شبكة رصد الإخبارية

فايننشال تايمز: هل يستطيع محمد بن زايد تهديد تركيا؟

نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية تقريرًا حول «الصراع التركي الإماراتي»، تحدثت فيه عن موقف تركيا من اتفاق التطبيع بين الإمارات والاحتلال، والذي وصفه الرئيس التركي بـ«النفاق».
 
ونقل التقرير عن «إيميل هوكاييم» الخبير بالشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية قوله: «النزاع بات يحدد السياسات الآن في الشرق الأوسط، وهذه المنافسة يتم لعبها بشكل مفتوح وعبر جماعات وكيلة وستجذب لكل طرف لاعبين دوليين».
 
ويعتقد المسؤولون الأتراك والإماراتيون أن التطبيع هو جزء من تعميق التحالف ضد أنقرة واستعراض تأثيرها مع زيادة «حمى التنافس».
 
وتاليًا التقرير كاملًا كما ترجمه موقع «عربي 21»:
 
عندما هز الشيخ محمد بن زايد، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشرق الأوسط بالموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل لم يعترض عليه في المنطقة سوى دولتان.
كما هو متوقع، كانت إيران أولاهما. فالمتشددون في النظام الثيوقراطي عادة ما ينادون بتدمير الدولة اليهودية وينددون بالإمارات باعتبارها كياناً عميلاً لأمريكا. إلا أن رد الفعل الأشد جاء من طرف تركيا، رغم أنها كانت أول بلد ذا أغلبية مسلمة يعترف بإسرائيل قبل سبعة عقود.
بعد أن عبرت أنقرة عن سخطها بالقول إن “ضمير شعوب المنطقة لن يغفر أبداً هذا السلوك المنافق،” هدد الرئيس رجب طيب أردوغان بسحب السفير التركي من الإمارات. ولئن كانت أبوظبي تتوقع أن ينالها نقد لاذع من قبل البلدين، إلا أن الرد التركي هو الذي أزعجها أكثر.
عملت الإمارات العربية المتحدة خلال الثمانية عشر شهراً الماضية على خفض التوترات مع طهران، ولذلك كان المسؤولون الإماراتيون يصرون على أن الصفقة التي أبرموها مع إسرائيل في سبتمبر / أيلول لا علاقة لها بإيران، وقالوا إن أبوظبي ترغب في استخدام الدبلوماسية وخفض التصعيد لحل ما لديها من إشكالات مع الجمهورية الإسلامية. ولكن، بينما كان الشيخ محمد، ولي عهد أبوظبي، يسعى لتلطيف الأجواء مع واحد من الأعداء، انتقلت الخصومة بين الإمارات العربية المتحدة وتركيا إلى مستوى جديد تماماً.
على مدى عشرة أشهر من الاتهامات المتبادلة، غدا ذلك واحداً من أكثر نزاعات الشرق الأوسط سمية، نجمت عنه مواجهة حادة بين اثنين من أعند زعماء المنطقة، أحدهما زعيم دولة هي الشريك العربي الأقرب إلى الولايات المتحدة والثاني زعيم دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو). ما لبثت أصداء ذلك أن ترددت في أرجاء المنطقة بأسرها من دولة الخليج الثرية بالنفط إلى القرن الأفريقي إلى خطوط المواجهة في الحرب الأهلية الليبية، مما صعد التوترات أكثر فأكثر في منطقة شرقي المتوسط.
يقول إيميل هوكاييم، خبير الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “إنه النزاع الذي يحدد ملامح السياسة في الشرق الأوسط حالياً. وهو تنافس يجري بشكل مباشر وعبر وكلاء في كثير من الأماكن – ويجذب الفاعلين الدوليين ويغريهم بالانضمام إلى الجانبين.”
الانتقال إلى التحالف الأكبر
يعتقد المسؤولون الأتراك والإماراتيون على حد سواء أن صفقة الإمارات مع إسرائيل، ولو جزئياً، جاءت بسبب رغبة أبوظبي في تعميق تحالفاتها الإقليمية ضد أنقرة واستخدام نفوذها في وقت باتت المنافسة بين الطرفين أكثر حدة.
يقول عبد الخالق عبدالله، الأكاديمي الإماراتي الذي يعكس في العادة وجهة نظر الدولة: “بعد سماع التهديدات من المسؤولين الأتراك – وأنت تسمعها مدوية جداً – بالطبع يساعد الإمارات أن يكون لها حليف مثل إسرائيل. ما من شك في أن ذلك عجل بإبرام الصفقة. فأنت بذلك تحصل على المعلومات الاستخباراتية وتصبح جزءاً من تحالف أكبر، والانطباعات لا تقل أهمية عن الواقع.”
جاءت هذه “التهديدات” بعد أن زادت تركيا من تدخلها في الحرب الأهلية الليبية دعماً للحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس.
قبل أن تنشر أنقرة قواتها، بما في ذلك مسلحين سوريين، وتنشر أنظمة الدفاع الجوي، كان وكيل الإمارات في ليبيا، الجنرال المتمرد خليفة حفتر، يحقق المكاسب وقد فرض حصاراً على طرابلس، وذلك بفضل شحنات الأسلحة والمعدات الضخمة التي كانت ترد إليه من الدولة الخليجية، بحسب ما يقوله مسؤولون في الأمم المتحدة ودبلوماسيون.
إلا أن القوة التركية الضاربة أفقدت حفتر تفوقه الجوي، وقضت على مساعيه لإسقاط حكومة طرابلس، وأجبرت مقاتليه على الانسحاب المتعجل. ونتيجة لذلك فقد تلقت طموحات أبوظبي في هذه الدولة الشمال أفريقية ضربة قوية، بينما أثار الصراع مخاوف من اندلاع مواجهات إقليمية على نطاق واسع في منطقة جنوب المتوسط.
ثم بعد أن شنت طائرة مجهولة الهوية ضربات ضد قاعدة ليبية تستضيف قوات تركية في شهر يوليو / تموز، حذر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار من أن بلده سوف يحمل الإمارات العربية المتحدة المسؤولية ويحاسبها “في المكان المناسب والوقت المناسب”. واتهم الدولة الخليجية – والتي يحكمها نظام ملكي مطلق تقول أنقرة إنه يرعى المستبدين في مختلف أرجاء المنطقة – بارتكاب “أعمال شريرة” وبرعاية الإرهابيين المعادين لتركيا.
من جهة أخرى، تتهم الإمارات العربية المتحدة السيد أردوغان بأن لديه أوهاماً استعمارية، وبأنه يدعم الجماعات الإسلامية ويشكل محوراً معاد بالتعاون مع قطر، منافسها الخليجي. يعتقدون في أبوظبي أن قطر الثرية توفر التمويل بينما تقدم تركيا العضلات حيث يسعى السيد أردوغان لتنصيب نفسه زعيماً للعالم الإسلامي السني.
في مقال نشرته له مجلة لو بوا الفرنسية في شهر يونيو / حزيران في أوج تصاعد التوترات حول ليبيا، قال أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات: “تتحمل تركيا المسؤولية عن أشياء كثيرة، بمساعيها على المدى البعيد – تساوقاً مع قطر والإخوان المسلمين – لنشر الفوضى في العالم العربي، بينما تلجأ كغطاء إلى استخدام تأويل عدواني ومنحرف للإسلام.”
يشكل الشيخ محمد بن زايد رأس الحربة في المسعى العربي للحد من النفوذ التركي. ولذلك فإن الإمارات العربية المتحدة ليست وحدها في التعبير عن القلق إزاء الاختراقات التي يقوم بها السيد أردوغان في الشرق الأوسط، والتي تضمنت هجوماً تركياً في شمال شرق سوريا في العام الماضي وعمليات عسكرية في شمالي العراق، وكلاهما في مواجهة المسلحين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين.
فقد هددت مصر، والتي تشارك كلاً من الإمارات وروسيا في مساندة الجنرال حفتر، بنشر قوات في ليبيا هذا العام. وفي الأسابيع الماضية فرضت المملكة العربية السعودية بحكم الأمر الواقع حظراً على استيراد البضائع التركية، بما يؤشر على التوترات القائمة بين أنقرة والرياض.
يقول مسؤول سعودي كبير: “إذا تأملت في مصدر التهديدات في المنطقة، فقد انتقلت تركيا بسرعة كبيرة إلى موضع بارز – فهم منتشرون في كل مكان.” ومضى يقول إن إيران مازالت مصدر التهديد المباشر الأكبر للمملكة، “ولكننا نرى الأمور تتجه نحو الأسوأ.”
ويضيف: “إن ضلوع أردوغان في ناغورنو كاراباخ {حيث ألقى بكامل ثقله خلف أذربيجان في نزاعها مع أرمينيا} مزعج، ليس لأن هذا الموضوع يعنينا من قريب أو بعيد ولكن لمجرد أنه مؤشر آخر على الوجهة التي يسير نحوها.”
ساحات متنافسة
إذا كانت ليبيا هي نقطة الوميض التي أوصلت التنافس إلى نقطة الاحتراب، فهي بالتأكيد لم تكن السبب. بل ما هي سوى عرض لعقد من العداوة التي تغذيها الاختلافات الأيديولوجية في وقت دفعت السياسات الخارجية المشوبة بالمغامرة الدولتين نحو المواجهة المباشرة.
لطالما جرت الإمارات العربية المتحدة، التي لا يزيد عدد مواطنيها عن 1.5 مليون نسمة وإن كانت واحدة من أغنى البلدان في المنطقة، خلف طموحات تتجاوز حجمها وقدرتها. فمنذ أن هزت الانتفاضات العربية المنطقة في عام 2011، أنفقت أبوظبي عشرات المليارات من الدولارات النفطية لتقوية حلفائها في مختلف أرجاء الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال التجارة والمساعدات واستخدام الموارد العسكرية.
منذ عام 2011، بلغ مجموع الاستثمارات الخارجية للدولة الخليجية والمساعدات الثنائية لثمانية بلدان، بما في ذلك مصر وباكستان وإثيوبيا، 87.6 مليار دولار، وذلك طبقاً لمعهد أمريكان إنتربرايز، الذي حلل البيانات المنشورة. تقول كارين يانغ، خبيرة الشؤون الخليجية في المعهد: “تستخدم الإمارات العربية المتحدة الاستثمارات والمساعدات بشكل دوري، وبطرق مباشرة، أكثر من أي من الدول الخليجية الأخرى.”
ولكن، وكما أن الشيخ محمد يسعى لمد أذرع الإمارات، كذلك يفعل أردوغان الذي يسعى جاهداً لتوسيع النفوذ التركي.
يقول مايكل ستيفنز، الزميل المشارك في معهد الخدمات الملكية المتحدة: “حينما وجدت نشاطاً إماراتياً ستجد في الأغلب نشاطاً تركياً، يناصبه بشكل مباشر لا يشبه شيئاً مما تمارسه إيران بهذا الشأن. فهم يعتقدون أنهم يقفون وجهاً لوجه أمام تركيا تناصبهم العداء من حيث قوميتها، ونفوذها وتصميمها على ألا تسمح للإمارات بإنجاز ما تريد.”
في العام الماضي، قال السيد أردوغان إن عدد السفارات التركية في أفريقيا ارتفع من 12 إلى 42 على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية. كما أنه مد نفوذ أنقرة ليصل إلى مناطق قريبة من الشواطئ الإماراتية.
في 2017، قامت تركيا على عجل بنشر قوات لها في قاعدة قطرية في استعراض للعضلات دعماً للدوحة بعد أيام من تزعم أبوظبي والرياض لحصار إقليمي ضد الجارة الخليجية. في نفس ذلك العام، افتتحت تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها خارج حدودها في مقاديشو في ظل تنافس محموم بين أنقرة وأبوظبي على النفوذ في منطقة القرن الأفريقي.
وفي أكتوبر / تشرين الأول من عام 2018، وقعت تركيا اتفاقية تعاون عسكري مع الكويت، مما عمق تحالفاتها في الحديقة الخلفية للدول الخليجية، في نفس الوقت الذي كانت فيه الرياض تسعى جاهدة لحل أسوأ أزمة دبلوماسية تواجهها بعد أن أقدم عملاء سعوديون على قتل جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في إسطنبول.
في تغريدة له على حسابه في تويتر هذا الشهر، وصف السيد قرقاش التواجد العسكري التركي في الخليج بالطارئ، ولام قطر وتركيا على الدفع باتجاه سياسة من الاستقطاب.
الجذور في الربيع العربي
لم يكن الأمر دوماً هكذا. فخلال السنوات الأولى بعد نجاح السيد أردوغان في إيصال حزبه ذي الجذور الإسلامية، حزب العدالة والتنمية، إلى السلطة في 2002، كانت تركيا تعتبر من قبل الكثيرين داخل وخارج الشرق الأوسط بالنموذج الذي يحتذى في المنطقة. وكانت حكومات دول الخليج تتطلع إلى زيادة روابطها الاقتصادية بينما رأت في تركيا شريكاً سنياً محتملاً في مواجهة إيران الشيعية.
تغير ذلك عندما فاز محمد مرسي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، بأول انتخابات رئاسية ديمقراطية تجري بعد ثورة 2011 التي أسقطت حسني مبارك.
يقول مسؤول تركي كان يعمل دبلوماسياً في الإمارات في العقد الأول من الألفية الجديدة: “كنت أعامل كالأمير، وأدعى إلى كافة اللقاءات – كانت كل الأبواب مفتوحة. ثم بدأ الذعر ينتشر في أوصال أبوظبي عندما أيدنا مرسي، الزعيم المنتخب ديمقراطياً. فقد أسخطهم ذلك جداً.”
غدت الانتفاضات العربية عوامل حسم في علاقات تركيا مع محور الإمارات ومصر والسعودية. فقد رأي الشيخ محمد في تلك الفترة المضطربة تهديداً وشيكاً بينما كان يراها أردوغان فرصة سانحة.
كان ولي العهد مقتنعاً بأن واشنطن تخلت عن مبارك رغم أنه كان حليفاً لها لسنوات طويلة، ثم جاء انتخاب حكومة تابعة للإخوان المسلمين في البلد الأكثر سكاناً في العالم العربي ليؤكد هواجس كانت لديه من أن الحركات الإسلامية تستغل الفوضى للوصول إلى السلطة.
عززت هذه الأحداث القناعة لدى خريج أكاديمية ساندهيرست العسكرية بأنه يتوجب على الإمارات العربية المتحدة لعب دور أنشط في تشكيل الجوار مستغلة مواردها في مواجهة الجماعات الإسلامية، وأن عليها أن تفعل ذلك بحماسة تكاد تكون عقائدية. ما لبث ذلك هو صميم سياسته الخارجية منذ أن أصبح، كما يقولون، الزعيم العربي الأعظم نفوذاً.
ولكن بالنسبة للسيد أردوغان، منحته الثورة المصرية فرصة إبرام تحالفات مع حليف إسلامي في قلب العالم العربي.
بينما كانت الإمارات العربية المتحدة تمول وسائل الإعلام المعادية للإخوان المسلمين، ساندت أنقرة مرسي ومدته بالدعم السياسي والمالي. إلا أن الأمور انقلبت سريعاً وبشكل دراماتيكي عندما استولى عبدالفتاح السيسي على السلطة في انقلاب 2013. ولكونه رجلاً عسكرياً سلطوياً، فقد ارتمى السيسي في أحضان الشيخ محمد، وسحق الحركة الإسلامية، وتلقى مقابل ذلك المليارات من الدولارات على شكل مساعدات إماراتية.
في المقابل، اعتبر السيد أردوغان الإطاحة بمرسي إهانة كبيرة – وبمثابة إنذار له بأنه قد يكون التالي. ولذلك تحوم شكوك لدى المسؤولين الأتراك بأن أبوظبي ربما لعبت دوراً غير مباشر في المحاولة الانقلابية الفاشلة على أردوغان عام 2016 رغم أنهم لا يقدمون دليلاً يثبت ما يقولون.
في خطاب له عام 2017، قال السيد أردوغان هادراً: “عندما كانت هناك محاولة انقلابية في تركيا، نعرف جيداً من في الخليج كان سعيداً جداً بها.”
في السنوات التي تلت الانقلاب المصري، تحولت تركيا إلى ملاذ آمن لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا من البطش والقمع الوحشي. واليوم، غدت تركيا مركزاً للمعارضين العرب من مختلف أرجاء المنطقة. في هذه الأثناء، تلقي كل من أبوظبي والرياض بثقلها خلف الرجال الأقوياء الموالين لها.
يقول مسؤول تركي آخر: “يريدون السلطويين حتى يتمكنوا من وقف الأحزاب السياسية في الشرق الأوسط. ولكن ذلك لن يجدي نفعاً، فهم دوماً يبالغون في قدراتهم ويستقلون قدرات خصومهم.”
حدود محمد بن زايد
يرى البعض أن هذه المنافسة أفضت إلى كشف محدودية ما لدى الإمارات العربية المتحدة من سلطان. حتى أن ضابط استخبارات غربي سابق يقول: “قد نكون شهدنا أقصى ما يمكن أن يصل إليه المد الإماراتي من نفوذ في المنطقة.”
ويضيف: “ما جرى في ليبيا نموذج جيد للدلالة على أنه إذا ما ألقت قوة جادة بثقلها خلف الطرف الآخر، فلا يوجد الكثير مما يمكن للإمارات أن تفعله لأن كل ما لديهم في الواقع هو دفتر الشيكات ومبيعات السلاح.”
والأمر كما يراه ليس تنافساً إقليمياً بقدر ما هو استهداف من قبل أبوظبي لتركيا لأن الإمارات العربية المتحدة ترى في نفسها أنها “العقل المدبر” للتحالف المناهض للإسلاميين.
ويقول في ذلك: “تواجه طموحات محمد بن زايد بعض العقبات الحقيقية. فهو يبحث عمن يجندهم لكي يقاتل بهم تركيا، بما في ذلك الأمريكان، ومن هنا يأتي وضع تركيا في خندق واحد مع إيران. ولكنني لست متأكداً من أنه سينجح.”
يتوقع آخرون أن يبادر الشيخ محمد إلى تعزيز التحالفات القائمة في المنطقة وما بعدها. فبعد مرور أقل من أسبوعين على التوقيع على الصفقة مع إسرائيل، أرسلت الإمارات العربية المتحدة طائراتها المقاتلة من طراز إف 16 للمشاركة في مناورات عسكرية يونانية في نفس الوقت الذي كانت التوترات بين أنقرة وأثينا حول الحقوق البحرية محتدمة في أوجها.
تشارك الإمارات العربية المتحدة في المناورات العسكرية مع اليونان منذ عام 2017، الأمر الذي أتاح للشيخ محمد أن يوسع تحالفاته خارج منطقة الشرق الأوسط.
يقول البرفسور عبدالله: “احتاجت الإمارات العربية المتحدة إلى توجيه رسالة مفادها أننا هنا سواء أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم، ولم نستسلم بشأن ليبيا. مصر والسعودية هما أفضل حلفائنا الإقليميين، ولكننا نوسع دائرة أصدقائنا حول العالم – وها هي إسرائيل تنضم، واليونان موجودة كذلك.”
لم يحدث أن التقى الشيخ محمد والسيد أردوغان معاً منذ 2012، إلا أن ولي العهد استضاف رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس في فبراير / شباط وأجرى معه ما لا يقل عن ثلاث مكالمات هاتفية منذ أن وطد البلدان العلاقات فيما بينهما.
ضمنت الصفقة مع إسرائيل للإمارات العربية المتحدة القبول لدى الفرقاء السياسيين في واشنطن – ولعل هذا هو ما كانت ترنو إليه بشكل رئيسي أبوظبي عندما وقعت الاتفاقية. كما أن الشيخ محمد يجد في الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حليفاً راغباً، وهو الذي قدم الدعم السياسي للجنرال حفتر في ليبيا، ويشترك مع الإماراتيين في الهواجس تجاه الحركات الإسلامية، وما فتئ يزداد انتقاداً لسياسة أردوغان الخارجية.
ومع أن المسؤولين الأتراك يقللون من أهمية خصمهم الصغير، إلا أن أنقرة تدرك جيداً مدى ما يتمتع به الشيخ محمد من نفوذ في العواصم الغربية.
يقول محيي الدين أتامان، رئيس أبحاث السياسة الخارجية في سيتا، مركز البحث والتفكير الذي يتخذ من أنقرة مقراً له والقريب من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا: “لا تخشى تركيا من الإمارات العربية المتحدة، ولكنها تخشى من أن تستخدم الإمارات الغرب ضدها … فمحمد بن زايد ينفق ملايين الدولارات على نشاطات اللوبي ضد تركيا.” ويضيف أن الشيخ محمد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كلاهما ينهجان سياسة تحول دون تحسين العلاقات مع تركيا.
 
إنها خصومة لا تلوح في الأفق نهاية لها. وعن ذلك يقول السيد هوكاييم: “سوف يكون ذلك معلماً ثابتاً من معالم الشرق الأوسط الحديث”.


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023