قال تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء اليوم، إن الفضل يعود وراء صمود جماعة الإخوان المسلمين في مواجهة حملات القمع التي يشنها الجيش ضد الجماعة، إلى تنامي دور الأخوات في تنظيم الاحتجاجات، وتصدر المظاهرات، وتبوأ مكانة متقدمة في المشهد السياسي بعد عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013.
يقول التقرير:"في البيوت كما في الشوارع لا تزال نساء في شتى أرجاء مصر ترعى جماعة تسعى السلطات جاهدة كي تسحقها.. إنهن يعلمن الأطفال قيم جماعة الاخوان المسلمين وينظمن الاحتجاجات ويحافظن على شبكاتها ويلعبن دورا أكثر وضوحا في ميدان السياسة".
وتتعرض الجماعة منذ ان أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي في يوليو عام 2013 لحملات قمع واتهامات بالإرهاب واعتقالات للآلاف من أعضائها.
ومع وجود معظم قيادات الجماعة إما في السجون وإما في المنفى تصدرت نساء -عشن طويلا في كنف هذه الجماعة- طليعة المشهد لخوض معركتها من أجل البقاء.
ودأبت نساء الجماعة منذ زمن طويل على التركيز على القيام بدور مساعد في مجالات التعليم والعمل الاجتماعي إلا ان تجربة الأشهر السبعة عشر الاخيرة أيا كانت مرارتها شبعت هؤلاء الاخوات المسلمات – مثلما تسميهن الجماعة- بجرعة جديدة من الثقة.
وقالت هبة وهي إحدى الاخوات المسلمات في مدينة الاسكندرية ثانية كبريات المدن في مصر "إحنا خلاص التجربة أثبتت اني انا اخوض وأغلط وأصلح غلطي أحسن من اني اقف بعيدة اتفرج".
واضافت "مش هيكون فيه بالتأكيد تراجع".
وأنشات الجماعة التي أسسها حسن البنا عام 1928 شعبة للنساء في ثلاثينات القرن الماضي.
بعد مرور ثمانية عقود على ذلك دفعت الجماعة بهن الى غمار الانتخابات البرلمانية وشغلت احداهن وهي باكينام الشرقاوي منصب مستشارة للرئيس مرسي خلال العام الذي قضاه في السلطة.
ولم تنل أي من الأخوات المسلمات قط عضوية أعلى كوادر الجماعة وهو مكتب الارشاد. لكنهن يساهمن في الانتخابات الداخلية للجماعة على المستوى المحلي.
وتقول أخوات مسلمات متنفذات في الجماعة إن ذلك قد يتغير لأن قيادات الجماعة تعول بشكل متزايد على النسوة والشباب بوصفهم همزة الوصل لها مع المجتمع.
وتقول وفاء حفني حفيدة البنا وصاحبة الصوت المؤثر داخل الحركة "عملوا الكيان ده.. اللي هو من الستات… وبقوا يقعدوا مباشرة مع مسؤول الستات في مكتب الإرشاد.. وهذا أصبح موجودا بهذه الطريقة بحيث يبقى وسيلة الوصل بين القاعدة والقمة".
وعلى الرغم من اعتقال بعضهن إلا أنه يبدو أن الشرطة تتردد كثيرا في اتخاذ اجراءات ضدهن بقدر أكبر من رجال الجماعة إذ تمنحهن مساحة من الحرية للانضمام إلى المظاهرات والحفاظ على تماسك الجماعة من خلال عقد الاجتماعات بصفة منتظمة.
وتضاءلت الاحتجاجات مع تزايد حملات الاعتقال إلا أن النسوة يتصدرن المشهد الآن. وقالت وفاء حفني إنه في ثلاث مناطق بالقاهرة تجرى تجربة كي تضطلع النسوة بتنظيم الاحتجاجات "من الألف الى الياء".
وأتاحت ضرورة التنظيم على المستوى المحلي – بغية تجنب الاعتقال– مستوى لم يسبق له مثيل من اللامركزية في الهيكل التنظيمي للجماعة ما منح النساء والشباب من أعضاء الجماعة قدرا أكبر من الحرية للحركة.
وقالت إحدى الأخوات المسلمات في الاسكندرية "غاب معظم الرجال لذا فانه دون النساء فلن توجد احتجاجات. إنها الحقيقة ولقد اعترفوا بها عدة مرات. يقولون إنه دون وجودنا فإن الأمر لن يجدي".
وسبق أن قامت النساء بدور أساسي في ابقاء جماعة الإخوان المسلمين على قيد الحياة أثناء جولة سابقة من القمع في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لكنهن تراجعن الى الظل بعدما خفت حدة الضغط.
وقال خليل العناني وهو خبير في الجماعات الاسلامية في جامعة جون هوبكنز الأمريكية إن البروز المتنامي للمرأة مسألة مهمة لكن ليس من الواضح ما إن كان يمكن أن تحدث أي تطور في التسلسل الهرمي داخل الجماعة.
وأضاف "دور المرأة كان مدفوعا بأزمة وليس بتغيير فكري لكن يمكن لذلك أن يؤدي إلى تغييرات في المستقبل." وتابع أن "الاخوان المسلمون في فترة انتقالية."
وتقول الأخوات إن دورهن يتطور بالفعل. وتنتخب المرأة الآن لتقود الأسر النسائية وهي مجموعات محلية تمثل لبنات البناء للجماعة. وفي السابق كانت زوجات زعماء الأسر يعملن كنائبات غير رسميات بخصوص المرأة.
وفي بعض المناطق تنتخب نساء لقيادة شعب المرأة وكل شعبة منها مسؤولة عن عشرات الأسر رغم أن المرأة ما زالت تركز على تعليم الفتيات كيف يصبحن زوجات وأمهات صالحات وسفيرات للاخوان المسلمون في المجتمع.
ويقول البعض إن التحركات كانت جارية على قدم وساق لانضمام المرأة الى مجلس الشورى قبل أن تدفع حملة القمع الجماعة الى تركيز جهودها على مجرد البقاء على قيد الحياة وستواصل المرأة لاحقا الضغط من أجل مزيد من السلطة.
وقالت وفاء حفني وهي أستاذة للغة الانجليزية ومسؤولة شعبة إنه يوجد أمران تصر عليهما المرأة على مستوى الجماعة وهما أن تمثل بقوة في الشورى ومكتب الارشاد.
وما زالت الانقسامات قوية بشأن ما إن كان يمكن للمرأة أن تقود الرجال أو أن تتولى منصب المرشد العام نفسه. وحتى النسوة اللواتي يردن الاصلاح يعتبرن أن دورهن كزوجات وأمهات له الأولوية.
لكن الأزمة فرضت التغيير على المرأة الاسلامية طوعا أو كرها. وتعتبر المعركة شخصية بالنسبة لكثيرات.
وتصف شيماء وهي تجلس في مكتب زوجها في الاسكندرية كيف تغيرت حياتها منذ إلقاء القبض على زوجها المحامي الحقوقي خلف بيومي في سبتمبر ايلول 2013 وابنها البالغ من العمر 16 عاما وشقيق بعد ذلك بخمسة اشهر.
ودرست شيماء القانون لكنها تخلت عن ممارسة المحاماة لترعى اسرتها. وتتولى الآن عبء متابعة قضايا زوجها وهي العائل الرئيسي للأسرة وترعى أيضا ابنيها الأصغر وتتولى القيام بزيارات للسجن وتقديم المساعدة القانونية.