قال الدكتور نادر فرجاني، الكاتب والمفكر وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن وزير الدفاع السابق “عبدالفتاح السيسي”، هو من يعين الوزراء ويقيلهم، ويعطيهم التعليمات مباشرة من دون حضور “رئيس مجلس الوزراء”، وهذا هو لقبه الرسمي، قائلًا: “دعوكم من الدمى عدلي منصور، وحازم البلاوي وإبراهيم محلب وشريف إسماعيل، هؤلاء ليسوا إلا إمعات زخرفية، بينما رأس السلطة التنفيذية، وزير الدفاع السابق”.
وأكد “فرجاني” -خلال منشور له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”- أن التشكيل الوزاري الأخير يعبر في نظره عن “إفلاس استوزاري” للحكم العسكري، فجاءت الوزارة في معظمها امتدادًا للوزارة المقالة والإضافات أو التغييرات المحدودة التي أجريت لم تكن إلا سقط المتاع، أو كما يقول العامة التفتيش في “قعر القفة”، حتى إن التشكيل لم يتضمن واحدًا، أو واحدة، لقي تعيينه استحسانًا واسعًا أو أشاع بارقة أمل في أداء مشرّف، ناهيك عن نصرة غايات الثورة الشعبية العظيمة”.
وذكر “فرجاني”، أن التشكيل الأخير استدعى وزراء من أسوأ من عيّن اللامبارك الأول، ويكفي مثلًا وزير الحكم المحلي الذي تتقدم مؤهلاته كونه ابن واحد من أقبح وزاراء الداخلية في تاريخ مصر وأشدهم بطشًا، وأثبت أنه ابن أبيه عندما صعدوه، للعجب، ليرأس ثاني أكبر جامعة مصرية، فأدار الجامعة بالأساليب البوليسية الباطشة حتى استقدم الشقاة الصعاليك لحرم الجامعة واستأجرهم من أموال الشعب للاعتداء على الطلبة والأساتذة المعارضين لحكم المخلوع. ولم يكن إلا أن كافأه نظام المخلوع بوزارة التعليم العالي. وهكذا كان مقدار اهتمامهم بالتعليم العالي باني منظومة المعرفة في المجتمعات المتقدمة.
وأكد نادر فرجاني، أن إقالة وزير سابق وهو في مهمة رسمية في الخارج، دليل على تقديرهم بانعدام جدارته، ناهيك عن انعدام لياقتهم، كما ضم التشكيل وزيرًا للزراعة مكلفًا باستصلاح مساحات ضخمة واستزراعها واستئصال الفساد في الوزارة العتيدة، وهو متخصص في الألبان وغير ذي خبرة بالوزارة معقدة التكوين والأداء.
وأضاف الكاتب والمفكر، أن التشكيل شمل لبالغ السخف، وزيرًا للعدل، ليس إلا، متمرس في الدعوة إلى الظلم ونشره، وتثور شكوك قوية حول سلامة ّذمته المالية، نشرت وثائقها صحيفة حكومية. ولكن هذا يتصل برسالة ثانية سأعود لها في موضوع تال.
وأكد “فرجاني”، أن “الدرة الفريدة في التشكيل البائس هي حتمًا من أوكلوا له مهمة تعليم أبناء المصريين، بينما المجتمع المصري يضج بالسخرية من ضعف قدراته الموثقة في التعبير باللغة العربية، ناهيك عن سخف أفكاره وميوله الفاشية، والأنكى أن هذا الشخص المستوزر خلاف حصوله على الدكتوراه، لا تسألني كيف، كان قد وصل في ظل الحكم التسلطي الباطش إلى مناصب رفيعة في منظومة التعليم العالي المبتلاة بالهاجس الأمني الغاشم.
وأضاف أن هذه التشكيلة البائسة نتجت جزئيًا من إحجام متزايد من النخب المتعلمة المصرية عن الاستوزار في ظل الحكم العسكري الظالم والباطش، حتى تكررت الاعتذارات عن المنصب الوزاري الواحد مرات أحيانًا.
واختتم “فرجاني” قائلًا: “هذه هي الرسالة الأولى لعملية التشكيل الوزاري الأخير، من النخب المصرية المتعلمة: “لا نريد منصبًا وزاريًا تحت سلطتكم يكون الغرم منه في المنظور التاريخي أفدح كثيرًا من أي مغانم وقتية وزائلة حتمًا”.