تشهد مصر نقص حاد في الغاز الطبيعي، والذي تسبب في انقطاع الكهرباء عن أغلب محافظات الجمهورية لفترات كبيرة مما تسبب في غضب شعبي كبير، الأمر الذي لجأت معه سلطات الانقلاب العسكري لاستيراد كميات منه من الكيان الصهيوني، والذي استوردته إسرائيل بالأساس من المخلوع حسني مبارك، وذلك حجة محاولة أزمة الكهرباء.
وتعتمد أغلب محطات الكهرباء في مصر علي الغاز الطبيعي حيث كانت مصر تمتلك احتياطي كبير من الغاز قبل تصديره إلي الكيان الصهيوني بأرخص الأسعار.
وفي ظل النقص الحالي في الغاز الطبيعي، والأزمة الموجودة منذ فترة في المواد البترولية، اشتدت الأزمة في نقص إنتاج الكهرباء، ما دفع الحكومة الانقلابية لاستيراد الغاز مرة أخري من الكيان الصهيوني بأسعار مرتفعة.
وأعتبر محللون أن حكومة الانقلاب تمهد الشعب بضرورة استيراد الغاز الطبيعي الإسرائيلي حتى يتم إنقاذ مصر من الظلام، حيث يتم الاستيراده من حقلي "تامار" و"ليفياثان" والذي جرى النقاش بشأنه خلال الأيام الماضية بما سيدر على الكيان الصهيوني مكاسب تقدر ب60 مليار دولار مقابل استخدام مصر كمعبر لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا وآسيا.
وتحدثت شبكة "بلومبيرج الأمريكية" عن أن الأيام الماضية شهدت مناقشات بين الإسرائيليين والمصريين لتصدير الغاز الإسرائيلي عبر مصر لأوروبا وآسيا في مقابل حصول القاهرة على ما تحتاجه منه، حيث سيتم تزويد محطتي تسييل الغاز في إدكو ودمياط والتي تديرهما شركتي "يونيون فينوسا" الإسبانية وشركة "بي جي" البريطانية ب6.25 تريليون قدم مكعب من الغاز الإسرائيلي.
وبعد تضارب الأنباء حول صفقة الغاز الصهيوني، وسط تأكيد من جانب الاحتلال، ونفى الجانب المصري، أعلنت الشركات الصهيونية، عن اقتراب الاحتلال من إبرام اتفاقية لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، عبر صفقةٍ بنحو 60 مليار دولار، فيما أكد مسؤول بوزارة البترول أن "القاهرة" حددت 3 شروط لإبرام اتفاق فى هذا الشأن مع "تل أبيب".
و ذكرت شبكة "بلومبرج" الإخبارية، أن المدراء التنفيذيين لشركتى "نوبل" و"ديليك"، قالوا إنهم يتوقعون إبرام الاتفاق مع الجانب المصرى في نهاية العام الحالى.
وشددت الشبكة، فى تقريرٍ لها، على أنه مع قرب انتهاء الحرب فى غزة، بوساطة مصرية، فإن دولة الاحتلال ستخطط لزيادة الفائض من الغاز الطبيعي، وتسييله فى المصانع المصرية.
وتأتي تلك المفاوضات والتي من المفترض أن يتم الاتفاق بشأنها نهاية هذا العام بين المسئولين الإسرائيليين والمصريين في ظل فشل الانقلاب في مفاوضات وقف إطلاق النار بين الاحتلال الصهيوني والفلسطينيين، في الوقت الذي يري المحللون فيه أن الغاز الصهيوني ثمنًا لتنازل مصر عن دورها الإقليمي في الوقوف بجانب القضية الفلسطينية.
ومن جانبه رفض السفير إبراهيم يسري، رئيس "جبهة الضمير"، وكيل وزارة الخارجية الأسبق، استيراد الغاز من إسرائيل كمحاولة من حكومة الانقلاب لإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء، وقال إن مصر بهذه الخطوة ستستورد الغاز الذي صدرته إلى إسرائيل سابقا بأضعاف ثمنه.
وأوضح يسري في مداخلة هاتفية مع فضائية "الجزيرة مباشر مصر"، أن مصر كانت تصدر الغاز إلى إسرائيل بأثمان بخسة في عهد المخلوع حسني مبارك، ليأتي عبد الفتاح السيسي ويستورده بأسعار مرتفعة بدعوة أزمة الكهرباء واحتياج مصر للغاز.
وأكد، أن حلول استيراد الغاز ليست طبيعية ولابد من وجود حلول جديدة لا تزيد من معاناة المواطن المصري، موضحًا أنه رفع العديد من الدعاوى القضائية في القضاء الإداري ضد النظام الأسبق لمحاكمته على تصدير الغاز لإسرائيل.
وأشار رئيس جبهة الضمير، إلى أن هناك قانونًا يقضي بارتفاع سعر الغاز المصري، ولا يوجد قاض دولي يحكم على مصر بالتعويض المادي لإسرائيل.
وانتقد النائب ياسر القاضي، عضو مجلس الشعب السابق، ما تردد بشأن سعي مصر لاستيراد الغاز من إسرائيل لحل أزمة الكهرباء، لافتا إلى أن ذلك يعد مخططا إسرائيليا لإظهار وتأكيد عدم أحقية مصر في حقول البترول والغاز الموجودة فى المياة الإقليمية بالبحر المتوسط.
وقال القاضي إن موافقة مصر على استيراد الغاز الإسرائيلي الذي تستخرجه من المياه الإقليمية بينها وبين مصر، يعد اعترافًا من مصر بأنها ليس لها حق فى تلك الحقول الإقليمية على غير الحقيقة.
وطالب البرلمانى السابق، بلجوء الدولة إلى المحاكم الدولية لإثبات أحقيتها فى امتلاك جزء من تلك الحقول البترولية في المياه الإقليمية بينها وبين إسرائيل وتركيا بموجب الخرائط والوثائق والمستندات التاريخية.