تساءل الطفل الفلسطيني أحمد دوابشة، لدى وصوله قريته للمرة الأولى منذ فقد جميع أفراد عائلته حرقًا على أيدي مجموعة من المستوطنين نهاية يوليو العام الماضي، عن والده ووالدته وشقيقه الرضيع؛ ما جعل أقاربه يجاوبونه بأنهم “ذهبوا إلى الجنة”.
وحسب صحيفة “الحياة”، قال نصر الدوابشة “42 عاما” وهو عم أحمد: “البيت أعاد لأحمد ذاكرته، وأعاده إلى نفسه”.
وقالت عائلته: إن الأطباء يقولون إنه في حاجة إلى علاج متواصل لأربعة أشهر، يتبعها علاج تجميلي لآثار الحروق على جسده لمدة طويلة تصل إلى ثماني سنوات؛ حيث ما زال أحمد، البالغ من العمر خمس سنوات ونصف السنة، يتلقى العلاج من الحروق البالغة التي أصيب بها في الحريق، في مستشفى “إسرائيلي”.
وتبدو آثار الحروق ظاهرة على جسد أحمد، لكن ما خفي منها كان أعظم، فإذنه اليمنى أكلتها النيران، ولم يتبق منها سوى جزء صغير، والجزء الخلفي من رأسه أيضًا أكلته النيران، وتقول العائلة: إن منظر ظهره صادم، وإن علاجه يحتاج سنوات طويلة، وهناك آثار حريق بالغ في يده اليمنى وفي رجليه.
واستضاف نادي “ريال مدريد” أحمد الأسبوع الماضي لخمسة أيام التقى خلالها لاعبي النادي، خصوصًا لاعبه المفضل رونالدو، وحمل أحمد إلى القرية عددًا من القمصان والكرات التي تحمل تواقيع رونالدو وغيره من اللاعبين المشهورين.
لكن الاستقبال الذي حظي به في النادي الإسباني لم يدخل الفرح إلى نفسه مثلما فعلت عودته إلى القرية، ورؤية سيارة والده التي كان يحمله فيها مع شقيقه الرضيع ووالدتيهما، وقال عمه نصر: “منذ ثمانية أشهر “منذ الحادث” لم أر أحمد على هذا النحو، عندما دخل إلى سيارة والده، شعر كأنه عثر على عائلته المفقودة، أخذ يتحسس المقاعد ويتذكر أين كان يجلس، وأين كانت تجلس أمه وشقيقه، عادت له الروح”.
فضلت العائلة أن تحمل أحمد في سيارة والده من القرية إلى مدينة رام الله؛ حيث استقبله الرئيس محمود عباس، وقال نصر: “طوال الطريق كان أحمد مبتهجًا، شعر أنه يعود إلى عائلته، وأن عائلته تعود إليه، وقال لنا: بدي هاي السيارة تسبق كل السيارات، ما بدي حدا يسبقها، ركب لها جناحات وخليها تطير”.
وكانت عائلة دوابشة تعرضت لحريق أضرمه المستوطنون في بيتهم في 31 يوليو العام الماضي، ما أدى إلى مقتل الأب سعد “33 عامًا” والأم ريهام “29 عامًا” والرضيع علي “سنة ونصف السنة”، وإصابة أحمد بحروق بالغة بنسبة 60%.
كما تعرض منزل إبراهيم دوابشة، الشاهد الوحيد على حرق العائلة، مطلع الأسبوع إلى إضرام النار بالطريقة نفسها التي أضرمت فيها النار في منزل عائلة سعد.
وعاد أحمد إلى غرفته في المستشفى بعد أن أمضى ساعات قليلة فقط في قريته.