واستمرارا لمنهج صناعة النجم على الطريقة الأمريكية تذكر صحيفة الأهرام فى عددها الصادر بتاريخ 2 نوفمبر 1954 أنه بعد مرور أسبوع على الحادثة، وجد عامل بناء صعيدى يُدعى "خديوى آدم" المسدس الذى تمت به محاولة اغتيال عبد الناصر، فسافر من الإسكندرية، إلى القاهرة "سيراً على قدميه" ليُسلم المسدس بنفسه إلى عبد الناصر.. الأمر الذى يذكرك اليوم بعنوان إحدى الصحف المصرية عندما تكتب "هجوم من ملثمين ملتحين"!!!.
وبينما تتهافت تجربة العسكر مع هزيمة 1967، وتذهب سكرة التعاطف الشعبى مع محاولة الاغتيال المزعومة، لتأتى الفكرة مع مرارة الهزيمة، وتبدأ بوادر ثورة جديدة، وخاصة على أيدى شباب الجامعات، ضد الفساد ومراكز القوى وحكم العسكر الذى أضاع الحدود، ليعيث فسادا فى الحياة السياسية فى الداخل، تتدخل صناعة النجم من جديد لينصح خبراؤه ناصر بتمثلية جديدة حملت عنوان "خطاب التنحى".
المشهد الثاني: وبعد نحو نصف قرن على هذه الأحداث، يخرج مذيع إحدى الفضائيات ليسأل طفلة عمرها 10 سنوات استشهد والدها فى فض رابعة العدوية قائلا: من تحملين مسئولية مقتل والدك؟ فتجيبه: جمال عبد الناصر.. فهو سبب كل ما نعانيه اليوم!!!!
المشهد الثالث (فلاشات): ذراعاه أشبه بعود أخضر يانع لم يسمن بعد، تتحركان فى الهواء بينما عروقه الغضة نافرة من عنقه وهو يهتف بانفعال فى صوت طفولى نضج مبكرا: "الشعب المصرى قالها قوية.. مرسى رئيس الجمهورية"، فتجيب مئات الألوف من الحناجر هتاف الطفل الذى لم يتجاوز عامه التاسع بعد، حتى تطغى على أصوات الرصاص وقنابل الغاز.
صورة لرجل ستينى وقور ترفع داخل جنبات المسجد الأقصى المبارك لتنعكس أشعة القبة الذهبية على عينيه لترسم لوحة صمود أبهرت العالم.
شاب يضع "توكة" فى شعره المرسل على كتفيه، ويتدلى بنطاله عن وسطه سنتيمترات لأسفل، ينطق الـ"ص"، كأنها "س"، ثم يهتف "يا قضاة المسرحية.. المحاكمة دى هزلية.. مرسى رئيس ومعاه شرعية.. بالروح بالدم نفديك يا إسلام".
بعد 120 يوما مصبوغة بالدم والألم والصبر والصمود، يطل الرئيس المنتخب شامخا بين جلاديه، فيطأطئون رؤوسهم وتخرس ألسنتهم ويخسئون، بينما تتأجج الثورة فى نفوس مؤيدى الحرية والشرعية حول العالم، ويتحول مرسى لزعيم عالمى، لأسباب عدة فى مقدمتها غباء الانقلابيين.. فالغباء جند من جنود الله يسلطه على من يشاء… إنه المنهج الربانى فى صناعة النجم.
خلاصات: المنهج الربانى فى صناعة النجم: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وتَنـزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).. تؤلَّف له القلوب بقدرة من كانت القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف شاء.
أما المنهج الأمريكانى، فما أسرع ذوبانه كما تذوب أقنعة الشمع تحت شمس الحقيقة.
فيما يتعلق بالسيسى، فإننا لم نتناوله كنموذج لصناعة النجم على الطريقة الأمريكية؛ لأن النموذج الأصلى من صنائع الاستعمار أولى بالتناول من "التايوانى"
.