شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

النقاب والعادة اليهودية

النقاب والعادة اليهودية
لما كان العلم عادة هو النقاب، الذى تتلحف به كل دعوة مغايرة وناقضة للأصول، فهو كذلك الحَكْم، الذى لا يفصل فقط فى سلامة هذه الدعوى ومدى صوابها، ولكنه يفصل أيضًا فى مدى مصداقية أصحابها من حيث انحيازهم للعلم وتجردهم له.

لما كان العلم عادة هو النقاب، الذى تتلحف به كل دعوة مغايرة وناقضة للأصول، فهو كذلك الحَكْم، الذى لا يفصل فقط فى سلامة هذه الدعوى ومدى صوابها، ولكنه يفصل أيضًا فى مدى مصداقية أصحابها من حيث انحيازهم للعلم وتجردهم له.

ودعوى الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، التى اطلقتها بشأن النقاب، ليست استثناء من ذلك. فهى كما جاء على لسانها: لا يعنيها إلا “بيان حقيقة علمية عقدية” (1). ولأنه ما يعنينا أيضًا، فكان علينا أن نبحث فى أدلة الدكتورة وحجتها، كتفاعل جاد مع دعوتها، واستجابة لنصحها المتكرر بالتعلم والقراءة.

دعوى الدكتورة تقول، إن النقاب شريعة يهودية، كان متجذرًا فى الجزيرة العربية قبل الإسلام، بحكم اختلاط العرب باليهود، وإنه ليس من الإسلام، وقد ساقت الدكتورة من الحجج والبراهين فى إثبات ذلك: نصوصًا من العهد القديم، ونصوصًا من التلمود، واستشهدت بشيخ الأزهر السابق الدكتور سيد طنطاوى. 

* العهد القديم / سفر التكوين

تقول الدكتورة: ” ارجعوا إلى سفر التكوين العهد القديم، اصحاح 34، واصحاح 24 تجدوا فيه النقاب فريضة يهودية على المرأة اليهودية” (2)

وفقًا للمنهج العلمي البحت الذى تتحدث باسمه الدكتورة (2)، فالقضية المراد إثباتها هى أن “النقاب شريعة يهودية”، والدليل هو ما أشارت إليه الدكتورة من نصوص فى سفر التكوين، فيها سنجد النقاب “فريضة” “يهودية”. 

وسفر التكوين لمن لا يعرف هو سفر سردي، يروى الأحداث منذ بدء الخليقة، وحتى وفاة يوسف عليه السلام. وحتى ذلك التاريخ، لم يكن هناك “يهودية” (لا عِرقًا، نسبة إلى يهودا بن يعقوب. ولا ديانة، نسبة إلى موسى عليه السلام)، وبالتالى لا “فريضة”، فلم تكن شريعة موسى قد نزلت بعد!

فالجملة فى ذاتها، ودون بحث، غير محكمة، والدليل ساقط؛ ولكننا سنواصل البحث مع الدكتورة ونعرض أدلتها ..

– الإصحاح 34 .. 

يروي كيف خرجت دينة ابنة يعقوب لترى بنات الكنعانيين، فرآها شكيم بن حمور، فاعتدى عليها، وتعلق بها، حتى طلب من أبيه أن يخطبها له، فرفض إخوتها تزويجها من رجل “أغلف”، واشترطوا لمصاهرتهم أن يختتن كل ذكر فيهم، فوافقا واقنعا كل رجال مدينتهما بالختان، ففعلوا، ولما كانوا متعبين أتى المدينة شمعون ولاوى ابنا يعقوب وقتلا كل ذكر فيها، ونهب أبناء يعقوب بيوتها.

وعلى طول 21 عدد هى كامل أعداد الإصحاح، فإن ذكر النقاب لم يأت أبدًا، بل المدهش أننا نستطيع أن نستنتج العكس وبكل أريحية، فأحداث الرواية المأساوية تبدأ برؤية بن حمور لابنة يعقوب وفتنته بها، الأمر الذى يتعارض منطقيًا مع تصور أنها كانت منتقبة!

– الإصحاح 24 ..

يروى قصة زواج إسحاق برفقة، فقد جاء فى عدديه 64 و 65:

“ورفعت رفقة عينيها فرأت إسحاق فنزلت عن الجمل * وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا؟ فقال العبد: هو سيدي. فأخذت البرقع وتغطت”..

حسنًا هنا انتقبت رفقة. ولكن ..

هل المنهج العلمي يقول إن تصرف إحدى جدات اليهود الأوائل هو دليل إثبات على وجوب شريعة جاءت بعد ذلك بمئات السنين؟!

هل يقبل أصحاب هذا الدليل أن نقول إن نقاب إحدى نساء العرب فى الجاهلية، هو دليل على أن النقاب فرض فى الإسلام؟!

وفى لقاء آخر مع الإعلامي عمرو الليثي أضافت الدكتورة دليلاً جديدًا من سفر التكوين حيث قالت: “ارجع إلى سفر التكوين، إصحاح 38 عندما يقول: “ولما عادت ثمارين إلى بيت أهلها بعد أن ترملت وتنقبت وتلفعت”. 

كما وجهت فى أحدى محاضراتها (4): “ارجعوا لسفر التكوين تعلّموا وأقرأوا إصحاح 38 و24 ستجدون الآتي: “عندما ترملت “ثامرين أو لامرين” وعادت لبيت أهلها تنقبت وتلفعت”.

ودون إشارة إلى رقم السفر، قالت الدكتورة فى تصريح لليوم السابع: “نجد هناك المرأة اليهودية عندما ترملت وعادت إلى بيت أهلها ألزمت بالخمار “النقاب” ألزمت بهذا الحجاب الذى أخذت فى الشريعة اليهودية كعقيدة”(5).

واستجابة إلى دعوة الدكتورة بالتعلم والقراءة، نتوجه إلى الإصحاح 38، وبالطبع لن نبحث عن “ثامرين”، فلا توجد سيدة فى العهد القديم ولا الجديد بهذا الاسم، إنما المقصود هو “ثامار” أو “تامار” (عندما تبدل الثاء تاء) أشهر سيدات العهد القديم، وزوجة ابن يهوذا (كنته)، لما مات عنها زوجها بن يهوذا ..

“11 فقال يهوذا لثامار كنته: اقعدي أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شيلة ابني. لأنه قال: لعله يموت هو أيضا كأخويه. فمضت ثامار وقعدت في بيت أبيها. 12 ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امرأة يهوذا. ثم تعزى يهوذا فصعد إلى جزاز غنمه إلى تمنة، هو وحيرة صاحبه العدلامي. 13 فأخبرت ثامار وقيل لها: هوذا حموك صاعد إلى تمنة ليجز غنمه. 14 فَخَلَعَتْ عَنْهَا ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا، وَتَغَطَّتْ بِبُرْقُعٍ وَتَلَفَّفَتْ، وَجَلَسَتْ فِي مَدْخَلِ عَيْنَايِمَ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ تِمْنَةَ، لأَنَّهَا رَأَتْ أَنَّ شِيلَةَ قَدْ كَبُرَ وَهِيَ لَمْ تُعْطَ لَهُ زَوْجَةً. 15 فَنَظَرَهَا يَهُوذَا وَحَسِبَهَا زَانِيَةً، لأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ غَطَّتْ وَجْهَهَا. 16 فَمَالَ إِلَيْهَا عَلَى الطَّرِيقِ وَقَالَ: “هَاتِي أَدْخُلْ عَلَيْكِ”. لأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كَنَّتُهُ. فَقَالَتْ: “مَاذَا تُعْطِينِي لِكَيْ تَدْخُلَ عَلَيَّ؟” 17 فَقَالَ: “إِنِّي أُرْسِلُ جَدْيَ مِعْزَى مِنَ الْغَنَمِ”. فَقَالَتْ: “هَلْ تُعْطِينِي رَهْنًا حَتَّى تُرْسِلَهُ؟”. 18 فَقَالَ: “مَا الرَّهْنُ الَّذِي أُعْطِيكِ؟” فَقَالَتْ: “خَاتِمُكَ وَعِصَابَتُكَ وَعَصَاكَ الَّتِي فِي يَدِكَ”. فَأَعْطَاهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَحَبِلَتْ مِنْهُ. 19 ثُمَّ قَامَتْ وَمَضَتْ وَخَلَعَتْ عَنْهَا بُرْقُعَهَا وَلَبِسَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا”.

القصة كما يرويها الإصحاح، أن “تامار” بعد أن طال عليها زمن ترملها، ولم يزوجها حموها من أخى زوجها كما كانت تقضى عاداتهم، أرادت أن تحتال عليه، فخلعت عنها ثياب الترمل، ولبست البرقع وتلففت لتخفى عنه شخصيتها، ولما قامت ومضت، خلعت عنها البرقع وعادت لثياب الترمل.

ففضلا عن أن النص يروى واقعة احتيال استلزمت التخفى، إلا إنه يثبت أن ثياب الترمل ليس من بينها البرقع! كما لا يوجد فى النص ما يحملنا على فهم ما ذكرته الدكتورة أن “تامار” عندما عادت إلى بيت أهلها أُلزمت بالنقاب، كما تردد الدكتورة!!

ولعلنا بعد عرض أدلة الدكتورة من العهد القديم، نعود إلى ما جاء فى الموسوعة اليهودية عن تغطية المرأة شعرها:

« فى العصور التوراتية القديمة لا توجد مؤشرات على أن النساء قد غطين شعورهن، إلا بغرض الزينة. كما كانت خصلات “شولاميت” الطويلة المنسدلة موضع إعجاب فى نشيد الإنشاد (4: 1، 5: 5، 7: 5، حزقيال 16: 7)، والكثير من الإبداعات الأدبية قد افاضت فى دلال الجدائل (إشعياء 2: 24، صموئيل الثاني 14: 26، قضاه 13)» (6)

ثلاثة أدلة ساقتها الدكتورة، وأكدت عليها، وكررتها عشرات المرات، هل هى بمقياس المنهج العلمي المفترى عليه تستطيع أن تثبت أن النقاب فريضة فى الشريعة اليهودية؟

وهل الدكتورة التى قبلت بحديث رفقة، التى غطت وجهها عندما رأت إسحق، واعتبرته دليلا على أنه فرض فى شريعة اليهود، من قبل اليهود، ومن قبل الشريعة، ودون بيان أو تفسير من رفقة .. هل هى بالمنهج العلمى الذى وصفته فى قولها:  ” يا سادة يا كرام، أنا بتكلم فى علم، لا حب ولا كراهية” (2) .. هل تقبل بحديث السيدة عائشة فى حادثة الإفك عندما قالت: “وكان صفوانُ بنُ المُعطَّلِ السُّلميُّ ثم الذكوانيُّ من وراءِ الجيشِ فأدلجَ، فأصبحَ عند منزلي، فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبلَ الحجابِ، فاستيقظتُ باسترجاعِه حين عرفني، فخمرتُ وجهي بجلبابي”؟؟ هل تقول إن النقاب من الشريعة الإسلامية؟ مثلما قالت إنه من الشريعة اليهودية؟؟

مع سقوط أدلة سفر التكوين من العهد القديم، مازالت فرصة إثبات ما ذهبت إليه الدكتورة قائمة، حيث إن مصدرها الثاني الذي تستشهد به هو “التلمود”، وبه دونت الشريعة الشفوية، وما تلاها من مدارسات ومناقشات الأحبار والربيون حولها .. 

* التلمود

– موسى بن ميمون

تقول الدكتورة فى لقاء “عمرو الليثى”: “ارجعوا إلى التلمود، عندما يقول موسى بن ميمون، إن المرأة اليهودية إذا خرجت إلى ردهة البيت دون غطاء الرأس والوجه تخرج من الشريعة اليهودية” (3)

وفى حوار مع “المصرى اليوم”: “وإذا رجعنا إلى التلمود وهو كالسنة عندنا سنجد الحبر الشهير موسى بن ميمون يقول إذا خرجت المرأة من بيتها دون النقاب فقد خرجت من اليهودية”. (7)

الدكتورة، أستاذ الفلسفة، التى قالت فى محاضرة لها إنها أشرفت على رسالة دكتوراه لطالب عراقى عن هذا الفيلسوف (2)، لا تعرف أن موسى بن ميمون ليس له دور أو ذِكر فى التلمود، وأن الفارق الزمنى الذى يفصل بين نهاية تدوين التلمود، وميلاد بن ميمون مئات السنين.

فبينما .. “بدأت عملية التنظيم المنهجي للتلمود قبل أن يظهر في صيغته النهائية في بداية القرن السادس الميلادي بعدة أجيال. وتعود أقدم المخطوطات القائمة اليوم من التلمود إلى القرن التاسع”. (8)، فقد وُلد بن ميمون سنة 1135م!

وكما أن ذكرًا لابن ميمون لم يأت فى التلمود؛ فإن ذكرًا للنقاب لم يأت على لسان بن ميمون!

وما ذكره موسى بن ميمون فى كتابه: “تثنية الشريعة – كتاب أحكام النكاح – الفصل 24” إذا خرجت المرأة إلى السوق أو إلى حارة مفتوحة وهى كاشفة رأسها ففى هذا تعد على دين موسى (تشريع 11) (9)

– المرأة القمحاوية!

قصة “قمحيت” التى ذكرتها الدكتورة فى أكثر من حوار (5) (6)،  ومداخلة (9)، ومحاضرة (4)، كما وردت فى الجمارا (كتاب يوما – ص: 47)، كان لـ “قمحيت” سبعة أبناء تولوا جميعًا منصب الكاهن الأكبر، فسألها الربانيون: ماذا فعلت كى تكونى جديرة بذلك؟ فقالت لهم: على مدى حياتى لم تر جدران بيتى جدائلى.

والقصة كما هو واضح جاءت فى سياق التندر. فهى الاستثناء الذى يؤكد القاعدة ولا ينفيها.

أما ما جاء فى شريعة اليهود .. 

فحول تشريع المشنا (كتوبوت 7/و) الذى يصف المرأة التى تخرج إلى السوق حاسرة الرأس بالخارجة على الدين اليهودى، ومن ثم توجب على الزوج طلاقها وعدم اعطائها مستحقاتها المالية عند الطلاق (الكتوبا)؛ كانت مناقشة فى الجمارا البابلية (باب كتوبوت ص 72).

“قال “راف آسى” نقلا عن الربانى “يوحنان”: إن وضع السلة على الرأس ليس فيه كشف للرأس. فقال الربانى “زيرا”: بل فيه إذا خرجت إلى السوق، وهذا هو ما يقصده الدين اليهودي، لكن إن كان يقصد المرأة أثناء وجودها فى فناء البيت ففى هذه الحالة لن تبقى واحدة من بنات إبراهيم فى عصمة زوجها”. (11)

“لن تبقى واحدة من بنات إبراهيم فى عصمة زوجها”

والسيدة “القمحاوية” التى تضرب بها الدكتورة المثل فى التشدد والمغالاة، لم تصل بتشددها المسرف إلا إلى تغطية شعرها، واسمها الذى طالما رددته الدكتورة، ويشى بلون بشرتها، ألا تعتبره الدكتورة دليل نفى على كون النقاب من الشريعة اليهودية، كما اعتبرت حديث المرأة السفعاء دليلا على أن النقاب ليس من شريعة الإسلام؟!

ومن المدهش أن الأدلة التى قدمتها الدكتورة على أن النقاب شريعة يهودية، والتى باتت ترددها حرفيًا وبشكل شبه يومى كالأوراد، هى أدلة نفى وليس إثبات! ومع ذلك فالدكتورة تصف هذا الهراء، بالحقيقة العلمية التى تحمل أمانة بيانها للناس! 

ولما عرضت أدلتها التى لا يأتيها الباطل فى أن النقاب شريعة يهودية، ذهبت وبكل ثقة إلى أنه انتقل من يهود إلى عرب الجزيرة بحكم الجوار ..

ولعلك تستمع إلى مداخلة الدكتورة مع يوسف الحسينى (10) تقول فى الثانية 37: “أولا التشبث بهذه الشريعة اليهودية التى كانت “متجذرة” (مع تشديد الذال، وتشديد الفكرة) فى الجزيرة العربية بين القبائل العربية اليهودية والعربية”.

ثم لا تلبث أن تقول فى الدقيقة 1:20: “وليضربن بخمرهن على جيوبهن، الخُمُر هو نازل من على الرأس، فكانت المرأة فى الجاهلية تضع طرفى الإشارب أو الطرحة خلف ظهرها ويبقى الصدر عاريا، فجاء الأمر بتغطية الصدر”.

فتأمل كيف أن الدكتورة بعد 42 ثانية فقط من تأكيدها على “تجذر” النقاب بين القبائل العربية قبل الإسلام، إذا بها تقول إن عادة النساء كانت إلقاء الخمار خلف الظهر وهو ما يبدو معه الوجه والعنق وفتحة الصدر!!

وفى ذات المداخلة (10) تستشهد الدكتورة بالدكتور سيد طنطاوى وتُذكر بمقولته: “النقاب عادة وليس عبادة” لأنه حسب وصفها كان يعلم ذلك، من واقع إعداد رسالته فى الدكتوراة عن بنى إسرائيل فى القرآن.

فإذا كانت الدكتورة تستشهد بشيخ الأزهر السابق، فإن عليها أن تفسر لنا ما جاء فى تفسيره (التفسير الوسيط) حول الآية 59 من سورة الأحزاب: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ  ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ” .. 

حيث جاء:

“قال بعض العلماء: وقد يقال إن تأويل الآية على هذا الوجه، وقصرها على الحرائر، قد يفهم منه أن الشارع قد أهمل أمر الإماء، ولم يبال بما ينالهن من الإيذاء ممن ضعف إيمانهم، مع أن في ذلك من الفتنة ما فيه، فهلا كان التصون والتستر عاما في جميع النساء؟

والجواب، أن الإماء بطبيعة عملهن يكثر خروجهن وترددهن في الأسواق، فإذا كلفن أن يتقنعن ويلبسن الجلباب السابغ كلما خرجن، كان في ذلك حرج ومشقة عليهن، وليس كذلك الحرائر فإنهن مأمورات بعدم الخروج من البيوت إلا لضرورة ومع ذلك فإن القرآن الكريم قد نهى عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات جميعا، سواء الحرائر والإماء، وتوعد المؤذين بالعذاب المهين.. والشارع- أيضا- لم يحظر على الإماء التستر والتقنع، ولكنه لم يكلفهن بذلك دفعا للحرج والعسر، فللأمة أن تلبس الجلباب السابغ متى تيسر لها ذلك…

هذا، ويرى الإمام أبو حيان أن الأرجح أن المراد بنساء المؤمنين، ما يشمل الحرائر والإماء وأن الأمر بالتستر يشمل الجميع، وأن الحكمة من وراء هذا الأمر بإسدال الجلابيب عليهن، درء التعرض لهن بسوء من ضعاف الإيمان.

فقد قال- رحمه الله-: والظاهر أن قوله: وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يشمل الحرائر والإماء، والفتنة بالإماء أكثر لكثرة تصرفهن، بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح.. ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها.

ويبدو لنا أن هذا الرأى الذي اتجه إليه أبو حيان- رحمه الله- أولى بالقبول من غيره، لتمشيه مع شريعة الإسلام التي تدعو جميع النساء إلى التستر والعفاف”.

فهل قرأت الدكتورة “يتقنعن ويلبسن الجلباب السابغ”؟ هل قرأت “التستر والتقنع”؟ وهل قرأت اتفاق الدكتور مع رأى الإمام أبى حيان؟ وهل تصر على الاستشهاد بصاحب هذه الكلمات؟!

أزعم أن العلم لا يشكو ضعف الحجة فيما سبق، وإنما يشكو قوة الاعتداء عليه، وكم يُعتدى عليه باسمه!!

نستطيع أن نقول إن الدكتورة قد أخفقت فى إثبات أن النقاب عادة اليهود، إلا أن ما نعلمه يقينًا من عادات اليهود، حيث أخبرنا به رب العزة فى كتابه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إنهم كانوا «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ».

—————————-

(1) حوار مع موقع مصر العربية الدقيقة 3:18 : https://goo.gl/2LXQ4N 

(2) كلمة مرئية – الدقيقة 0:35: https://goo.gl/h6PE5p 

(3) لقاء مع عمرو الليثي على قناة الحياة – https://goo.gl/T92Asx 

(4) محاضرة على موقع “بص وطل” – http://goo.gl/OMr5FJ 

(5) تصريح لليوم السابع – http://goo.gl/eyMyUy 

(6) الموسوعة اليهودية http://goo.gl/aNLMV6 

(7) حوار للمصرى اليوم – http://goo.gl/idwZcA 

(8) موقع الخارجية الإسرائيلية: النصوص اليهودية المقدسة – http://goo.gl/CRV7CU 

(9) المرأة بين اليهودية والإسلام – د . ليلى إبراهيم أبو المجد – ص: 47

(10) مداخلة مع يوسف الحسينى على قناة OnTV – https://goo.gl/XIzrpP 

(11) المرأة بين اليهودية والإسلام – د . ليلى إبراهيم أبو المجد – ص: 46



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023