تهكم الكاتب الصحفي فهمي هويدي من التصريحات التي أطلقها مصدر أمني مؤخرًا، والذي حمل فيها جماعة الإخوان المسلمين مسؤولية التحريض على اعتصام عناصر وأمناء الشرطة.
ورأى “هويدي” -في مقالته اليوم بصحيفة “الشروق” التي كتبها تحت عنوان “الإخوان والطليان”- أن الأبواق الإعلامية تسعى دومًا لإلحاق أي مشكلة بجماعة الإخوان المسلمين.
وقال “هويدي” في مقالته: “أضرب العشرات من العاملين بمديرية أمن الشرقية عن العمل فأغلقوا أبواب ستة مراكز وأقسام للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والمالية. وتضمنت قائمة مطالباتهم الموافقة على علاجهم بمستشفيات الشرطة وصرف العلاوات المتأخرة وزيادة بدل مخاطر العمل ورفع قيمة بدل الغذاء. وغير ذلك من الطلبات التي باتت تشكل هاجسا يؤرق كثيرين من العاملين في مختلف القطاعات. ورغم أن الظاهرة ليست جديدة لا من حيث أصداء الإضراب ولا من حيث طبيعة الداعين إليه والمشاركين فيه، فإن مصدرا أمنيا لم يفته أن يلفت الانتباه إلى أن أفرادا من جماعة الإخوان لهم دورهم في تحريض أمناء الشرطة على الإضراب. لم ينتبه المصدر المذكور إلى خطورة دلالة اختراق عناصر الإخوان للشرطة إلى الحد الذي يمكنهم من الإقدام على إغلاق ستة مراكز وأقسام في محافظة واحدة. ذلك أن الخبر إذا صح فهو يعني أن الجماعة رغم اعتقال أكثر من ٤٠ ألفا من أعضائها ورغم الضربات القاصمة التي وجهت إليها في العامين الأخيرين ما زالت قادرة على الوصول إلى معاقل الأمن”.
ومضى “هويدي” في مقالته: “الشاهد أن كل من يريد أن يداري مشكلة أو فضيحة من أي نوع أصبح يغطي موقفه بحكاية الإخوان. فإذا انقطع التيار الكهربائيى أو تأخرت القطارات في مواعيدها أو شحت أنابيب البوتاجاز في أي مدينة أو قرية، فإن الإخوان يصبحون السبب. حتى في مذبحة استاد بورسعيد ومظاهرات الاحتجاج على قانون الخدمة المدنية فضلا عن مظاهرات طلاب الجامعة، فإن المصادر الأمنية والأبواق الإعلامية تضع الإخوان على رأس المتهمين إن لم يكن المتهم الأوحد. ولا يُنسى أن مجلس الوزراء نفسه وقع في ذلك الفخ حين عقد اجتماعا في اليوم التالي لتفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية في ٢٣ ديسمبر عام ٢٠١٣. فأصدر بيانا ألصق التهمة بالإخوان، وبسبب ذلك فإنهم اعتبروا جماعة إرهابية. لكن جماعة أنصار بيت المقدس أعلنت في ١٠ إبريل عام ٢٠١٤ أنها التي قامت بالتفجير، وبثت تسجيلا مصورا للعملية ذكرت فيه اسم الشخص الذي نفذها (إمام مرعي محفوظ الذي اشتهر باسم أبو مريم)”.
وأضاف: “هذا الأسلوب في التعامل مع الأحداث ربما حقق المراد منه في شيطنة الإخوان، وهو ما يخدم الصراع القائم في مصر، إلا أنه بالمبالغات التي يلجأ إليها يصورهم باعتبارهم قوة عظمى مهيمنة على مفاصل المجتمع المصري ولها أصابعها في مختلف أنحاء العالم، وتلك دعاية غير مباشرة لهم تعطيهم حجما أكبر من اللازم وتكاد تضعهم في موقف الند الذي يصارع الدول الكبرى”، على حد قوله.
وأردف “هويدي”: “صارت الإحالة إلى الإخوان مهربا من المسؤولية مرادفا للمثل الشائع «الحق على الطليان». ومن المفارقات أن المصطلح له خلفية مختلفة عما هو شائع بين الناس. ذلك أن كثيرين يحيلون إلى الطليان بمظنة أنهم أهل إيطاليا الذين هم خارج العالم العربى ويجهلون أموره. لكن الحقيقة غير ذلك، لأن الطليان عند العرب جمع «طلى» وهو الحمل أو الخروف الصغير. وتشير المراجع إلى أن العبارة لها قصة، خلاصتها أن إعرابيا علق أجراسا في رقاب قطيعه من الخراف لتمييزه عن غيرها. وكلف آخر بأخذها إلى المرعى”.
واستدرك “هويدي”: “لكن صاحبنا هذا غلبة النوم. فتسلل ذئب وأكل أحد الحملان في غفلة منه. وحين اكتشف ذلك صاحب القطيع وعاتب الراعي على ما وقع فإنه رد عليه قائلا إن الحق على الطليان. وكان يعني أن الأجراس التي علقت في رقاب الخراف هي التي نبهت الذئب إلى وجود القطيع فقصده وفعل ما فعل. ومنذ ذلك الحين شاعت الجملة وصارت غطاء للتنصل من المسؤولية والإحالة إلى الآخر”.
واختتم مقالته: “وباقي القصة تعرفه إذا تذكرت ما تردد عن هجاء الإخوان ووصفهم بالطليان في أجواء الصراع الذي شهدته مصر في العامين الأخيرين”.