جحافل الداخلية ومغاوير الجيش المصري وقادة الانقلاب استنفذوا جميع الوسائل المتخيلة لإنهاء الحالة الشعبية الغاضبة لرفض الانقلاب العسكري على الطريق الديمقراطي، اختطفوا الرئيس المنتخب واعتقلوا الرموز وأغلقوا القنوات وأطلقوا حركة لشيطنة كل من ليس معهم مستخدمين خيل الإعلام ورجله، واستفزازات صوته لتغطي على أصوات آلة القتل الغاشمة بغازاتها ورصاصها المطاطي والحي، وتحليق مروحياتها، وخسة قناصيها.
هل أسدل الستار
واليوم.. تدفع دموية الانقلاب بثورة مؤيدي الشرعية إلى مرحلة جديدة، فمع الإصرار على فض الاعتصامات السلمية بالقوة، وتزايد أعداد الشهداء التي لا تقل عن ألفي شهيد بأي حال فضلا عن نحو عشرة ألاف جريح حسب تصريحات الدكتور يحيى مكية منسق المستشفى الميداني بميدان رابعة.. فإن شاشة النهاية لم تنزل، ولم يسدل الستار بعد، وتكميم الأفواه وإعادة الناس إلى بيوتها والمضي في خارطة الطريق المزعومة لا وجود له إلا في أحلام يقظة الانقلابيين وبنات أفكارهم.
آلة القمع والإسراف في القتل تدفع اليوم بالمشهد المصري إلى مزيد من تأجج ثورة الشرعية ضد حكم العسكر.
وها هو فض ميدان النهضة يدفع بالمعتصمين، وسواهم آلاف انضموا إليهم ليتمركزوا جميعا في ميادين جديدة، وتساقط القتلى في العاصمة تردد صداه عصيانًا مدنيًا في محافظات عديدة وفي غضون ساعات قليلة أحاطت الحشود الغاضبة بمقرات لعدة محافظات سيطرت على بعضها وتحاول السيطرة على الآخر.
رجوع المغفلين
الحرب على الشعب الثائر في الميادين من قبل سلاح الانقلاب يفقد سحرته في الإعلام قوة تأثيرهم، ويعمل على إفاقة أعداد متتالية من المغيبين، بل ودفع اليوم بمشايخ نأوا بأنفسهم عن الصراع بين الحرية والعسكرة، وتمسكوا بالعصا من منتصفها إلى الانضمام لهؤلاء المسفوكة دماءئهم في الشوارع بلا ذنب ولا جريرة.
المهمة الرئيسية الملقاة على عاتق قادة الانقلاب ومثقفيه والمخططين له الآن بعد الفشل في تدجين الشعب وإخراسه بالقوة هو البحث في غياهب التاريخ وصفحاته الأولى والأخيرة، والجغرافيا القريبة والنائية عن قصة نجاح لإرهاب السلاح في الفتك بإرادة شعبية واعية تصر على حياة حرة وانعتاق من الذل.. ويبدو أنهم لم ولن يجدوا بغيتهم إلا في ذلكم الملك الذي أحرق شعبه صغيرهم وكبيرهم حتى لا يسمع صوتًا لا يعجبه.. وخلدها القرآن "قُتل أصحاب الأخدود" حيث انتصرت الإرادة أيضًا.
حصار الداخلية
فور تداول الأنباء عن الهجوم على المعتصمين في رابعة العدوية، حدثت حالة من الاستنفار بين مؤيدي الشرعية الدستورية، وأقبلوا من جميع المداخل ليكثروا سواد المعتصمين ويشدوا من أزرهم، حتى أصبح المعتدون من قوات الأمن والجيش محاصرون بين المعتصمين من جهة والمتظاهرين المناصرين من جهة أخرى.