أعتقد ذلك

حرية … تن.. ترن.. تن.تن ، حرية … تن.. ترن.. تن.تن
لا أدري لماذا كنت أعشق هذا الهتاف كثيراً !
. . . . . .
وأخيراً .. مُعتقل !
مشاعر كثيرة … مُبعثرة … نقلة كبيرة من مطارد .. لمعتقل
شعور مختلف، بشر مختلفون تماماً
بعد القبض عليّ ،وحفلة الإستقبال في القسم
أغلق الشاويش باب الزنزانة .
زنزانة صغيرة مُعتمة ، مُلبدة بغيوم الدخان الصادر من أفواه المساجين
نظرة لدقائق ،ثم جلست وبدأت الرحلة في زنزانتي الأولى
وأصبحت معتقلا .
حرية …..
أصل البراح زنازين والسجن حرية !
من أين أتى بهذا المعنى الغريب ؟!
أين البراح ؟ وأين الحرية !
. . . . . .
ليست الزنزانة أربعة جدران، هناك جِدار خاصاً يُخفي خلفه مايُطلَق عليه دورة المياة !
هي لاتمت للآدمية بصلة، ولا أعتقد انها تمت أيضاً إلى الحيوانية بصلة !
تتعامل مع أفراد أمن هنا لايمكن أن يكونوا بشراً على رأس السلسلة البيولوجية ، أعتقد أنهم يمثلون الحلقة المفقودة بين الإنسان والشامبانزي!
أعتقد ذلك
أعتقد ذلك
حرية ……
لفت نظري الشيخ مجدي زميلي في الزنزانة أن كلمة السجن لم تأت في القرآن إلا في مصر !
ملاحظة جيدة !
. . . . . .
هنا تمر الأيام متشابهة..
كان أول يوم سعيد، عندما كتب " إبراهيم " زميلى أول خطاب لأمه بعد أن أكرمنى الله بتعليمه القراءة والكتابة ، كتب لها : " أمى وحشتيني ، سامحيني ، أنا الآن أحلى ، إدعيلي ، هابقي كويس " وختم الخطاب بإسمه !
نظر لي وابتسم وقال: هل سيُصدِقون أني من كتبت هذا ؟!
لمحت دمعة في عينيه فابتسمت وأشرت له بالموافقة .
حرية ….
رائعة هي هتافات الطلبة المعتقلون في الزنزانة المجاورة .
نهتف معهم :
شمس الحرية .. ياغراب ومعشش
نعم فالهتاف …… حرية !
. . . . . .
هنا تشكيلة كبيرة من البشر ،النسبة الأكبر ليست من الإخوان ، والقليل من مؤيدي السيسي !
نعم لاتتعجب ، هنا الكثير منهم
" أيمن " طالب بكلية التجارة مثال لهم ، فهو وعائلته من مؤيدي السيسي ، حكى لي أنه تم (تثبيته) على الدائري قرب المحور،سُرِق منه مبلغ كبير نَزَل إلى نقطة شرطة المحور ، حاول صديقه إثنائه ولكنّه صَمّم أن يذهب بدعوى أنه نزل 30 يونيو لتعود الشرطة ،لم يُدرِك شيئاً إلا وهو معنا هنا مُعتقلاً ومُتهماً بحرق مُدرّعات ومقاومة سلطات !
" أيمن " مثال لما يصنعه هذا النظام الغبي هنا ، يصنع أكبر تيار مُعارِض ، وأكبر صدور مُمتلِئة بالرغبة في الإنتقام .
حرية ….
الحرية هنا ساعة نخرج خارج زنزانتنا للتريض ، إلى زنزانة أكبر قليلاً
نرى الشمس من شباك أكبر قليلاً !
. . . . . .
فكرت !
لعل الآن مصر بالخارج بالنسبة لصديق ثائر 30 يونيو الذي هتف ولايزال " يسقط كل من خان " أصبحت أفضل فقد نقص الخونة واحدا ، ولكن ……..
" محمد شريف " زميلي المُعتقل الإبريلي وأحد مؤسسي جبهة ثوار أكد لي أن مصر أصبحت أسوأ بالخارج .
لماذا نتفق دائما في المعتقلات ؟ ونختلف في كل شيء !
حرية …
هتفتْ … علّي في سور السجن وعلّي …بكرة الثورة تشيل ماتخلّي .
سأل زميلي ….. متى يأتي " بكره " !؟
. . . . . .
في أول زيارة – ونحن ننتظر الأهل والأحباب – دخل طفل صغير ، استعدّ والِده لإستقباله واحتضانه .
فجأة …..توقف الطفل ، ظننا جمعياً أنه لم يعرف والده , فقد طالت الغيبة !
وأيضا ربما لأنهم حلقوا لنا جميعاً " زيرو " وألبسونا شيئاً يُشبِه الكفن !
ولكن الطفل قال لوالده فجأة أنت كذّاب يابابا …… ذُهِل الجميع ، ردّ الأب لماذا ؟
قال الولد : لأنك بتقولي كل مرة هاجي معاك ومش بتيجي .. لم يستطع أحد منّا إخفاء دموعه ، أو إيقافها .
حرية …
جريدة حكومية , دخلت الزنزانة تشعُر وأنت تقرأها أنهم يحاولون إخفاء شيئاً ما يحدث في مصر …
يحاولون إخفاء " الحرية " !
. . . . . .
عندما حكى لي "المهندس شعبان" أحد مؤسسي حزب الحرية والعدالة وأحد رموزه من خارج الإخوان أن الإخوان وضعوا له عضواً صغيراً في الحزب يُراقبه ويُراقب أعماله الحزبية , فقط …. لأنه ليس من الإخوان !
تسائلت ….. هل نحن هنا بسبب ظُلم من الطُغاة فقط ؟ أم أن هناك أسباب أخُرى ترجِع إلينا !
لازلت أبحث عن إجابة .
حرية ………
حرية علي طول الزمان ، حُب … علشانك يابلدي سحابة وتعدي .
ضحك جاري في " النمرة " وأنا أُقلّد " وجدي العربي " ، وأخبرني أنه الآن في قطر !
. . . . . .
لا أُخفيكم …. وحشتني مصر ، ميادين الثورة ، المسيرات ، أصدقاء الفيس ، وطني
غير أني وجدت إجابة لمعنى الوطن الذي كُنت أبحث عنه ، لا ليس الوطن هو المكان الذي تولد فيه ، وليس المكان الذي فيه أحبابك وأصدقائك .
إذا كنت مصرياً …… فوطنك هو المكان الذي " تُسجن فيه " !
حرية … تن.. ترن.. تن.تن ، حرية … تن.. ترن.. تن.تن