تميزت الأحداث ما بعد الربيع العربي بظهور العديد من الحروب الأهلية الإقليمية، وعدم الاستقرار الإقليمي، والتدهور الاقتصادي والديموجرافي للبلدان العربية، والفتنة الطائفية العرقية والدينية، واعتبارا من صيف عام 2013، أنتجت هذه الأحداث حوالي ربع مليون حالة وفاة وملايين اللاجئين.
وذكر المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان، الصادر في يناير 2016، أن أعداد الذين وصلوا إلى أوروبا خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2015 كلاجئين أو طالبي لجوء بلغت نحو 380,000 شخص، مقارنة بنحو 145,000 في الفترة ذاتها من العام 2014 متوقعا تجاوز الأعداد لنصف مليون مع نهاية العام.
وشهد شهرا يوليو وأغسطس 2015 طفرة في أعداد الذين وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي، حيث بلغ عددهم نحو 190,000 لاجئ، وصل معظمهم عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا واليونان، فيما وصل البعض من تركيا عبر الحدود البرية مع بلغاريا، أو عبر البحر إلى إسبانيا.
دول أوروبية ترفض استقبال اللاجئين
بعض الدول الأوروبية رفضت استقبال اللاجئين، لأسباب مختلفة، وهي:
(1) هنغاريا: قال وزير الدولة الهنغاري، يانوس لازار، الخميس 29 أكتوبر 2015، إن بلاده لن تقبل استقبال 40 ألف لاجئ، تخطط دول أوروبية لإعادتهم إليها.
وأكد لازار أن بلاده لن تقبل “إعادة ولو لاجئ واحد إلى هنغاريا” موضحًا أن اللاجئين دخلوا إلى الاتحاد الأوروبي عبر الحدود اليونانية، وأن “الأحرى أن تتم إعادتهم إلى اليونان، وليس إلينا”، على حد تعبيره، الوزير الهنغاري قال إنهم يوفرون الحماية الكاملة للاجئين السياسيين الذين أتوا بالطرق المشروعة، مشيرا إلى أن هنغاريا لا تستطيع استقبال لاجئين غير شرعيين، لأسباب اقتصادية.
(2) سلوفاكيا: في 23 سبتمبر 2015، أعلنت سلوفاكيا أنها لن تستقبل سوى اللاجئين السوريين المسيحيين، وأنها لن تقبل بالمهاجرين المسلمين على أراضيها.
جاء ذلك وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، حيث نقلت أن إعلان سلوفاكيا يأتي في “إطار جهود الاتحاد الأوروبي لحل أزمة توافد آلاف اللاجئين عبر البحر المتوسط”، ووفقًا لخطة الاتحاد الأوروبي التي تسعى لتوفير ملجأ لنحو 40 ألف سوري، فإن من المقرر أن تستقبل سلوفاكيا مائتي لاجئ من مخيمات في تركيا وإيطاليا واليونان.
(3) تشيكيا: رفضت تشيكيا طلب منظمة العفو الدولية، فرع تشيكيا، ومنظمة حماية اللاجئين، بمنح حق اللجوء لألف لاجئ سوري في الأراضي التشيكية.
وقال وزير الداخلية التشيكي، ميلان خوفانيتس، في رده على رسالة المنظمتين، إن “وزارة الداخلية تتبنى موقفا يقول إن تشيكيا لن تكون هدفا في مفهوم اللاجئين السوريين، بالتالي فإن البرامج المقترحة لذلك ستنتهي على الأغلب بأن تكون تشيكيا دولة مرور فقط إلى دول أخرى يتواجد فيها أبناء الجالية السورية بشكل كبير”.
وأشار إلى أن “تشيكيا تساعد اللاجئين السوريين ماليا، حيث خصصت لهم العام الماضي نحو 70 مليون كورون، أي نحو 3,5 مليون دولار، لدعم نظام اللجوء في الدول التي انتقلوا إليها، وأيضا قُدم بعض هذه الأموال إلى البرنامج الأوروبي للاجئين وإلى برامج الإخلاء الإنساني”.
(4) بولندا: في 24 مارس 2016، أعلنت رئيسة الوزراء البولندية “بياتا سيدلو”، أن بلادها ترفض أن تستقبل لاجئين على أراضيها في إطار برنامج الاتحاد الأوروبي لإعادة توزيع اللاجئين، وذلك على خلفية سلسلة الهجمات في العاصمة البلجيكية بروكسل، مدعية وجود “إرهابيين” بين هؤلاء اللاجئين.
وقالت سيدلو في لقاء تلفزيوني أمس الأربعاء: “بعد ما حصل أمس في بروكسل، ليس من الممكن حالياً القول إننا موافقون على قبول أي مجموعة من اللاجئين”، وأضافت سيدلو: “نحن ملزمون قبل أي شيء بضمان سلامة مواطنينا”، داعية إلى رفض استضافة أوروبا “الآلاف من اللاجئين الذين يأتون إلى هنا فقط لتحسين ظروفهم المعيشية”.
(5) الدنمارك: أقرّ البرلمان الدنماركي مجموعة من القوانين التي تفرض إجراءات، تهدف لإثناء اللاجئين عن طلب اللجوء للبلاد، تشمل مصادرة مقتنياتهم الثمينة، واستخدام قيمتها للإنفاق على إقامتهم، وذلك على الرغم من احتجاج المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.
ووافق البرلمان الدنماركي في 27 يناير 2016، على الإجراءات بأغلبية ساحقة، بموافقة 81 عضوًا مقابل رفض 27، وذلك جراء تصويت الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط لصالح القوانين المطروحة، وسط تحول الطبقة السياسية في الدنمرك إلى اليمين جراء الشعبية الواسعة التي اكتسبها حزب الشعب الدنماركي المناهض للهجرة، وتنامي المخاوف حيال تزايد أعداد اللاجئين.
الاتفاق الأوروبي التركي بشأن اللاجئين
وأقر قادة الاتحاد الأوروبي في 19 مارس 2016، اتفاقا مع تركيا لمعالجة تدفق اللاجئين، وهو يقضي بإبعاد اللاجئين الجدد إلى تركيا، كما أقر الاتفاق بتسريع كل من تسديد المساعدات لتركيا وإلغاء تأشيرات دخول الأتراك إلى أوروبا والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتم الاتفاق بعد لقاء جمع رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في بروكسل.
بنود الاتفاق جاءت كالآتي:
(1) إعادة جميع اللاجئين الجدد الذين يصلون من تركيا إلى الجزر اليونانية؛ بهدف وضع حد للرحلات الخطيرة عبر بحر إيجة والقضاء على عمل المهربين.
(2) مبدأ “واحد مقابل واحد”: ففي مقابل كل سوري يعاد من الجزر اليونانية إلى تركيا سيتم استقبال سوري آخر من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتعطى الأولوية للذين لم يحاولوا الوصول بصورة “غير شرعية” إلى هناك.
(3) تحرير تأشيرات الدخول: سيتم تسريع العمل على خارطة الطريق للسماح بإعفاء مواطني تركيا من تأشيرات الدخول إلى أوروبا في مهلة أقصاها نهاية يونيو 2016، على أن تستوفي تركيا المعايير الـ72.
(4) مساعدة مالية: سيتم تسريع تسديد المساعدة الأوروبية لتركيا البالغة ثلاثة مليارات يورو من أجل تحسين ظروف معيشة اللاجئين الذين يقدر عددهم بنحو 2.7 ملايين. وحين تصبح هذه الموارد على وشك النفاد سيقدم الاتحاد الأوروبي تمويلا إضافيا مماثلا بحلول نهاية عام 2018.
(5) الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي: وافق الاتحاد الأوروبي وتركيا على فتح الفصل 33 (المسائل المالية) خلال الرئاسة الهولندية للاتحاد التي تنتهي بنهاية يونيو.