شهدت مراكز الاقتراع في أنحاء المدن الليبية إقبالا كثيفا من المواطنين على العملية الانتخابية في أول انتخابات برلمانية بعد نصف قرن من حكم العقيد الراحل معمر القذافي على الرغم من الأجواء الأمنية المشحونة والمتوترة في المدن الشرقية, ومحاولات عديدة من المتظاهرين المقاطعين للانتخابات في مدينة بنغازي لاقتحام مراكز الاقتراع.
وقالت المفوضية العليا للانتخابات الليبية 94 % من مراكز الاقتراع في ليبيا قد فتحت أبوابها للناخبين، مشيرة إلى تعذر وصول مواد انتخابية لبعض مراكز الاقتراع, وجاري حل تلك المشاكل.
بينما أعلن مصدر رسمي ليبي – في تصريحات صحفية – أن 101 مركز اقتراع لم تفتح أبوابها السبت لغياب الأمن في محيط هذه المراكز.
واصطف المواطنون خارج مراكز الاقتراع قبل نحو ساعة من الموعد المقرر لفتح اللجان، وانتشرت قوات من الشرطة والجيش لحراستها, وتفتيش المشاركين في العملية الانتخابية من موظفين وناخبين.
فيما أقام المواطنون في مدينة بنغازي دروعا بشرية لمنع المتظاهرين الرافضين للانتخابات من اقتحام مراكز الاقتراع؛ للحفاظ على سير العملية الانتخابية.
وكان بعض المحتجين المقاطعين للانتخابات اقتحموا ثلاثة مراكز للاقتراع في وقت سابق من اليوم في مدينة بنغازي, وأشعلوا النيران في أوراق التصويت بعد سرقتها.
إلا إن هذه الحوادث لم تؤثر على سير العملية الانتخابية بحسب ما ذكره رئيس المفوضية العليا للانتخابات في تقارير صحفية.
تحت السيطرة
وفي سياق متصل أكد نوري العباري – رئيس المفوضية العليا للانتخابات – أن كل الأمور تحت السيطرة، وأن المظاهرات التي خرجت في بنغازي للتضامن وتأييد إجراء الانتخابات بموعدها هي أفضل رسالة للرد على المطالبين بالمقاطعة.
ومن جهته، أعرب وزير الخارجية الليبي عاشور بن خيال عن اعتقاده في أن الساحة السياسية الليبية تنمو وتتطور, ولكن بخطى واثقة ثابتة، مشيرا إلى أن هناك تنوعا في المشهد السياسي والفكري, وهو تنوع تنظيمي يبشر بأن الأسس التي تنبني عليها التجربة الديمقراطية في ليبيا آخذة في النمو والتطور عندما خرج الليبيون تأييدا لثورة 17 فبراير كان هدفهم المساواة والعدالة والحرية, ولهذا فهم مصرون على تطبيق القانون في حق أي شخص قد ارتكب جريمة بحق الليبيين.
وعلى صعيد المراقبين قامت بعثة الاتحاد الإفريقي لمراقبة الانتخابات الليبية برئاسة عصام شرف – رئيس وزراء مصر السابق – صباح اليوم بجولة في عدد من مراكز الاقتراع لانتخابات المؤتمر الوطني العام «البرلمان» في العاصمة طرابلس.
وقال شرف – في تصريحات صحفية اليوم السبت -: إن بعثة الاتحاد الإفريقي التي يرأسها تقوم بمراقبة ومتابعة الأوضاع في عدد من مراكز الانتخابات بطرابلس, وأنها – أي البعثة – ستقوم عقب هذه الجولة بالسفر إلى مدينة «الزاوية» لمتابعة ومراقبة الانتخابات فيها.
فرحة عارمة
وأما على صعيد مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت صور المواطنين الليبيين على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك», وهم يضعون أصابعهم في الحبر الفسفوري بعد تصويتهم.
وعمت فرحة عارمة أرجاء المدن الليبية؛ حيث تواصلت الدعوة إلى حملة للتكبير في المساجد, وأقام المواطنون الاحتفالات في شوارع العاصمة طرابلس وبعض المدن الليبية.
وانتشرت على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بعض القصص الإنسانية التي رواها نشطاء على صفحاتهم الشخصية, ومنها إن أحد الناخبين كان يرتدي بدلة زفافه عندما سئل عن سر ارتدائه لهذه البدلة, قال: هذا يوم فرحي الحقيقي.
ويقول بعض النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: إن سائقي بعض المواصلات العامة رفضوا أخذ مقابل مادي؛ لتوصيلهم الركاب إلى مراكز الاقتراع، فيما اصطف الأطفال من الفئات العمرية الصغيرة أمام بعض المراكز, ووزعوا زجاجات مياه على الناخبين مجانا ودون مقابل مادي.
وفي مشهد آخر يرويه النشطاء أن النساء ببعض مراكز الاقتراع قاموا بتجهيز وجبة إفطار متمثلة في أكلة شعبية, وهي «عصيدة بالسمن الوطني», تعبيرا عن بهجتهم وفرحهم بهذا اليوم الذي وصفوه بالعرس الانتخابي.
ويشارك في هذه الانتخابات أكثر من 2.8 مليون ناخب لاختيار 200 مرشح من بين 3700 تقدموا للتنافس على مقاعد المؤتمر الوطني العام – البرلمان – والتي تشرف عليها المفوضية العليا للانتخابات.
ويقسم قانون الانتخابات البلاد إلى 13 دائرة انتخابية رئيسية و41 دائرة فرعية، ويبلغ عدد الكيانات السياسية التي تخوض الانتخابات 15 كيانا سياسيا، لكن المراقبين يرون أن من سيحصل على النصيب الأكبر من مقاعد البرلمان يتمثل في 3 جهات أساسية.