في محاولة لتوظيف السعوديين والتخلص من العمالة الأجنبية أصدرت الحكومة السعودية العديد من القرارات مؤخرا لتضيق بها الخناق على العمالة الأجنبية في البلاد بغرض إحلالها بمواطنين سعوديين للقضاء علي البطالة بالمملكة.
رفع نسبة التوطين
وفي هذا السياق قررت وزارة العمل السعودية، في مارس الماضي رفع نسب التوطين في الشركات العاملة في البلاد بهدف خفض نسبة البطالة بين السعوديين.
وسيبدأ تطبيق القرار الجديد اعتبارا من 3 سبتمبر القادم؛ ويختلف تعديل النسب بحسب أحجام المنشآت ونوع النشاط.
ووضع التنظيم الجديد لنسب التوطين للأنشطة الاقتصادية في برنامج “نطاقات”، قطاع التشييد والبناء كأكثر القطاعات المطالبة بتعديل نسب توطين العمالة للحصول على مزايا النطاق البلاتيني.
ويشمل برنامج نطاقات ست فئات لتصنيف الفئات البلاتينية والأخضر المرتفع والمتوسط والمنخفض للشركات التي تعين نسبا مرتفعة من السعوديين.
وتحصل تلك الشركات على مميزات من وزارة العمل لاسيما فيما يتعلق بتراخيص العمالة.
فرض عقوبات
أما الشركات التي تفشل في توظيف العدد الكافي من المواطنين فتندرج ضمن الفئتين الأصفر والأحمر، وتفرض وزارة العمل على تلك الشركات عقوبات ولا تسمح لها بتجديد تأشيرات العمل أو الحصول على تأشيرات جديدة.
رسوم شهرية
ومن بين هذه الخطوات، تنوي الحكومة السعودية أيضا فرض رسوم شهرية على العمالة الوافدة، بواقع 400 ريال (106.7 دولاراً) خلال 2018 لترتفع إلى 600 ريال (160 دولاراً) في 2019 وتصل إلى 800 ريال (213.3 دولارا) في عام 2020.
وسيتم فرض رسوم على المرافقين للعمالة الوافدة في السعودية بنحو 100 ريال (26.7 دولاراً) عن كل مرافق شهرياً اعتباراً من يوليو 2017، ترتفع 100 ريال شهرياً كل عام حتى تصل 400 ريال (106.7 دولار) شهريا عن كل مرافق في 2020.
مذكرة تفاهم
وضمن الإجراءات الحكومية، وقعت وزارة العمل والسعودية، 24 أبريل الجاري، مذكرة تفاهم مع هيئة النقل العام في البلاد لتوطين مكاتب تأجير السيارات.
وأصدر وزير العمل السعودي في 20 أبريل الجاري، قراراً وزارياً بقصر العمل بالمراكز التجارية المغلقة (المولات) في المملكة، على السعوديين والسعوديات فقط.
وكانت المملكة أصدرت قراراً مماثلاً العام الماضي، بقصر العمل في مراكز الاتصالات على المواطنين فقط، وفرضت عقوبات بحق أرباب العمل المخالفين.
تراجع عدد الأجانب.
ونتيجة لما تم تطبيقه من تلك الإجراءات، تراجع عدد العاملين الأجانب في القطاع الخاص السعودي بنسبة 0.4% ونحو 36141 عاملًا، بنهاية فبراير/شباط الماضي إلى 8.452.776 مليون عامل.
وبلغ عدد العاملين الأجانب في القطاع الخاص السعودي، نحو 8.488.917 مليون عامل، نهاية يناير/كانون الثاني السابق عليه، بحسب تقرير المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية (حكومي)، صدر الخميس الماضي.
وكان محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أحمد الخليفي، قال أمس الأحد، إنه سيتم توطين الوظائف الفنية والقيادية في شركات التأمين، بعد الانتهاء من توطين وظائف إدارات مطالبات المركبات وإدارات العناية بالعملاء.
وأشار الخليفي في كلمته بإفتتاح “ندوة التأمين السعودي الرابعة”، أن نسبة التوطين بشركات التأمين وإعادة التأمين حاليا 58%.
وكانت “مؤسسة النقد” قد ألزمت شركات التأمين بتوطين وظائف ادارات مطالبات المركبات وإدارات العناية قبل 2 يوليو/تموز القادم.
ارتفاع البطالة
قال محمد العمران الرئيس التنفيذي لشركة أماك للاستثمارات (خاص)، إن السبب في ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين في آخر ربعين، هو تغير السياسات المتبعة من قبل وزارة العمل.
وأضاف في اتصال هاتفي مع “الأناضول”، أن الوزير السابق “مفرج الحقباني” كان يسير وفق إستراتيجتين، الأولى برنامج نطاقات الموزون ،الذي يجبر القطاع الخاص على تعيين السعوديين بنسب محددة، إضافة إلى رفع تكلفة العمالة الأجنبية التى تجبر القطاع الخاص على توظيف السعودي.
وزاد: “الوزير الجديد “علي الغفيص” بعد أن تولى منصبه قام بشبه إلغاء لبرنامج نطاقات، واكتفى فقط بالإستراتيجية الأخرى وهي رفع تكلفة العمالة الأجنبية التي تم إقرارها في برنامج التوازن المالي السعودي نهاية العام الماضي”.
وعليه توقع العمران، معدلات بطالة أعلى بين السعوديين خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن عمليات تسريح العمالة الوطنية في القطاع الخاص حدثت مؤخرا وبأعداد كبيرة.
الإنفاق الحكومي
من جهته، قال مازن السديري رئيس قسم الأبحاث في شركة الراجحي المالية (خاص)، أن ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين في آخر ربعين يعود لانخفاض الإنفاق الحكومي في البلاد.
وقال في اتصال هاتفي مع “الأناضول”، إن ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين كان متوقعاً، لكنه مرشح للاستقرار أو الارتفاع بوتيرة أقل خلال الفترة المقبلة.
وعبر عن تفاؤله لمعدلات البطالة خلال الفترة المقبلة، في ظل توقعه ارتفاع الإنفاق الحكومي خلال الفترة المتبقية من العام الجاري.
وفي مؤشر لتحسن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان في 23 أبريل الماضي، إن نتائج الربع الأول لعام 2017 لأداء الميزانية العامة للدولة، تُظهر أن العجز بلغ 26 مليار ريال (6.93 مليار دولار).
جاء تصريح الوزير، بالتزامن مع أصدار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، عدة أوامر ملكية، بينها إعادة جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين.
وقال “الجدعان”: “الأوامر الملكية ستنعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد السعودي على المدى القريب، عبر الزيادة في حجم السيولة، وتعزيز القوة الشرائية، ودعم النشاط الاقتصادي”.
وخفض مجلس الوزراء السعودي، في سبتمبر الماضي من مزايا موظفي الدولة، وقرر إلغاء بعض العلاوات والبدلات والمكافآت، وخفض رواتب الوزراء ومن في مرتبتهم بنسبة 20%، كما خفض مكافآت أعضاء مجلس الشورى (البرلمان) بنسبة 15%.
البطالة والنفط
وتفاقم معدل البطالة بين السعوديين بالتزامن مع تراجع أسعار النفط، المصدر الرئيس لدخل البلاد، وما تبعه من خفض للإنفاق الحكومي.
وتراجعت أسعار النفط الخام، على نحو حاد منذ منتصف 2014 من 120 دولاراً للبرميل، إلى 27 دولاراً مطلع العام الماضي، قبل أن تصعد إلى رقم يدور حول 50 دولاراً في الوقت الحالي.
وتضررت إيرادات السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، بتراجع أسعار الخام ما أدى إلى خفض الإنفاق الحكومي الذى دفع بدوره العديد من شركات القطاع الخاص لتسريح عمالة سعودية وأجنبية.
حظر الفصل للسعوديين
ولمواجهة الظاهرة، قرر وزير العمل السعودي علي الغفيص، في يناير الماضي، حظر فصل السعوديين من العمل بشكل جماعي، وإيقاف الخدمات عن المنشـآت المخالفة.
وأعلنت الرياض نهاية العام الماضي، موازنة 2017 بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال (237.3 مليار دولار)، وبعجز مُقدر قيمته 198 مليار ريال (52.8 مليار دولار).
وبحسب مسح “الأناضول”،ارتفع معدل بطالة السعوديين إلى 12.3% نهاية العام الماضي، من 12.1% في الربع الثالث من العام ذاته، فيما كان 11.6% نهاية 2015.
ويتعارض ذلك مع خطط الدولة الهادفة إلى خفض معدل البطالة بين مواطنيها إلى 7% في 2030، وإلى 9% بحلول 2020 عبر برنامج الإصلاح الاقتصادي “التحول الوطني”.
وتسعى الدولة عبر “التحول الوطني” إلى توفير 450 ألف وظيفة للسعوديين، وإحلال 1.2 مليون وظيفة بالمواطنين بحلول 2020.
الهيئة العامة
وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية (حكومي) بنهاية 2016، يبلغ عدد المشتغلين السعوديين في القطاع الخاص 1.68 مليون موظف، يشكلون 16.5% من الإجمالي، فيما الأجانب 8.49 مليون (83.5%)، من إجمالي المشتغلين بالقطاع البالغ 10.17 مليون.
وفي القطاع الحكومي، يبلغ عدد المشتغلين السعوديين، 1.38 مليون موظف، يشكلون قرابة 94% من الإجمالي، فيما الأجانب نحو 92 ألف (6%)، من إجمالي المشتغلين بالقطاع البالغ 1.47 مليون.
ووفقاً لأرقام الهيئة، يُشكل السعوديون 26.3% (3.06 مليون) من العاملين في البلاد (حكومي وخاص)، فيما الأجانب 73.7% (8.58 مليون)، من الإجمالي 11.64 مليون.
ويبلغ عدد الباحثين السعوديين عن عمل 917.6 ألف مواطن، بنهاية العام الماضي، 80.6% منهم إناث، بحسب المصدر ذاته، فيما وتقول الهيئة أنه ليس كل باحث عن العمل يُعد عاطلا، فيما لم تفصح عن عدد العاطلين.