شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

“رصد” تكشف عن مافيا الفساد داخل السجون المصرية

“رصد” تكشف عن مافيا الفساد داخل السجون المصرية
"كل شيء ممكن بالفلوس داخل الزنزانة"، جملة قالها أحد أمناء الشرطة لأحد أهالي المعتقلين أراد الاطمئنان علي نجله داخل السجن، مؤكدا ان الفلوس تفتح الأبواب المغلقة من حذف الاسم من المحضر وحتى دخول "الموبايل".

“كل شيء ممكن بالفلوس داخل الزنزانة”، جملة قالها أحد أمناء الشرطة لأحد أهالي المعتقلين أراد الاطمئنان علي نجله داخل السجن، مؤكدا أن الفلوس تفتح الأبواب المغلقة من حذف الاسم من المحضر وحتى دخول “الموبايل”.

وتشمل قائمة الأسعار: 50 ألف جنيه لحذف اسم المعتقل من المحضر بعد القبض عليه.. 10 آلاف جنيه لحذف الاسم من قائمة المطلوبين.. 150 جنيها للنوم على جنب واحد بالتناوب.. 100 جنيه للسماح بدخول أطعمة خاصة.. 100 جنيه للنوم في الطرقة، حال عدم وجود مرور من القيادات.

تقول كريمة جمال، شقيقة المعتقل احتياطيا عامر جمال: تقسم الزنزانة إلى بلاطة ونصف للمعيشة وسبع بلاطات للنوم، وإذا أراد المعتقل سعة فإن عليه أن يدفع مبالغ مالية للمسجون الجنائي المسيطر على العنبر والمعروف باسم “النبطشي”. 

رشوة مالية

تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأمين شرطة بقسم شرطة ثان الرمل، شرق الإسكندرية، يتقاضى رشوة مالية من ذوي المحتجزين داخل القسم للسماح لهم بإدخال مواد غذائية لذويهم داخل القسم، وهو ما بادرت مديرية أمن الإسكندرية بالإعلان عن فتح تحقيق فيه.

150 جنيها مقابل النوم

حسن محمد، معتقل سابق بقسم مدينة نصر يقول لـ”رصد”: “هكلمكوا عن معاناتي ودخولي القسم وإيه اللي بيحصل تحت في الحبس.. حبس الموت، لك أن تتخيل أول صدمة عند دخولك، فهناك حجرة 5 أمتار بها حوالي 110 متهمين ما بين جنائي وسياسي.. من أول لحظة إلى دخولي الحبس وجدت زعيم الجنائيين يقول لي: إيدك على 150 جنيها، مش عاجبك ممكن أنيمك جنب دورة المياه، قلت له أول زيارة لي هديك المبلغ قال ماشي شاف لي مكان يدوب أعرف أقف فيه ودفعت له الفلوس وكان كل يوم بيطلب حوالي 20 جنيها”.

ويضيف حسن: “كل ده علشان أعرف أنام على جنبي وحوالي 4 يضعوا رجليهم فوقي نايمين عكسي بس احنا علشان بندفع نعتبر مستريحين، أما الغلابة اللي مش معاهم فلوس بينام كل واحد فيهم حوالي ساعة بالدور في مكان قذر جنب دورة المياه واللي عايز يخش الحمام يدوس عليهم، بس أهم حاجة يغفلوا شوية يخلصوا الساعة بتعتهم يقوموا ويخشوا على الحمام يفضلوا وقفين فيه لحد لما ييجي دورهم تاني علشان يناموا الساعة بتاعتهم”.

وتابع: “فيه ناس كنت بلاقيها نايمة في الحمام في المياه والقذارة وسط الزبالة والمجاري طافحة ومستحملين كل هذا فقط علشان مش معاهم فلوس يدفعوا زينا علشان يناموا دا غير الفلوس اللي كل يوم بتتلم لأمناء الشرطة اللي بره لو قصرت معاهم في الفلوس هيكدروا الحبس كله وهيجبلك ناس تانية يحشرها وسطنا فكل واحد يدفع وهو ساكت”.

الحاجة عفاف

وتؤكد الحاجة عفاف أنها كانت تدخل الطعام لابنها في محبسه بمديرية أمن الإسكندرية قبل ترحيله إلى سجن برج العرب، وذلك بدفع 100 جنيه مصري لأحد أفراد الأمن المعروفين لدى أهالي المعتقلين، وتشير إلى أنها عاجزة عن إيجاد من يوصل لابنها ما يحبه من طعام في سجن برج العرب، “حتى لو بالفلوس”، على حد قولها.

 

50 ألف جنيه قبل المحضر

50 ألف جنيه ومنعملش محضر لابنك وتاخده وتروح.. جملة قالها أحد الضباط لوالد محمد محسن بعد القبض على نجله خلال تظاهرة معارضة لحكم العسكر.

يقول والد محسن: الضابط قالي قدامك ساعة تدبر المبلغ، وبعد تدبير المبلغ تم إنقاذ ابني من الاعتقال.

النوم 4 ساعات في الممر 100 جنيه  

إبراهيم عبد العال يعمل موظفا، ولديه قريب محتجز في قسم شرطة كرموز بوسط الإسكندرية، تمكن بصعوبة بالغة من إبرام اتفاق مع أمين الشرطة الذي يقوم بحراسة الحجز في النوبة الليلية.

يقول عبد العال: بموجب الاتفاق يقوم فرد الأمن بالسماح لـ5 من المحتجزين مع قريبه في الزنزانة، بالنوم يوميا في أحد الممرات المتاخمة للزنزانة مدة 4 ساعات في الليل أثناء عدم مرور أي من القيادات الشرطية، مقابل دفع 100 جنيه لكل منهم، بينما يتقاسم الآخرون النوم قياما وقعودا داخل أرضية الزنزانة.

معرفة مكان حبس المعتقل

ليس من السهل أن تعرف مكان المعتقل دون أن تدفع المعلوم؛ حيث يقوم رجال الشرطة والمخبرون بالتفنن في إذلال المعتقلين من أجل إجبارهم على دفع رشوة.

لم يعد بمقدور عائلة المعتقل محمد إبراهيم الاستفسار عن مكان وجوده وهل هو داخل القسم أو في أي مكان للاحتجاز إلا بعد الدفع.

يقول محمد إبراهيم: “أهلي قاموا باللجوء إلى أحد العناصر الأمنية للتعرف على مكان احتجازي بمديرية أمن الإسكندرية بعد إلقاء القبض عليَّ مقابل مبلغ مالي كبير بعد أن رفض المسؤولون إخبارهم مكان وجودي لأكثر من 10 أيام”.

وأضاف: “الأمر تكرر بعد انتقالي إلى قسم شرطة المنتزه أول وأصبح لزاما على أفراد أسرتي توفير مبلغ مالي لعدد من المخبرين لضمان دخول الأطعمة والاحتياجات الأساسية لي، خاصة أن مكان الحجز يتكدّس بداخلة المحتجزون والمتهمون بصورة مضاعفة للأعداد التي يتحملها، لدرجة لجوء البعض للنوم داخل دورات المياه من شدة الزحام، كما لا يقدم لنا أي وجبات أو توفير الأغطية والمفروشات”.

دخول الزيارة مقابل المعلوم

 فكري عبد الرحيم، محامٍ وعضو هيئة الدفاع عن عدد من المعتقلين، أكد أن الزيارات القانونية التي يحق للمحتجزين استقبالها من أهاليهم وذويهم، لا يمكن إجبار الشرطي على تنفيذها دون دفع المعلوم.

وأضاف عبد الرحيم: “رغم إنهاء أسرة المحتجز كل الإجراءات اللازمة فإنها قد تتعثر في الخطوة الأخيرة بسبب رفض فرد الحراسة إتمام الأمر؛ حتى إن الكثير من الأهالي بات يضع المعلوم ضمن البنود والاحتياجات اللازمة، مثل الأكل والشرب التي يجب توفيرها للمعتقل”.

وتابع: “لم يقتصر أمر “المعلوم” على المحتجزين من البالغين للسن القانونية؛ إذ يعاني الأطفال المحبوسون في حجز المؤسسة العقابية في منطقة كوم الدكة، من الأمر ذاته، ويبقى “المقابل المادي هو اللي بيخلص”.

تبديل المتهمين

يقول محمد يحيى إن الشرطة كانت تريد القبض على شقيقي وهو مسافر خارج مصر، وحينما لم يجدوه أضافوا اسم اثنين من أشقائي الآخرين في المحضر، وجاءوا للقبض عليهما، إلا أنهما لم يكونا موجودين في المنزل، وعلمنا من بعض الأشخاص من ذوي الصلة بقسم الشرطة أن الموضوع يمكن أن تتم تسويته بالمال.

وأضاف أنهم طلبوا عن كل فرد مبلغ ٥ آلاف جنيه ويتم حذف اسم الشقيقين من المحضر، وبالفعل بعد الدفع تم تمزيق المحضر  وعمل محضر جديد يخلو من أسماء شقيقَيَّ.

 10 آلاف للرفع من قائمة المطلوبين

وحدثت مع بعض الأسر واقعة مشابهة؛ حيث ذهبت قوة من الشرطة للقبض على أحد الأشخاص، فقال لهم والده إنه مسافر للعمل بالخارج منذ أكثر من عام، فلم يصدقوه، وقالوا لوالده: إن لم يأت غدا سوف نعتقلك أنت، فما كان من الرجل إلا أن سافر هو وزوجته إلى أحد أبنائهما في القاهرة ليقيما عنده، هربا من ملاحقة الشرطة للأب ونجله.

وقام الابن بالتواصل مع بعض معارفه الذين تواصلوا بدورهم مع بعض الضباط، فطلبوا مبلغ عشرة آلاف جنيه حتى يرفعوا اسم الوالد من قائمة المطلوبين، وبالفعل تم الدفع للضابط، وتم رفع اسم الوالد من قائمة المطلوبين.

على حساب المتهمين

عند عرض المتهمين على النيابة أو المحاكم، يقتضي خروجهم من الزنازين في سيارات الترحيلات، وأكثر المسجونين يعتبرون ذلك فرصة للالتقاء بأهليهم، ولكن -أيضًا- كل حاجة ولها حساب.

علي محمود “اسم مستعار” أُفرج عنه حديثًا، يقول في تصريح خاص لـ”رصد”: عندما كنا نذهب للعرض ونطلب شيئًا من الكافيتيريا، تأتي إلينا فاتورة الأمين فلان أو الضابط علان، أنه اشترى كارت شحن أو اثنين أحيانًا، وزجاجة مياه غازية وعصائر، ويُطلب من المسجون دفع هذه الفاتورة -التي تبلغ من 60 إلى 100 جنيه في كل مرة- لكل شخص من أفراد الأمن الموجودين مع المتهمين أثناء عرضهم، ولا يستطيع أحدنا أن يعترض؛ لأن النتيجة ستكون حرماننا من الالتقاء بالأهل والتحدث معهم والاطمئنان على أبنائنا.

استغلال شرطي.. وغياب حقوقي

يقول هيثم أبوخليل، الناشط الحقوقي ومدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، إن هذا هو الأساس حاليًا، خاصة في أماكن الاحتجاز بأقسام الشرطة والمديريات؛ حيث التكدس الرهيب.

وأضاف أبوخليل في تصريح خاص لـ”رصد”: هذه الأمور تكون أوضح في السجون الاستثنائية ذات المعاملة السيئة في محاولة من الأهالي لرفع معاناة ذويهم.

واكد أبوخليل أن العاملين في أقسام الشرطة يستغلون تكدس أماكن الاحتجاز بالمعتقلين منذ الانقلاب العسكري وعجزها عن مواجهة الأعداد المتزايدة، فضلاً عن أنها غير مؤهلة لذلك ولا تتوفر بها أدنى متطلبات الحياة ويمنعون الجميع من أدنى حقوقهم، لتحقيق مكاسب مادية، بابتزاز ومساومة الأهالي لتوصيل احتياجاتهم الضرورية.

وأوضح أن أشد أنواع الانتهاكات التي يلقاها المحتجزون تبقى في عجزهم عن النوم أو الأكل أو ارتداء الملابس أو حتى الكلام أو التبول سوى بدفع “المعلوم” لعساكرالشرطة الذين يبتكرون وسائل لابتزاز ذوي المعتقلين.

وتابع: “غالبية المحتجزين يتعرضون لعمليات تعذيب ممنهجة، ولأوضاع احتجاز غير آدمية وإهمال طبي وسوء رعاية منذ الثالث من يوليو 2013 وحتى الآن دون أن تقوم السلطات بإجراء تحقيقات نزيهة وشفافة تؤدي إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

طالع أيضًا:

الابتزاز العابر للحدود.. “ادفع وكله يعدّي” شعار الأمن المصري



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023