شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تأملات في الأخونة والبردعة ـ ثابت عيد

تأملات في الأخونة والبردعة ـ ثابت عيد

ازدهرتْ في عصرِنَا هَذا «صناعةُ التّضليلِ» ازدهارًا كبيرًا. برعتْ كثيرٌ مِنَ الحكوماتِ الشّرقيّةِ والغربيّةِ في تضليلِ شعوبِهَا، وتضليلِ الرّأي العامِّ العالميّ بصورةٍ مثيرةٍ للاشمئزازِ حقًّا. تصدّى لأضاليلِ الشّيوعيّةِ عباقرةٌ مِن أمثالِ جورج أورويل الّذي ألّفَ لنا عَملينِ أصبحا من رَوائعِ الأدبِ العالميِّ، هُمَا: «مزرعةُ الحيوانِ»، و«١٩٨٤». وظهرَ في الغربِ الكثيرُ من المفكّرينَ والمنظّماتِ المناهضةِ لسياسةِ التّضليلِ الّتي تتبعها بعضُ الحكوماتِ الغربيّةِ.

ولولا هذا، لما تمكّنَ الإنجليزُ من معارضةِ خططِ حكومتهم شنّ حربٍ على سوريا، برغمِ أنّ الشّعبَ السّوريّ في أمسّ الحاجةِ إلى من يخلّصه من المجرم بشّار الأسدِ. وعن السّياسةِ الّتي اتّبعها مجرمو عسكر مصرَ لتضليلِ الشّعبِ المصريّ منذُ سنة ١٩٥٢م نشرتُ بعدَ اندلاعِ ثورة يناير ٢٠١١م مقالًا بعنوان: «دستورُ عسكرِ مصرَ الأصيلُ لاستهبالِ شعبِ مصرَ العظيمِ». ولفظ «استهبال» هُنَا هو لفظ فصيحٌ على وزن «استفعل»، بمعنى: «اعتبره أبلهَ». وليسَ يوجدُ لفظٌ أفصحُ من هذا اللّفظِ، لوصفِ سلوكِ الأنظمةِ الّتي تريدُ استعبادَ شعبِ مِصْرَ العظيمِ.

 في إطارِ سياسةِ «الاستهبال» هذه قامتِ بعضُ القوى الاستعماريّة الغربيّة والصّهيونيّةِ بإعدادِ المدعو البرادعي، لكي يقومُ بأعمال محدّدة لخدمة مصالحهم، وتحقيق أهدافهم في منطقة الشّرق الأوسطِ. والقوى الاستعماريّةُ تبحثُ دومًا عن قطعِ شطرنج تحرّكها يمينًا ويسارًا، كما يحلو لها. اختاروا البرادعي ليخدمهم في تنفيذ سياستهم من خلالِ منصبه في «الوكالةِ الدّوليّة للطّاقةِ الذّرّيّة».

فساعدهم في ضرب العراق، وسوريا، وتركيع مصر، وإذلال إيران. وكافؤوه بجائزة نوبل على إخلاصه لهم. ثمّ خطّطوا لاستخدامه قطعةَ شطرنج، يضعونها في منصبِ رئيس جمهوريّة مصر العربيّةِ. فأعلنَ عن تأسيس «الجبهة الوطنيّة للتّغيير» سنة ٢٠١٠م، لمواجهة مخطّط التّوريث في مصر. وبالفعلِ جذب إليه عددًا كبيرًا من المصريّين الّذينَ كانوا يتطلّعونَ لدحر مخطّط التّوريث، وتأسيس نظام ديمقراطيّ في مصر.

لكن الرّيحَ سرعانَ ما هبّت بما لا تشتهي السّفنُ. فظهرَ الإسلاميّونَ، وفازوا بالانتخابات، وأصبحَ محمّد مرسي أوّل رئيسٍ مدنيّ منتخبٍ. فبدأ الوجه الحقيقيّ للبرادعي يظهرُ للنّاسِ في مصرَ. وسرعانَ ما اكتشفنا زيفَ الرّجلِ، وضحالةِ فكره، وهشاشة شخصيّته، وركاكة تعليمه، وغياب وطنيّته. ورأيناه ينضمّ إلى جبهة الخراب المعروفة. وشاهدنا تحالفه معَ مجرمي عسكر مصرَ للانقلابِ على الشّرعيّةِ. ولم يمرّ وقتٌ طويلٌ، حتّى ظهرت الانشقاقات، وبانتِ الانقساماتُ، بينَ الانقلابيّينَ. وقيلَ إنّ البرادعي قفزَ من سفينةِ الانقلابِ.

وسارعَ بعضُ الانقلابيّينَ باتّهامه بالخيانةِ. وليس هذا إلّا حلقة من حلقات السّخافة، والتّضليل، وتكالب الانقلابيّين على السّلطةِ. ولنتذكّر كيفَ تخلّص المجرم عبد النّاصر من معظم رفاقه ممّن سمّوا أنفسهم «الضّبّاط الأحرار»، مرّة بالنّفي، ومرّة بالقتل، ومرّة بالسّجن، ومرّة بتحديد الإقامةِ. المقال التّالي هو جزء من دراسةٍ كتبتُها في مارس الماضي عندما احتدم الصّراعُ بينَ حكومةِ الرّئيس الشّرعي محمّد مرسي وأنصار الدّيكتاتوريّة العسكريّة المجرمةِ، وهي يُلقي الضّوءَ على بعضِ جرائم البرادعي الّتي مازالت مجهولةً لمعظم أبناء الشّعب المصريّ الأصيل:

جَرَائِمُ البرادعي ضِدَّ العِراقِ، وَسُوريا، وَمِصْرَ، وَإيرانَ

يَصْعُبُ عَلَى المَرْءِ حَصرُ الكمّ الهائلِ من الجرائمِ الّتي ارتكبَها البرادعي في حقّ العربِ والمسلمينَ والإنسانيّةِ جمعاءَ. لكنَّ الملفتَ للنّظرِ فيها جَميعًا أنّ بني صهيون قَدْ سخّروه لخدمةِ مَصَالِحِهم، وتحقيقِ أهدافِهم الرّاميةِ إلى إذلالِ العربِ، وتركيعِهم، ونهبِ المسلمينَ، وإخضاعِهم. وَيُمْكِنُ تلخيصُ بعضِ جرائِمِهِ كَمَا يَلِي: أوّلًا أنّهُ سَاعدَ الولاياتِ المتّحدةَ الأمريكيّةَ عَلى شَنِّ حَربٍ مُدمّرةٍ عَلَى العراقِ. ثانيًا أنّهُ شَاركَ في وضعِ تقاريرَ كاذبةٍ عَنْ مفاعلٍ نوويٍّ سُوريٍّ مزعومٍ، مقدّمًا لإسرائيلَ ذريعةً كافيةً لمهاجمةِ سُوريا، وضربِهَا بالقنابلِ، وَإِذْلَالِهَا. ثالثًا: أنّهُ لفّقَ تقريرًا مملوءًا بالأكاذيبِ عَن إمكانيّاتِ مصرَ النّوويّةِ، ونيّتِهَا إنتاجَ أسلحةٍ ذريّةٍ، مقدّمًا لإسرائيلَ والولاياتِ المتّحدةِ ذريعةً للضّغطِ على مصرَ وتركيعِهَا. رَابعًا: أنّهُ سلّمَ إيرانَ لمجلسِ الأمنِ، برغمِ أنّ الوكالةَ لا تمتلكُ أيَّ أَدِلَّةٍ على ممارسةِ إيرانَ أنشطةً مخالفةً للقوانينِ الدّوليّةِ. خَامِسًا: في مقابلِ هذِه المواقفِ شديدةِ العداءِ للعربِ والمسلمينَ، نجدُ البرادعي يتودّدُ إلى بني صهيون، ويداهِنُهم، ويتملّقُهم، ويحرصُ عَلى الدّفاعِ عن مَصَالحهم. فَهُوَ رفضَ المشاركةَ في حملةٍ قامَ بها بعضُ حاملي نوبل لإدانةِ إسرائيلَ. وَهُوَ يتباكى عَلَى ضَحَايا الهولوكوستِ، دونَ أن يذكرَ كلمةً واحدةً عن ضحايا عسكرِ مصْرَ أَوضحايا الاحتلالِ الإسرائيليّ. وَهُوَ يحرّضُ الدّولَ الغربيّةَ على عدمِ مساعدةِ مصرَ، مادامَ الإخوانُ يحكمونَهَا. وَهُوَ يُنَادِي بإقامةِ ديكتاتوريّةٍ عسكريّةٍ في مِصرَ، بعدَ ثورةِ المصريّينَ المجيدةِ في الخامسِ والعشرينَ من ينايرَ ٢٠١١م!! وبعدُ.

يشرحُ الأستاذُ يُسري أبو شادي خيانةَ البرادعي المشينةَ، ومساعدتَهُ الأمريكيّينَ عَلَى شنّ حربٍ مدمّرةٍ ضدّ العراقِ، فيقولُ: «في عامِ ١٩٩٨م كتبتُ التّقريرَ العراقيَّ، وذكرتُ فيه أنّ العراقَ انتهتْ تمامًا مِنَ النّاحيةِ النّوويّةِ، وأنّنا أوصلنَا البرنامجَ النّوويّ العراقيّ إلى مرحلةِ الصّفرِ. وطالبتُ أنا وزملائي برفعِ العراقِ من البندِ السّابعِ للعقوباتِ بالأممِ المتّحدةِ. وقامتِ الوكالةُ بإرسالِ التّقريرِ إلى مجلسِ الأمنِ وأمريكا. وأنا أعتقدُ أنّ التّقريرَ مازالَ في الأدراجِ إلى الآنَ، بسببِ ما ذكرَهُ البرادعي للولاياتِ المتّحدةِ، وَطلبِهِ لمجلسِ الأمنِ أن يتركَ مهلةً للوكالةِ ثلاثةَ أشهرٍ لإعادةِ التّفتيشِ في العراقِ للتّأكّدِ من عدمِ إحيائها للبرنامجِ النّوويِّ، كَمَا زعمتْ أمريكا. وكلامُ البرادعي يُؤكّدُ أنّ هناكَ ولو احتمالًا أن يكونَ في العراقِ مجالٌ لإحياءِ البرنامجِ النّوويّ. ولذلكَ لم تتمهّلْ أمريكا، ولم تعطِ فرصةً للوكالةِ ثلاثةَ أشهرٍ، لأنّها تعلمُ جيّدًا أنّ العراقَ خالٍ من أسلحةِ الدّمارِ الشّاملِ. ودخلتْ أمريكا العراقَ، بسببِ اعترافِ البرادعي بعدمِ التّأكّدِ أنّ العراقَ أحيا برنامجَهُ النّوويّ أم لا». وبعدُ.

المساهمةُ في تدميرِ بلدٍ، بصرفِ النّظرِ عن كونِهِ عَربيًا، يعتبرُ في حَدِّ ذاتِهِ جريمةً لا تغتفرُ. مُجرمو الحربِ المسؤولونَ عن إبادةِ الملايينِ من البشرِ ينبغي تَقْديمُهمْ للعدالةِ. فبعدَ الحربِ العالميّةِ الثّانيةِ أصرّ الحلفاءُ عَلى مُحاكمةِ جنرالاتِ هتلرَ عقابًا لهم عَلى مَا ارتكبوه من جرائمَ ضِدّ الإنسانيّةِ. وجريمةُ حربِ العراقِ لا تقلُّ عن جريمةِ الحربِ العالميّةِ الثّانيةِ، إلّا في أعدادِ الضّحايا، وجنسيّاتهم. ضحايا الحربِ العالميّة الثّانية بلغوا نحوَ خمسينَ مليونَ قتيلٍ، كَانَ بعضُهم من اليهودِ. وضحايا حربِ العراقِ بلغوا عدّةَ ملايينَ شهيدٍ عراقيّ، ناهيكَ عن الضّحايا الآخرينَ. فلماذَا التّمييزُ، ولماذا تقديمُ المسؤولينَ الألمانِ فقطْ للمحاكمةِ؟ ألمْ يكنْ منَ العدالةِ أيضًا أن يحاكمُوا المسؤولينَ الأمريكيّينَ والإنجليزَ، وَمعهم البرادعي، عَلى فظائعِ حربِ العراقِ. إنّ مَا حدثَ مع البرادعي كانَ عكسَ ذلكَ تمامًا، حيثُ سَارعُوا بمنحِه جائزةَ نوبلَ، تكريمًا له على مُساعدتِهم في تقتيلِ شعبٍ عربيّ شقيقٍ. وكانَ أحرى بهم أن يكونُوا أكثرَ دقّةً، فيقولونَ إنَّ جائزةَ نوبلَ الّتي مُنحتْ للبرادعي هِيَ جائزةُ «الخيانةِ والعمالةِ»، وليسَ جائزةَ «السّلامِ»!! وإلّا فإنّهمْ يُطبّقونَ الأضاليلَ الّتي فَضحَها جورجُ أورويلَ في رائعتِهِ: «١٩٨٤»، حيثُ أوضحَ أساليبَ الطّغاةِ في تضليلِ شعوبِهم، فالوزارةُ المسؤولةُ عن شنّ الحربِ، يسمّونها «وزارةَ السّلامِ»، والوزارةُ المسؤولةُ عن إمراضِ النّاسِ يسمّونها «وزارةَ الصّحّةِ»، والوزارةُ المسؤولةُ عن تضليلِ الشّعبِ يسمّونها «وزارةَ الإعلامِ». والوزارةُ المسؤولةُ عن إملاقِ النّاسِ يسمّونها «وزارةَ الرّفاهيةِ». وبعدُ.

يقولُ خالدُ يوسفَ ناصرٍ تحتَ عنوانِ: «مجرمُ الحربِ محمّدُ البرادعي هُوَ القناعُ الآخرُ لحسني مبارك»: «إنّ الّذي سَاهمَ بقدومِ المجرمينَ واللّصوصِ، ليسرقوا خزائنَ العراقِ، لن يكونَ حريصًا أبدًا على خزائنِ مِصرَ. قالَ الخبرُ إنّ محمّدَ البرادعي قد صلّى الجمعةَ في أحدِ مساجدِ القاهرةِ. وقالَ الخبرُ أيضًا، دونَ أنْ يسألَهُ أحدٌ، إنّهُ على أتمّ الاستعدادِ لاستلامِ السّلطةِ محلَّ حسني مبارك. وقالَ الخبر أيضًا إنّ محمّد البرادعي طلبَ من حسني مبارك أنْ يتركَ الحكمَ ويخرجَ من مِصرَ. وَكَانَ من الأفضلِ على المجرمِ محمّد البرادعي أنْ يُصلّي الجمعةَ في البيتِ الأبيضِ، أو في ١٠ داوننج ستريت، جنبًا إلى جنبٍ مع مجرمي الحربِ جورج بوش وتوني بلير، ليكفّروا عن جرائمِهم بحقّ الشّعبِ العراقيّ، بدلَ أنْ يعودَ المجرمُ إلى القاهرةِ، ليستأنفَ دورَهُ الإجراميَّ بحقِّ الشّعبِ المصريّ هذِهِ المرّةَ. كانَ على المجرمِ البرادعي أن يقرأَ الفاتحةَ على أرواحِ الأبرياءِ الّذينَ أرسلَهُم إلى المحرقةِ، ليقبضَ ثمنهَم قليلًا من الفضّةِ، بدلَ أنْ يعودَ إلى قاهرةِ المعزِّ، ليطالبَ دونَ أن يسألَهُ أحدٌ باستلامِ السّلطةِ. كانَ على المجرمِ محمّدِ البرادعي أن يختشي ويموتَ، قبلَ أنْ يفكّرَ لحظةً واحدةً أنّ الشّعبَ العراقيّ الحبيبَ والشّعبَ المصريّ الكريمَ قد نسيا جرائمَهُ وكذبَهُ وخداعَهُ ونفاقَهُ ومشاركتَهُ في جريمةِ قتلِ الشّعبِ العراقيّ. جريمةٌ عمرُها نحو عشرِ سنواتٍ ومازالَ الكثيرُ من الأبرياءِ يموتونَ يوميًّا بسببِ هذه الجريمةِ. كانَ على المجرمِ محمّدِ البرادعي أن يطلقَ رصاصةً في رأسِهِ العفنِ، قبلَ أنْ تراودَهُ نفسُهُ لحظةً واحدةً أنّه يتربّعَ على عرشِ السّلطةِ في مصرَ الحبيبةِ أمِّ الدّنيا. إنّ الّذي شاركَ في قتلِ الشّعبِ العراقيّ سيشاركُ أيضًا في قتلِ الشّعبِ المصريّ. والّذي تلطّختْ يداه الكريهتانِ بدماءِ الأبرياءِ في العراقِ، ستُلطّخُ يداه أيضًا بدماءِ الشّعبِ المصريّ الحبيبِ. إنّ الّذي ساهمَ في قدومِ اللّصوصِ والمجرمينَ ليسرقُوا خزائنَ العراقِ، لن يكونَ أبدًا حريصًا على خزائنِ مصرَ. استلامُ السّلطةِ في مصرَ هُوَ الثّمنُ الّذي وعدَهُ الأمريكيّونَ للبرادعي مقابلَ تقريرٍ ملفّقٍ وكاذبٍ عن أسلحةِ الدّمارِ الشّاملِ في العراقِ. هذا التّقريرُ تسبّبَ في إزهاقِ أرواحِ أكثرَ من مليونينِ من الأبرياءِ في عراقِ المقاومةِ. إنّ شخصًا قامَ بهذا الدّورِ الخبيثِ والقبيحِ، وارتكبَ هذِه الجريمةَ، عليه أن يذهبَ إلى المحكمةِ، ليحاكمَ على جرائمِه، بدلَ أن يذهبَ إلى ميدانِ التّحريرِ في القاهرةِ، ليخاطبَ الشّعبَ المصريّ، ويمارسَ نفسَ لغةِ الكذبِ والخداعِ الّتي مارسَها قبلَهُ مجرمٌ آخرُ اسمُهُ حسني مبارك. إنّهُ المجرمُ نفسُهُ، والقناعُ ذاتُهُ، العمالةُ لأمريكا، والتّبعيةُ العمياءُ للغربِ». وبعدُ.

تَوظيفُ الجوائزِ العالميّةِ لخدمةِ المصالحِ الاستعماريّةِ أصبحَ أحدَ سماتِ عَصرِنَا المقلقةِ جدًّا. ففي كثيرٍ مِنَ الأحيانِ تُمنحُ جائزةُ نوبلَ لشخصيّاتٍ لا تستحقّها البتّةَ، ناهيكَ عن منحِهَا لمجرمينَ مِنْ أمثالِ البرادعي. وفي مقابلِ هَذا نلاحظُ تجاهلًا مطبقًا لشخصيّاتٍ محترمةٍ كرّستْ حياتَهَا بالفعلِ لخدمةِ الإنسانيّةِ، ونادتْ بالسّلامِ والتّسامحِ والتّعايشِ بينَ الحضاراتِ المختلفةِ. عميدةُ الاستشراقِ الألمانيّ أنّا ماري شيمل خلّفتْ لنَا أكثرَ مِنْ مئةِ كتابٍ باللّغةِ الألمانيّةِ، سعتْ من خلالِهَا إلى شرحِ الإسلامِ للغربيّينَ، وطالبتِ الغربَ بوقفِ تحيّزِهِ ضدّ المسلمينَ، فكانَ مصيرُهَا التّجاهلَ، والاضطهادَ، والمعاداةَ. وشخصٌ مثلُ البرادعي لم يكتبْ سوى ثلاثةِ كتبٍ لا قيمةَ لها، ويشاركُ في جرائمَ ضدَّ الإنسانيّةِ، يتمُّ منحُهُ جائزةَ نوبلَ، وعشراتٍ منَ الدّكتوراةِ الفخريّةِ. أيظنُّ بنو صهيون والغربيّونَ أنّ بوسعِهم تضليلَ البشريّةِ إلى الأبدِ؟ عملاقُ اللّاهوتِ المسيحيّ هانسُ كينجَ لم يكفّ عَنِ المناداةِ بالتّعايشِ السّلميّ بينَ أصحابِ الدّياناتِ المختلفةِ، ولم يتوقّفْ عَنِ التّأليفِ والإبداعِ، حيثُ نشرَ أكثرَ من سبعينَ كتابًا حتّى الآنَ، وَمَعَ هذا فقدْ وضعَه بنو صهيون على القائمةِ السّوداءِ، وحظروا منحَه أيِّ جوائزَ عالميّةٍ، لأنّهُ قالَ، ضمنَ ما قالَ، إنّ إسرائيلَ تمارسُ سياسةَ «إرهابِ الدّولةِ». عملاقٌ كهذا تحاربُهُ القوى الإمبرياليّةُ الصّهيونيّةُ الأمريكيّةُ، لكنّهم يصطادونَ شخصًا مثل الأسوانيّ المصريّ، ويمنحوه جائزةَ رويكرت، ويشترطونَ عليه مهاجمةَ الإسلاميّينَ والإخوانِ، لمواصلةِ إغداقِهم عليه بالجوائزِ، فيقبلُ راضيًا، ويفعلُ مطيعًا. يقولُ أحمد ناصر الشّريف: «جائزةُ نوبلَ في هَذا الزّمانِ أصبحتْ كالتّاجِ الّذي يُزيّنُ رؤوسَ الشّياطينِ. وكلُّ الجوائزِ الّتي حصدتْهَا مصرُ في الفترةِ الأخيرةِ عن طريقِ العمِّ سَامَ، مَا هِي إلّا نياشينُ عارٍ، وتكريمُ هوانٍ. ويجبُ ألّا تخدعَنا الجوائزُ المشبوهةُ، وتجعلنا نغلقُ العيونَ على الحقائقِ الّتي فرضتْ نفسَها على السّاحَةِ. فكلُّ الجوائزِ الّتي حصلَنا عليها في الفترةِ الأخيرةِ كانتْ إمّا لخيانةِ الوطنِ – السّادات – أو لشركٍ باللّهِ وميلٍ للتّطبيعِ وسبّ النّاصريّةِ والاشتراكيّةِ – نجيب محفوظ – أو لتقاربٍ مع القتلةِ والأعداءِ – زويل – أو لخيانةِ الشّرفِ والأمانةِ – البرادعي». ا. هـ. يقينًا نختلفُ مَعَ تقييمِ أحمدَ ناصرِ الشّريفِ حملةَ نوبلَ العربَ. فعبقريّةُ نجيبِ محفوظٍ لا غبارَ عليها، وإسهاماتُ زويلٍ في تطويرِ العلومِ مشهودٌ بها. أمّا البرادعي، فليسَ له أيُّ إسهامٍ يُذكرُ، وليسَ له أَيُّ عملٍ يستحقُّ أن يحصلَ بِهِ على جائزةٍ عالميّةٍ. وبعدُ.

جَريمةُ البرادعي فِي العراقِ، بمنحِه الضّوءَ الأخضرَ للأمريكيّينَ لتدميرِ هذا البلدِ العربيّ الشّقيقِ، تكرّرتْ بصورةٍ مصغّرةٍ فِي سوريا، حيثُ شاركَ في وضعِ تقريرٍ مملوءٍ بالأضاليلِ والأكاذيبِ، مقدّمًا لإسرائيلَ خيرَ ذريعةٍ لمهاجمةِ سوريا، وضربِهَا بالقنابلِ، وإذلالِهَا. يقولُ يسري أبو شادي: «… فإسرائيلُ قامتْ بضربِ مبنًى بجوارِ ديرِ الزّورِ وادّعتْ أنَّ هَذَا المبنى كانَ مفاعلًا نوويًّا بنوه وساعدَهم فيه الكوريّونَ الشماليّونَ وكانَ هذا المبنى طبقًا للرِّوايةِ الإسرائيليّةِ نسخةً من مفاعلِ بونج بيانج فى كوريا الشَّماليّةِ، والغريبُ أَنَّنِي كنتُ مَسؤولًا عَن هَذا المفاعلِ لسنواتٍ عدّةٍ وأنا صَمَّمتُ مفاعلًا شبيهًا له تمامًا قبلَ ذلكَ وقامتِ المخابراتُ الأمريكيّةُ بنشرِ تقريرٍ إعلامىٍّ حادّ عَنِ المفاعلِ النَّووىّ السُّورىّ وبعدَ ساعاتٍ قليلةٍ من دراستى لتقريرِ المخابراتِ الأمريكيّةِ وصلتُ لقناعةٍ أنَّ هذا التقريرَ مزوّرٌ وأنَّهُ لا يمكنُ أنْ يكونَ هَذَا المبنى الصّغيرُ الَّذِى لا يتعدَّى طولُهُ عشرةَ أمتارٍ مُماثِلًا للمفاعلِ النّووىّ الكورىّ الّذِى يتعدّى طولُهُ خمسينَ مِترا بالإضافةِ إلى أنّ هُنَاكَ أشياءَ أخرى انتهتْ بى إلى وضعِ كتابٍ تحتَ عنوانِ: (حقيقةُ المفاعلِ النَّووىِّ السُّورىِّ) فنّدتُ فِيهِ تقريرَ المخابراتِ الأمريكيّةِ. وهَذا الكتابُ كتبتُهُ بعدَ تَركي الوكالةَ. ولكني أثناءَ تواجدي فى الوكالةِ لم أكنْ أستطيعُ تحمُّلَ تلكَ الأكاذيبِ. فأرسلتُ رسالةً قويّةً إلى البرادعي، وقلتُ له فيها إنّكَ إن لم توقفْ تقاريرَكَ الكاذبةَ، سأرفضُهَا، وسأتكلمُ فى الحقائقِ الفنّيّةِ. وإذا كنتم ستفعلونَ ما تريدونَ، فهذه استقالتى أمامَكم. وبالفعلِ لم يسمعْ هوَ الكلامَ. وأرسلَ إلىَّ ردًّا غيرَ ظريفٍ على الإطلاقِ، ما معناه لماذا تتدخّلُ فى تلكَ المنطقةِ، فسوريا ليستْ من ضمنِ اختصاصاتَكَ. وهذا صحيحٌ. ولكنْ أنا لديّ خبرةٌ على مستوى العمرِ كلّهِ فى المفاعلاتِ النّوويّةِ، وأنا من قمتُ بتصميمِ ذلكَ المفاعلِ الّذي يتحدّثونَ عنْهُ، وأنا من كنتُ مسؤولًا عَن كوريا الشمالية. فلا يمكنُ تجاهلُ كلِّ هَذَا». وبعدُ.

أمّا مصرُ، فيبدو أنّ اللّهَ ابتلاها بالبرادعي الّذي كرّسَ حياتَهُ لتدميرِها ومحاربتِها. فعندمَا رفضتْ مصرُ التّوقيعَ عَلى «البروتوكولِ الإضافيِّ الّذي يمدُّ اتّفاقيّةَ منعِ انتشارِ الأسلحةِ النّوويّةِ، لتصبحَ مدى الحياةِ، ويمنحُ المفتّشينَ سلطانًا أوسعَ» (أبو شادي)، سارعتْ أمريكا وإسرائيلُ لتلفيقِ التّهمِ لمصرَ من أجلِ تركيعِهَا، وإعادتِهَا إلى حظيرةِ الطّاعةِ. فلم تجدْ إلّا البرادعي الّذي هرولَ بدورِه لتلفيقِ تقريرٍ جديدٍ مملوءٍ بالأكاذيبِ عن نيّةِ مصرَ إنتاجَ أسلحةٍ نوويّةٍ. يحكي يسري أبو شادي أنَّ البرداعي ذكرَ في تقريرِه عن مصرَ كذبًا وبهتانًا: «أنّ مصرَ تمتلكُ عيّناتٍ مِنَ اليورانيوم الثّقيلِ. وهو الأمرُ الّذي جعلَ إسرائيلَ تأخذُ كلامَهُ مَرجعًا (يقصدُ ذريعةً) للهجومِ على مصرِ، وادّعتِ امتلاكَها برنامجًا لتخصيبِ اليورانيومِ الثّقيلِ»!! ثمّ يستطردُ أبو شَادي قائلًا: «لم أسكتْ عِندما أعدّ البرادعي هَذا التّقريرَ عَن مصرَ، واعترضتُ. فردّ علىّ البرادعي المصريُّ الجنسيّةُ، قائلًا: إنّكَ بالتّأكيدِ لم تذهبْ إلى مصرَ منذُ فترةٍ، يا أبا شادي. ولذلكَ لا تعرفُ عَنها شيئًا. إلّا أنّني اعترضتُ وقدّمتُ احتجاجًا رسميًّا عَلى التّقريرِ. إلّا أنّ البرادعي استطاعَ تحويلي للتّحقيقِ بسببِهِ لمدّةِ أربعةِ أشهرٍ». وبعدُ.

لَقَدْ أصبحَ مِنَ الواضحِ جِدًّا اليومَ أنّ بَنِي صهيون والأمريكيّينَ قد أعدّوا خطّةً محكمةً لتسليمِ رئاسةِ مصرَ للبرادعي، بعدَ نهايةِ عصرِ المخلوعِ، أو إنهائِه. يقولُ عبدُ اللّهِ هشام: «في نهايةِ عامِ ٢٠٠٩م عندمَا أُحيلَ الدّكتورُ محمّد البرادعي للتّقاعدِ كرئيسِ الوكالةِ الدّوليّةِ للطّاقةِ الذّرّيّةِ، وَهي كغيرِها مِنَ الوكالاتِ العالميّةِ الّتي أُنشئتْ لكي تكونَ مبرّرًا وَداعمًا لأيِّ احتلالٍ للدّولِ النّاميةِ، وذلكَ عَنْ طريقِ دعمِها بتقاريرَ تُعطي بهَا الحقَّ للدّولِ العظمى في الهجومِ على الدّولِ الفقيرةِ ظاهريًّا والغنيّةِ بثرواتِهَا الطّبيعيّةِ (العراقُ أبلغُ مثالٍ عَلى هَذا) – كانتِ القُوى العُظمى تُعِدُّه لمهمّةٍ أخرى، ألا وهي رئاسةُ جمهوريّةِ مصرَ العربيّةِ. (…) فقدْ تمّ الإعدادُ لذلكَ بدقّةٍ. ومعَ أوّلِ تصريحٍ لمحمّد البرادعي على إحدَى القنواتِ الأجنبيّةِ في أنّه لا يمانعُ في أن يخوضَ انتخاباتِ الرّئاسةِ القادمةِ أمامَ حسني مبارك، بدأَ التّلميعُ في الإعلامِ الخاصّ. ولا ننسى برنامجَ (العاشرة مساءً) الّذي كَانَ له السّبقُ في ذلكَ (والدّيمقراطيّةُ يا منى)!! (…) ثُمّ كانتِ (الجمعيّةُ الوطنيّةُ للتّغييرِ)، وبدأنا نشعرُ بأنّ هناكَ بارقةَ أملٍ في أن نتغيّرَ، ونحنُ الّذينَ لم نعتادْ على ذلكَ مِن قبلُ. وبدأَ الشّبابُ يحملونَ بوسترات البرادعي (رئيسًا لمصرَ)، ويستقبلونَهُ استقبالَ الأبطالِ في كلّ مناسبةٍ (نفسُ هؤلاءِ الشّبابِ الّذينَ قامَ البرادعي بمعاملتهِم معاملةً فظّةً عندَ عزاءِ خالِه بعدَ الثّورةِ). ويمرّ الوقتُ حتّى جاءتِ الثّورةُ المصريّةُ من رَحمِ مُظاهراتٍ احتجاجيّةٍ عاديّةٍ، فما لبثتْ أنْ بدأتْ تكبرُ وتستمرّ يومًا بعدَ يومٍ. هُنَا حضرَ إلينا البرادعي فجأةً من سفرِهِ بالخارجِ. وانضمّ للثّوّارِ، لكي يُصبحَ هُوَ رمزًا للثّورةِ المصريّةِ على أكتافِ الشّبابِ. ولا ننسى لقاءاته المستمرّةَ خلالَ فترةِ الثّورةِ معَ السّفيرةِ الأمريكيّةِ. وتنحّى مبارك، وتسلّمَ المجلسُ العسكريُّ البلادَ. وَهُنَا بدأَ محمّدُ البرادعي يفرضُ علينَا أفكارَه وآراءَه، وكأنّهُ العالمُ ببواطنِ الأمورِ. فاستفتاءُ مارسَ ٢٠١١م: البرادعي يقولُ (لا) للدّستورِ، ويتمّ تهيئةُ جميعِ وسائلِ الإعلامِ لدفعِ الشّعبِ المصريّ للتّصويتِ بـ (لا). ولكنْ هُنَا ظهرَ في المعادلةِ طرفٌ آخرُ، وَهُوَ القوى الإسلاميّةُ الّتي كانتْ ترغبُ في الاستقرارِ، ودفعتِ الشّعبَ للتّصويتِ بنعم. هُنَا بدأَ البرادعي بالرّفضِ. أوّلًا: رفضَ الإعلانَ الدّستوريّ، لأنّ الشّعبَ الموافقَ عليه غبيّ وجاهلٌ. ثانيًا: رفضَ الانتخاباتِ التّشريعيّةَ، لأنّ الشّعبَ الّذي اختارَ الإسلاميّينَ غبيّ وجاهلٌ. ثالثًا: الانسحابُ من خوضِ انتخاباتِ الرّئاسةِ، لأنّ الشّعبَ الّذي سوفَ يختارُ الرّئيسَ المنتمي للتّيّارِ الإسلاميّ غبيّ وجاهلٌ. رابعًا: طالبَ المجلسَ العسكريّ بمدِّ الفترةِ الانتقاليّةِ حتّى نهايةِ عامِ ٢٠١٣م، لأنّ الشّعبَ المصريّ لا يزالُ غبيًّا وجاهلًا بالدّيمقراطيّةِ. خَامسًا: جمعيّةٌ تأسيسيّةٌ أولى منتخبةٌ من مجلسِ شعبٍ منتخبٍ فاشلةٌ، لأنَّ، من وجهةِ نظرِ سيادتِهِ، الجاهلَ الّذي ينتخبُ جهلةً ينتخبونَ جهلةً. وما بُني على جاهلٍ، فهو جاهلٌ. سادسًا: جمعيّةٌ تأسيسيّةٌ ثانيةٌ منتخبةٌ توافقيًا، وفي وجودِ رئيسٍ منتخبٍ، مرفوضةٌ وباطلةٌ. سَابعًا: عندما يصدرُ الرّئيسُ الشّرعيُّ المنتخبُ قوانينَ، لأنّ سلطةَ التّشريعِ صارتْ معه لفترةٍ مؤقّتةٍ، بهدفِ الحفاظِ على المؤسّساتِ المنتخبةِ الباقيةِ من العَبثِ بها، فقدْ أصبحَ هذا الرّئيسُ ديكتاتورًا. فهو جاهلٌ، ولا يعرفُ معنى الدّيمقراطيّةِ، وشعبُهُ جاهلٌ، جاهلٌ، جاهلٌ. فمعذرة، يا دكتور محمّد البرادعي، فأنا جاهلٌ ابن جاهلٍ، أخو جاهلٍ، صديقُ جاهلٍ، وأنتَ الوحيدُ العالمُ فينا، وأتباعُك همْ عباقرةُ هذا الزّمانِ. ولكن دعني أخبرْكَ سِرًّا: فنحنُ سعداءُ بجهلِنَا جدًّا، وما تظنّه أنتَ جهلًا، نعلمُ نحنُ أنّه لا يفهمُ شؤوننا سوانا. فمعذرة أيّها الجاهلُ بالشّعبِ المصريّ، نحنُ لا نريدُ عَميلًا آخر يحكمُنَا». وبعدُ.

مَوقفُ البرادعي العامُّ مِنْ مِصْرَ، ومن ثورتِهَا المجيدةِ، يمكنُ فهمُه بسهولةٍ ويسرٍ من منظورِ علاقتِه ببني صهيون. فممّا يؤسفُ له حقًّا أنّ اليهودَ مازالوا مُصرّينَ على استعبادِ الشّعبِ المصريّ، ونهبِهِ، وتضليلِهِ. وهمْ يستخدمونَ العملاءَ المطيعينَ جدًّا، مِنْ أمثالِ البرادعي، من أجلِ إعاقةِ مسيرةِ ثورةِ مصرَ المجيدةِ بجميعِ الوسائلِ الممكنةِ. الدّيمقراطيّةُ الحقيقيّةُ ممنوعةٌ على شعبِ مصرَ. وأصبحنَا نسمعُ الآنَ أصواتًا تنادي بأشكالٍ جديدةٍ منَ الدّيمقراطيّةِ. همْ ينادونَ بنوعٍ مِنَ الدّيمقراطيّةِ يمكنُ تسميتُهَا «ديمقراطيّةَ الهمجِ»، أو «ديمقراطيّةَ الأقلّيّةِ»، حيثُ يطالبونَ أن تحكمَ الأقلّيّةُ الأغلبيّةَ، وينادونَ بعملِ انتخاباتٍ شبهِ يوميّةٍ. والواقعُ أنّ كلّ هذه الخزعبلاتِ لا تهدفُ إلّا لشيءٍ واحدٍ هو تبديدُ طاقاتِ الشّعبِ المصريِّ، وصرفُهُ عن استكمالِ مسيرةِ الثّورةِ، وإعاقتُهُ عن اللّحاقِ بركبِ الحضارةِ الحديثةِ. وَقَدْ نشرتْ وسائلُ الإعلامِ المصريّةُ مؤخرًا نتائجَ التّحقيقاتِ الّتي أجريتْ مَعَ الجاسوسِ الأردنيّ الّذي تمكّنتْ إسرائيلُ من تجنيدِهِ ليعملَ لصالحهَا في مِصرَ، حيثُ لم يصدّقِ النّاسُ ما سمعُوه مِنَ اعترافاتِ هذا الجاسوسِ. لقدْ كلّفتْهُ إسرائيلُ بثلاثِ مهمّاتٍ واضحةٍ: أوّلًا التّرويجُ للبرادعي رئيسًا لمصرَ، وثانيًا تسويقُ مادّةٍ مسرطنةٍ لفردِ الشّعرِ، وثالثًا تسويقُ فيشةٍ كهربائيةٍ تحتوي على آلةِ تصنّتٍ. يقولُ الخبرُ: «نصُّ التّحقيقاتِ مَعَ بشّار أبي زيد، الأردنيّ الجنسيّةِ، المتّهمِ بالتّجسّسِ على مصرَ لصالحِ الموسادِ الإسرائيليّ، فِي القضيّةِ رقم (١٤٦) لسنةِ ٢٠١١م، والمعروفةُ إعلاميّا بـ (جاسوسِ الاتّصالاتِ)، والاشتراك معَ ضابطينِ إسرائيليّينِ هاربينِ، لمدّ المخابراتِ الإسرائيليّةِ بمعلوماتٍ وتقاريرَ هامّةٍ عَن بعضِ الشّخصيّاتِ المصريّةِ مِنْ خِلالِ التّصنّتِ عَلى مكالماتهم ومحادثاتِهم عبرَ الإنترنتِ، وذلكَ بقصدِ الإضرارِ بالمصالحِ القوميّةِ للبلادِ. وفجّر المتّهمُ أثناءَ تحقيقاتِ النّيابةِ الّتي أجراها المستشارُ طاهرُ الخولي مفاجأةً مدويةً، حيثُ ذكرَ أنّ ضابطَ الموسادِ الإسرائيليّ الهاربَ موشيه إيفور، الّذي تعرّفَ عليه عبرَ الإنترنتِ، كانَ يطلبُ منه دائمًا التّرويجَ للدّكتور محمّد البرادعي، رئيسِ الوكالةِ الدّوليّةِ للطّاقةِ الذّرّيّةِ السّابقِ، والمرشّحِ لرئاسةِ الجمهوريّةِ في الانتخاباتِ المقبلةِ. وعندما استفسرَ منه عن كيفيّة التّرويجِ له، أكّد أنّ ذلكَ يكونُ عَن طريقِ الحديثِ مَعَ المقرّبينَ والأصدقاءِ عن البرادعي، وتحسينِ صورتِهِ، وأنّهُ شخصيّةٌ تستطيعُ النّهوضَ بمصرَ والتّقدّمَ بها إلى الأمامِ. وأوضحَ أنّ الضّابطَ طلبَ منه كثيرًا قبولَ أن يكونَ الوكيلَ الأوحدَ في مصرَ، لبيعِ منتجاتِ الكرباتينِ المستخدمِ في فردِ الشّعرِ، وأنّهم قادرونَ على تصنيعِهِ في إسرائيلَ وتصديرِه إليه في مصرَ، لبيعِه بسعرٍ أقلّ من المنتجِ الأصليّ، وتزويرِ أوراقِ المنتجِ، ليدوّنَ عليه (صُنِعَ في تركيا)، بلدُ المنتجِ الأصليّ. وأعطاه روابطَ لمواقعَ مدوّن عليها التّركيباتُ. فاكتشفَ المتّهمُ أنّ بعضَ الموادّ المكوّنةِ للمنتجِ تتسبّبُ في الإصابةِ بمرضِ السّرطانِ. وعندما واجَه الضّابطَ بهذه الحقيقةِ، ردّ عليه قائلًا (وإيه يعني؟) وطلبَ منه البحثَ عن أشهرِ أسمَاءِ مصفّفي الشّعرِ. كما كشفَ المتّهمُ في التّحقيقاتِ عن أنّ الإسرائيليّينَ وعدوه بأن يكونَ الوكيلَ الوحيدَ في مصرَ لتوريدِ (فيشٍ كهربائيّةٍ)، مقابلَ ضمانِ سلامةِ المنتجِ لمدّةِ خمسِ سنواتٍ. وَهُوَ ما دفعَه إلى السّؤالِ عَن سببِ طُولِ مدّةِ الضّمانِ. فأجابَه الضّابطُ الإسرائيليّ بأنّ المنتجَ سيتعطّلُ بعدَ فترةٍ قصيرةٍ، فنستردّه مِن المشترينَ، ونستبدله بآخرَ، ليكتشفَ أنّ هذِه المنتجاتِ تستطيعُ تسجيلَ ما يجري دَاخلَ الغرفِ، وأنّها مُخصّصةٌ للتّجسّسِ، الأمرُ الّذي رفضَه بشّار تمامًا».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023