قصص وروايات نجحت في الإفلات من تحت السياج الحديدي المفروض عليها من قبل سلطات الانقلاب، تروي عن انتهاكات واعتداءات تكررت بحق معتقلين ضاقت سلطات الانقلاب بآرائهم، فمددت حبسهم بشكل مفتوح دونما جريرة.. إلا أنهم جهروا بآرائهم التي لم تعجبها وكشفت فشلها؛ بعض هذه القصص صدرت من منظمات حقوقية، وبعضها ظهر على الهواء مباشرة كما في أحكام الإعدام التي شملت ما يزيد على ألف ومائتين، وبعضها خرجت في قصاصات الورق وشهادات أهالي المعتقلين.
هذه القصص التي عكست أوضاعا مزرية وحقائق صادمة، دفع معتقلين إلى الدعوة إلى "انتفاضة السجون" في الثلاثين من أبريل، والتي اندلعت بعض تداعياتها في عدة سجون منذ الصباح، وذلك بعد أن ضاق المعتقلون في سجون الانقلاب بالظروف السيئة لاعتقالهم والقمع المستمرة ضدهم، وتنديدا بأحكام الإعدام التي صدرت في المنيا بحق المئات في كل مرة.
وقد أعلن المعتقلون بنحو تسعين سجنا ومقر احتجاز المشاركة في فعاليات ثورية ضد جرائم الانقلاب بحق 23 ألف معتقل في ظروف غير إنسانية.
وتستمر التحذيرات الحقوقية محليا ودوليا من استمرار الأوضاع الأمنية والقضائية للمعتقلين حتى وصلت للإعدام في جلستين فقط وهو ما يوصف بالممارسات الهزلية والقمعية والمتشدد
قمع بصبغة قضائية
نسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد قوله إنه "يتم صبغ القمع بصبغة قضائية عبر أحكام مسيسة تستند لمواقف سياسية، وليس للقانون، وبالتالي أصبح أغلب القضاء كأنه جناح من أجنحة السلطة الحالية وليس سلطة قضائية مستقلة".
كما كشفت سلمى أشرف مسؤولة الملف الحقوقي بمؤسسة "إنسانية" وهي منظمة حقوقية تركية في يناير الماضي بتقرير عن احوال المعتقلين في سجون الانقلاب أن المعتقلين في مصر يعانون من انتهاكات صارخة لكافة الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فمن الاعتقال التعسفي للضرب والإهانة والاحتجاز في أماكن غير مخصصة لذلك كأقسام الشرطة ومعسكرات قوات الأمن المركزي".
وتابعت سلمى أن السلطات المصرية تعرقل معرفة أسر المعتقلين أماكن احتجاز ذويهم وتمنع المعتقل من لقاء محاميه بمعزل عن رجال الشرطة، مضيفة أنه "تم تسجيل عدد من حالات اعتقال تعسفي لنساء وأطفال للضغط على ذويهم لتسليم أنفسهم".
وذكر التقرير الحقوقي أن شريحة الطلاب المعتقلين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و24 سنة من طلاب المدارس والجامعات، تزداد يوما بعد يوم، ما يدفعهم لتأجيل الدراسة وخوض الاختبارات الدراسية.
وحول الإضرابات قالت سلمى إن "هناك ما لا يقل عن 600 معتقل بسجن وادي النطرون على طريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية (شمالا)، دخلوا في إضراب جزئي عن الطعام، بدءاً من يوم 4 يناير الماضي، بالامتناع عن كافة صور التغذية عدا التمر واللبن والماء والعصائر، تم تصعيده لإضراب كلي، بالتزامن مع الاستفتاء على دستور 2013.
زنازين غير صحية
وأضافت سلمي أشرف "هذا فضلا عن كثرة أعداد المعتقلين في الزنزانة الواحدة بما يفوق احتمالها ومساحتها بأضعاف، فضلا عن التضييق عليهم في الزيارات، وحبس بعضهم في زنازين عزل انفرادي مصمتة بدون تهوية، ومنع الدواء والرعاية الصحية عن المرضى منهم، ما أدى لوفاة 12 معتقلاً بحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".
غمر الزنازين بالمياه
وحديث سبق أن أكدته عائشة خيرت الشاطر –ابنة نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- في صفحتها على الفيس بوك في ديسمبر الماضي حينما انتقدت الأوضاع غير الإنسانية التي يعيش فيها معتقلو الحرية، في ظل موجة الطقس الثلجية، مؤكدة أن المياه غمرت أغلب زنازين المحبوسين انفراديا، وأغرقت أغراضهم، علاوة على شدة البرد مما يهدد حياة أخيها سعد والعشرات من زملائه من الثوار المحبوسين.
وتابعت عائشة: "علمت من أسرتي ممن زاروا اخي الحبيب سعد اليوم ان الأمطار تتساقط عليه بزنزانته وكأنها بدون سقف فتطول الأمطار ملابسه وفرشته التي ينام عليها وكل ما هو موجود بذلك المكان المترين في مترين ولا مفر او حتى أمل في تفادي الامر او إيجاد حل فالسجان ليس بإنسان كي يملك قلب فيرحم هؤلاء من قسوة البرد او شدة الأمطار.
ونقلت "عائشة" حقيقة المعاناة التي يعيشها عشرات المحبوسين في سجن طره حيث المكان كله مغمور بالماء حتى الغطاء حتى الملابس وهكذا هو حاله هو وكل اخوانه وغيرهم ممن يقبعون في سجون الظالمين.
السجون مقابر جماعية
في 17أبريل الجاري قال المرصد المصري للحقوق والحريات أن السلطات المصرية أصبحت تستخدم السجون والمعتقلات كمقابر جماعية بحق المعتقلين لما يلاقونه من الإهمال الطبي المتعمد والذي يهدد بحقهم في الحياة.
وشدد المرصد على أنه قد نوه سابقًا في خلال تقريره حول الأوضاع الصحية للمعتقلين بالتزامن مع اليوم العالمي للصحة بأن المعتقلين المرضى في سجون النظام العسكري في مصر والذي يزيد عددهم عن (5000) معتقل مريض، يتعرضون يوميًّا للموت البطيء بسبب الإهمال الطبي المتعمد والمبرمج من قبل إدارات السجون.
وأكد المرصد أن غالبية المعتقلين المرضي يواجهون مشكلة في أوضاعهم الصحية نظرًا لتردي ظروف احتجازهم في سجون النظام العسكري.
قتل معتقلين خنقا بالغاز
في مساء الأحد 18-08-2013 قالت داخلية الانقلاب في بيان تدعي فيه أن 36 متهمًا من أنصار جماعة الإخوان المسلمين -بحسب وصفها- المحبوسين احتياطيًا لقوا مصرعهم، خلال محاولة هروب من سيارة ترحيلات بالقرب من منطقة سجون أبو زعبل بمحافظة القليوبية.
وادعت أن جهود قوة التأمين حاولت تحرير ضابط احتجزه نحو ستمائة من السجناء، حالوا الهروب، فقامت القوات بإطلاق الغاز المسيل عليهم عدد لمنع هروبهم وتحرير الضابط، ما أدى لإصابة حالات منهم باختناق ووفاة عدد 36 منهم نتيجة الاختناق والتدافع.
تكذيب رواية الداخلية
ما إن خرج بيان الداخلية المزعوم التي ادعت فيه أن المسجونين وقتها قتلوا خنقا بالغاز إلا وسارع العشرات من الحقوقيين والقانونيين بتنفيذ مزاعم الداخلية بحسب مصادرهم الخاصة تارة وبحسب تحليلات لبيان الداخلية تارة أخرى.
من بين هؤلاء الناشط السياسي والحقوقي المحامي عمرو عبد الهادي الذي قال وقتها "بصفتي محاميا.. جميع سيارات الترحيلات بها 3 شبابيك من كل جنب 20 × 20 سم عليها سلك رفيع جدا فكيف ماتوا مختنقين وكيف دخلت لهم قنبلة الغاز؟!!".
وأضاف أن "قوة إطلاق قنبلة الغاز تجعلها تسقط على مسافة 50 مترا على أقل تقدير فما فوق ومن المعروف أن القوات كانت بجوار سيارة الترحيلات لصد الهجوم فكيف وصل الغاز للمعتقلين؟!! إلا إذا كان هناك من فتح السيارة وألقى قنبلة الغاز داخل السيارة".
معاناة لا تتوقف
لا تتوقف المعاناة بحق المعتقلين عند الانتهاكات والتعذيب الذي يتعرضون له بالداخل بل يمتد التعذيب لأسر هؤلاء المعتقلين أثناء الزيارة ففي مطلع ابريل الجاري توفي زوج المعتقلة "رشا الغضبان" المعتقلة في سجن القناطر الخيرية أثناء وقوفه في طابور انتظار الزيارة لمدة ساعات إثر إصابته بحالة من الهبوط الحاد التي أدت إلى وفاته لتؤكد أن وحشية الانقلاب وممارسته الانتقامية لا تقتصر فقط على الأبرياء من المعتقلين؛ وإنما تمتد لتشمل الأهل والأقارب لا يستثنى من ذلك أطفال أو كبار سن، حيث تتعمد إدارة السجون إهانتهم وإذلالهم، والتعسف معهم في كافة الإجراءات.
معاملة وحشية للأهالي
وصفت "أم آلاء" زوجة المعتقل أحمد الدسوقي في تصريح لها لمدونة صوت المصري معاملة إدارة السجن لأهالي المعتقلين بالوحشية واللاإنسانية، مشيرة إلى أنه بجانب طول مدة الانتظار والتي تتجاوز في كثير من الأحيان الخمس ساعات في الشارع حيث لا يوجد مكان للانتظار سوى الشارع في طابور طويل يمتلئ بأهالي الجنائيين، فإن عمليات التفتيش التي يتعرض لها أهالي المعتقلين لا تقل وحشية؛ حيث تتعمد فيها إدارة السجن إهانة أهالي المعتقلين وإرهابهم.
انتظار ست ساعات
وتابعت في حديثها أن الأطفال لا يتم استثناؤهم من عمليات التفتيش، تقول إن ابنتها الكبرى آلاء والتي تبلغ من العمر عشر سنوات منذ زيارتها الأخيرة لوالدها وإصرار إدارة السجن على تفتيشها على الرغم من حالة الخوف التي كانت عليها جعلتها ترفض الذهاب لزيارة والدها على الرغم من ارتباطها الشديد به وسؤاله الدائم عنها.
فيما يصف الحاج أحمد 60 عاما رحلة زيارته الأسبوعية لابنه المعتقل بأنها معاناة حيث إنه يسكن في محافظة المنصورة وابنه يقبع في سجن طره، يقول: بجانب مشقة السفر التي نعانيها أسبوعيًا فإن ما نعانيه من طول الانتظار أثناء الزيارة إلى ما يزيد عن ست ساعات في ظل حرارة الشمس الحارقة دون رأفة بمسنين أو أطفال يكون أكثر معاناة من السفر.
مؤكدًا أنه قد ينتهي الأمر في نهاية المطاف لدى بعض الزائرين من أهالي المعتقلين إما بإلغاء الزيارة بحجة عدم وضوح ختم تصريح الزيارة أو بسبب نقل المعتقل إلى سجن آخر، ويقول الحاج أحمد أما من يُسمح لهم بالزيارة فليس حالهم بأفضل حال من غيرهم حيث لا تستغرق الزيارة سوى ثلاث دقائق أو عشر دقائق على أقصى التقديرات، فسرعان ما تنطلق صفارة إنهاء الزيارة دون أن يتمكن الأهل من إشباع الحد الأدنى من حاجاتهم في رؤية المعتقل والاطمئنان عليه.
وقال محمد زغلول -شقيق المعتقل أحمد زغلول والذي يعمل محاميا- إن أخي تم اعتقاله على الرغم من أنه كان موكلا للدفاع عن عدد من المعتقلين في أحداث مسجد الفتح وليس له أي توجه سياسي، مشيرًا إلى أن زيارة المعتقل أصبحت مصدرا لزيادة الحزن والألم والشعور بالمهانة لدى المعتقل وأهله على حد سواء، فبمجرد النظر إلى المعتقل وما هو عليه من الضعف الجسماني والهيئة الرثة يزيد ألم أهله وحسرتهم عليه، كما يزيد من معاناته هو أيضًا بجانب ما يعانيه من أوضاع لا آدمية داخل السجن من ضيق المكان ومخالطة المجرمين والبلطجية، مؤكدًا أن مضايقات الزيارة هي جزء من سلسلة طويلة من المضايقات التي تمارس على الأهالي.
المنع من الزيارة
وبجانب انتهاك حقوق أهالي المعتقلين في الزيارة فإنه على الجانب الآخر يمنع عدد كبير من الأهالي من الزيارة بشكل كامل على الرغم من مخالفة ذلك الصريحة للقانون، حيث تواصل سلطات الانقلاب العسكري منع استخراج تصاريح زيارة لأسر ومحامين عدد من رموز الدولة والثورة المعتقلين، بشكلٍ مخالف للقانون المحلي والدولي.
ومن الأسماء الممنوعة من الزيارة المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان، د. أسامة ياسين وزير الشباب في حكومة هشام قنديل، د. أحمد عبد العاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية، أيمن عبد الرؤوف هدهد مستشار الرئيس للشئون الأمنية، د. أيمن علي سيد مستشار الرئيس لشئون الإعلام والخارج، م. أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، كمال السيد محمد سيد أحمد، وليد عبد الرؤوف شلبي المستشار الإعلامي للمرشد العام للإخوان المسلمين.
دولة اللاقانون
في هذا الإطار أكد أسامة صدقي -رئيس رابطة محامين بلا حدود-في تصريحات صحفية أن ما تمارسه إدارة السجون ضد أهالي المعتقلين يمثل مخالفة صريحة للقانون، مشيرًا إلى أن الزيارة حق أصيل لكل معتقل، كما أنها حق لأهالي المعتقلين كفله القانون وحدده في العديد المواد المنظمة للوائح الداخلية الخاصة بشأن الزيارة؛ حيث إن هناك مدة معينة لا تقل عن نصف ساعة وعلى أقل التقديرات تكون ربع ساعة يستطيع فيها المعتقل التواصل مع أهلة دون أي مضايقات يتساوى في دلك جميع السجناء والمعتقلين.
كما أن للمحامي حق زيارة المعتقل دون أن تمارس عليه أي تضييقات من شأنها أن تؤثر على سير العدالة.
حفلات تعذيب للمعتقلين
قال الطالب مهند إيهاب حسن، أحد المفرج عنهم من سجون الانقلاب، خلال ندوة نظمها مركز الشهاب لحقوق الإنسان بالإسكندرية، 26 أبريل الجاري تعرضت خلال فترة اعتقالي التي بدأت يوم 27 ديسمبر الماضي وحتى إطلاق سراحي يوم 2 إبريل الجاري، إلى حفلات تعذيب وانتهاكات على يد قوات الشرطة، بدءا من احتجازنا في الدور الرابع بمديرية أمن الإسكندرية، حيث التحقيق يجرى بمعرفه ضباط أمن الدولة، الذين يستخدمون الصعق الكهربائي والضرب بطرق موجعه لا تترك آثرا في الجسد، ونحن معصوبي العينين واحتجزوني ضمن 30 شابا في غرفة ضيقه للغاية لم نكن نستطيع التنفس فيها، وكنا ننام في تلك الغرفة بالتناوب لضيق المكان.
التعذيب بالصعق والقطار
بينما يروى الأب حمدي محمد (سوداني الجنسية) معاناة ابنه محمد الذي اعتقل منذ يوم 27 ديسمبر، لحيازته إشارة رابعة داخل حقيبة المدرسية، قائلا: ابني من أب سوداني وام مصرية، واعتقد ان هذا كان السبب في تعرضه لأبشع انواع التعذيب داخل المعتقل، وهو أكثر طفل قضى فترات احتجاز داخل سجن المؤسسة العقابية بالقاهرة، على الرغم من ان قوانين المؤسسة العقابية تمنع دخول الاجانب مثل ابني لأنه يحمل الجنسية السودانية الا انه تم احتجازه اطول فتره ويجدد له الحبس منذ ان تم اعتقاله دون توجيه أي تهمه له.
وأضاف: ابني تعرض لطرق متخلفة من التعذيب داخل سجن المؤسسة العقابية، بدء من الصعق بالكهرباء، والتعليق ب "ملاية السرير " وحتى التعذيب بالقطار، وهي طريق تستخدم لتعذيب الاطفال حيث يأمرون بعض الأطفال الجنائيين بحمل المعتقلين السياسيين والسير بهم بشكل مسرع ثم التوقف فجأة فيقذفون في الحائط مما كان يصيبهم بكسور وجروح، وذلك بقيادة أحد اباطرة التعذيب داخل السجن ويدعى محمد سامي الطوخي.
وتقول والد الطفل المعتقل محمود أحمد، خلال الندوة ابني يتعرض لظروف سيئة للغاية منذ ان تم اعتقاله في 3 يناير، واحتجازه بمركز رعاية الاحداث بكوم الدكة، واصيب الاطفال بالغدة النكافية، وارتفاع درجات الحرارة، والطفح الجلدي، دون أدنى رعاية طبية، وتعرضوا لأسوء انواع التعذيب عندما تم ترحيلهم لمده 22 يوما إلى سجن المؤسسة العقابية، من ضرب وسب والمبيت على قدم واحده طوال الليل، فضلا عن وكلاء النيابة الذين يتلاعبون بأعصاب الاطفال خلال العرض على النيابة ويقال لهم "حتنزلوا جلسة" ويفاجأ الاطفال بتجديد الحبس.
اعتقال ولديه
ويروى د. محمد عماد الأستاذ بجامعة الإسكندرية قصة اعتقال نجليه الاثنين وعيناه غارقة في الدموع، ابنى الأصغر محمد طالب في الصف الأول الثانوي، اعتقل يوم الثالث من يناير بواسطة بلطجية الداخلية، وتم اختطافه بواسطة "ميكروباص" وقضى ثلاثة اسابيع داخل سجن المؤسسة العقابية بالقاهرة كان يجرد فيها الأطفال من ملابسهم، لثلاث ساعات متواصلة، وكان يقسم الاطفال داخل السجن الى ثلاثة انواع القادة والسهراية والعبيد، وللأسف أبناؤنا كانوا هم العبيد، المسئولون عن تنظيف الحمامات، ويتعرضون للضرب في حال الكلام او النظر لغير الأرض، ودخول دورة المياه مرة واحدة في اليوم، مما كان يدفع الاطفال للعزوف عن الاكل.
أما ابني الثاني كريم الطالب بكلية العلوم فتم اعتقاله، عندما اعترض على ضرب إحدى السيدات، أثناء مهاجمة قوات الأمن لنا أمام مركز رعاية الأحداث بكوم الدكة، عندما كنا نطالب بكل سلمية بعدم ترحيل أبنائنا للمؤسسة العقابية، ووجهت لابني قائمة من التهم الملفقة.
أصوات التعذيب ليلا
وقالت المعتقلة المحررة بسجون الانقلاب منال الشامي في حوار لها مع شبكة رصد عن ظروف اعتقالها انه كان يتم اعتقالهم مع الجنائيات وه ما كان يصعب علينا الاعتقال لأنه يصعب علينا التعامل معهم فبعضهن متهمات بقضايا آداب وكانوا يرتدين أزياء فاضحة فكنا نحاول الحديث معهن بتغيير ذلك أمامهن وأمام الضباط.
وتابعت الشامي كان الاعتقال في غرفة ضيقة جداها حمام ولا تهوية بل كان هناك شبه طاقة مفتوحة وبها سلك وكانت الأخريات يشربن السجائر بشكل صعب وكان الأمر يصل للمشادات أحيانا وحينا تحدثا للضباط لإقناعهم بتقليل ذلك لم يستطيعوا.
واستطردت الشامي قائلة أنا أعاني من حساسية في الصدر بالأساس وهو ما سبب لي أزمة كبيرة وتناولت أدوية كثيرة ولكن دون جدوى، وتحدثت عن زملائها من المعتقلات ومنهن الطالبات والأمهات اللواتي لم يرين أطفالهن لشهور عديدة.
وفي روايتها قالت الشامي كنا نستيقظ مفزوعين بعد منتصف الليل علي أصات التعذيب بالزنازين المجاورة لنا، وتحدثت عن زنزانة أخري بها حوالي 12من معارضي الانقلاب قالوا مرة حسبنا الله ونعم الوكيل فثار غضب الضباط وتركوا كل شيء وقاموا بإخراجهم من الزنزانة وانهالوا عليهم ضربا حتى انه كان من بينهم مريض قلب ولم يرحمه الضباط!
وفي رواية أخري لآيات حماد طالبة الأزهر المفرج عنها من سجون الانقلاب قالت كنا نتعرض للضرب الشديد ومن بين من كان يضرب قسوة أخوات الشهيدة مريم حيث كنا يتعرضن للضرب بخبطهن في الحائط بكل عنف حتى بدا على وجوههن التعذيب الذي يتعرضن له.
وتتابع آيات أما عنا فكنا نتعرض للخبط في الحائط والضرب بحيث لا يبدو على أجسادنا حتى لا نخرج ونفضحهم أما الشباب فتقول إنهم كانوا يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب وكان أقل ما يحدث لأحدهم هو ربط ضابط أربع أو خمس أحزمة على يديه وضرب الشاب بتوك هذه الأحزمة.
انتهاكات لم تر النور
ويؤكد حقوقيون أن هنا غير هذه الروايات والشهادات المزيد، غير أنه لم يفلت من السياج الحديدي الذي تفرضه سلطات الانقلاب عليه، حيث تتكرر الانتهاكات بشكل يومي مطرد، وبصورة تجعل حصره مستحيلا.
ويحذر الحقوقيون من احتمال انفجار أولئك الذين يتعرضون للقمع بشكل مبالغ فيه، حيث من الممكن أن يصل المعتقل إلى حالة من الإصرار على الرغبة في الانتقام وبأي شكل من الأشكال.
كما يشددون على أن سلطات الانقلاب لا تزيد بذلك رافضي الانقلاب إلا إصرارا على مواقفهم، حيث يتأكد لهم عدم جدوى العيش في ظل هذا الوضع المزري.