في اليوم المائة لتوليه مقاليد حكم الولايات المتحدة والاحتفالات بذلك، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه طلب من عبدالفتاح السيسي إبّان زيارته إلى البيت الأبيض أن يتم الإفراج عن المواطنة الأميركية آية حجازي، وسرعان ما تم تنفيذ الطلب فور عودة السيسي إلى القاهرة.
ذكر ترامب هذه التفاصيل في إطار تعداده لما حققه من إنجازات خلال مائة يوم، وقال إن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما حاول أن يصل إلى النتيجة ذاتها ولم يفلح، كما أن البيت الأبيض صرح من قبل ترامب بأن تدخلاتٍ من قبل الرئيس الأميركي كانت وراء الإفراج عن آية حجازي.
فهل يعتبر ترامب السيسي حليفًا غير ذي أهمية للغاية التي تجعله يذكر الأمر على الملأ رغم عدم توافق ذلك مع الأعراف السياسية؟ وما هو المقابل الذي حصل عليه السيسي لإتمام مثل هذه الصفقة إن جاز التعبير؟ أم أن الأمر لم يصل إلى مرحلة الصفقة وتم في إطار ما يشبه التوصيات؟
تاريخ من الطاعة
من جانبه، يرى الأكاديمي والسياسي الدكتور محمد العادل أن العلاقة بين المؤسسة العسكرية من جانب والنظام الأميركي من جانب آخر تتسم بطابع الآمر والمتلقي للأوامر.
ويتابع: المؤسسة العسكرية بطبيعة الحال تسيطر على النظام في مصر من خلال أحد رموزها، وعلى ذلك فالقاعدة واحدة؛ مستشهدًا في ذلك بواقعة الإفراج عن المتهمين الأميركان في قضية التمويل الخارجي عام 2011 إبّان تولي المجلس العسكري حكم مصر، حيث تم نقل جميع المتهمين إلى بلادهم بطائرة خاصة بعد أن تم الإفراج عنهم بناء على ما يشبه الأوامر من قبل الولايات المتحدة.
وأردف في تصريحات خاصة: الولايات المتحدة تفرض وصايتها على مصر منذ اتفاقية كامب ديفيد، وإن حدث بعض الخلافات تكون شكلية وسرعان ما يخضع النظام العسكري في مصر إلى الطلب الأميري أيّا كان شكله.
السيسي أكثر مرونة
وفي السياق ذاته، يرى الكاتب الصحفي مسعود حامد أن السيسي هو الرئيس الأكثر مرونة في الاستجابة إلى الطلبات الأميركية؛ فالرجل أعلن أكثر من مرة أنه مع ترامب في سياساته الخارجية تجاه قضايا حساسة، كانت على رأسها القضية الفلسطينية؛ خاصة في تلميحات الإدارة الأميركية بأنه قد تكون هناك حلول أخرى في القضية الفلسطينية غير حل الدولتين، وهو سرعان ما التحق به السيسي في الإطار نفسه لولا بعض الضغوطات من الرأي العام المصري والعربي؛ خاصة بعد الكشف عن قمة الأردن التي جمعت السيسي ونتنياهو ومسؤولين أميركيين، وبعدها أعلن العاهل الأردني والسيسي أنهما مع حل الدولتين.
ويضيف مسعود: الشاهد من ذلك أن السيسي يبحث عن خطوط التلاقي بينه وترامب في اتجاهات مختلفة، وهو ما يجعل قضية الاستجابة إلى طلب الإفراج عن آية حجازي أمرًا سهلًا في سياسة السيسي.
إرث مبارك
من جانبه، يرى الباحث السياسي مسعد خيري أن هذه السياسة هي إرث مبارك القديم الذي تركه لكل رئيس ينتمي إلى المؤسسة العسكرية؛ لدرجة أن مبارك كان يضع رضا الأميركان مقياسًا للموافقة على تنفيذ بعض المشروعات أو اتخاذ بعض القرارات.
ويتابع: ليس ببعيد موقف مبارك حينما عرض عليه الرئيس السوداني البشير زراعة مليون فدان للقمح، فقال له نصًا: “أنت عاوز الأميركان يزعلوا مننا؟”.
ويضيف: السيسي يعلم أن الولايات المتحدة صاحبة فضل عليه هو شخصيًا على إثر الانقلاب الذي تزعّمه في 2013؛ حيث لم يحرك أوباما ساكنًا سوى بعض الإجراءات على استحياء، وهو يعلم مدى احتياجه إلى الولايات المتحدة التي ما زالت قطبًا قائدًا لسياسات العالم رغم الصعود الروسي الملحوظ.