في خطوة وصفت بأنها محاولة لقلب الطاولة على مجلس نقابة الصحفيين الذي انضم لجموع الصحفيين الأسبوع الماضي وعقد جمعية عمومية طارئة طالب فيها بإقالة وزير الداخلية مجدي عبدالغفار على خلفية اقتحام نقابة الصحفيين من قبل قوات الأمن، عقد عدد من رؤساء تحرير الصحف المصرية، والنواب الصحفيين، اجتماعًا، اليوم الأحد، داخل مؤسسة الأهرام تحت مسمى “أسرة الصحفيين” وأصدر قرارات عدة مناهضة لقرارات الجمعية العمومية، ما يرشح لتصعيد الأزمة.
سحب الثقة
وقال محمد عبدالهادي علام، رئيس تحرير جريدة الأهرام، إنه إيمانًا بحاجة الأسرة الصحفية للتماسك الوطني، واقتناعًا بأن نقابة الصحفيين إحدى مؤسسات الدولة، وحرصًا على أن تكون النقابة بيتا للصحفيين، وحتى لا تتكرر تلك الأزمة بين النقابة ومؤسسات الدولة، فإن الأهرام بادرت إلى الدعوة لاجتماع حضره عدد كبير من الصحفيين وخمسة من أعضاء مجلس النقابة.
وأضاف “علام”، أن المجتمعين قرروا إحالة طلبات لمجلس النقابة للمطالبة بعقد جمعية عمومية غير عادية تنظر في سحب الثقة من المجلس، وإجراء انتخابات مبكرة على كامل مقاعد المجلس.
وشدد على أن المجتمعين أكدوا أن الاعتصام في النقابة حق لكل زميل، وينبغي أن تعرض حالات الاعتصام على مجلس النقابة مسبقًا، وعدم جواز الخلط بين مسؤولية الجمعية العمومية، وبين أي اجتماع داخل النقابة يعطي لنفسه الحق في اتخاذ قرارات في حكم العدم، وأنه لا ينبغي للنقابة أن تعتبر نفسها سلطة فوق المؤسسات الصحفية.
كما نوه “علام”، إلى أن بيان المجتمعين شدد على أنه لا يجوز للنقابة أن تتصرف كحزب سياسي، وأن يلتزم المجلس حدود التفويض له، مما يعطيه حق الدفاع عن الصحفيين، ولا يلزم أعضاء النقابة بأية قرارات ذات طابع سياسي، مشيرًا إلى أن البيان طالب بضرورة تشكيل لجنة محايدة لكشف حقيقة ما حدث.
وذكر “علام”، أن بيان لقاء الأسرة الصحفية أعلن رفضهم لأي حصار يفرضه الأمن على النقابة، وأن المجتمعين استنكروا موقف المجلس الأعلى للصحافة المؤيد لموقف مجلس النقابة.
وقفة ضد اجتماع “الأهرام”
في مقابل اجتماع أسرة الصحفيين بمؤسسة الأهرام، نظم بعض الصحفيين المعتصمين بنقابة الصحفيين وقفة احتجاجية، مساء اليوم، على سلالم النقابة رفضًا لمؤتمر الأهرام المسمى بتصحيح المسار، والرافض لقرارات الجمعية العمومية.
وأكد الصحفيون المشاركون بالوقفة، أن هؤلاء الصحفيين لا يمثلونهم، ووصفوهم بأنهم الصحفيون المقربون من النظام، وينفذون ما يملى عليهم، على حد تعبيرهم.
وأضافوا أن أعضاء مجلس النقابة المنضمين إليهم، يسعون إلى شق الصف الصحفي الذي توحد رفضًا لاقتحام النقابة، مؤكدين أنهم لن يسمحوا لهم بأن يفعلوا ذلك.
وأثناء الوقفة تفاجأ الصحفيون ببعض البلطجية يحاولون الاشتباك معهم، في مسعى لإفشال الوقفة، وهو ما اضطر الصحفيين معه لإنهاء الوقفة، حتى لا تحدث اشتباكات.
في الوقت نفسه، قال يحيي قلاش، نقيب الصحفيين المصريين، إن القرارات التي اتخذها مؤتمر الأسرة الصحفية بالأهرام، يخص الجماعة الصحفية الحاضرة للمؤتمر، وقرارات النقابة تخص آلاف الصحفيين الذين حضروا في عموميتها الطارئة، الأربعاء الماضي.
وأضاف “قلاش”، في تصريحات صحفية، أن النقابة متمسكة بقرارات الجمعية العمومية، ولن تتنازل عنها.
تراجع مسبق
وكان يحيى قلاش، قد انضم بعد ساعات من اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، إلى صف الإعلاميين المؤيدين للرئيس عبدالفتاح السيسي في رفضهم لشرط اعتذار السيسي للصحفيين عن واقعة اقتحام قوات الأمن نقابة الصحفيين؛ حيث تراجع قلاش عن هذا القرار، رغم إصرار الصحفيين على اعتذار الرئاسة، وقال إن النقابة لا تشترط على السيسي الاعتذار للصحفيين، ولكنها تناشده التدخل لحل الأزمة وإقالة وزير الداخلية، بصفته رئيس الدولة.
وأضاف “قلاش”، في مداخلة هاتفية ببرنامج “على هوى مصر” بقناة “النهار”، أن كل من تدخلوا لحل الأزمة حتى الآن ليسوا أصحاب قرار، موضحًا أنه رفض تمامًا الاجتماع مع وزير الداخلية للبحث عن حل للأزمة.
يأتي ذلك في الوقت الذي وجه السيسي رسالة إلى كل من يهاجمه خلال كلمة له في افتتاح عدد من القرى بالفرافرة، قال فيها: “أنا مبخافش، ولو خفت كل اللي عملناه مكنش هيتعمل ولا بعد 10 سنين”.
صحفيو السيسي
من جانبه، قال الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، إن ما حدث الأربعاء الماضي في نقابة الصحفيين، ليس جمعية عمومية، وذلك لعدم حضور 4500 صحفي، ولكن من حضر لا يتجاوز 1000 عضو، ومن ثم فإن القرارات التي صدرت ليست لها حيثية تفرض أهميتها.
وأضاف “مكرم”، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، ببرنامج “علي مسؤوليتي”، على قناة “صدي البلد”، أن هناك إنكارًا لحقيقة واقعة، وهي أن النقابة أصبحت ملاذًا آمنًا لاثنين من الصحفيين المطلوبين من جانب النيابة العامة، وهذا مرفوض تمامًا، وأشار إلى أن نقابة الصحفيين إحدى مؤسسات الدولة ومن ثم لا بد أن تحترم القانون.
ووصف مكرم محمد أحمد ما حدث بنقابة الصحفيين بـ”العنتريات الكاذبة”، وكل الصحفيين يعرفون بعضهم البعض، فلا يجب أن ندعي بطولات كاذبة.
وأعرب عن يقينه بأن غالبية الصحفيين ضد ما حدث، فكل من حضر لا يتجاوز ألف صحفي من بين 9 آلاف صحفي، مشيرًا إلى أن الجمعية العمومية يجب أن تكون بالتسجيل.
من جانبه، أعلن جمال عبدالرحيم، سكرتير عام النقابة، أن الأزمة ليست مع الرئاسة حتى يتناولها السيسي في خطابه بالفرافرة، ولكن القضية مع وزارة الداخلية.
ورفض “عبدالرحيم” وصف ما حدث بأنه تجاهل من السيسي للأزمة، قائلًا: “إن النقابة لا يتجاهلها أحد، وهناك قرارات اتخذتها الجمعية العمومية، والجميع ملتزم بها”.
مواقف على هامش الأزمة
وأعلن الإعلامي خالد صلاح، تأييده لكل قرارات الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، باستثناء إقحام السيسي في تلك الأزمة، وذلك بعد المطالبة باعتذاره، مضيفًا “السيسي رمز لهذا البلد، وثقنا فيه لإنقاذ الوطن، ويمضي بكفاءة في هذا الشأن، والاحتكام له كان الحل الأمثل، لذلك لم يكن مطلب اعتذاره متماشيًا مع رغبتي، أقول ذلك لأنني عاهدت نفسي على عدم خيانة هذا الرمز، حتى لو لحق بى أي أذى”.
وفسر “صلاح”، خلال برنامجه “على هوى مصر” المذاع على فضائية “النهار”، المشهد بأنه لا يتجاوز خلافًا بين الوزارة والنقابة، محذرًا من إيهام الرأي العام بأن الصحفيين في معكسر، والدولة في معسكر آخر”، موجهًا رسالة للرأي العام: “نحن مع الدولة على اقتناع، لأنها تعبر عن جموع الجماهير، وهدفنا الرئيسي هو الحفاظ على هذا البلد، ولا يوجد بين الصحفيين من يريد الضرر لهذا الوطن، لأنهم شركاء فيه”.
فيما دعا الصحفي محمود الكردوسي عبدالفتاح السيسي لعدم الاعتذار للصحفيين، وذلك من خلال مقاله بصحيفة “الوطن” المصرية تحت عنوان “لا تعتذر”.
وأضاف الكردوسي “لا تفسد شعبيتك بانحياز مجاني لعشرة آلاف صوت انتخابي.. ثلاثة أرباعهم يخطئ في الإملاء والنحو، فما بالك بأخلاق المهنة، اتركهم يمارسون حرية تعبيرهم على أنفسهم، ولا تخشَ أصواتهم العالية، فالناس أصبحوا يكرهونهم، لا تعتذر ولا تساوم ولا تصالح”.
القائمة السوداء
وفي المقابل، عقد مجلس نقابة الصحفيين اجتماعًا، أمس السبت؛ لبحث ومناقشة تنفيذ قرارات اجتماع الجمعية العمومية الطارئة؛ حيث يعقد المجلس اجتماعه لمتابعة إجراءات تنفيذ قرارات الجمعية العمومية، التي تم الاتفاق عليها، وكيفية تنفيذها، كما يناقش المجلس إعداد قواعد “القائمة السوداء” التي طالبت الجمعية العمومية مجلس النقابة بوضعها لأعداء حرية الصحافة، بالإضافة إلى مناقشة سبل التصعيد القادمة، والتحضير للحشد ليوم الثلاثاء القادم.
وجاءت القرارات الصادرة عن الجمعية العمومية كالآتي:
1- الإصرار على طلب إقالة وزير الداخلية.
2- تقديم رئاسة الجمهورية اعتذارًا واضحًا لجموع الصحفيين عن جريمة اقتحام بيت الصحفيين وما أعقبها من ملاحقة وحصار لمقرها.
3- الإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين في قضايا النشر.
4- العمل على إصدار قوانين تجرم الاعتداء على النقابة أو اقتحامها.
5- إصدار قانون منع الحبس في قضايا النشر.
6- إجراءات تتضمن: دعوة جميع الصحف المصرية والمواقع الإلكترونية لتثبيت لوجو “لا لحظر النشر.. لا لتقييد الصحافة”، والطعن رسميًا على القرار، وطلب وضع ضوابط لقرار حظر النشر.
7- دعوة القنوات الفضائية لدرء الهجوم الضاري الذي يشن ضد الصحفيين بتوجيهات أمنية.
8- رفض التلويح بتوجيه اتهامات قانونية لنقيب الصحفيين باعتباره ممثلًا منتخبًا للجمعية العمومية.
9- منع نشر اسم وزير الداخلية، والاكتفاء بنشر صورته “نيجاتف” فقط وصولًا لمنع نشر كل أخبار وزارة الداخلية حتى إقالة الوزير.
10- رفض تصريح الخارجية الأميركية، ورفض أي تدخل أجنبي رسمي في شأن الصحافة المصرية.
11- رفع دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية لمحاسبة المسؤولين عن حصار النقابة.
12- تسويد الصفحات الأولى بالصحف في عدد الأحد المقبل وتثبيت “شارات سوداء”.
13- تجديد الثقة في مجلس النقابة حتى انتهاء الأزمة.
14- عقد مؤتمر عام بمقر النقابة الثلاثاء المقبل مع بحث إضراب عام لجميع الصحفيين.
15- دعوة كبار الكتاب للكتابة عن جريمة اقتحام النقابة في مقالاتهم.
16- دعوة الصحفيين النواب لتقديم طلبات إحاطة واستجوابات حول الأزمة.
17- استمرار الاعتصام حتى الثلاثاء المقبل.
18- تشكيل لجنة من مجلس النقابة لإدارة الأزمة.