في السادس عشر من مارس من العام الماضي 2014، اختفى عبد الرحمن سيد رزق، 19 عاما، طالب بالمرحلة الثانوية، حيث تم اقتياده وإخفاؤه قسريا، لمدة أسبوع بمقر أمن الدولة بوسط البلد، والمعروف بـ"لاظوغلي" -سيئ السمعة- سبعة أيام، شهد فيها عبد الرحمن أعلى درجات التعذيب الجسدي والنفسي، ليتم ترحيله بعد ذلك إلى سجن العقرب -شديد الحراسة- ثم يحال بعد ذلك إلى المحاكمة العسكرية، بتهمة الانتماء لما يسمى بخلية "عرب شركس"، واتهامه في ما بعد بحيازة أسلحة وذخيرة والانضمام لخلية إرهابية.
منذ أيام أطلقت المحكمة العسكرية أول حكم منذ أحداث 3 يوليو بحق مدنيين، بتأكيد إعدام عبد الرحمن ورفاقه، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"خلية عرب شركس"، رغم بطلان الأدلة التي اعتمدت عليها درجات التقاضي المحتلفة بما فيها المحاكمة العسكرية.
ليكتب القاضي العسكري كلمة النهاية لحياة طالب في مستهل ربيعه، ضاربا بكل قوانين البشرية والسماوية عرض الحائط، في سابقة تعد الأولى، دون مراعاة لما دون فوق رأسه "العدل أساس الملك".
21 أكتوبر من العام الماضي كان عبد الرحمن وستة آخرين على موعد أول إعلان لحكم الإعدام، الذي قضت به المحكمة العسكرية بالهايكستب، ذلك الحكم الذي قامت هيئة الدفاع عن الطالب ومن معه بالطعن عليه، لتقوم المحكمة العسكرية العليا يوم الثلاثاء الموافق 24/3/2015 برفضه وتأييد حكم الإعدام عليه، ليكون الطالب في انتظار تنفيذ هذا الحكم في أي وقت خلال الأيام القادمة.
ورغم تأكيد كل القوانين من أنه لا يجوز محاكمة المدنيين محاكمةً عسكرية، وذلك ما نصّت عليه المادة (10) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفًا وعلنيا للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه"، إلا أن هذه المحاكمات جاءت لتضرب بتلك القوانين عرض الحائط، فضلا عن أن تلك المحاكمات باطلة في ذاتها فهي قائمة على تهمٍ تتضمن في باطنها حقوقا كفلها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، كحرية التعبير عن الرأى، وحق اعتناق الآراء والأفكار دون أي تدخل، كما جاء هذا الحكم انتهاكا صارخا لحق الإنسان في الحياة، وإنهاء حياته بُناء على آرائه السياسية".
لم تتوقف المحاكمات العسكرية لضحايا عرب شركس فقد طالت الكثير وستطال آخرين أيضا، وأصدرت المحكمة العسكرية حكما بالحبس والغرامة على كل من إسراء ماهر أحمد الفرقة التانية كلية علوم لمدة عامين وغرامة 50 ألف جنيه والسعيد عادل محمد رزق السعيد الفرقة الثالثة كلية الحقوق 10 سنوات و50 ألف جنيه غرامة، وعلى كل من محمد أحمد عبد الحميد عبد الجواد عطا الله وأحمد محمد صابر العشري طالب بكلية لغة عربية جامعة الأزهر، وعبد الله سلامة المرسي باشا طالب هندسة، وأحمد حسام الدين يوسف عبد المجيد طالب هندسة، ومحمود أحمد بكر السيد شحاتة طالب هندسة قسم حاسبات بالسجن 3 سنوات و50 ألف جنيه غرامة في القضية رقم 23/2015 جنح كلي الإسماعيلية.
وتأتي أحداث هذه القضية بعد اقتحام قوات الأمن حرم جامعة المنصورة واعتدائها على الطلبة هناك لتقوم بعدها بالقبض عشوائيا على عدد من الطلبة الموجودين في 28 أكتوبر 2014، وتمت إحالتهم إلى إحدى النيابات المدنية بتهمة حيازة العاب نارية وأسلحة بيضاء ومنشورات تحريضية وبنزين وكتب تحتوي على أفكار متطرفة والتظاهر دون تصريح والإخلال بالأمن العام وتهديد السلم الاجتماعي، إلا أنه تمت إحالتهم إلى القضاء العسكري بعد صدور القرار الجمهوري رقم 136 لـ2014 الخاص بحماية المنشآت العامة.