شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

عهد جديد في مصر مع أول رئيس من الإسلاميين – لون لوين و يوفال

عهد جديد في مصر مع أول رئيس من الإسلاميين – لون لوين و يوفال
  ترجمة: صفاء مسعود   يرى البعض أن تدهور الاقتصاد...

 

ترجمة: صفاء مسعود
 
يرى البعض أن تدهور الاقتصاد المصري في اتجاه كارثة اقتصادية سيضع مصر أمام الحاجة الضرورية لإيجاد حل دراماتيكي لهذا الواقع.
 
ويرى آخرون أن الانتخابات الرئاسية المصرية والتي فاز فيها مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي هي مدماك آخر في عملية سيطرة حركة الإخوان المسلمين على أرض الفراعنة.
 
وفي الحقيقة في منظور أوسع لتوصيف عملية نقل الصلاحيات من النخبة العسكرية الحاكمة في مصر منذ ستين عاما إلى رجال المعارضة الإسلامية والتي تعتبر الحركة الوحيدة التي شكلت بديلا في مصر على مدى هذه السنوات والتي تعرض الناشطين فيها للملاحقة والقمع من قبل الرؤساء المصرين منذ عام 1952.
 
كذلك الجمهور المصري في غالبيته غاضب من استمرار سلطة النخبة العسكرية والتي يعتبرها استمرارا مباشرا لسلطة مبارك، بيد أنه في الوقت الذي عانى فيه ممثل النخبة أحمد شفيق من ابتعاد المقترعين العلمانيين في الانتخابات انطلق المنتخبون المتدينون بجماهيرهم إلى صناديق الاقتراع.
 
ومن يحاول أن يرسم التساوي بين الجمهور العلماني في مصر والجمهور الديني لا بد أن يتبين أن الجمهور المتدين المصري بدا أكثر تبلورا وتركيزا على الهدف وأنه متحد نسبيا على الرغم من كثرة المرشحين للرئاسة، بينما الجمهور العلماني اعتاد على الأقل في جزء منه على فكرة  الحياة تحت نظام إسلامي.
 
وعلى الرغم من الاحتفالات والجو التاريخي لميدان التحرير فإن النخبة العسكرية لم تنقل صلاحيات حقيقية إلى مرسي وليس من الواضح على الإطلاق متى ستفعل ذلك.
 
والاكثر من ذلك ان المجلس العسكري الذي يقف على رأسه الجنرال طنطاوي يحرص على أن تحدد المكانة العليا للنخبة في الدستور.
 
خلاصة الأمر أن مصر 2012 هي بلا شك دولة أغلب سكانها يريدون نظاما إسلاميا لكن عمليا بقيت الدكتاتورية تحت الزعامة العسكرية.
 
في الحقيقة من حاول إجراء تلخيص للتطورات خلال عام ونصف مضت أي منذ إقصاء مبارك سيتوصل إلى السطر الأسفل وهو ان بعض النخب يرون ان مصر أصبحت أكثر فقرا مما كانت عليه والإسلام أصبح أكثر حضورا في الساحة السياسية وان الأمل الذي انتعش في ساحات التحرير في بداية 2012 حل محله اليأس والشكوك المتزايدة والمتصاعدة.
 
فاتداعيات التطورات في مصر دراماتيكية على المستوى الوطني وعلى المستوى الإقليمي وإلى حد معين على المستوى العالمي.
 
مصر الفقر واليأس
 
 عشية تنحية مبارك كانت مصر دولة فقيرة تطعم بصعوبة كبيرة سكانها، مظاهرات الخبز التي تواصلت في السنوات الأخيرة وصلت إلى ذروتها خلال الأيام التي سبقت تنحيته.
 
ومن الأهمية الإشارة إلى هذه النقطة سواء كنقطة توتر اقتصادي قبيل التدهور أو على ضوء حقيقة أن الواقع المصري وقبل فقدان الاستقرار كان صعبا. وخلال العام ونصف الأخير فقدت مصر قسما من مصادر الدخل الهامة –السياحة مصدر الدخل الأجنبي الرئيسي لمصر والتي ضعفت بشكل ملحوظ. والأموال الأجنبية التي استثمرت في مصر قلت هي الأخرى.
 
مصر أوقفت بيع الغاز الطبيعي إلى إسرائيل وذلك في نطاق جهد كما يبدو للضغط على إسرائيل من أجل التوقيع على عقد واتفاق للدفع بأسعار مرتفعة. ولكن عمليا الأسباب السياسية وفقدان السيطرة على سيناء هما اللذان حالا دون استمرار تدفق الغاز.
 
فالاقتصاد الإسرائيلي تضرر خلال عامي 2011 و2012، لكن يبدو أنه في عام 2013 ومع تدفق الغاز من حقل تمار ستعود إسرائيل إلى التمتع باستخدام الغاز.
 
لمصر بقي مصدرين هامين للدخل وهما المساعدات الأمريكية والعائدات من قناة السويس (1).
 
الانكسار الاقتصادي العميق جدا يعزز من حالة اليأس في الشوارع، من ناحية النخبة العسكرية فإن النظام السياسي الحالي هو مريح نظرا لأن الإخوان المسلمين وممثلهم مرسي يقفان الآن كحاجز بين الجمهور الغاضب وبين المجلس العسكري الأعلى لذا الجيش سيدعى بين الحين والآخر من أجل فرض النظام ويمكن أن يعيد لنفسه الصورة الإيجابية التي كان يتمتع بها سابقا.
 
بينما سيتحمل الإخوان المسلمين النار أو جزءا منها على الأقل وسيشعرون لأول مرة بالمسؤولية التي تفرضها عليهم السلطة. الزعامة في مصر إذن يتعين عليها البحث عن الطريق من أجل الخلاص من الوضع الصعب.
 
في السبعينات وعندما خنقت الأزمة الاقتصادية المصريين أدرك السادات بأن الاقتراب فقط من الأمريكان ووقف الحرب مع إسرائيل سيسمح لمصر بالبقاء.
 
اتفاقية السلام منحت السادات مساعدات أمريكية كبيرة جدا سنويا وأعادت إلى مصر حقول النفط والغاز الطبيعي وقد ساعد ذلك أيضا على خفض العبء الأمني على الاقتصاد المصري ووفر فرص اقتصادية جديدة بما في ذلك تطوير السياحة بل وعقد صفقات مع إسرائيل وهي فرصة لم تستغل في نهاية المطاف وبشكل كامل.
 
إسرائيل الخوف المتزايد من التصعيد
 
في إسرائيل يفحصون ما يحدث خلف الحدود الجنوبية بعيون لا تبصر، الرغبة بالتمسك باتفاقية السلام والتي كان ثمنها الأمني والاقتصادي والسياسي مرتفعا جدا بالنسبة لإسرائيل من جهة ولأن تداعيات فقدان هذه الاتفاقية على قطاعات واسعة في السياسة الإسرائيلية من الناحية الثانية يبعد الحكومة الإسرائيلية عن الرد عسكريا على الخروقات السافرة والمتكررة للسيادة الإسرائيلية.
 
إطلاق الصواريخ من سيناء وعمليات التوغل من جانب مايطلقون عليهم المخربين وإغراق الدولة بالمتسللين والسموم والسلاح مرت حتى الآن دون أي رد إسرائيلي.
 
كما أن تهريب السفير الإسرائيلي من القاهرة دون أي محاولة تقريبا للحيلولة دون ذلك من جانب السلطات حتى اللحظة الأخيرة كان خرقا سافرا لمفهوم السلام مع مصر، لكن في إسرائيل اختاروا التزام الصمت والسكوت.
 
استمرار تعزيز الإسلام في المنظومة السياسية في مصر يجد إسرائيل تقريبا عاجزة على ضوء هذه التطورات، الشعور هو أنه ولأول مرة منذ السبعينات بحدوث صدام عسكري مع الخصم الأكبر الرابض في الجنوب يتحول إلى إمكانية تلزم إسرائيل اتخاذ إجراءات وخطوات وفي نفس الوقت أيضا دراسة الصورة كما هي.
 
وخلافا لسوريا التي تناسب جيشها في الغالب مع مهمة قمع الطائفة السنية دون صدام مع جيش معاصر فإن الجيش المصري هو جيش عصري وهو أكبر حجما.
 
دلالة ذلك أن لدى مصر خيار عسكري في مواجهة إسرائيل إذا ما اختارت الزعامة المصرية اختباره وتجربته.
 
في ذات الوقت ليس لدى مصر في الوقت الحاضر خيار اقتصادي لشن حرب باهظة الثمن مع إسرائيل حرب قد تكلفها المساعدات الأمريكية وفقدانها الدخل من قناة السويس والإضرار وبشكل خطير بالسياحة المحققة للدخل وهذا قبل أن تدرس أضرار الحرب نفسها
 
بعبارة أخرى إعلان الحرب من جانب مصر على إسرائيل في هذه النقطة الزمنية وغياب بديل اقتصادي سيشكل انتحارا اقتصاديا بالنسبة لمصر على الأقل.
 
الزعامة المصرية تخشى فقدان المساعدات الأمريكية والتداعيات الاقتصادية المختلفة لذلك تحرص على خطاب معتدل نسبيا وهكذا فإنه عندما يتصاعد الحماس ضد إسرائيل فإنها كثيرا ما تكون مصحوبة بخطابات ورسائل مطمئنة.
 
تجربة الماضي القريب تدلل على أنه ينبغي أن نتعامل بتحفظ مع تلك الرسائل المطمئنة-طوال سنوات التسعينات دأب ياسر عرفات على استخدام عبارة سلام الفرسان باللغة الإنجليزية والحديث عن مليون شهيد ينطلقون باتجاه القدس باللغة العربية.
 
الآن صحيح أن هذه الرسائل مطمئنة في الوقت الحاضر تتردد في مصر لكن دراسة مسار الأحداث في مصر في السياق الإسرائيلي محاولة العبث بالسفارة الإسرائيلية التي توقف فقط بضغط أمريكي في اللحظة الأخيرة وإطلاق الكاتيوشا من سيناء وعمليات التوغل العنيفة من شبه جزيرة سيناء انتهت بسقوط قتلى في الطريق السريع رقم 12 في حالة واحدة بينما الحالات الأخرى حيل دون وقوع قتلى بأعجوبة.
 
وكذلك سلسلة الهجمات التي نفذت ضد أنبوب تدفق الغاز إلى إسرائيل. كل هذا يثبت أن مشاعر الجو العام في مصر والشارع تسيطر عليها وإلى حد كبير في هذه الدولة خلال العامين الأخيرين موجة عداء سافرة لإسرائيل.
 
الدعوى إلى الحرب مع إسرائيل في أيام مبارك رد عليها بإجابة أن مصر حاربت إسرائيل بما يكفي وليس من مصلحتها أن تفعل ذلك مرة أخرى. أما الصيحات التي تتردد الآن للحرب ضد إسرائيل بقيت دون إجابة تقريبا.
 
أوباما يحاول تشكيل شرق أوسط جديد
 
عدم الفهم الأمريكي للشرق الأوسط وصل إلى مشاهد سخيفة في فترة رئاسة أوباما هذا على ضوء المديح الذي كاله لمرسي وخلافا لحالة الفتور التي كان يعامل بها مبارك.
 
الولايات المتحدة هددت الجيش المصري أن لا يحاول القيام بإجراء ويتدخل في نتيجة الانتخابات (3).
 
بعد الإعلان عن النتائج هنأ أوباما مرسي وأكد على الالتزامات الأمريكية لمصر مضيفا أنه يعتبر انتخاب مرسي خطوة أخرى على طريق الديمقراطية في مصر (4).
 
وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون نقل عنها قولها بأنها تهتف بالعملية الانتخابية في مصر، وبأنها تؤمن أن مصر في طريقها إلى الديمقراطية.
 
في واشنطن يدركون إلى حد ما أن مصر تقف على عتبة كارثة اقتصادية لذلك يحاولون دعم الدولة لكنهم ينسبون العلاقات بين سقوط نظام مبارك وحالة صعود الإسلام السياسي في السلطة وبين الانهيار الاقتصادي الذي تواجهه مصر.
 
مصر الجديد هي دولة مهتمة فقط بتعزيز العلاقات مع الأمريكان من أجل ضمان استمرار حجم المساعدات الذي يبلغ 1.3-1.5 مليار دولار في السنة، وكذلك أموال أخرى فوق العادة، في وقت تدرس فيه مصر تفعيل دورها الإقليمي الجديد واحتمال أن تقيم علاقات قريبة مع دول عربية أخرى التي أهملت على مدى سنوات،
 
وداعا أبو مازن وسلاما لهنية
 
إضافة إلى التغييرات التي شهدتها حركة حماس في السنوات الخمس الأخيرة بما في ذلك طرد خالد مشعل من دمشق وتداعيات صفقة شاليط على شعبية الحركة في صفوف الفلسطينيين جاء التغيير الآخر في مصر الذي دق إسفينا في نعش الاسرائليين. وفي غزة يأملون أن تتحرر التجارة مع مصر تماما وأن تنتقل البضائع بشكل حر بين قطاع غزة ومصر.
 
معنى ذلك هو زيادة التخوغ من تدفق ودخول السلاح إلى قطاع غزة بما في ذلك سلاح متطور لم يظهر في الساحة حتى الآن إلى جانب القضاء على صناعة الأنفاق لعدم أهميتها.
 
الخوف من هذه العملية التي تم التطرق إليها في الدراسة المنشورة “الأوضاع في الجنوب” في عدد مارس 2012 هو من ارتفاع استخدام القوة من جانب لجان المقاومة الشعبية الذين يعتمدون على  الأنفاق ومن جانب الجهاد الإسلامي التي تسعى إلى إضعاف حماس ونقل التركيز العالمي من سوريا إلى قطاع غزة.
 
حركة حماس من جانبها ستحاول أن تدلل لإسرائيل وخصومها في غزة على قوتها في لحظة أن تشعر أنها راكمت بما فيه الكفاية من وسائل القتال الجديدة.
 
في الماضي كانت حماس أكثر تشددا وعدائية تجاه إسرائيل وبعد طرد المنظمة من دمشق وعلى ضوء عدم دعم الأسد انتقل النفوذ إلى القاهرة والمجلس العسكري الأعلى حيث نجح في أن يضغط على حماس بعدم الانجرار وراء القيام بعمليات ضد إسرائيل وانطلاقا من مصالح مصرية داخلية.
 
الآن وبعد أن انتقلت القيادة وبشكل بطيء إلى قيادات اسلامية فإن حركة حماس قد تتحول إلى الذراع الأكثر نشاطا من جانب مصر ضد إسرائيل.
 
معنى ذلك أن اعتماد إسرائيل على أبو مازن لن يكون له أية أهمية ومن ناحية ثانية إسرائيل يمكنها أن تنقل رسائل إلى حماس عن طريق مصر بهدف منع جزء من عمليات إطلاق النار على إسرائيل وكذلك فتح إمكانية للحوار.
 
خلال السنة الأخيرة ألمح في مصر أنها تريد أن تتحرر من التبعية للأمريكان لكنها تحتاج إلى بديل.
 
من وجهة نظر الدول الرئيسية فإن مصر في عهد الإخوان المسلمين قد تتحول إلى ساحة صراع جديدة ودراماتيكية في مواجهة التكتل الديمقراطي بعد أن فقدت ليبيا وبرهنت على قدرتها في كبح التدخل الأجنبي في سوريا بعيدا، روسيا والصين لكل واحدة منهما على حدا أو كلاهما قادرتان الآن أن تعرضا على مصر مساعدات اقتصادية وسلاح حديث.
 
مثل هذه الخطوة ستكون لها تداعيات بعيدة الأثر على الميزان الجيوبوليتيكي في المنطقة ويبدو أن ذلك سيبقى في إطار التهديد فقط.
 
الرئيس الأمريكي القادم قد يجد نفسه في وضع معقد بل وغير  ممكن في مصر  خلال السنوات القادمة وهو نتاج مباشر للسياسة الأمريكية منذ بداية الاضطرابات ضد مبارك.
 
وخلافا للوضع في تركيا حيث أن الجيش هناك قوي وموالي للغرب والرئيس إسلامي يبدي مواقف أكثر مركزية فإن مصر بعد مبارك الجيش يتبنى خطا مواليا للولايات المتحدة لكنه يتذكر جيدا ألم الإقصاء المهين لمبارك، والرئيس الذي حظي بدعم من الولايات المتحدة هو إسلامي والذي بكل تأكيد لن ينتظر ويتريث قبل البحث عن بديل لواشنطن.
 
على المدى الزمني القصير وإلى أن تتخذ الدول الرئيسية خطوة على مستوى إستراتيجي فإن البديل الأمريكي بالنسبة لمصر هو دول النفط الغنية لكن إذا ما توصلت مصر وهذه الدول إلى تسوية دائمة يتم بموجبها تقديم مبلغ 1.5 مليار دولار في السنة وكذلك حزم مساعدات أخرى عند الضرورة فإن السياسة المصرية ستكون خاضعة وإلى حد كبير لإملاءات الرياض وأبو ظبي والدوحة.
 
مصر إذن تقف أمام عدة إجراءات
 
الأول: محاولة التوجه للحصول على مساعدات دائمة من دول الخليج على حساب الابتعاد عن الولايات المتحدة حيث من الجائز في المستقبل أن تتعزز العلاقات مع الدول المركزية الرئيسية انطلاقا من فكر براجماتي.
 
أما الإجراء الثاني فهو أن الوضع الاقتصادي في مصر قد يدفعها إلى مغامرات عسكرية ليس فقط في مواجهة إسرائيل.
 
الإجراء الثالث هو أن النفوذ المصري على حماس سيدفع تلك الحركة إلى قمع المنظمات الأخرى وعلى الأخص الموالية لإيران وفي وقت واحد العودة إلى المواجهة ضد إسرائيل.
 
 الإجراء الرابع وهو أن يلوح في الأفق المصري خطر الحرب الأهلية التي ستلزم جميع الأطراف الحفاظ على عدم فقدان السيطرة.
 
المجلس العسكري الأعلى سيسعى للحفاظ على الهيمنة والتخلص من الضغط الشعبي بينما الإخوان المسلمين فيتطلعون لتعزيز موقفهم لكن والإحجام عن أي وضع قد يؤدي إلى خسارتهم لما حققوه مثل إعادة السيطرة على الجيش.
 
 
لون لوين ويوفال بستان باحثان بمركز الدراسات المركزة بأمريكا


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023