أقل من 24 ساعة كانت كفيلة أن يغير الفريق أحمد شفيق موقفه 180 درجة؛ فبعد بيان شديد اللهجة يهاجم فيه عبدالفتاح السيسي بسبب بيع الجزر المصرية إلى السعودية، يتراجع الفريق شفيق سريعًا ليعلن أن هذه الجزر سعودية ولا خلاف على ذلك.

شفيق يتراجع

وقال المرشح الرئاسي السابق، الفريق أحمد شفيق، إن هناك وثائق تاريخية عديدة تثبت تبعية جزيرتي “تيران وصنافير” للمملكة العربية السعودية.

وأضاف “شفيق”، في بيان توضيحي لبيان كان قد أصدره في هذا الشأن، أن الجزيرتين تقعان داخل حدود السعودية، موضحًا أن الأمر الذي يراه أنه من الواجب على السلطات المختصة تقديمه بوضوح وعرضه على أبناء الشعب المصري.

واستطرد: “كان لا بد من إيضاح الأمر لأبناء الشعب المصري قبل اتخاذ القرار بفترة كافية، وأن ذلك لم يتم، ما أدى إلى مفاجأة الشعب وأثار لغطًا كبيرًا لديهم”.

وقال شفيق -خلال البيان، الذي نشره أمس الأربعاء، عبر حسابه الشخصي بـ”تويتر”- إن الوثيقة الأولى عبارة عن خطاب بتاريخ 1950 موجه من ملك السعودية إلى ملك مصر السابق، طالبًا منه قيام القوات المصرية بحماية الجزيرتين نيابة عن القوات السعودية؛ تحسبا للظروف الحربية غير المستقرة بالمنطقة على إثر حرب فلسطين عام 1948.

كما نشر “وثيقتين” في صورة خطابين في عامي 1988 و1989 موجهين من الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي في حينه، إلى الدكتور عصمت عبدالمجيد، وزير الخارجية المصري وقتها، يطلب فيهما إعادة تسليم الجزيرتين إلى المملكة؛ لانتهاء الغرض الذي كلفت القوات المصرية بالوجود من أجله.

وأوضح “شفيق” أن رد الدكتور رئيس وزراء مصر في الحالتين، كان بالموافقة على المطلوب، مع طلب مهلة من الوقت؛ نظرًا للظروف السائدة بالمنطقة في حينه- وذلك من وجهة نظره.

ونشر “شفيق” أيضًا، وثيقة أخرى، عبارة عن خطاب صادر عام 1990 من الدكتور عاطف صدقي، رئيس مجلس الوزراء وقتها، موجه إلى الدكتور عصمت عبدالمجيد، وزير الخارجية، طالبًا منه تقديم دراسة موثقة لتأكيد ملكية الجزيرتين، وأنه قام بالإشراف على هذه الدراسة -إلى جانب وزير الخارجية- الدكتور مفيد شهاب أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة في حينه، وانتهت الدراسات المعنية إلى أن الجزيرتين مملوكتان للمملكة العربية السعودية.

وأكد شفيق -في نهاية بيانه- أن كل ما سبق يثبت أن جزيرتي تيران وصنافير تقعان داخل حدود المملكة العربية السعودية.. لذلك كان من الواجب على السلطات المصرية، تقديم كل الوثائق المتعلقة بهذا الشأن وعرضها على الشعب المصري لاستيعاب الموقف.

هجوم سعودي

وفور بيان شفيق الأول والذي اعتبر فيه الجزر مصرية، شنَّ كتابٌ سعوديون هجومًا عنيفًا عليه وعلى الإمارات، معتبرين أن الإمارات توافق على كلام شفيق بسبب استضافتها له.

واعتبر الكاتب السعودي، عبدالله المفلح، أن تصريحات الفريق أحمد شفيق بشأن جزيرتي “تيران وصنافير”، جاءت بـ”ضوء أخضر” من دولة الإمارات التي يقيم بها.

وقال “المفلح” -في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”-: “أحمد شفيق الذي يعيش تحت ظل حكومة الإمارات يهاجم السيسي ويصف فعله بإعادة ملكية الجزيرتين للسعودية بالتفريط!.. جزء كبير من القناع انتزع”.

وأضاف -في تغريدة أخرى- “ستشاهدون في الشهور القليلة القادمة فرزًا حقيقيًا لمن يدعي التحالف مع السعودية ومن هو حليف حقيقي لها ، فقط انتظروا”.

تهديد إماراتي

وجاء الرد سريعًا من الإمارات بالتهديد بترحيل الفريق شفيق، فدعا الأكاديمي الإماراتي، الدكتور عبدالخالق عبدالله، مستشار ولي عهد أبوظبي، تلميحًا، لطرد الفريق أحمد شفيق “دون أن يسميه صراحة”، من الإمارات بزعم مخالفته لشروط الإقامة.

وقال “عبدالله” -في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”-: “شخصيات سياسية عديدة تقيم في الإمارات التي ترحب بالجميع لكن لو الود ودي لطلبت من بعضهم مغادرة الإمارات فورًا لعدم التزامهم بشروط الإقامة”.

خيانة للوطن

ومن جانبه، قال الدكتور أسامة رشدي، المستشار السياسي لحزب “البناء والتنمية”، إن الفريق أحمد شفيق يعيش في خير الإمارات، فلا توجد أي مشكلة في تغيير مبادئه في مقابل أن يستمر في هذا الخير، خاصة بعد التهديد بطرده بسبب تصريحاته.

وأضاف “رشدي” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن تصريحات شفيق أثارت غضب السعودية والإمارات، فكان عليه التراجع عنها سريعًا دون الاهتمام بتراب الوطن وشرف العسكرية التي ينتمي لها هو ورئيسه السيسي؛ حيث إنه يبحث عن مصالحة على حساب الوطن وعن الدماء التي سيلت من أجل هذه الأرض، فهذا الرجل كان قائد سلاح الجو المصري، ورئيس وزراء مصر بعد ذلك.

وأكد “رشدي” أن شفيق لا يختلف عن رئيسه؛ فجميعهم يعملون من أجل مصالحهم، فمنذ اللحظة الأولى التي جاء فيها عبدالفتاح السيسي رئيسًا لمصر وباعترافه، طلب ملف هذه الجزر لتدويل خليج العقبة بعد أن كان تحت سيطرته، فضلًا عن ما تأكد من عرض أرض سيناء لغزة لإقامة وطن بديل لهم، فهذا الرجل صاحب مشروع لتفكيك هذا البلد وكل يوم يبهرونا في خيانتهم.

وقال الكاتب الصحفي، جمال سلطان، رئيس تحرير صحيفة “المصريون”، إن هناك علاقة بين تغيير الفريق أحمد شفيق لرأيه في تنازل مصر عن تيران وصنافير وبين إقامته في الإمارات.

وقال “سلطان” -في تغريدة-: في الإمارات وحدها يمكن أن يغير الفريق أحمد شفيق رأيه السياسي خلال 24 ساعة. وأضاف “الملاحظة الغريبة، أنه كلما انتقدت الإمارات في موقف ظهرت عندي لجان إلكترونية بالعشرات تشتمني وكلها تضع رموز السعودية وليس الإمارات”.

ووجه الدكتور محمد محسوب، وزير الشؤون القانونية بحكومة هشام قنديل، رسالة لشفيق -في تغريدة له على “تويتر”- وقال: “بشأن بيان الفريق شفيق.. لسنا أمام نقص خبرة أو ضعف إدارة.. بل نقص في الإيمان بالوطن وضعف في الولاء له.. نحن أمام خيانة تعلم ما تفعل.. وتفعل ما تؤمر”، بحسب تعبيره.