تزوج أحمد الغول، تنفيذًا لوصية أمه؛ فهو آخر الأبناء، وتريد أن تفرح به كما كانت تتمنى، لكنها لم تشاركه فرحة العمر هذه.
أحمد آثر أن يزف إلى عروسه في ذكرى استشهاد عائلته في العدوان الإسرائيلي صيف العام الماضي، عندما أغارت طائرة حربية على المنزل فحولته إلى كومة ركام فوق رؤوسهم.
نجا أحمد حينها ومعه زوجة أخيه واثنان من أبنائها، أصيبوا بجراح مختلفة، فيما ارتقى تسعة من أفراد العائلة بينهم الأب والأم.
يقول أحمد -لشبكة “رصد”-: “هي سنة الحياة باقية، وسنة الله بالكون لا تتغير ولا تتبدل.. سنفرح ولكن لن أنسى أبي وأمي.. نعم سنفرح ولكن لن أنسى شهداء عائلتي”.
نجا مع أحمد كل من الأخوين جمعة وصلاح وعائلتيهما؛ حيث لم يكونا في المنزل المستهدف.
ويؤكد أن زفافه في ذكرى استشهاد عائلته، هي رسالة تحدٍ للموت الذي زرعه الاحتلال في كل بيت وحارة وشارع وتأكيد على استمرارية الحياة رغم الحزن على فراق الأحباب، وقال: نحن في غزة نحب الحياة ما استطعنا إليه سبيلًا، لكنها حياة عز وكرامة.
ويستذكر أحمد، بعد عام على العدوان الإسرائيلي، اللحظات الأخيرة قبل استشهاد العائلة، موضحًا أنهم تسحروا معًا في إحدى ليالي رمضان ثم صلى بهم جماعة وناموا قبل أن يباغتهم الصاروخ الإسرائيلي الغادر وقت الشروق.
يقول لـ”رصد”: أتذكر أخي الشهيد محمد ونحن تحت الركام في كلماته الأخيرة في النزع الأخير وهو يردد يا الله يا الله قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
ويؤكد أخو العريس جمعة، أن الحياة لا بد أن تستمر، في غزة هذا حالنا، هي ضريبة الحرية والكرامة ندفعها برضا وطيب قلب، سائلين الله القبول وأن يجمعنا بأهلنا وأحبابنا.
ويصف لـ”رصد”، يوم المجزرة بحق عائلته قائلًا: لم يكن يومًا عابرًا كباقي الأيام.. كنا نتابع فيه الأحداث.. فأصبحنا نحن الحدث.. قصف المنزل العامر بأنفاس أهله.. سالت الدماء.. وتناثرت الأشلاء.. واستشهد الأحباب.. أطفئت ابتسامة أمي الحبيبة.. غابت ضحكات والدي الحبيب.. فارقنا أخي وائل بعد مشوار من الأمل والألم.. انقطعت مشاكسات أخي محمد.. لم أعد أرى احمرار وجه وخجل أختي هنادي.. لم تفرح أختي أسماء بتخرجها في الجامعة.. مزقت صواريخ الحقد براءة الأطفال.. إسماعيل.. ملك.. مصطفى الرضيع أبناء أخي وائل”.
ويضيف “ماذا أتذكر.. وماذا أذكر.. ستبقى ذكراكم باقية في التاريخ.. ستبقى كلماتنا عاجزة أمام تضحياتكم.. سنبقى على العهد حتى يجمعنا الله بكم في مستقر رحمته بفضله وكرمه.. عزاؤنا أنكم صمتم وصليتم الفجر جماعة.. ونمتم نومتكم الهادئة.. رحمكم الله أيها الغوالي”.
وهاتف عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق، عائلة الغول التي فقدت 9 من أفرادها في الحرب الأخيرة؛ لتهنئتهم بزفاف ابنهم أحمد وهو أحد ثلاثة فقط بقوا على قيد الحياة.
وأكد الرشق -خلال حديثه المباشر مع العريس أحمد- على أهمية رسالة الفرح رغم الجرح التي يبدع فيها أهلنا في غزة.
وشارك الأقارب والجيران والأصدقاء، العريس أحمد، احتفاله بيوم زفافه الذي تزين بالأضواء إلى جانب صور شهداء العائلة.
يشار إلى أن الاحتلال ارتكب مجازر بحق أكثر من 71 عائلة فلسطينية خلال العدوان الأخيرة أوقعت أكثر من 300 شهيد.