هل أنت اليوم نفس الشخص تماماً الذي كان بالأمس، نفس الشخص الذي كان في الأسبوع الماضي، أو ربما السنة الماضية أو العشر سنوات الماضية؟!
إذا كان الجواب نعم فحديثي موجه إليك.
كثيراً ما ألتقي بمعارف وأصدقاء لم ألتقهم منذ فترة طويلة، وعندما أسألهم عن أحوالهم وأسمع الجواب “على حطة إيديك” أي أنا تماماً كما أنا لاجديد لدي، أشعر بغصة في داخلي ويراودني سؤال لماذا حالك كما هو لم “تُغير” أنت فيه شيئاً؟!
ولا أقصد بالتغيير بأن تغير مكان سكنك مثلاً أو أن تتوظف في شركة أخرى، وإنما أتحدث هنا عن التغيير الداخلي، النمو والتطور الذاتي.
ورغم تكرار سماعنا لجواب على “حطة إيدك” فبالمقابل جميعنا نحب ونرغب دائماً في أن نكون أفضل، حتى لو لم نصارح أنفسنا بذلك فهي رغبة دفينة موجوة في داخل كل منا، وعلى قمة هرم ماسلو يتربع “تحقيق الذات” كأسمى حاجة فردية يسعى ورائها الإنسان.
ربما لن يصدق البعض بأن أحد أفضل الطرق لتحقيق التغيير والنمو الذاتي هي”الروتين”!
كثيراً ما أسمع من حولى يتذمرون من “الروتين” والحقيقة هي أن حياتنا كلها قائمة على الروتين، قرأت في كتاب The Power Of Habit (قوة العادة) بأن أدمغتنا “ترتاتح” وتميل إلى الروتين وتحرضنا دائماً على اتباع عادات يومية تريحه من اتخاذات القرارات وتريحه من العمل والتفكير قدر الإمكان.
وهذا هو تماماً ما نقوم به معظمنا في حياتنا كل يوم تكرير روتين معين، وهذا الروتين نفسه هو ما يمنع الكثير منا من التغير والتطور، وهذا الروتين نفسه هو من يجعل آخرين في تغيير ونمو وتطور ذاتي مستمر.
فإذا كان لابد هناك من وجود روتين، فلما لا تصنعه أنت بكامل وعيك واختيارك؟!
أكاد أسمع الآن بعض الأصوات داخل رؤوسكم تقول “وقتي ليس ملكي”، “أنا مرتبط بوظيفة”، “الأولاد ورعايتهم تأخذ كل نهاري”، “كيف أصنع روتين مختلف عن استيقاظ- فطور- عمل- بيت- عشاء- نوم”!
الروتين الذي سأقترحه لكم هو روتين مرن بإمكانك أن تضيفه إلى روتين حياتك الحالي ، أو ربما يكون مفتاحاً لتغيير روتين حياتك إن لم تكن راضٍ عنه أصلا.
10 عادات ممكن أن تضيفها إلى روتين حياتك وستجد الفرق الكبير في نفسك لو واظبت عليها:
استيقظ باكراً:
أعرف كم هو صعب أن تستيقظ باكراً خصوصاً إن كان عملك ونمط حياتك لا يتطلب منك بالضروروة ذلك، لكن الإستيقاظ المبكر هو أحد أهم الأسرار نحو تحقيق Productivity إنتاجية أعلى، وهناك الكثير من الدراسات التي تشير إلى أن الأشخاص الذين يستيقظون مبكراً هم أكثر الناس تفائلاً وأكثرهم إنتاجية وأكثرهم مرونة لحل المشكلات في عملهم وعلاقاتهم الأسرية.
بالإضافة إلى أن استيقاظك مبكراً يعني “وقت إضافي” وهذا يعني أمور أكثر ممكن أن تفعلها لمن يشتكي قلة الوقت.
وإذا جربت لذة أن تكون من الEarly Birds العصافير المبكرة لن تتخلى عنها حتى في أيام عطلتك وإجازاتك وأسفارك.
قم بشيء روحاني:
صلِّ وقم بدعاء بسيط، اجلس وتأمل لخمس دقائق بدون كلام مع أي أحد واسترخي، اتصالك بقوة أعظم يمدك بالطاقة، هذه الخمس دقائق ستساعدك على أن تصفي ذهنك ترتب أفكارك، ثم تنطلق إلى ما تريد فعله.
مارس الرياضة كل يوم:
لن أقول إذا كان لديك الوقت، بل سأقول خصص لها وقتاً.
الكثير من الناس يتهرب دائماً بأعذار ليس لدي وقت أو اشتراك النوادي الرياضية مكلف، لكن ممارسة التمارين الرياضية اليومية قد لا تحتاج إلى الاثنين بالضرورة.
ربما تكون في نادي رياضي لساعة وربما مجرد مشي في حيّك لنصف ساعة، وربما تكون بضع دقائق في منزلك!
هناك تطبيق مجاني بإمكانك تنزيله على هاتفك اسمه The 7 minute Workout ، بإمكانك أن تمارس من خلاله الرياضة الفعالة في أي مكان بدون معدات وفقط لسبع دقائق.
التمارين الرياضية ستقوي جسدك، تصفي ذهنك، تجعلك أكثر نشاطاً، بشكل أفضل بالتالي نفسية أفضل، وقد لايعرف الكثير بأن الجسم يفرز هرمون السعادة “Endorphins” بعد انتهائك منها وهذا ما يجعل الكثيرين (وأنا واحدة منهم) مدمنين على ممارسة الرياضة يومياً.
اقرأ أو استمع لكتاب:
حاول على أن تقرأ كل يوم قليلاً لتنهي كتاباً واحداً على الأقل في كل شهر، وحاول أن لاتجعل كل قرائاتك قراءات تسلية Fictional روائية بل Factual أيضاً من علمية وتاريخية ودينية وتطوير للذات وامزج بينها باعتدال.
وإن كنت من أصحاب حجة “ليس لدي وقت” فأنصحك ب”الاستماع” للكتب الصوتية خلال قيامك بأمور أخرى من قيادة السيارة من وإلى العمل أو خلال مشيك الرياضي، أو خلال قيامك بالأعمال المنزلية اليومية، وهنا أقترح تطبيق audible من أمازون، وانا شخصياً ممن أستمع إلى الكتب أكثر مما أقرأها وقد ناسبت الكتب المسموعة نمط حياتي أكثر من الكتب المقروئة.
تعلم دائماً في تخصصك:
سواء كنت طبيباً أو كنتي مهندسة أو كنت مصوراً فوتوغرافياً أو كنتي ربة منزل ترعين أولادك، تعلم دائماً في مجالك ماهو جديد، مالاتعرفه وتريد أن تتعلم فيه، أحدث التقنيات، آخر التجارب، أحدث الكاميرات، حتى أفضل وسائل التربية ولا نقف في مكانك أبداً.
فالكثير منا يعتقد بأنه يمشي ويتقدم في مجاله بمجرد مرور السنوات والحقيقة بأنه لو انتقلنا إلىWide shot لقطة واسعة للمشهد ستجده يمشي على Tredmill جهاز المشي في مكانه فقط.
اختر محيطك ومع من تقضي وقتك:
هناك دراسة تقول بأنك تساوي معدل أكثر خمس أشخاص تقضي وقتك معهم، فإن كانوا من أصحاب الكسل والخمول ستكون مثلهم وإن كانوا من أصحاب الرؤية والطموح ستكون مثلهم، وهذا يشمل كل شيء نمط اللباس طريقة الحديث نوعية الطعام التي تأكلونها طريقة الكلام وطريقة التفكير، ولا تقول كيف أختار، فأنت مَلك نفسك وبيدك القرار إذا أردت ذلك حقاً.
ابحث عن الالهام وغذي خيالك:
شاهد خطاب واحداَ من Ted كل يوم ليلهمك، اقرأ في المواقع المتنوعة وتعرف على ما هو جديد حولك، تابع شخصيات ناجحة وملهمة في وسائل التواصل الاجتماعي، اقرأ عن قصص شخصيات مؤثرة عبر التاريخ وتعلم من تجاربها، افعل شيئاً واحداً على الأقل من هذه الأشياء في كل يوم لو استطعت، لن تأخد أكثر من خمس دقائق من وقتك ولكنها ستحرك في داخلك ومخيلتك الكثير وستحيي همتك.
اجعل لنفسك وقت للترفيه:
لا تهمل جانب الترفيه والمتعة من حياتك، العب الvideo games إن كنت تحبها، إذهب للسينما وشاهد فيلماً جديدا ً إن كنت من محبي مشاهدة الأفلام مثلي، غير أني أحب صناعتها أيضاً، أخرجي مع صديقاتك التي تستمتعين برفقتهن، العب كرة القدم مع أصدقائك، اخرج مع أهلك في نزهة لمكان طبيعي، افعل ما تحب فهذا مهم لك ولنموك وتطورك ولكن لا تنسى أن تكون متوازناً وترتب اولوياتك دائماً.
تعلم شيئاَ جديدأً:
تعلم اللغة الإنجليزية إن لم تكن تتقنها بعد فهي بوابة لعلوم ومعارف كثيرة لن تستطيع الحصول عليها بدونها، تعلم السباحة، تعلم ركوب الخيل، تعلم كيف تقرأ القرآن، تعلم الحياكة، تعلم تحضير السوشي، تعلم المونتاج، تعلم كيف تزرع في حديقة منزلك، تعلم العزف على البيانو، تعلم أي شيء في محيط اهتمامك المهم أن تتعلم أي شيء جديد دائماً، وستتعلم منه ما لاتتوقعه، وستبقي روحك وقلبك وعقلك في تجدد دائم.
سافر إن استطعت قدر ما استطعت:
دع العالم يبهرك بما فيه من جمال وتنوع، وتعرف على الناس بطبائعهم وعاداتهم المختلفة، زر الأماكن الجديدة، تعرف على تاريخ البلاد والحضارات، زر متاحفهم وراقب حاضرهم، جهلهم أو تقدمهم، جرب طعامهم وأرجوك أن لا تأكل “ماكدونالد” في شارع السلطان أحمد في اسطنبول ولا تأكل “المقلوبة” في التايم سكوير في نيويورك، عش التجربة بكامل تفاصيلها وستتعلم الكثير وستصبح في كل مرة تسافر فيها “إنساناً” أكثر من قبل ترى ما يجمعنا كبشر لا ما يفرقنا.
10 عادات ماهي إلا مجرد اقتراحات من تجربتي الشخصية في حياتي، 10 عادات قد تضيفها لروتين حياتك انت أيضاً وقد تشاهد بعدها في نفسك الأثر الإيجابي الكبير، ستحب نفسك أكثر وتقدرها لأنها تسعى كل يوم لتكون أفضل وستشعر بحالة من التوازن والرضا.
وتذكر نهايةً أنك أنت الرقيب الأول على نفسك، حاسب نفسك دائماً وقيمها واسعى دائماً لتطويرها، فلا شيء مما ذكرته سيفيدك لو لم تختر أنت بنفسك أن تتغير وتطور من نفسك، عندها فقط ستستطيع أن تلغي “على حطة إيدك” من قاموس حياتك.
المصدر:هافينغتون بوست