كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» في مقال رأي هيئة التحرير عن اضطرار الغرب للتعايش لمدة خمس سنوات أخرى مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صعب المراس بحسب وصفها، الذي فاز بفارق ضئيل بفترة رئاسية أخرى يوم الأحد. واعتبرت الصحيفة الأميركية أن هذه الأخبار سيئة بالنسبة للمستقبل الديمقراطي للبلاد، لكن حلفاء الناتو لديهم أمل أن يكون السيد أردوغان أقل تشددًا الآن بعد أن تمسك بالسلطة.
وعنون موقع «يورونيوز» تقريره عن فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية التركية باعتبارها نقطة تحول تاريخية مشيرا إلى أن هذا الانتخابات التاريخية سيكون لها انعكاسات على تركيا والعالم.
هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أشارت إلى ما وصفته بحالة الانقسام التي أصابت الشارع التركي بعد فوز الرئيس أردوغان بولاية رئاسية جديدة حتى عام 2028 رغم حديثه أمام الحشود المبتهجة خارج قصره الضخم على أطراف أنقرة: “الأمة بأكملها التي تضم 85 مليون نسمة قد فازت”
صحيفة واشنطن بوست الأميريكة أشارت إلى قدرة أردوغان على الفوز في الانتخابات بعد حملة انتخابية شاقة استطاع خلالها تخطي عقبات كبرى أهمها الأزمة الاقتصادية واتحاد المعارضة في مواجهته.
ولا ترى صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) الأميركية أي مؤشرات تذكر على أن أردوغان يعتزم تغيير مساره في الداخل حيث يواجه أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، ولا في السياسة الخارجية حيث أثار حفيظة الحلفاء الغربيين.
وعلى كل حال، فإن سليم كورو المحلل في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في تركيا ينبه في الصحيفة نفسها إلى أن “أردوغان لديه رؤية واضحة لما يريده للبلاد، ولديه هذه الرؤية منذ كان صغيرًا جدا، وما يعجب الناس فيه هو أنه لم يتنازل عن ذلك”.
لكن صحيفة “لوتان” (Le Temps) السويسرية تنصح الغرب قائلة “سيتعين على الغربيين الاستمرار في الاعتماد على هذا الشريك الذي لا يمكن التنبؤ به وعلى هذا الرجل رجب طيب أردوغان الذي يترك انطباعا بأن هذه ستكون ولايته الأخيرة في الرئاسة”.
فالغرب واقع بين الخوف والرجاء مع تمديد حكم أردوغان، حسب صحيفة “غارديان” (Guardian) البريطانية إذ ينبه محررها للشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور إلى أن العواصم الغربية ظلت صامتة خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في تركيا، على أمل أن ينتهي حكم أردوغان غير المنسجم وذلك ما لم يتحقق.
وهنا لفت وينتور إلى أن القضية العاجلة لدى الغربيين هي منع أردوغان من الوقوع في حضن فلاديمير بوتين، ويرى أن قلة من الدبلوماسيين الغربيين متفائلون بذلك.
ولفت الكاتب إلى أن الاختبار الأول لأردوغان سيكون في قمة الناتو المرتقبة في فيلنيوس حيث سيُطلب منه رفع حق النقض التركي على عضوية الناتو في السويد.
لكن تركيا، ببساطة، ليست مستعدة لفرض عقوبات على روسيا، وواشنطن ليست على استعداد لفرض عقوبات ثانوية على تركيا، خشية أن يدفع ذلك أردوغان إلى أحضان بوتين أكثر فأكثر، وفقا للكاتب.
وعلى عكس ما ذهب إليه وينتور، يؤكد جيمس كريسب محرر الشؤون الأوروبية بصحيفة “ديلي تلغراف” (Daily Telegraph) أن أوروبا تنفست الصعداء مع بقاء أردوغان في السلطة في تركيا.
ويشير إلى أنهم قد لا يعترفون بذلك، لكن معظم القادة في أوروبا يشعرون براحة أكبر عندما تحافظ تركيا على بعدها عن الاتحاد الأوروبي.
ويلفت إلى ان تلك الدول وعدت المرشح المهزوم كمال كليجدار أوغلو بإعادة تركيا نحو الغرب، إذا أطاح “بالحاكم المستبد القديم”.
غير أن الكاتب أكد أنه قد يكون من المستحيل الإعجاب بأردوغان، لكن لا بد من الاعتراف بأنه جعل من نفسه قائدا مفيدًا جدا.
أما إسرائيل فإن صحيفة “جيروزاليم بوست” (Jerusalem Post) أوصت في افتتاحيتها باحترام أردوغان والحذر منه في الوقت نفسه.
وأوضحت أن احترام أردوغان يفرضه كونه رئيس دولة كبيرة وفخورة وقوية ومهمة في المنطقة، لكن ينبغي توخّي الحذر، إذ إن “أردوغان الذي تقابلونه اليوم قد لا يكون أردوغان الذي ستقابلونه غدًا”.
وضربت الصحيفة أمثلة عدة على التغير المطرد في سياسة أردوغان؛ من انتقال الزعيم التركي من السعي للحصول على العضوية في الاتحاد الأوروبي وتنفيذ الإصلاحات التي فوضها الاتحاد الأوروبي إلى انتقاد هذا الاتحاد وتنفيذ سياسات قد تلحق الضرر به.
كما انتقل من اتباع سياسة التعامل مع الأكراد في البداية إلى تبنّي نهج متشدد تجاههم، وانتقل من سياسة “صفر مشاكل مع الجيران” المعلنة إلى واقع كانت فيه تركيا على خلاف شديد مع جميع جيرانها تقريبًا القريبين والبعيدين، وفقا لجيروزاليم بوست.