شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

لماذا تمثل “كوباني” نهاية العالم؟!

لماذا تمثل “كوباني” نهاية العالم؟!
بصورةٍ مريبة للكثيرين، دوّى اسم مدينة عين العرب، أو كوباني - كما يسميها الأكراد- عبر وسائل الإعلام العربية والغربية،...

بصورةٍ مريبة للكثيرين، دوّى اسم مدينة عين العرب، أو كوباني – كما يسميها الأكراد- عبر وسائل الإعلام العربية والغربية، حيث تدور رحى معركة ثلاثية الأطراف؛ "الدولة الإسلامية" من جهة، والأكراد وقصف طائرات التحالف الدولي من جهةٍ أخرى، وكأنّ كوباني نهاية العالم، هكذا يقول البعض، ممن أصابتهم الريبة من التركيز الشديد على كوباني، واهتمام العالم بها، وضغط التحالف في سبيل ردع هجمات "الدولة الإسلامية"، ومع صمت العالم وتخاذله لسنين ثلاث أمام جرائم نظام بشار بحق السوريين المنتفضين، تزداد الريبة من الاهتمام الشديد بقضية أكراد كوباني. لماذا كل هذا الاهتمام؟ وقبل ذلك، ما هي "كوباني"؟ وما الأهمية التي تشكلها للأطراف المتصارعة؟ أسئلة نجيب عليها في هذا التقرير:

 

ما هي كوباني؟

عين العرب، أو كوباني – كما يطلق عليها الأكراد- هي مدينة سورية تابعة لمحافظة حلب، تقع في أقصى الشمال السوريّ قرب الحدود مع تركيا. على بعد 30 كيلومترًا شرقي نهر الفرات، وحوالي 150 كيلومترًا شمال شرق حلب، يتجاوز عدد سكان المدينة 44.821 نسمة – بحسب إحصاء عام 2004-، يسكنون منطقة عين العرب، التي تضم 384 قريةً صغيرة وأغلب سكانها من الأكراد.

 

بدأت المنطقة باسم "كاني"، وتعني بالكردية النبع، حيث حوت المنطقة عدّة عيون ماء، منها نبع "مرشدي" و"عربا"، التي كان البدو الرُحل ينزلون عندها صيفًا من وادي الرقة، فأطلق العثمانيون عليها اسم "مرشد بنار"، بمعنى نبع مرشد.

نشأت المدينة الحالية عام 1892، ومع مشروع خط سكة حديد بغداد بين عامي 1911 و1912، ثم شرعت المدينة في التحول إلى تجمّعٍ سكانيٍ مهم. امتلأت المنطقة حينها بالكهوف، والتي اُستعملت منذ القدم كمساكن.

وأثناء بناء السكة الحديدية فيها من قبل شركة ألمانية في العام 1911، أطلق عليها الأكراد اسم "كوباني"،  وتشتق هذه التسمية من "كوم بانيا"، ومعناها "الإجماع" باللغة العربية؛ ويعود سبب التسمية إلى توحُّد عشيرتين كرديتين هما: الحسكة، وعين العرب – كما يقول البعض – فيما يقول آخرون: إن المقصود هو الإجماع الكردي على إقامة الدولة المستقلة، ثم سميت لاحقًا باسم "عين العرب".

 

ومنذ يوليو 2012، خضعت المنطقة لسيطرة الأكراد، حيث إن وحدات حماية الشعب الكردية، والسياسيين الأكراد، سيطروا على المدينة بحثًا عن استقلاليتها؛ نظرًا لاعتبارهم إياها جزءًا من كردستان سوريا.

 

أهمية المدينة بالنسبة للأكراد

عين العرب أو كوباني، هي ثالث مدينةٍ سوريةٍ ذات أغلبيةٍ كرديةٍ بعد القامشلي وعفرين، ومنطقة عين العرب بشكل عام هي واحدة من أبرز مناطق الثقل للفصائل الكردية؛ فهي في صلب الوجدان القومي الكردي.

ووسط تفاقم الصراع في سوريا وتمدده للعراق، أصبح لهذه المدينة أهمية مفصليّة في مشروع الدولة المستقلة الكردية، لذا أضحى سقوط هذه المدينة في يد "داعش"، بمثابة طامةٍ تضرب الحلم الكردي التاريخي؛ فمع تمدد القتال إلى العراق أصبحت عين العرب في قلب المشروع الاستقلالي الكردي، ناهيك عن أن سيطرة الدولة الإسلامية على المدينة، ستكون عزلاً لمحافظة الحسكة نهائيًا عن باقي المناطق السورية.

 

كما سيعمل وقوع المدينة في أيدي "داعش" على فصل المناطق الكردية السورية عن بعضها جغرافيًا بشكلٍ نهائيٍ، ومنع الأكراد من التحرك بين القامشلي وعفرين بعد هذه اللحظة.

 

أهمية المدينة لتنظيم الدولة الإسلامية

بالنظر لأسباب أهمية المدينة بالنسبة للأكراد، يمكن أيضًا استنباط أهمية المدينة لـ"تنظيم الدولة الإسلامية".

 

فنظرًا لسيطرة "تنظيم الدولة" على شريطٍ حدوديٍّ طويلٍ مع تركيا، فضلاً عن المعابر الحدودية، التي من أبرزها معبر "تل أبيض"، نجد أن سيطرة التنظيم على مدينةٍ جديدةٍ في نفس الخط الحدوديّ ليس بالمكسب الميداني الذي يستحق كل هذا العناء.

 

أهمية السيطرة على "كوباني" ليست ميدانية بقدر ما هي عسكرية لـ"تنظيم الدولة"؛ فالأكراد شكّلوا في – الآونة الأخيرة- قوةً فاعلةً محتملة لمحاربة التنظيم، في حال قرر التحالف الدوليُّ التحرك على الأرض، هذا ما يجعل "داعش" تجري وراء التخلص من هذه العقبة المحتملة، ووضح حد نهائي لعدو محتمل.

 

كما أن وضع التنظيم ليديه على المدينة، سيسمح بإمكانية ربط المناطق الخاضعة لسيطرتهم على الحدود السورية التركية لمسافةٍ تصل إلى 136 كيلومترًٍا، فضلاً عن التحكم في رقعةٍ جغرافيةٍ شاسعة جدًا، تمتد بين مدينة "منبج" بريف حلب، وحتى مشارف العاصمة العراقية بغداد، ما يتيح استغلال هذه المساحة في المناورة وإعادة التوزيع والانتشار.

 

تركيا تقف في المنتصف

أما تركيا، فتعتمد استراتيجية إدارة المعركة عن بعد، لذا تدع الأعداء يتقاتلون، تاركةً قواتها على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ يهددها، فتركيا تقف في المنتصف؛ نظرًا للخطر الذي سيطالها سواءً انتصرت الدولة، أو الأكراد.

 

إذا ما حدث وسيطر تنظيم "داعش"، فسيمكن حينها تكوين منطقة حاضنة للدولة داخل تركيا، خاصةً مع تنامي الجانب الاقتصادي للتنظيم؛ من خلال عمليات تهريب النفط عبر تركيا، ما يجعل سيطرة الطرف الأول من النزاع على المدينة، خطرًا لا يستهان به.

 

ولكن يبقى الخطر الحقيقي على تركيا، في انتصار الطرف الثاني من النزاع (الأكراد)، حيث سيقوّي ذلك من فرصة إقامة دولتهم المستقلة في العراق وسوريا، وهو ما ترفضه تركيا؛ لأن الحلم التاريخيّ للأكراد يشمل دولةً في مناطقَ عراقية وسورية وتركية أيضًا، ما يهدد الأمن القومي لتركيا.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023