كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن وجود اتجاه في الكونجرس الأميركي لربط المساعدات الأميركية المقدمة إلى مصر بسجلها الحقوقي حال إقرار الحكومة المصرية لقانون الجمعيات الأهلية ،وذلك بعد نية ترامب إلغاء مثل هذه القيود .
وقالت الصحيفة إن البيت الأبيض قال يوم الجمعة أنه لن يسمح لقضايا حقوق الانسان بأن تصبح نقطة خلاف علنية مع مصر، وهو تحول كبير آخر يختلف عن سنوات من السياسة الخارجية الأميركية لرؤساء الولايات المتحدة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي .
وفي الوقت الذي يستعد فيه ترامب لاستضافة عبد الفتاح السيسي في مصر يوم الاثنين في أول زيارة له إلى البيت الأبيض منذ استيلائه على السلطة في عام 2013، قال مساعدون إن الزعيمين سيركزان على المسائل الأمنية والاقتصادية، وعلى الرغم من تأكيداتهم على أن حقوق الإنسان لا تزال تشكل مصدر قلق، فإن ترامب يفضل التعامل مع هذه المسائل على انفراد .
وأشاد بيان البيت الأبيض يوم الجمعة بالسيسي لشنه حرباً قوية ضد الإرهابيين وبذل الجهود لتعزيز اقتصاد مصر، دون الإشارة إلى حملته القمعية ضد المعارضين وقال “إن الرئيس السيسي اتخذ عددا من الخطوات الجريئة منذ أن تولى الرئاسة عام 2014، بما في ذلك الدعوة الى الإصلاح واعتدال الخطاب الاسلامي والبدء في إصلاحات اقتصادية وتاريخية شجاعة.
ويأتي قرار تهميش قضايا حقوق الإنسان في مصر علنا بعد أيام من إخطار إدارة ترامب للكونجرس أنها سترفع شروط حقوق الإنسان التي فرضها الرئيس باراك أوباما وستستأنف مبيعات الأسلحة إلى البحرين، وهي حليف أساسي آخر في الشرق الأوسط كما أنها البلد المضيف للأسطول الخامس الأميركي .
وتضيف الصحيفة إن هذه التحركات مجتمعة تعزز فكرة أن ترامب يعتزم جعل التعاون الأمني حجر الزاوية في نهجه تجاه المنطقة، دون أن تصبح حقوق الإنسان عقبة في ذلك، على عكس الرئيس الأسبق جورج بوش، الذي طالب يتحقيق الديمقراطية ،أو الرئيس الأميركي السابق أوباما، الذي ضغط على الدول الاستبدادية لتخفيف حدة القمع.
وتقول “سارة مارجون” رئيسة منظمة “هيومان رايتس ووتش” في واشنطن: “التجاهل التام لترامب بشأن مخاوف حقوق الإنسان في مصر ليس مفاجئا ،لكنه يعني أن الكونجرس سيضطر إلى التدخل والاستمرار في استخدام سلطاته للحد من الدعم الأمريكي نظرا لمدى خطورة حجم القمع والانتهاكات في ظل حكم الرئيس السيسي”
ويقول “توم مالينوسكي”، مساعد وزير الخارجية المكلف بقضايا حقوق الإنسان في عهد أوباما “المساعدات الأمريكية المقدمة إلى مصر لم تترجم أبدا إلى الدعم المتوقع للسياسة الأمريكية ويضيف “لقد منحنا مصر 70 مليار دولار على مدار السنوات الماضية، واكتشفنا مؤخراً أنه لا توجد طائرات مصرية من طراز “إف -16” تساعدنا في محاربة تنظيم الدولة في الرقة والموصل”، ويضيف: “ما حصلنا عليه من المصريين هو القمع السياسي الذي يؤدي إلى تطرف الشباب ويعطي الجماعات الإرهابية حياة جديدة”.
وتلفت الصحيفة إلى إعلان خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ عرضهم قرارا يحث مصر على تخفيف قمعها للمعارضة فيما حث السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريد “ماركو روبيو”، ترامب على الضغط من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين في مصر، بما في ذلك الأميركيين المسجونين في البلاد، وتشجيع مصر على إتاحة مساحة أكبر للمجتمع المدني وحرية تعبير رأي للجميع.
وتشير الصحيفة إلى إطاحة السيسي بحكومة الرئيس محمد مرسي المنتخبة ديمقراطيا، ثم فوزه بالرئاسة نفسها في انتخابات تشوبها عمليات الاعتقال واسعة النطاق للشخصيات المعارضة، ومنذ تولي السيسي السلطة، استهدف جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي وغيرهم ممن يعارضون حكومته.
وانتقد تقرير وزارة الخارجية السنوي لحقوق الإنسان -الذي لم يحضر عرضة وزير الخاجية الأميركي “ريكس تيلرسون” كما فعل أسلافه – حكومة السيسي لقمع الحريات المدنية والحرمان من الإجراءات القانونية الواجبة وأشار التقرير إلى إخفاء المعارضين وظروف السجون القاسية والتعذيب والاعتقالات التعسفية والقتل ومضايقات جماعات المجتمع المدني والحد من الحرية الأكاديمية والدينية ووسائل الإعلام المستقلة.
وتضيف الصحيفة أن من بين عشرات الآلاف من الأشخاص الذين سجنوا تحت حكم السيد السيسي، هناك العديد من المواطنين الأميركيين من أمثال آية حجازي، وهي إحدى العاملات في مجال حقوق الإنسان أعتقلت بتهم تتعلق بالإساءة والاتجار بالأطفال ،وهي التهم التي اعتبرت ملفقة على نطاق واسع.
وتقول منظمات حقوق الانسان إن الاتهامات هي جزء من حملة واسعة النطاق ضد جماعات الإغاثة التي لديها تمويل أجنبى فى مصر، وهو ما أدى إلى انتقادات حادة من بعض الدوائر فى الكونجرس الأميركي، وفي ديسمبر الماضي قال عضوي الجونجرس الجمهوريان “ليندسي جراهام” عن ولاية كارولينا الجنوبية و”جون ماكين” من “أريزونا”، إنهما سيدعمان القيود الجديدة على المساعدات المقدمة إلى مصر إذا تمت الموافقة على قانون جديد يقيد عمل مجموعات الإغاثة في البلاد.
وبصرف النظر عن المساعدات، من المرجح أن يناقش ترامب والسيسي وضع جماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها مصر، وطالب السيسي واشنطن بتصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، وهو الأمر الذي رفضه أوباما في الماضي، وناقش مستشاروا ترامب في السابق هذا الأمر لكن الزخم الداخلي لهذه الخطوة تباطأ بسبب القلق من أنه سيؤدي إلى عزل المسلمين الأكثر اعتدالا ودفعهم نحو الجماعات العنيفة مثل تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية وحركة الشباب الصومالية .
كانت رحلة السيسي إلى واشنطن متوقعة بشدة في مصر، حيث يرى أنصار السيسي أن مصافحة ترامب له في البيت الأبيض كتصديق رمزي لسجل حقوق الإنسان لزعيم طال انتظاره في حين يقول مسؤولون غربيون إن المسؤولين المصريين أعربوا عن انزعاجهم من الحديث عن خفض المساعدات الاميركية وهو ما أدى إلى خفض توقعات نتائج الزيارة .