أثارت فتوى دار الإفتاء بعدم حرمانية شراء شهدات استثمار قناة السويس غضب علماء الأزهر والكثير من علماء المسلمين.
وأكدت دار الإفتاء المصرية، جواز التعامل بشهادات الاستثمار لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة، حيث إنها عقد تمويلٍ بين المشتركين والدولة، ولا تُعَدُّ بحال من الأحوال قرضًا.
وأوضحت الإفتاء، أن عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك أو الهيئات أو الجمعيات العامة من جهةٍ وبين الأفراد أو المؤسسات والشركات مِن جهةٍ أخرى هي في الحقيقة عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، والذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداثُ عقودٍ جديدةٍ مِن غير المُسَمَّاة في الفقه الموروث ما دامت خاليةً مِن الغرر والضرر، محققةً لمصالح أطرافها، كما رجحه المحققون من العلماء.
وزعمت الدار أن الشخصية الاعتبارية المتمثلة في الدولة والهيئات والجمعيات العامة لها مِن الأحكام ما يختلف عن أحكام الشخصية الطَّبَعِيَّة، حيث اعتبر الفقهاء أربع جهاتٍ لِتَغَيُّرِ الأحكام مِن بينها تغير الأحكام على قَدْرِ طبيعة الأشخاص، فأَقَرُّوا -على سبيل المثال- عدمَ استحقاق زكاة على مال الوقف والمسجد وبيت المال، وجوازَ استقراض الوقف بالربح عند الحاجة إلى ذلك.
وقالت إن الأرباح المقدمة على هذه الشهادات إنما هي لتشجيع الأفراد على الاكتتاب فيها، حتى يُمكِنَ للدولة مواجهةُ التحديات وحَلُّ الصعاب ودرأ العقبات، ودفع عجلة التنمية المستدامة بأسلوبٍ حكيم.
وأضافت دار الإفتاء أن الهدف من إصدار هذه الشهادات كما هو مقرر، دعم الوعي الادخاري لدى جمهور المتعاملين، وتمويل خطة التنمية في الدولة، وتقوية الاقتصاد المصري في منظومة تنهض بالمجتمع وتعزز أسباب التكافل والتعاون فيه، مع الحفاظ على هوية وأمن الوطن ضد أي مخاطر مستقبلية.
وقالت: وعليه فإن هذه الشهادات عقودُ تمويلٍ جديدةٌ خاليةٌ مِن الغرر والضرر والربا تُحَقِّقُ مصالحَ أطرافها، ولذا فهي معاملاتٌ جائزةٌ ولا شيء فيها، ولا مانع مِن الاستثمار فيها شرعًا.
وأكد علماء الأزهر أن شهادات الاستثمار بقناة السويس حرام شرعًا، مؤكدين أن هذا نوعًا من الربا الفاحش، مطالبين دار الإفتاء المصرية ومؤسسة الأزهر بإصدار فتوى تؤكد ذلك.
وقال الشيخ أبو إسحاق الحوينى، إن الرأي الشرعي في شهادات استثمار قناة السويس: "هى ربا محرمة ولا فرق بينها وبين شهادات الإستثمار العادية".
وأضاف يحيى اسماعيل، رئيس جبهة علماء الأزهر، والأستاذ بجامعة الأزهر، إن "شهادات الاستثمار كما جاء في قرار مجمع البحوث اﻹسلامية عام 1962 كان مجمعًا بحق هي "قرض جر نفعًا بأنواعها الثلاثة أ، ب، ج، ومن ثم فهي ربا.
ومن جانبه قال عطية عدلان، عضو الهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح، فقال إذا تأملنا شهادات استثمار قناة السويس وبحثنا عن جوهرها وطبيعتها وجدناها لا تخرج عن عقد القرض، ولا تزيد على كونها صورة من ودائع البنوك، وهذا واقع لا ينكر، بل إن القانون رقم 8 سنة 1965 ينص على أن الشهادات أ، ب قرض بفائدة، والبنك الأهلي المصري نفسه عندما يعلن عن أوعيته الإدخارية التي يتلقى بها الودائع يذكر في بعض إعلاناته شهادات الاستثمار ضمن هذه الأوعية.
ووأضاف: "هذا التكييف واضح جداً بالنسبة للمجموعتين أ، ب. أما المجموعة ج فهي التي حدث حولها شئ من الجدل، بسبب أن عائدها يوزع في صورة جوائز، وهذه الجوائز يأخذها بعض العملاء، وما كان ينبغي أن يثور حولها الجـدل؛ لأن ما يجرى عليها لا ينقلها عن أصلها الربوي، بل يزيد على مصيبة الربا مصيبة أخرى وهي الميسر".
من جهته، قال أكرم كساب، عضو "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، إن الشهادات بفوائد سنوية معلومة مسبقا، وهذا هو عين الربا، ومعلوم حرمة الربا على مستوى الأفراد والمؤسسات، والله تعالى يقول في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {278فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {279}.
وقال كساب في تصريح صحفي متحدثًا على موقف الأزهر ودعمه لهذه الشهادات: "الأزهر لا رأي له لأنه متفق مع سياسة "السيسي" حيثما كانت وكيفما كانت ومن برر سفك الدماء سيسكت ويبرر الربا"، على حد قوله.
الأمر ذاته أكدته "الجبهة السلفية"، إذ أوضح أحمد يحيي شريف، القيادي بالجبهة أن أغلب الشعوب العربية تحبُّ الأرباح السهلة المضمونة التي تأتي بلا تعب أو عناء حتى لو كانت زهيدة أو مُحرمة شرعًا.
وقال إن "نسبة كبيرة جدًا من المصريين يضعون أموالهم في البنوك التجارية من أجل فائدة سنوية زهيدة تتراوح من 8% إلى 12% – تختلف باختلاف البنك وقيمة وفترة الوديعة – ويُعرضُ أغلب الناس عن التجارة التي أحلها الله تعالى في كتابه وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – من أجل أن فيها نسبة مُخاطرة وربما تعرض رأس المال للتلف".
وتابع مستنكرا: "هذا الرّجل الذي يضع 100 ألف جنيه في بنك ويحصل آخر العام على 10 آلاف، لو فكَّر في أمره جيدًا وقرر الدُّخول في تجارةٍ يُحسنها ويُجيدها لربما كانت أرباحه آخر العام 30 أو 40 ألفا من الجنيهات وربما أكثر، لكن الشيطان يُخوفُ الناس من الحلال ويرغّبهم في الحرام ويخوفهم من الخسارة المُحتملة ويزين إليهم المكاسب المحرمة الضئيلة".