قال الدكتور محمد محسوب – وزير الدولة للشؤون القانونية والنيابية الأسبق: “من يهيمن على المؤسسة العسكرية يستغل “الجيش” ويستغل الأعداد الهائلة من المجندين والأيدي العاملة المجانية والتخصصات المتنوعة والهائلة في زيادة ثرواتهم، بينما أغلبية الجيش يمضون خدمتهم الوطنية ولا ينالهم شيء من هذه الثروات باعتبارهم يعملون بالسخرة، حتى إن أوضاعهم لم تتحسن برغم انخراط الجيش في النشاط الاقتصادي..
الحقيقة نحن إزاء عملية تأميم كبيرة للمجال الاستثماري.. ليس كما حصل في مطلع الستينيات بنقل ملكية مشروعات القطاع الخاص لشركات حكومية، وإنما بنقل المشروعات العامة والخاصة إلى ملكية عسكرية.. وهو أمر غير مسبوق حتى في أسوأ الأنظمة “الكورية” مثلا”.
وحول حقيقة ما يتردد عن أن صراع المؤسسة العسكرية مع نظام مبارك أقوى بكثير من الصراع مع المعارضة ، أضاف الوزير الأسبق في حوار لجريدة “الشرق”: “لقد قام نظام مبارك على متناقضات تلتف حول شخص واحد أشبه بالأب الروحي لعصابات المافيا، وأدى اختفاؤه إلى نزاع بين أرباب العائلات الأصغر، إذ يرى كل منهم أنه أحق بخلافة الأب الروحي، خصوصا بعد أن فضح الأداء تفاهة الجنرال الذي وُضع على رأس السلطة وضعفه وقلة حيلته.. ما نراه الآن هو انفجار للتناقضات التي صنعها مبارك ولا يوجد من يحتويها، ونخشى أن تتحول إلى خطر داهم على البلاد، والحل الوحيد هو إعادة البلاد لمسار ديمقراطي يفرض فيه الشعب إرادته على الجميع ويملك آليات لرقابة الجميع، ولإزاحة من شاء ووضع من شاء في السلطة تحت رقابته وبقيود دستورية صارمة”.
وبسؤاله حول دعوات عدد من القوي السياسية لعصيان مدني قال محسوب :”العصيان المدني هو جزء من الحراك الشعبي السلمي والمشروع للعمل على إسقاط سلطة فاشلة وقمعية، ولا يحتاج لدعوات لأنه سلوك طبيعي تتبناه الشعوب عندما تصل لقناعة أن ما هو قائم خطر عليها ولا يعمل لمصلحتها، وأنها لا يُمكنها الاستمرار في تمويله بالضرائب والرسوم والإتاوات التي يفرضها، بينما يهدرها في تحقيق أمن السلطة وإهدار أمن الشعب، وملء جيوب السلطة وتحقيق الرفاهية المفرطة لها، في مقابل تجريف جيوب الشعب، وأعتقد أن فترة طويلة لن تمر حتى تعود الفاعليات أعلى مما كانت، لكنها هذه المرة ستكون تحت علم مصري واحد ولا ترفع سوى المطالب الجامعة لكل المصريين”.
واشار الي انه يؤمن بشرعية الرئيس محمد مرسي، فالإرادة الشعبية لا يُمكن أن تسقط بانقلاب عسكري وإلا أصبح ذلك تبريرا لكل انقلاب وتأسيسا لسلطة متغلبة بالسلاح وإهدارا لمطلب الشعب بأن تكون إرادته هي العليا، على حد قوله.
وفي رده على سؤال حول رؤيته لحل الأزمة المصرية أجاب :” أولى الخطوات أن تمتنع دول الإقليم الحريصة على مصر وعلى تعديل الوضع العربي إيجابيا عن التدخل لصالح استمرار السلطة القائمة في مصر وإبقاء مصر في وضعية الدولة المريضة، والخطوة التالية متروكة للشعب المصري بقواه السياسية والمدنية، والمطلوب منها واضح وهو القفز على مراراتها واختلافاتها والالتفاف حول المطلب الواحد الذي أصبح مطلبا للجميع، وهو إنقاذ مصر من مختطفيها ومن التردي الذي يهدد الكل، أما الخطوة الثالثة فهي الاتفاق على شكل واحد يُمثل صوتا للشعب حتى يستعيد صوته، ويعكس مطالبه الحقيقية، ويتمسك بأسس الحركة الوطنية المصرية وهي :
1. وطنية الأهداف ووطنية أي حراك، فنحن لا نطمع سوى بإنقاذ الدولة المصرية في حدودها الجغرافية المعروفة وبمحافظاتها الـ27 وبشعبها الذي تجاوز الـ92 مليونا؛ ولا نملك أحقادا ضد أحد ولا خصومة مع أي من أشقائنا العرب..
2. وحدة الشعب في الداخل والخارج، فهناك حوالي عشرة ملايين مصري يعيشون بالخارج، تركوا الوطن على مدار عشرات السنوات السابقة طلبا لحياة أفضل لم تستطع أي من الحكومات المتعاقبة منذ الخمسينيات توفيرها، وهو ما يجعل لهم نصيبا ورأيا فيما يجري في مصر الآن، خصوصا أنهم دعموا الدولة بمليارات هائلة بتحويلاتهم بالإضافة للدعم المعنوي والأدبي والعلمي.
3. وحدة الشعب بمسلميه ومسيحييه دون تفرقة أو تمييز.
4. أن تكون الخصومة الوحيدة التي يحملها الشعب هي ضد الفقر والاستبداد والظلم الاجتماعي.
5. ثورة يناير كانت تعبيرًا عن روح الشعب وتماسكه وأهدافه الواضحة والتي ما زالت هي نفسها التي يحملها حتى الآن “عيش. حرية. عدالة اجتماعية. كرامة إنسانية”.
6. كل مؤسسات الدولة المصرية بما فيها الجيش هي مؤسسات وطنية وملك الشعب، وهي تعاني من الاستبداد كما يعاني منه كل أبناء الشعب.
7. بعد رحيل السلطة القائمة سينتقل الوضع لمشاركة بين كل أبناء الشعب وكل قواه السياسية لبناء مستقبل يليق بمصر وبأبنائها وبما يتوقعه أشقاؤها العرب.