يوجه الضابط فوهة بندقيته تجاه متظاهر، أو ربما سجين، ثم يكون القرار رصاصة تنهي حياة شخص أمامه، ثم دقائق ويضع سلاحه في جعبته، غير مكترث بما حدث، ربما لأنه تيقن بأنه فوق القانون، بأحكام القضاء.
يدور أهالي الضحية في فلك البحث عن حق ابنهم، وهم يظنون أن هناك قانونا سيأخذ لهم بالثأر ويشفي غليلهم.
وبين ساحات المحاكم أوراق تتناثر على منصة قاض، أمامه ضابط متهم، وأسرة مكلومة، وما بين التأجيل مرات ومرات، يكون الحكم النهائي: "حكم المحكمة ببراءة الضابط فلان من قتل فلان وعودته إلى عمله"، وربما تعويضه.
أحيانا يصل الأمر إلى شكر الضباط كما حدث مع ضباط الشرقية عندما وجه لهم رئيس محكمة الزقازيق كلمة جاء فيها: "أنتم أبطال مصر وجنودها المخلصين، ولو بيدى ما كنت حاكمتكم، فأنتم ضحية أياد مرتعشة قدمتكم كبش فداء لنظام فاسد. و نحن كقضاة لا نرضي الناس ولكن نرضي رب الناس".
أمس الاثنين، قضت محكمة شمال القاهرة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة، برئاسة المستشار إيهاب الراهب، برفض استئناف النيابة العامة وتأييد قرار إخلاء سبيل ضابط الأمن الوطني المتهم بقتل المحامي كريم حمدي، في قسم المطرية، بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه.
مقتل كريم نهاية الشهر الماضي، وبراءة المتهم في قتله، يكمل عدد أرواح أهدرت داخل السجون بـ 105 حالة، لم يدان فيهم ضابط واحد، وخرج المتهمون فيها بالبراءة.
منظمة «هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان»، في آخر تقرير لها هذا الشهر قالت إنها ووثقت، بشكل مستقل تسع حالات وفيات في الحبس منذ يوليو 2013 استنادا على أدلة من محاميي وأقارب الضحايا، وكذلك وثائق طبية، وفي إحدى الحالات، بدا المعتقل وكأنه تعرض للضرب قبل أن يلقى نحبه بعد ذلك في زنزانة مكتظة.
وأفادت في تقريرها أن 95 شخصا على الأقل ماتوا خلال احتجازهم في مرافق تابعة للشرطة في محافظتي القاهرة والجيزة فحسب في الأشهر العشرة والنصف الأولى من عام 2014.
وفي تقرير بعنوان: (Egypt: Rash of Deaths in Custody) أكدت المنظمة أن المعتقلين يتعرضون للضرب حتي الموت في زنازين الشرطة والسجون بخلاف حالات وفاة أخرى لمعتقلين لديهم أمراض القلب، والسرطان، أو أمراض أخرى وتم رفض علاجهم، وسط تردي الخدمات الصحية داخل السجون.
وأوضحت أن وفاة بعض السجناء جاءت على ما يبدو بعد تعرضهم للتعذيب أو الانتهاكات الجسدية.
