في كمين، وقطع طرق المواصلات، والإمدادات على الجيش الإيطالي، وقد أصابت هذه الهجومات المسؤولين العسكريين الإيطاليين، بالذهول في غير مرَّة، وأُحرج الجيش الإيطالي أمام الرأي العام في بلاده، بعد أن لم يتمكن من إخماد حركة بعض الثوَّار البدو، غير المدربين عسكريًّا.

 

رفض العروض الإيطالية

وقد كرر الإيطاليون عروضهم على عمر المختار عدَّة مرّات، حتى بعد خروجه من مصر، وعودته إلى برقة، لكنه كان يرفض في كل مرة ويُصرّ على الجهاد وقتال المحتل الأجنبي.

 

اشتعال الحروب

في عام 1923 وبعد أن عاشت مستعمرة ليبيا الإيطالية لعدّة سنواتٍ في هدوء نسبيّ، مع ضعفٍ في سيطرة الطليان، قرَّرت الحكومة الإيطالية تغيير سياستها تجاه ليبيا جذريًا، فقرَّرت قلب سياستها مع الحركة السنوسية، من الحوار والتفاهم إلى الحرب والإخضاع بالقوة، وألغت جميع الاتفاقيات السابقة، التي أبرمتها مع الليبيّين، وبدأت هجومًا شاملاً على معاقل الجهاد، ما أدى إلى تفجُّر حرب عنيفة في أنحاء الجبل الأخضر، بعد هدوءٍ كان قد دام لعدّة سنوات، واستمرَّت الحرب في الأعوام التالية، لتزداد شدة وعنفًا عامًا بعد عام.

 

معركة الرحيبة

في 28 مارس 1927 اشتبك المجاهدون مع القوات الايطالية في معركة ضارية عُرفت باسم معركة الرحيبة، وقد تكبّد فيها الطليان خسائر جسيمة.

 

و كانت تلك الهزيمة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فلم تعد الحكومة الإيطالية في روما قادرة على تقبَّل أي هزيمة، بعد أن ظهر جيشها بمظهر هزلي، أمام باقي جيوش أوروبا، كذلك كان الحكَّام الإيطاليّون في ليبيا، قد طفح بهم الكيل من الهزائم المُتكررة، وكان لا بدّ لهم من إعادة اعتبارهم، ورفع معنويَّات الجنود المنهارة، فشرعوا يعدّون الجيوش الجرَّارة لاحتلال الجبل الأخضر واتخاذه قاعدة لها.

 

إعدام المختار

وبعد حروبٍ ومناوشاتٍ وحصار المقاومة واعتقال المختار،  اتُخذت في 16 سبتمبر 1931، وبعد جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم، بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران، وأُحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المُعتقلين، والسياسيين خصيصًا من أماكن مختلفة؛ لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم. وأُحضر المُختار مُكبَّل الأيادي وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا سُلَّم إلى الجلاد، وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على انخفاض، وبصوتٍ مدوّيٍ؛ لمنع الأهالي من الاستماع إلى "المختار"، إذا تحدث إليهم أو قال كلامًا يسمعونه، لكنه لم ينبس بكلمة، وسار إلى منصة الإعدام وهو ينطق الشهادتين.

 

وكان الهدف من إعدامه هو إضعاف الروح المعنوية للمقاومين الليبيين، والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَّة، فقد ارتفعت حدَّة الثورات، وانتهى الأمر بطرد الاستعمار الإيطالي من البلاد.

 

حصد عمر المُختار إعجاب وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته، وأشخاصًا أكثر بعد إعدامه، فأخبار الشيخ -الطاعن في السن- الذي يُقاتل في سبيل بلاده ودينه استقطبت انتباه الكثير من المسلمين والعرب، الذين كانوا يعانون من نير الاستعمار الأوروبي في حينها، وحثت المقاومين على التحرّك، وبعد وفاته حصدت صورته وهو مُعلّق على حبل المشنقة تعاطف أشخاص أكثر، من العالمين الشرقي والغربي على حدٍ سواء، فكبر في أذهان الناس وأصبح بطلًا شهيدًا.

 

وفي هذا الموقف كتب "أحمد شوقي":

ركزوا رفاتك في الرمال لواء .. يستهض الوادي صباح مساء

يا ويحهم ركزوا منارًا من دم .. يوحي إلى جيل الغد البغضاء.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023