ما بين تنديد بحظر النقاب والهجوم عليه عالميا والصمت عندما يتم حظره من قبل الحكومة المصرية يتناقض موقف الأزهر الشريف في التعامل مع أزمة «حظر النقاب».
فالأزهر الذي كان له مواقف سباقة في الدفاع عن الإسلام ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الشرق والغرب لم يصدر أي بيان على القرار الحكومي بحظر النقاب في المدارس سبتمبر الحالي.
قرار حظر النقاب بالمدارس:
وأصدرت وزارة التربية والتعليم الفني في مصر عدة قرارات متعلقة بالزي المدرسي، قبل انطلاق العام الدراسي الجديد المقرر بدايته في الثلاثين من سبتمبر الجاري.
وأكدت الوزارة أنّ غطاء الشعر للبنات اختياري، ولكن يشترط في الغطاء الذي تختاره الطالبة برغبتها ألا يحجب وجهها، ولا يعتد بأي نماذج أو رسوم توضيحية تعبر عن غطاء الشعر بما يخالف ذلك، مع الالتزام باللون الذي تختاره مديرية التربية والتعليم المختصة.
وسبق في عام 2010 أن سمحت محكمة القضاء الإداري للجامعات بمنع الطالبات المنقبات من أداء امتحانات منتصف العام عام 2010 وزعمت حينها زعمت أن النقاب يسمح للطالبات بالتنكر في زي طالبات أخريات، لذلك فإن حظره في الامتحانات يضمن المساواة في الفرص لجميع الطالبات.
وكانت محكمة القضاء الإداري قضت في يناير 2016 قد أصدرت حكما بتأييد قرار رئيس جامعة القاهرة آنذاك د. جابر نصار حظر ارتداء النقاب على عضوات هيئة التدريس.
الأزهر والتنديد العالمي والصمت المحلي:
ففي ديسمبر 2022 ندد الأزهر عبر مرصده بجرائم الاعتداء على منقبات في إيطاليا وأكد أنها جرائم كراهية ولا فرق بينها وبين الإرهاب.
وأوضح أن الآثار الناجمة عنهما واحدة من حيث استهداف الآمنين وإدخال الذعر في قلوبهم وتهديد حياتهم وبث الفرقة والتشتت داخل المجتمعات؛ لذا يجب تغليظ العقوبات للحد من هذه الجرائم واتخاذ خطوات جادة نحو إنهاء كافة أشكال العنصرية والتحيز ضد الآخرين.
وفي أغسطس 2019 أصدر مرصد الأزهر بيانا صحفيا عبر صفحته الرسمية أكد فيه أن حظر ارتداء النقاب في هولندا لا يتوافق والحرية الشخصية التي ينادي بها الغرب، مشيرًا إلى أن اليميني المتطرف خيرت فيلدرز الذي يعد أحد أبرز الشخصيات التي طالبت بحظر ارتداء النقاب، قد وصف اليوم بـ«التاريخي».
كما ندد مرصد الأزهر بتغريم امرأة مسلمة بسبب ارتدائها غطاء الوجه في واقعة هي الأولى من نوعها في الدنمارك .
وفي بيانه رأى الأزهر أن مثل هذه القوانين من شأنها أن تؤجج مشاعر الكراهية في نفوس المسلمين، إذ تشعرهم بالدونية حيث لا تتيح السلطات لهم ممارسة طقوسهم الدينية بحرية تامة، وهو ما ينافي حقوق الإنسان المكفولة له بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تنص المادة 18 منه على أنه “لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.”
أما في أكتوبر 2017 فقد امتدح الأزهر رفض رئيس وزراء الكندي قيام إحدى مقاطعات بلاده بمنع النقاب ، وكان ترودو قد صرح أنه ليس من شأن الحكومة أن تخبر النساء بما يجب وما لا يجب أن يرتدينه.
وقال الأزهر في تصريحه:”في إطار سعي مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى إلقاء الضوء على المماراسات الإيجابية التي تعزز المواطنة والحقوق المتساوية لجميع البشر، يشيد المرصد بتعليق رئيس الوزراء الكندي “جاستن ترودو” على القانون الذي أقرته مقاطعة كيبيك الكندية ، والذي يحظر ارتداء النقاب في الأماكن الحكومية والمواصلات العامة. “.
قبل ثورة يناير الأزهر يحظر النقاب:
كان موقف الأزهر الشريف من حظر النقاب قبل ثورة 25 يناير موقفا مختلفا فقد كان داعما بشكل كبير لعملية حظر النقاب بل وقرر حظره لفترة وجيزة قبل أن يشتعل الغضب ضد شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي فيتراجع عن قرار حظر النقاب.
ففي أكتوبر عام 2009 أصدر شيخ الأزهر طنطاوي قرارا بحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدراسة، وحظر ارتداء النقاب للفتيات الدارسات بالمعاهد الأزهرية وذلك لرؤيته طالبة ترتديه في فصل دراسي.
ووصف طنطاوي النقاب الذي يغطي غالبية أو كامل الوجه بأنه عادة اجتماعية وليس له علاقة بالدين.
وأثار شيخ الأزهر الجدل عندما قام بخلع نقاب إحدى الطالبات في الصف الثاني الإعدادي، لاعتباره مجرد عادة لا عبادة، مؤكدًا نيته إصدار قرار رسمي بمنع دخول المنقبات إلى المعاهد الأزهرية.
ووقعت الحادثة خلال جولة تفقدية لطنطاوي للاطلاع على المعاهد الأزهرية، ففي معهد فتيات أحمد الليبي بمدينة نصر، حيث فوجئ طنطاوي بطالبة في الصف الثاني الإعدادي ترتدي النقاب داخل الفصل، ما أدى إلى انفعاله بشدة، وطالبها بضرورة خلعه
وقال وقتها:” النقاب مجرد عادة لا علاقة له بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد، وبعدين إنت قاعدة مع زميلاتك البنات في الفصل لابسة النقاب ليه” حسب ما نقلته الصحف المصرية.
تراجع شيخ الأزهر الراحل:
وبعد أيام من إصداره حظر النقاب وإجباره لطالبات بخلعه تراجع شيخ الأزهر الراحل عن تلك الأفعال المناهضة للنقاب مؤكدا احترامه الشديد للنساء “المنتقبات” وأنه ليس ضد “النقاب” بأي حال من الأحوال، وللمرأة أن ترتديه “سواء كانت حلوة أو وحشة”.
وأضاف خلال افتتاح فعاليات الموسم الثقافي للمجلس الأعلى للشؤون الاسلامية بمسجد النور بالعباسية يوم 11-10-2009، “للمرأة كل الحرية في استعمال النقاب في الشارع أو العمل أو بيتها سواء كانت حلوة أو وحشة فهذه حرية شخصية، أما مانرفضه فقط هو أن ترتدي الطالبات أو المدرسات النقاب داخل الفصول الدراسية التى يدرس بها الطالبات فقط، وتقوم بالتدريس لهن مدرسة فإذا خرجت الطالبة إلى الطرقات، لها أن تلبس 20 نقابا، وإذا نزلت إلى فناء المعهد الازهرى أو المدرسة تلبس 40 نقابا حتى لايراها الرجال ولها مطلق الحرية في ذلك”.
شيخ الأزهر الحالي وموقفه من النقاب
أما شيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب علق أكثر مرة على موضوع النقاب مؤكدا أنه لا يعتبره فرضا ولا سنة .
وقال في تصريحات صحفية يونيو 2022: ” النقاب ليس فرض ولا سنة ولا مندوب ولا مستحب بل هو مباح وليس عليه ثواب ولا عقاب وليس أمر شرعي بل هو من الزينة مثله مثل الخاتم”.
وأضاف الطيب، في حوار له بأحد البرامج: “هو أمر في دائرة المباح، للمرأة أن تلبسه، وللمرأة أن تخلعه، حسب ظروفها، ولكن التي تلبس لا تقول أنا ألبسه شرعاً، هذا هو الفرق، والتي تخلعه لا تقول أنا أخلعة لأن الشرع أن أخلع النقاب”.