شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

رفضًا لسياسات الإحتلال.. خطاب مفتوح من “إسرائيلية” إلى يهود أمريكا

رفضًا لسياسات الإحتلال.. خطاب مفتوح من “إسرائيلية” إلى يهود أمريكا
يجب على المؤسسة اليهودية الامريكية, من الاتحادات حتى الكنيس, أن يواجهوا أنفسهم ويقرروا ما إذا كانت هذه هي "اسرائيل" التي يريدون. وإذا لم تكن, فعليهم الجهر بهذا. بشكل عاجل.

يجب على المؤسسة اليهودية الامريكية, من الاتحادات حتى الكنيس, أن يواجهوا أنفسهم ويقرروا ما إذا كانت هذه هي “اسرائيل” التي يريدون. وإذا لم تكن, فعليهم الجهر بهذا. بشكل عاجل.

أعزائي في المجتمع اليهودي الأمريكي

عليَّ أن ابدأ أولا بمكاشفة: أنا لست جزءًا أصيلا منكم. لقد كنت أعيش في “إسرائيل” خلال الخمس سنوات الأخيرة, وقبل هذا كنت “إسرائيلية” أمريكية تعيش في منطقة خليج سان فرانسيسكو (بالاضافة إلى الفترة القصيرة التي عشتها في لوس أنجلوس), حيث كنا نحن “الاسرائيليين” نعتبر أنفسنا مجموعة ثقافية شبه مستقلة. وأغلينا لا ينتمي إلى حركات الإصلاحية أو المحافظة. وكنا نذهب للصلاة مرة واحدة كل عام في “اليوم الكبير”, أما عيد الفصح بالنسبة لنا فكان يرتبط بالتجمع وتناول الطعام بدلا من دراسة الدروس السامية من الهاجادا. وفي الحقيقة, كنا في بعض الأحيان ننظر باحتقار أبناء ديننا من الأمريكيين. كان أغلبنا من الأشكيناز والطبقة المتوسطة – وقد كان لنا علاقة بـ “اسرائيل” الخاصة بنا التي لا يفهمها سوانا. كان الأمر أشبه بسر نتشاركه فقط مع من يفهمونه فقط.

لقد استغرقت سنوات حتي تخليت عن نظرتي الاستعلائية – حتى أدرك أن الثقافة الأمريكية اليهودية ثقافة ثرية ومتنوعة وجميلة. وفي الحقيقة, لقد فهمت هذا بعد العيش في “إسرائيل”, حيث أشعر بكوني أمريكية يهودية أكثر من كوني “إسرائيلية”. لذلك أشعر أنني أستطيع أن أكتب لكم اليوم. 

وللأمريكيين اليهود الذين لم ينتبهوا – أو قرروا ببساطة أن يتجاهلوا ما حدث وما يزال يحدث – سوف اختصر الأمر بشكل مهذب في ثلاث كلمات: الأمور سيئة للغاية. فبالنسبة للفلسطينيين, الأمور سيئة تماما منذ وقت أطول بكثير. فقد مر حوالي خمسة عقود منذ بداية النظام العسكري في الأراضي المحتلة. خمسة عقود من التسلط على ملايين الفلسطينيين دون نهاية تلوح في الأفق, وحوالي ٧٠ عاما حتى أدركنا أن الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم أو هربوا منها منذ حرب ١٩٤٨ لن يعودوا إلى أراضيهم. لكنني لن استطيع ان اجعلكم تهتمون لأمر الفلسطينيين. فأنا أعلم أن جزءًا كبيرا من هويتكم مرتبط “بإسرائيل”. ولكن أملي أنه ربما من خلال اهتمامكم لأمر أولئك الذين يسعون للدفاع عن حقوق الإنسان في “إسرائيل” التي تهتمون لأمرها كثيرا, فإنكم يمكن أن تنضجوا لتهتموا لأمر أولئك الذين يسعى هؤلاء للدفاع عن حقوقهم. 

لقد كانت الأسابيع الأخيرة في “إسرائيل” لحظات فارقة ممتالية بالنسبة للمهتمين بالدفاع عن حقوق الإنسان. فقد أصبحت الاعتداءات على المجموعات الحقوقية من قبل اليمين المتطرف والمجموعات الفاشية هو الاتجاه السائد في “إسرائيل”. هذه الاعتداءات بالطبع ليست جديدة. فمنظمات مثل “صندوق إسرائيل الجديد” New Israel Fund كانت ولا تزال هدفا لحملات التحريض منذ سنوات. وبطريقة ما, بالرغم من ذلك, كان هناك دائما شعور بأن خطاب الكراهية الموجه من اليمين إلى اليسار “الإسرائيلي” قد ينتهي في وقت ما. 

لكنه لم ينتهي. فما بدأ منذ أسابيع قليلة مع حملة الكراهية ضد حملة “كسر الصمت” – التي حاولت استضاف حدث في إحدى الحانات في بئر سبع – استمر بظهور مقطع فيديو وحشي يستهدف نشطاء اليسار بأشخاصهم, ثم بلغ الأمر ذروته باعتقال الناشط اليساري البارز الذي ألقي القبض عليه في مطار بن جوريون يوم الاثنين, بالرغم من عدم وجود أي مانع قانوني لمغادرته البلاد قبل اعتقاله. الرجل الذي لم يعلن عن هويته لازال قيد الاعتقال للاشتباه باتصاله بجهات أجنبية. 

وفي نفس الوقت, هاجمت وزيرة العدل الإسرائيلية ايليت شكد – وهي الشخص المنوط به لتحقيق العدالة – المنظمات الحقوقية بشكل صريح, حتى بلغ بها الأمر أن دعمت مشروع قانون يطالب المنظمات غير الحكومية التي تتلقى ٥٠٪ أو أكثر من تمويلها من حكومات اجنبية بتفصيل مصادر التمويل في تقرير أو وثيقة عامة, وان يرتدوا شارات خاصة عند حضور الجلسات التشريعية بالكنيسيت. 

هناك سياق لكل هذا. فقد اصبحت موجة العنف الحالية التي حصدت أروح ١٤٥ فلسطينيا و٢٤ “إسرائيليا” خلفية للخطابات التحريضية للمستويات السياسية العليا في “إسرائيل” ضد اليسار والفلسطينيين على حد سواء. فبعد الهجوم القاتل في إحدى الحانات وسط تل أبيب, اقتحمت الشرطة “الإسرائيلية” أماكن إقامة العشرات من الطلاب العرب الذين يسكنون بالسكن الجامعي في جامعة تل أبيب. وفي نفس الوقت, القى نتنياهو خطابا يشكك في ولاء المواطنين الفلسطنيين الذين يعيشون داخل الأراضي المحتلة – وهم يمثلون ٢٠٪ من التعداد السكاني – فقط لانهم من العرب.

يبدو وكأن شيئا مشؤوما يحدث منذ عدة أشهر. فكما أشار أوفر ايلاني في صحيفة هاارتز, بدأ الشابك – جهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي – يلعب دورا بارزا في السياسات اليومية “الإسرائيلية”. والفلسطينيون على جانبي الخط الاخضر يعرفون هذه الوكالة جيدا. فقد كرس الشاباك معظم وقته وموارده بعد اعلان دولة “إسرائيل” لإنشاء شبكة من العملاء داخل المجتمع العربي, غالبا عن طريق الابتزاز والتهديدات لاستغلال الفلسطينيين الذين عاش معظمهم تحت القانون العسكري منذ عام ١٩٦٦. وبعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في عام ١٩٦٧, نقلت الوكالة عملها خارج الخط الأخضر. 

وبعد حرق منزل عائلة دوابشة في يوليو الماضي, قبض الشاباك على المشتبه بهم وادعى تعذيبهم, ذلك التعذيب الذي يطال الفلسطينيين فقط. وقد تزامن هذا – وفقا لايلاني – مع ظهور الشاباك وتحوله من منظمة غير معلنة إلى منظمة قائمة بذاتها. أي أننا نتجه نحو واقع أصبح فيه التعذيب ووكالات الامن الحكومية السرية جزءًا لا يتجزأ من التيار العام. 

على اليهود الأمريكيين الذين يقرأون أن يفهموا لماذا يحدث كل هذا الآن. فالنضال لإنهاء الاحتلال يصبح مدولا شيئا فشيئا. ولم يعد الصراع يعتبر نزاعا على الأرض بين جارين, ولكنه في الحقيقة نضال من أجل الحقوق المدنية ضد احتلال عسكري. وليس هناك شئ يخافه اليمين والوسط بل وأجزاء من اليسار “الإسرائيلي” أكثر من إنهاء الاحتلال. فالضغط الدولي سواء في شكل تحركات السلطة الدبلوماسية أو المقاطعة أو العقوبات قد جعلت الاعتداءات على أولئك الذين يأملون في حل سلمي عادل للنزاع تتخذ شكلا جنونيا. 

من جهة يبدو هذا محتوما. ولكن صمتكم ليس كذلك. وتنديدات رابطة مكافحة التشهير ليست كافية. وتقوم مجموعات مثل الصوت اليهودي من أجل السلام وجي ستريت وIfNotNow بتوسيع دائة الحوار اتشمل أصوات جديدة. ولكنهم لا يستطيعون فعل هذا وحدهم. يجب على المؤسسة اليهودية الامريكية, من الاتحادات حتى الكنيس, أن يواجهوا أنفسهم ويقرروا ما إذا كانت هذه هي “اسرائيل” التي يريدون. وإذا لم تكن, فعليهم الجهر بهذا. بشكل عاجل



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023