قال الدكتور عدنان أبو عامر، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن النظام المصري الحالي يعطي الأكسجين لدولة الاحتلال، ولهذا السبب تبذل دولة الكيان قصارى جهدها في الحفاظ على النظام الحالي، ولا أبالغ عندما أقول إن “إسرائيل” هي الدولة الوحيدة في العالم تقريبًا التي تعطي الحكومة المصرية الدعم المطلق دون أي تحفظ؛ وذلك في ضوء الخدمات الأمنية والعسكرية الكبيرة التي يقدمها النظام الحالي للدولة الصهيونية؛ فمنذ سقوط مبارك لم يتوقع صانعو القرار الإسرائيلي مثل هذه الخدمات حتى في أكثر أحلامهم تفاؤلًا، بل ربما منذ توقيع اتفاقية “كامب ديفيد” في السبعينيات.
وأضاف الكاتب، تعتقد “إسرائيل” أن الحفاظ على الحكومة الحالية في مصر، على الرغم من العديد من المشاكل وتصاعد الأزمات الداخلية، هو دعامة حيوية للأمن القومي الإسرائيلي؛ إذ يتعلق الأمر بحماية حدود فلسطين المحتلة مع شبه جزيرة سيناء التي تعتبرها “إسرائيل” جانبًا رخوًا.
وتابع: خلال الأسابيع الماضية كان هناك سلسلة من التطورات المحلية والدولية التي دعمت التحالف بين دولة الاحتلال ومصر؛ إذ لا تخجل “إسرائيل” من أن تطلب من مصر إعادة إنتاج نموذج التنسيق الأمني منقطع النظير مع السلطة الفلسطينية معها، وصانعو القرار في مصر يبدو أنهم موافقون على ذلك؛ لأنهم يعتقدون أن “إسرائيل” تمنحهم الغطاء السياسي مع الحكومات الغربية، وربما يعد ذلك أحد أهم نتائج تحطم الطائرة الروسية في سيناء خلال العام الماضي.
واستطرد “أبو عامر”: “يمكن القول إن الموقف المصري الآن بالنسبة للانتفاضة الفلسطينية لا يختلف كثيرًا عن موقف المخلوع مبارك فيما يتعلق بتفضيل المفاوضات كبديل عن المقاومة، إلا أن النظام الحالي يضيف مزيدًا من الضغوط على الفلسطينيين؛ فهناك دوائر فلسطينية نافذة تتحدث عن مطالب مصرية واضحة للرئيس محمود عباس لإيقاف الانتفاضة الفلسطينية، ووضع نهاية للهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين؛ إذ إن الانتفاضة ستعطي حماس، الغريم الرئيسي لمصر، هدية مجانية، وستظهر الفلسطينيين بأنهم قادرون على صنع أرضية سياسية ضد الإسرائيليين دون رعاية حكومة عربية، بالإضافة إلى أن الانتفاضة ستؤثر سلبًا على العلاقات الإستراتيجية بين تل أبيب والقاهرة؛ لأنه سيكون من الصعب على مصر الاستمرار في علاقة مفتوحة مع الإسرائيليين بينما يستمرون في سفك دماء الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وأردف “أبو عامر”: يمكننا الحديث عن عدد من السيناريوهات للعلاقة بين مصر وإسرائيل، لكن الأهم في هذا هو تعميق التحالف لدرجة أن تمنح مصر الأكسجين الأمني والسياسي لدولة الاحتلال، ولدرجة ألا تتنازل عنه “إسرائيل”، وثمة دلائل قوية على هذا التحالف مثل انتهاك الجيش الإسرائيلي للأراضي المصرية وخاصة في سيناء، وتبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالتطورات في المنطقة.
واعتبر “أبو عدنان” قيام الجيش المصري بإغراق الحدود ليس فقط له نتائج كارثية على التربة والزراعة في غزة؛ بل جزء من الإجراءات المتفق عليها بين مصر ودولة الاحتلال لخلق مزيد من الضغوط على المقاومة، مضيفًا أن هدم الأنفاق التي تعتبر شريان الحياة للقطاع يحكم الحصار الإسرائيلي على القطاع.
وختم الكاتب بالقول: “أود في النهاية أن أشير إلى حجم الجهد الدبلوماسي الذي تبذله دولة الاحتلال لتزويد الحكومة المصرية بشبكة أمان لمواجهة الانتقادات الدولية المروعة لحقوق الإنسان”.