في الوقت الذي تواجه في اللغة العربية مخاطر “الانقراض” في العديد من بلدان المغرب العربي بوجه عام والجزائر واحتلال اللغة الفرنسية مكانها، تتجه الحكومة الجزائرية إلى آلية جديدة في مراحل التعليم الأولى “الابتدائي” قد تتسبب في زيادة ضياعها في البلاد.
التوجه الحكومي الجديد في الجزائر بدء بتصريحات نسبت لمسؤول بوزارة التعليم الجزائرية، حول وجود مقترح لتدريس اللهجة العامية لتلاميذ السنة الأولى الابتدائية، وهو التصريح الذي أثار موجة انتقادات واسعة من أحزاب إسلامية في البلاد، وتم وصفه بـ”السابقة الخطيرة التي تهدد انسجام المجتمع، وتخلق صراعًا لغويًا مستقبلًا”.
وبدلا من احتواء موجة الغضب والانتقاد في الجزائر، خرجت “نورية بن غبريت”، وزيرة التربية الوطنية، لتؤكد أن القول بأن الحكومة ستعمل على اعتماد العامية في التعليم الابتدائي، قول غير صحيح، لكن الوزارة ستتيح للمعلم الجزائري الاستعانة باللغة الأم للتلميذ “اللهجات واللغة الدارجة” في الطور التحضيري للسنتين الأولى والثانية الابتدائية.
وناقضت الوزيرة نفسها في حوار لصحيفة “الخبر” الجزائرية حين أكدت أن الدستور والقانون التوجيهي للتربية يؤكدان استعمال اللغة العربية الفصحى كلغة تدريس في الجزائر.
وحاولت الوزيرة تبرير التوجه الجديد في الاستعانة بالعامية في التدريس بالمراحل الأولى بإن ذلك سيساعد الطفل على تعلم اللغة العربية حيث أشارت إلى أنه لوحظ أن كثيرًا من التلاميذ في الجزائر يرسبون في الصف الثاني الابتدائي، ويمثلون قرابة 10% من مجموع التلاميذ، وهي نسبة كبيرة، في الطور التحضيري وذلك بسبب صعوبة الاستيعاب في المراحل الأولى.
وزعمت أن التوجه الجديد عبارة عن اقتراحات من الخبراء المشاركين في الندوة الوطنية حول تقييم تطبيق إصلاح المدرسة ، مؤكدة على ضرورة مراعاة، بصفة تدريجية، ما يحمله الطفل من رصيد لغوي معين “اللهجة العامية للطفل” مع دخوله المدرسة”.
وتابعت الوزيرة: “يأتي التلميذ بمعرفة ورصيد لغوي كبير، وعندما يدخل إلى القسم يجب أن لا يُصدم، ولهذا فإن الأستاذ سيرافقه بالاعتماد على هذا الرصيد، حتى يشعر التلميذ كأنه في محيط يثق فيه، وسيعمل الأستاذ بصفة تدريجية على تعليمه اللغة الرسمية وهي اللغة العربية، حيث يستوعبها التلميذ بصفة تدريجية، والأساتذة حاليًا يفعلون هذا من أجل نجاح التلميذ، فكل أستاذ يستعمل عبارات من اللغة الأم للتلميذ لإيصال الفكرة”.
الفرنسية لن تدرس بالعامية
في المقابل رفضت الوزيرة السماح بتدريس اللغة الفرنسية باللهجة العامية، وقالت عند سؤالها عن إمكانية استخدام العامية الفرنسية: “أساتذة اللغة الفرنسية لن يستعينوا بالعامية لتدريسها، فاللغة الفرنسية تدرس في السنة الثالثة، حيث يكون التلميذ قد امتلك رصيدًا قويًا من اللغة العربية ويمكن لمدرس اللغة الفرنسية اللجوء إليها”.
جدير بالذكر أن اللغة العربية رغم كونها اللغة الرسمية في الجزائر منذ دستور 1963، بالإضافة إلى اعتبار اللغة الأمازيغية لغة قومية منذ التعديل الدستوري 2002 فإن اللغة الفرنسية تُستخدم على نطاق واسع في الدولة الجزائرية، خاصة في المجالات الثقافية والإعلام والتعليم في الجامعات، وذلك على خلفية الاستعمار الفرنسي للجزائر، فالفرنسية تعد لغة شبه رسمية في الجزائر وتشكل خطورة حقيقية على اللغة العربية في البلاد.
وبحسب آراء الباحثين فإنه بالرغم من تحدث ما يزيد على الـ70% من الجزائريين للغة العربية فإنها لا تزال تعد في خطر حقيقي، حيث إن اللغة التي يتم التحدث بها في البيت والشارع هي خليط بين اللهجة الجزائرية والكلمات الفرنسية كذلك.