شهدت الساعات القليلة الماضية تصفيّة نفّذها الملك سلمان بن عبدالعزيز، العاهل السعودي، ونجله محمد ولي العهد؛ ضحاياها أمراء ورجال أعمال يتقلدون مناصب حساسة داخل المملكة، في خطوة اعتبرها مراقبون استكمالًا للانقلاب الناعم على الأسرة المالكة.
وأصدر الديوان الملكي السعودي مساء اليوم السبت أمرًا ملكيًا بإيقاف وزير الحرس الوطني «متعب بن عبدالله»، نجل الملك الراحل، وإقالته من قيادة قوات الحرس الوطني؛ وتعيين الأمير خالد بن عياف بدلًا منه.
كما تضمّنت القرارات الملكية إقالة قائد القوات البحرية السعودي عبدالله السلطان وتعيين اللواء فهد الغفيلي قائدًا للقوات البحرية السعودية، وإعفاء عادل فقيه، وزير الاقتصاد، من منصبه؛ وتعيين محمد التويجري بدلًا منه.
أيضًا، شملت الأوامر تشكيل لجنة برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تتعلق بقضايا الفساد في المال العام، إضافة إلى إنهاء خدمة قائد القوات البحرية الفريق الركن عبدالله بن سلطان السلطان؛ بإحالته إلى التقاعد، على أن يخلفه اللواء البحري الركن فهد بن عبدالله الغفيلي بعد ترقيته إلى رتبة فريق ركن.
الوليد بن طلال على رأس القافلة
وقالت وسائل إعلام سعودية إنّ الملك أمر بإيقاف عدد من كبار المسؤولين والأمراء ورجال أعمال معروفين بتهم مختلفة.
فالأمير متعب بن عبدالله أوقف بتهم اختلاسات وصفقات وهمية وترسية عقود على شركات تابعة له، إضافة إلى صفقات سلاح في وزارته، والأمير الوليد بن طلال بتهم تتعلق بالفساد، والأمير تركي بن عبدالله بتهمة توقيع صفقات سلاح غير نظامية وصفقات في مصلحة الأرصاد والبيئة.
انقلاب ناعم
ورأى زهير سالم، مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لـ«رصد»، أنّ القصر الملكي يجدّد الولاء بالإطاحة بأصحاب السلطة المالية والسياسية والإدارية والعسكرية في تحرّك يكاد يكون الأقوى بعد الإطاحة بالأميرين مقرن بن عبدالعزيز ومحمد بن نايف.
وقال زهير إنّ «الملك سلمان ونجله محمد لن يتوقفا عن استكمال الإقصاءات بأحفاد القصر الملكي؛ لضمان الولاء التام من باقي الأسرة المالكة التي تملك قوى شعبية ومالية كبرى».
واعتبر أنّ «التغييرات الأخيرة التي طالت كهوف الحكم في المملكة تعتبر انقلابًا ناعمًا تجاوز جيلًا كاملًا من أحفاد الملك المؤسِّس عبدالعزيز، جيل ولي العهد الحالي محمد بن سلمان إلى جيل أبناء الأحفاد، ويتضح هذا في التعيينات الأخرى داخل الأوامر الملكية الأخيرة».
أوّل ملامح الانقلاب
بدأت ملامح الانقلاب الناعم فجر الأربعاء 29 أبريل 2015؛ عندما استيقظ السعوديون على قرار إعفاء الأمير مقرن بن عبدالعزيز من ولاية العهد وتعيين محمد بن نايف بدلًا منه، واختيار محمد بن سلمان ولي ولي العهد.
وفي 20 يونيو 2017، اتّخذ الملك سلمان قرارات ملكية أعادت رسم خارطة النظام السعودي بأكمله، سواء على مستوى بنيته الداخلية أو فيما يتعلق بتوجهاته الخارجية؛ أبرزها الإطاحة بالأمير محمد بن نايف من منصبه وليًا للعهد واختيار ابنه الأمير محمد خلفًا له.
وأثارت القرارات جدلًا داخل الشارع السعودي وخارجه، وفرضت تساؤلات عن تفاصيل «الانقلاب» كما أسماه كثيرون، ورضوخ ابن نايف، الرجل القوي والمحنك أمنيًا، للإطاحة به وتكرار سيناريو الأمير مقرن بن عبدالعزيز.
تصعيد نجل سلمان للملكية
السياق الزمني لهذه القرارات، التي جاءت في خضم الأزمة القطرية الخليجية، وبعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية، وبتزامنها مع تسريبات السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة التي كشفت النقاب عن ملامح للمخطط السعودي الإماراتي للترويج لنجل سلمان لدى الإدارة الأميركية؛ كلها تجيب عن تساؤلات تشغل بال البعض عن دلالات هذه الأوامر ومضمونها وما يمكن أن تكون عليه السعودية في عهد الملك الجديد.