منذ أن أعلنت محكمة الجنايات في مصر قائمة تضم العديد من الشخصيات السياسية والحقوقية والرياضية بل والدبلوماسية على أنهم إرهابيون في سابقة غريبة على المجتمع الدولي، تتوالى تعليقات وآراء المراقبين بهذا الشأن خاصة فيما يرتبط بلاعب كرة القدم الدولي السابق محمد أبو تريكة، حيث أعلن العديد من الشخصيات تعاطفهم معه واعتراضهم على تصنيفه تحت وصف لم يضع العالم له تعريفا حتى الآن وهو ” الإرهاب”.
إلا أن تعليق الإعلامي المحسوب على النظام في مصر تامر أمين على الأمر كان من أكثر التعليقات لفتا للأنظار حيث نصح أبو تريكة أن يتبرع لصندوق ” تحيا مصر” ولو ” بألف جنيه علشان تخرس الألسنة من حواليك” على حد قوله.
فهل بات معيار الوطنية هو التبرع لصندوق ” تحيا مصر”؟ وهل يعلم المصريون فيمَ يتم إنفاق أموال هذا الصندوق؟ وهل نصّب إعلام النظام رجاله للحكم على وطنية المصريين بمعاييرهم الخاصة؟!
جهل وحقد
من جانبه يرى الإعلامي المصري مسعد خيري أن كلام تامر أمين لا ينم إلا عن جهل بطبيعة محمد ابو تريكة الذي لا يبحث عن الكاميرات أثناء التبرع ولا يفعل الخير ليتباهى به على شاشات التلفزيون، ويتابع: مسألة التبرع هذه بين الإنسان وخالقه ولا علاقة له باعتبارات الأنظمة السياسية التي توظف حتى أعمال الخير للترويج لأفكارها وسياساتها، وأبو تريكة ليس من هؤلاء الذين يريد النظام توظيفهم سياسيا
وأكد أن إعلام النظام يحقد على أبو تريكة بالمقام الأول نظرا لكونه شخصية عامة لم تنافق أو تحاول استرضاء النظام في مصر فضلا عن إعلانه على الملأ من قبل أنه صوّت لصالح الدكتور محمد مرسي في انتخابات ٢٠١٢.
” تحيا مصر” مشروع سياسي
ويرى خبراء أن صندوق تحيا مصر في حد ذاته هو مشروع سياسي أو وسيلة في يد نظام سياسي يروج للوطنية على مزاجه الخاص، فمن يتبرع للصندوق فهو وطني ومن لا يفعل مشكوك في وطنيته، وهو ما اعتمد عليه تامر امين في نصيحته لابو تريكة، فالإعلامي المحسوب على النظام هنا لا ينصح ابو تريكة بالتبرع في حقيقة الأمر بل ينصحه أن يسترضي النظام ويدور في فلكه.
شخصية أبوتريكة
من زاويته، قال لاعب كرة مصري محترف بالخارج طلب عدم ذكر اسمه، هؤلاء لا يعرفون شيئا عن شخصية ابو تريكة الذي يرى الامور بينه وبين الله ولا يحب التباهي أمام الناس بفعل الخير، ويتابع: كنا قريبين من ابو تريكة في البطولات الدولية وكانت وطنيته ظاهرة في حرصه على سمعة مصر بالخارج والتي كان يسعى دائما لتحسينها بمعاملته الطيبة مع الآخرين وتقديم النموذج المصري الذي يحظى باحترام الجميع، وهو ما يمثل دعما للوطنية المصرية أقوى من التبرع بملايين الدولارات على حد قوله.
تساؤلات حول “تحيا مصر”
وتساءل الإعلامي والأكاديمي المصري عمرو علبدالرحمن في تصريحات خاصة لـ ” رصد” هل صارحت الحكومة في مصر الشعب حول المبالغ الموجودة في هذا الصندوق وفيم يتم إنفاقها وكيف؟ ويجيب: طبعا لم يحدث ولن يحدث لأنهم تعودوا على أن الشعب ليس من حقه أن يعرف شيئا وعليه فقط السمع والطاعة، وتساءل: كيف يطلبون التبرع لجهة لا يعلم أحد عنها شيئا وفيما يتم إنفاق أموالها خاصة بعد كل المبالغ التي حصل عليها النظام من جهات عديدة ولم يعلم أحد فيم أنفقت وأين ذهبت؟!
واستطرد: كلام تامر أمين لا يعكس سوى ضيق الأفق وتنفيذ الأوامر التي تصل إليه هو وكل عناصر الإعلام التي تُحصل الملايين ولم نسمع عن أحد منهم قد تبرع أو أعلن تقشفه تضامنا مع الشعب الذي يدعونه للتبرع والتقشف.
التحفظ على الأموال
يُذكر أنه في مايو عام 2015، أصدرت السلطات المصرية قرارا بالتحفظ على أموال أبو تريكة، وقالت لجنة إدارة وحصر أموال جماعة الاخوان وقتها إن اللاعب هو أحد ملاك شركة سياحية، تبيّن من التحقيقات أن نشاطها مرتبط بجماعة الاخوان.
وفي يونيو من نفس العام، أصدرت محكمة القضاء الإداري حكما بإلغاء قرار التحفظ وكل ما يترتب عليه.
وكان اللاعب قد أعلن تأييده للرئيس السابق محمد مرسي، الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، عندما أعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
وفي 17 يناير أدرجت السلطات المصرية اسم اللاعب الشهير على قائمة الإرهاب بتهمة صلته بجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها مصر جماعة إرهابية، وتحظر أنشطتها وتتحفظ على جميع أموالها العقارية والسائلة والمنقولة. لكن أبو تريكة ينفي دعمه للجماعة.
يُذكر أن أبو تريكة يوجد حاليا في العاصمة القطرية الدوحة، لتحليل مباريات بطولة كأس الأمم الأفريقية لشبكة قنوات “بي إن سبورت” الرياضية.