شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

لماذا بُحّ صوت أردوغان ؟ محمود الرنتيسي

لماذا بُحّ صوت أردوغان ؟ محمود الرنتيسي
تتجه الانظار بعد ساعات قليلة إلى نتائج الانتخابات البلدية التركية التي تحمل في جنباتها أبعادا...

تتجه الانظار بعد ساعات قليلة إلى نتائج الانتخابات البلدية التركية التي تحمل في جنباتها أبعادا تتعدى المحلية بكثير, وبشكل عام فقد بدأت الانتخابات المحلية في أكثر من بلد خصوصا في بلدان الشرق الأوسط تجلب انتباه الإقليم كله بل وتتجاوز لتصل إلى التدخل المباشر أحيانا, وذلك لما يعنيه فوز حزب معين بالانتخابات البلدية من شعبية قد تؤهله للفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية وبالتالي تنفيذ أجندته وخططه من خلال مؤسسات الدولة.

 

في تركيا تحديدا يخوض حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية هذا العام في ظل أجواء مشحونة منذ أحداث "جيزي بارك" في اسطنبول في يونيو 2013 وصولا إلى حرب التسريبات وأزمة الفساد في 17 ديسمبر الماضي, التي اضطر على إثرها أربعة وزراء على تقديم استقالاتهم من الحكومة, وما زالت معركة العدالة والتنمية بقيادة أر دوغان مستمرة مع جماعة الخدمة التي يقودها فتح الله جولان المتواجد في بنسلفانيا الأمريكية, حيث بلغت الأمور بينهما مرحلة كسر العظم بعد تحالف سابق في الماضي, أدى لاتهام أردوغان وأبنائه بالفساد من خلال نشر تسجيلات لأردوغان نفسه تم الرد عليها حينها بأنها خضعت لمونتاج وأنها عارية للصحة خاصة أنها جاءت قبيل الانتخابات, فيما يتهم أردوغان الجماعة بإدارتها لدولة داخل الدولة من خلال عناصرها المتنفذين والموجودين في الشرطة والقضاء خصوصا, والذين نقل وأقيل بعضهم في الأيام الماضية.

 

ما سبق على الصعيد الداخلي الذي كانت فيما سبق تؤرقه المسألة الكردية التي نجح العدالة والتنمية في فك كثير من رموزها ويؤكد هذا تصريح عبدالله أوجلان المتوافق نسبيا مع رؤية أردوغان للأزمة الحالية, يزيد هذا تعقيدا على الصعيد الخارجي اضطرار تركيا لتغيير سياستها الخارجية تجاه بعض الأنظمة في مصر وسوريا والإمارات والعراق, إضافة لمستجدات متعلقة بأزمات الإقليم مثل الملف النووي الإيراني بعد اتفاقية جنيف, والموقف التركي من احتلال روسيا للقرم.

للوهلة الأولى عندما ترى البيئة الخارجية والداخلية تشعر أنها أزمة كبيرة وهي بالفعل كذلك لكن هذا لا يلبث أن يتلاشى عندما يقدر لك أن تشارك في مهرجان من المهرجانات التي ينظمها العدالة والتنمية مثل مهرجان أسطنبول الذي لم تشهد تركيا حشدا من قبل مثله وقدر العدد بمليوني مشارك, ويحرص أردوغان بنفسه على حضورها بنفسه ملقيا فيها خطاباته ومذكرا بانجازاته لتهتف باسمه الجموع والملايين, ليصل المتابع لحقيقة هي أن هذه الأعداد هي التي يراهن عليها الرجل, ويتنبأ البعض بنتائج الانتخابات من استقرائها.

 

وعلى النقيض هناك متذمرون من سياسة الزعيم التركي متهمين إياه بالديكتاتورية والفساد خاصة بعد إغلاق تركيا لموقعين عالميين تويتر ويوتيوب مؤخرا بحجة الخطر على الأمن القومي التركي حيث ترفض هذه المواقع التعاطي مع قرارات محاكم تركية بحذف حسابات ومقاطع مثل المقطع الأخير لتسجيل اجتماع وزير الخارجية ومدير المخابرات بخصوص موضوع أمني متعلق بسوريا.

 

لا يخلو أي بلد من فساد ولا يصفو مزاج زعيم من نزعة فردية ولكن الحكم هنا لا يكون بالعواطف بل بالأحداث والمواقف ويكون التقييم بالتقدير والحساب والانجازات فالناظر إلى تركيا اليوم يشعر بالانبهار إذا قدر له أن يراجع أرقامها قبل عشر سنوات من ازدهار وتنمية, متسائلا أي فساد معه ممكن أن تحدث مثل هذه التنمية, وأي ديكتاتورية معها يتهم زعيم المعارضة علنيا رئيس الوزراء بالكذب, ولا يعني هذا تقديس الرجل وتنزيهه عن الخطأ فمن وجهة نظري الشخصية في هذه اللحظة أن قرار إغلاق مواقع التواصل ليس صائبا إلا أن تظهر معلومات تثبت صحته.

 

لكن الجموع التي ستصوت بعد ساعات قليلة والتي دعاها أردوغان قائلا إذا كنت ديكتاتورا فها هي الصناديق أسقطوا من خلالها الديكتاتور, لن تنظر هذه الجموع هذه المرة كالسابق في الإغلب إلى بنية تحتية ببناء جسر أو حفر نفق أو إنشاء مطار أو محطة مترو على أهميتها, ولكنها ستقيم السياسة الداخلية والخارجية وسيكون هناك دافع جديد لمؤيدي أردوغان هو تنامى الشعور لديهم بالمؤامرة الخارجية التي تحتاج لمواجهة من خلال الصناديق. وإضافة لما سبق فإن أردوغان الذي حرص قبل يومين على إلقاء كلمة في مدينة فان رغم نصيحة مستشاريه بعدم إلقائها بسبب بحة صوته نتيجة خطاباته التي زادت عن خمسة أو ستة خطابات في يوم واحد. أكد بذلك إدراكه لخطورة المرحلة وموصلا رسالة مفادها خطورة ترك الفراغ في هذه الأجواء المشحونة.

 

وعلى كل حال إن هناك شبه توافق بين المراقبين والمتابعين أن ما تعيشه تركيا الآن هو ضمن سلسلة موجات لن تكون نهايتها بنتيجة الانتخابات الحالية بل ربما تكون هي البداية وسيعد كل طرف أسلحته وعدته لاستئناف المواجهة علما أن نتيجة الانتخابات البلدية ستكون إضافة للذخيرة السياسية للفائز.

المصدر:رصد



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023