شهدت الساحة المصرية تعديلات مثيرة للجدل بين قيادات رفيعة المستوى بوزارة الداخلية العليا، يوم السبت، وجاء ذلك بعد أسبوع فقط من وقوع هجوم هو الأعنف، خلال السنوات الأخيرة، على قوات الأمن والذي راح ضحيته ما لا يقل عن 16 شرطيا، على طريق الواحات خارج القاهرة، حسبما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
ووفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أجرت السلطات في مصر تعديلا كبيرا داخل صفوف قوات الأمن، مما أدى إلى إطاحة 12 من كبار قيادات الشرطة والجيش من مواقع حساسة، بعد أسبوع فقط، من الكمين الذي نصبه مسلحون، ولم تعط البيانات القصيرة التي أصدرتها الشرطة والجيش أي إشارة إلى أسباب تلك التعديلات.
إلا أن مسؤولين أمنيين مصريين قالوا إن عملية إعادة التنظيم تلك جاءت نتيجة الهجوم المدمر الذى استهدف مأمورية للشرطة في الصحراء الغربية، يوم 20 اكتوبر، ورفض مسؤولو الأمن الكشف عن أسمائهم، لانهم غير مسموح لهم بالحديث إلى الصحافة.
وشملت البيانات الرسمية إقالة محمود حجازي رئيس أركان الجيش، و 11 لواءا من الشرطة، بمن فيهم مدير أمن الجيزة، وهي المنطقة التي وقع فيها الهجوم، ورئيس جهاز المخابرات التابع للأمن الوطني، وقال البيان العسكري أن حجازي، الذي تزوجت ابنته من ابن عبد الفتاح السيسي، عين في منصب جديد كمستشار في إدارة الأزمات لرئيس الجمهورية.
وذكرت «نيويورك تايمز» أثار هجوم الواحات حملة انتقادات عامة واسعة على ضعف الحكومة ضد العنف المسلح وأداء الأجهزة الأمنية الهزلي، وفي الأيام التي أعقبت الهجوم، نفى المسؤولون المصريون بشدة التقارير الإخبارية التي تشير إلى عدم وجود تنسيق بين الوكالات وفشل المخابرات في حماية أبناء الشرطة.
وبدأت حملة السيسي ضد الجماعات الإرهابية المسلحة في يوليو 2013، بعد فترة وجيزة من الإطاحة بمحمد مرسي، عبر إنقلاب عسكري، وتجري معظم أعمال العنف في النصف الشمالي لشبه جزيرة سيناء، حيث يوجد تنظيم تابع لتنظيم الدولة الإسلامية، أو ما بات يعرف بتنظيم داعش.
وذكرت الـ«نيويورك تايمز» أن الجماعات المسلحة قد وسعت نطاق أهدافها هذا العام لتشمل الأقباط في مصر، وشن عدة هجمات ضد الكنائس والمنازل المسيحية في جميع أنحاء البلاد، وقال عدد من الضباط الشباب أن الهجوم أضر بالروح المعنوية، وأتهم بعضهم وزارة الداخلية بالفشل فى تقديم الدعم الكافى لزملائهم القتلى.
وقال أحمد كامل البحيري، الباحث الأمنى في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، والموالي للدولة، إن «يمكننا أن نقول ان هذا التصعيد كان اساسا لاسترضاء الناس وشرائح معينة داخل الشرطة» وأضاف أن «هذا التغيير يشمل رئيس أركان القوات المسلحة، مما يعني أنهم يحاولون تغيير استراتيجيتهم ضد الارهاب بسبب الهجمات الأخيرة».
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولون أمنيون تصريحهم بأن الهجوم الذي وقع في كمين نصبه السملحون، قد أسفر عن مقتل أكثر من 50 شرطيا، ولكن وزارة الداخلية المصرية أصرت على أن 16 شخصا توفوا فقط، وتحدث المسؤولون بشرط عدم ذكر اسمائهم خشية الانتقام، ولا يمكن التأكد من الأرقام المتضاربة المقدمة.
ونشرت العديد من المواقع الإخبارية المحلية ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بعض أسماء رجال الشرطة الذين قتلوا، وكان ما لا يقل عن 12 من الأسماء المذكورة لم تكن مدرجة في القائمة الرسمية للضحايا، التي جاءت في بيان التي أصدرته وزارة الداخلية بأسماء القتلى في الهجوم.
وقال المسؤولون إن الضباط القتلى كانوا فى طريقهم لمهاجمة ما يعتقد أنه مخبىء لمسلحون فى الصحراء الغربية، وذلك بناء على معلومات استخباراتية، اتضح لاحقا أنها كانت خاطئة، وعندما اقتربوا من الهدف، قام المسلحون باقتحام موكب الشرطة وبادروا بإطلاق قذائف صاروخية.
وذكرت الصحيفة أن جماعة «حسم» الإرهابية، التي ظهرت العام الماضي، مسؤوليتها عن الهجوم الذي كان الأكثر دموية منذ سنوات لاستهداف الشرطة، إلا أن خبراء شككوا فى صحة الادعاء وقالوا إن الهجوم كان على الأرجح من مسلحون تابعون لتنظيم الدولة الاسلامية، داعش، لأنهم قاموا باستخدام الأسلحة الثقيلة.
وذكرت «نيويورك تايمز» أن الصحراء الغربية باتت منذ فترة طويلة موطنا للمهربين والمسلحين من جميع أرجاء مصر، كما تربط تلك الصحراء مصر مع ليبيا التي تجاورها من الجهة الغربية، وهي دولة تحكمها حكومة غير شرعية وتستقبل مجموعات متنوعة من الجماعات الإسلامية المسلحة، بما في ذلك مقاتلو الدولة الإسلامية، غير أنه لم يكن هناك أي اعلان آخر عن تحكل مسؤولية الحادث من أي جماعة اسلامية اخرى.