لم تقتصر إدانة تصرفات الدولة الإسلامية بالعراق والشام "داعش" من تهجير للمسيحيين من الموصل علي المنظمات الدولية فقط، بل شملت الإسلاميين السنة بالعراق الذين أستنكر قيام تنظيم (الدولة الإسلامية) في العراق بتهديد أمن المسيحيين المقيمين في مدينة (الموصل) بمحافظة نينوي، والتي تخضع لسيطرتهم منذ أكثر من شهر، فيما استغل رئيس الوزراء الشيعي نور المالكي الأمر لتبرير حربه التي يشنها منذ أشهر علي محافظات الشمال بزعم القضاء علي "الإرهاب".
وخير تنظيم (الدولة الإسلامية) الذي يقاتل مع أخرين مناهضين للحكومة من أجل اسقاط نظام نوري المالكي المسيحيين بمدينة الموصل بين الدخول في الاسلام أو دفع الجزية أو الخروج من المدينة، أو القتل، ومنحهم لتنفيذ ذلك مهلة تنتهي غدا (الاثنين 21 يوليو).
ونددت هيئة علماء المسلمين في العراق بما قام به تنظيم الدولة معتبرة أنه يمثل خروجا عن السبيل المعتبرة التي أوصى بها نبي الإسلام في التعامل مع أهل الكتاب.
وقالت الهيئة في بيان صدر عنها أمس (الأحد 20 يوليو) "لا يحق شرعا لأي جهة أن تتخذ مثل هذه الإجراءات التي تفتقر ـ إلى دولة وسلطان يمثلان الأمة، وقضاء شرعي معروف بين الناس بنزاهته وكفاءته، وعلماء في الفتوى مشهود لهم بالعلم والتقوى".
ودعت الهيئة تنظيم (الدولة الإسلامية) إلى إصلاح الخطأ الكبير الذي ارتكبته ضد النصارى في مدينة الموصل، والعمل على رفع الظلم عن هذا المكون والسماح لأبنائه بالرجوع إلى ديارهم لأن الظلم عواقبه وخيمة في الدنيا والآخرة.
وأوضحت الهيئة ان تنظيم (الدولة الإسلامية) حدد مهلة للنصارى بالخروج من مدينة الموصل انتهت يوم امس، الحادي والعشرين من شهر رمضان، وبناءً على ذلك خرج هؤلاء لتصبح المدينة خالية من هذا المكون ولأول مرة في التاريخ الإسلامي الطويل الذي بدأ بعهد الرسالة، مرورا بالخلافة الأموية فالعباسية فالعثمانية، وغيرها من الأنظمة الإسلامية وغير الإسلامية التي تخللت هذه المدد.
ورأت الهيئة ان هذا العمل يُعد تجنيا على الأبرياء وخروجا عن السبيل التي أوصى بها نبي الإسلام، وشرحها فقهاء المسلمين من بعده في التعامل مع هذا المكون، وغيره من أهل الكتاب .. مؤكدة انه لا يحق شرعا لأي جهة أن تتخذ مثل هذه الإجراءات التي تفتقر ـ إن سلمت صحتها ـ إلى دولة وسلطان يمثلان الأمة، وقضاء شرعي معروف بنزاهته وكفاءته، وعلماء في الفتوى مشهود لهم بالعلم والتقوى.
وشددت على إن ما جرى من استلاب البيوت والأموال والمقتنيات، تجري عليه أحكام الغصب في الشريعة الإسلامية، والعلماء متفقون على أن من غصب مالا لأحد لزمه رده أو تعويضه، لان الواجب في هذه الظروف الصعبة هو حماية المستضعفين من أبناء المناطق المحررة وتوفير العيش الكريم لهم ولا سيما الأقليات؛ لقطع الطريق على أعداء الثورة والمتصيدين في الماء العكر.. لافتة الانتباه الى انها كانت قد حذرت في بياناتها السابقة، جهات معروفة سعت الى تهجير هذا المكون من مدينة الموصل ومدن أخرى في العراق، وكانت ترتكب جرائم الاغتيال أو التهديد بالقتل بهدف تحقيق مصالحها الخاصة التي تنسجم مع أهداف معروفة لأعداء الإسلام.
وخلصت هيئة علماء المسلمين في بيانها الى القول: " ان الإنسان يعتريه الخطأ والنسيان، والضعف والقوة، ويقع منه الزلل، وليس ذلك عيبا، ولكن العيب هو التمادي فيه، أما إذا عرف الحق ورجع إليه فهذه منقبة له، استرشاد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) .. موضحة ان الله سبحانه وتعالى عندما اقسم في الحديث القدسي بقوله للمظلوم (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين) جاء اللفظ بصيغة العموم، ولم يفرق في دعوة المظلوم بين المسلم وغيره.
ونظم نحو 20 ناشطاً شاباً وقفة احتجاجية تندد بإقدام "داعش" على طرد المسيحيين من ديارهم، في سابقة قد يمكن البناء عليها للتوعية من خطر "داعش".
وقال شاهد عيان يدعى محمد الحمداني، إن "الشبان طالبوا خلال وقفتهم بمناظرة قيادات داعش وفق الشريعة الإسلامية لبيان خطأهم، واعتبروا الخطوة غير إنسانية قبل أن تكون منافية للدين والعادات العربية الأصيلة".
وأشار الى أن "الشبان مكثوا نحو ساعة، عصر اليوم، على مرأى من عناصر "داعش" من دون أن يتم اعتراضهم أو الاستماع إليهم".