يوم الأربعاء الماضي، قال خليفة حفتر القائد العسكري في شرق ليبيا، إن قواته سيطرت بالكامل على بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية، من جماعات مسلحة منافسة بعد حملة استمرت ثلاث سنوات.
وقال «حفتر» وهو يرتدي الزي العسكري في كلمة بثها التلفزيون «تزف إليك اليوم قواتك المسلحة بشرى تحرير مدينة بنغازي من الإرهاب تحريرًا كاملا غير منقوص وتعلن انتصار جيشك الوطني في معركة الكرامة ضد الإرهاب».
وبحسب «القدس العربي»، يحظى «حفتر» بدعم من قوى خارجية منها مصر والإمارات، وأقام روابط أوثق مع موسكو. ولم يخف حفتر طموحاته لدخول طرابلس لمواجهة منافسين هناك يصفهم بأنهم «متشددون إسلاميون».
من جانبه، هنأ رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، الخميس، الشعب الليبي، وبالأخص في بنغازي، بعودة الحياة الطبيعية للمدينة، وانتهاء سنوات من «المعاناة»، بعد يوم واحد من إعلان خليفة حفتر، سيطرة قواته على كامل المدينة.
الأهمية العسكرية لـ«بنغازي»
بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا سكانًا، وهي أكبر مدينة في إقليم برقة والعاصمة المشتركة السابقة للبلاد حسب دستور استقلال ليبيا العام 1951، تطل على ساحل البحر المتوسط.
وبنغازي ثاني أكبر المدن الليبية حجما بعد العاصمة، وتبعد ألف كيلومتر من طرابلس جهة الشرق، وفيها ميناءان بحريان ومطار بنينة الدولي الذي تعرض مدرجه للتدمير في بداية الثورة الليبيبة.
كما يوجد فيها قاعدة عسكرية كبيرة ومستودع ضخم للسلاح والذخائر، إلى جانب قاعدة جوية عسكرية.
وسيطرت قوات «حفتر» مؤخرا على مدن وبلدات في منطقة الجفرة قريبا من سرت، كما سيطرت في مارس الماضي على مواقع عسكرية قرب مدينة سبها جنوبي البلاد.
ويهدد اللواء المتقاعد منذ مدة بنقل الحرب إلى العاصمة طرابلس، وقد أمهل حكومة الوفاق ستة أشهر لحل الأزمة في البلاد وإلا أمر «الجيش» بالتدخل.
ماذا بعد بنغازي ؟
كما أشرنا سابقًا فقد هدد «حفتر» بنقل الحرب إلى العاصمة الليبية طرابلس، وهو ما أكده في خطاب السيطرة على بنغازي، ولم يُخفِ طموحاته لدخول طرابلس لمواجهة حكومة الوفاق وطردها من هناك.
وطرابلس، هي عاصمة ليبيا ومقر الحكم، وفيها مطار دولي ومركز التلفزيون الحكومي، وتنتشر فيها كتائب أمنية تابعة للقذافي، كما تتركز فيها القواعد العسكرية المختلفة.
تتمتع المدينة بموقع جغرافي هام جعل منها مركزًا اقتصاديا وسياسيا وسياحيا ذا أهمية عالية، إذ تقع على مرتفع صخري مطل على البحر الأبيض المتوسط ومحاذٍ للسواحل الإيطالية، ويزيد تعداد سكانها على 1.1 مليون نسمة، وتمتاز بتنوع سكاني من مختلف القبائل الليبية.
يوجد بالمدينة باب العزيزية وهو المقر الرئيسي للزعيم معمر القذافي، وهو القاعدة العسكرية الأكثر تحصينا، وفيها بيت القذافي وعدد من الثكنات العسكرية والأمنية.
دعم مصري إماراتي
وفي مقاله له على موقع «ميدل إيست آي»، قال الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست: «إن مصر والإمارات تعملان على اقتطاع دويلة تابعة لهم في المناطق النفطية في شرق ليبيا، بينما ينهمك باقي الليبيين في قتال تنظيم الدولة».
وأضاف: «فنظرًا للتقارب السابق بين حفتر والنظامين المصري والإماراتي لم يُستبعد أن يكون لهما دور في التحركات الأخيرة التي قامت بها قوات حفتر ضمن ما يسمى عملية “البرق الخاطف”، وسيطرت خلالها على منطقة الهلال النفطي، إذ تمت العملية بـ”غطاء سياسي من النظام المصري وبضوء أخضر إماراتي”».
وتابع: «القاهرة وأبو ظبي اللتان يخشيان من نفوذ أوسع لدول إقليمية وقوى أسلامية في حال سيطرت حكومة الوفاق على الأوضاع في ليبيا، عقدتا لقاءات عدة بالقاهرة حضرها مسؤولون من الطرفين مع معسكر طبرق، وذلك بهدف الترتيب لتحركات حفتر الأخيرة».
هيرست أكد أن النظام المصري يطمع بالحصول على حصة من الموارد النفطية الليبية، لذلك لم يكن موقف مصر مستغربًا عندما عجل وزير خارجية مصر سامح شكري بإعلان تأييد بلاده التام لتحرك قوات حفتر نحو الهلال النفطي، معتبرًا أن ذلك جاء لـ «للحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد، وتأمين الثروات البترولية».
وأضاف «هيرست»: «أما الإمارات، فقد تحركت بشكل عملي أكثر في دعم حفتر، فتحملت كافة تكاليف تمويل القوات الأجنبية الفرنسية والبريطانية المتواجدة في شرق ليبيا وجنوبها، فالتواجد الفرنسي القائم في شرق ليبيا بحجة مكافحة الإرهاب، و بدعم لوجستي مصري هربت له أسلحة بجهود إماراتية، ويكشف تقرير للأمم المتحدة أن عمليات تهريب السلاح الإماراتية لا تقتصر على نقل الذخائر والسلاح فقط، بل حولت طائرات مقاتلة مصرية وعتاد عسكري إلى مدينة طبرق أيضًا».