شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

خطبة الجمعة على مذهب أمن الدولة والرئاسة! – رضا حمودة

خطبة الجمعة على مذهب أمن الدولة والرئاسة! – رضا حمودة
خطة الأوقاف الأخيرة تختطف عقول الأئمة بكل وضوح باتجاه تكريس وتبرير استبداد السلطة، وشرعنة وجودها، وتُقيد ابداعاتهم ومهاراتهم في البحث والتنقيب والاستنباط، في مقابل تسطيح وبرمجة أفكارهم على رأي واحد وتوجه وحيد

أعلنت وزارة أوقاف السيسي، إعداد قوائم موضوعات الخطب الموحدة ، بحيث يتم توزيعها على خطتين قصيرة المدى، تشمل 54 موضوعًا للعام الأول ، ومتوسطة المدى وتشمل 270 موضوعًا لمدة خمس سنوات، وإرسالها متكاملة لأعضاء لجنة علمية لوضع لمساتهم وملاحظاتهم الأخيرة عليها، تماهياً مع دعوة عبدالفتاح السيسي التي أطلقها للمرة الأولى لتصويب أو تجديد الخطاب الديني المزعوم في شهر يوليو عام 2014 بعد تنصيبه بشهر واحد في احتفالات ليلة القدر، وطالب علماء الدين والمؤسسات الدينية بالتعاون لتنقية التراث الإسلامي.

وأضافت الأوقاف أن موضوعات الخطبة الموحدة على مدار 5 سنوات شملت 13 محورًا هي الأخلاق، والقيم الوطنية، وقضايا التطرف والإرهاب، والعمل والإنتاج، والمعاملات، وبناء الأسرة، والشباب، والمرأة، ودور ذوي الاحتياجات الخاصة في بناء المجتمع، والتعليم والتثقيف والتربية، والإيمانيات، والمناسبات الدينية، والقضايا العامة.

وذكرت أنه في حالة المستجدات والحوادث والظروف الطارئة سيتم تخصيص الجزء الثانى من الخطبة لمعالجتها في حدود ما تقتضيه وتحتمه طبيعة كل ظرف على حدة. وحول الفائدة من إعداد خطبة على مدار 5 سنوات، قال رئيس القطاع الديني بالوزارة “جابر طايع ” إن ذلك يخطط لحياة المواطنين المصريين ولدينهم، بصورة أفضل وتأتي في إطار تجديد الخطاب الديني، وتأتي هذه الخطوة المريبة تنفيذاً لما طالب به أو أمر به السيسي في 8 ديسمبر الماضي، بصياغة خطة خمسية “5 سنوات” لتجديد الخطاب الديني.

تلك السابقة الخطيرة في تاريخ الخطاب الديني الذي يصادر مستقبل الدعوة والذي هو نقيض التجديد بالأساس، ولخمس سنوات قادمة وما يحدث منذ نكبة 30 يونيه وحتى الآن ما هو إلا حملة مسعورة وممنهجة لتجريف الدين وتجفيف منابع التدين، عبر خطوات حثيثة ومتسارعة نحو تأميم “الدين” لخدمة وجهة نظر السلطة بالعبث في ثوابت وتراث الأمة والطعن في عقيدتها وشريعتها الإسلامية، فضلاً عن تشويه رموزها الدينية بذريعة إعمال الفكر والعقل، والحض على الابداع والخروج من دائرة الجمود، وهو حق يُراد به باطل.

وتجري هذه الخطة الخبيثة على قدم وساق عبر مؤسستين، الأولى هي مؤسسة الأوقاف حيث الوصاية على المساجد ودورها الهام والخطير في تشكيل وعي الأمة على اعتبار أنها المدرسة الأولى لتشكيل وبناء وعي الجماهير، أما المؤسسة الأخرى فهي التعليم الذي يجري تجريفه وتغيير مساره وتحويل وجهته نحو التغريب والحداثة اللقيطة عبر حذف موضوعات الجهاد وسير وسيرة المجاهدين والفاتحين الكبار أمثال صلاح الدين الأيوبي وعقبة بن نافع بغرض التشكيك في قيمة الجهاد كقيمة إسلامية أصيلة لدى المسلمين، حيث يمثل “ذروة سنام هذا الدين”.

خطة الأوقاف الأخيرة تختطف عقول الأئمة بكل وضوح باتجاه تكريس وتبرير استبداد السلطة، وشرعنة وجودها، وتُقيد ابداعاتهم ومهاراتهم في البحث والتنقيب والاستنباط، في مقابل تسطيح وبرمجة أفكارهم على رأي واحد وتوجه وحيد لا يخدم سوى السلطة الحاكمة، والهدف تخريج جيل جديد مشوه ومُقلد كالببغاء يقدم إسلاماً منزوع الدسم والبركة بل والتأثير، لا يخرج من حيز المسجد، ولا يطالب يوماً بالتغيير، إسلام يقبل ويُطبق المبدأ المسيحي القائل (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، وهذا هو المطلوب، وكل ذلك يتم بدعوى المصطلح الهلامي المطاط الخادع، مكافحة الإرهاب والتطرف، بيد أن الغرض الحقيقي من وراء ذلك هو مكافحة الإسلام ذاته وليس الإرهاب.

باختصار، خطبة الجمعة التي يريدونها أقرب إلى بيان وزارة الداخلية مع إضافة بعض النصوص الدينية خارج سياقها الطبيعي والتي تتبني الرواية الأمنية للسلطة، وبدلاً من أن يكون الخطاب الديني استناداً لمنهج أهل السنة والجماعة كما هو المفترض ، نتحول لخطاب ديني مستأنس يُقاد ولا يقود على منهج أمن الدولة والرئاسة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023