شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تعهدات مؤتمرات المانحين لا تتحقق

تعهدات مؤتمرات المانحين لا تتحقق
عندما اقترح الملك السعودي الراحل عبد الله، عقد مؤتمر للمانحين لمساندة الاقتصاد المصري في يونيو من العام الماضي ، قبيل الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط ، اعترض بعض المصريين على عنوان المؤتمر بأن لفظ المانحين يوحي بمعانٍ أقرب

عندما اقترح الملك السعودي الراحل عبد الله، عقد مؤتمر للمانحين لمساندة الاقتصاد المصري في يونيو من العام الماضي ، قبيل الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط ، اعترض بعض المصريين على عنوان المؤتمر بأن لفظ المانحين يوحي بمعانٍ أقرب إلى العطايا والمنح من جانب تلك الدول لمصر، وهو ما لا يليق حسب رأيهم بتاريخ مصر ومكانتها وشعبها.

واستجابت الحكومة المصرية لهم بتحويل عنوان المؤتمر المقترح بعد عدة أشهر إلى أصدقاء مصر، ثم عدلته مؤخرًا إلى: مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري – مصر المستقبل، بحيث يفي بغرضي تلقي المنح وتلقي الاستثمارات .

وقد لا يعرف الكثيرين أنه إذا كانت حوالي 12 دولة عربية من بين إجمالى 22 دولة عربية، قد أقيمت لها مؤتمرات مانحين لمساعدتها خلال السنوات الماضية، فإن مصر كانت أولى تلك الدول، وذلك في عام 2002 .

وتلاها بعد ذلك حسب الترتيب الزمني مؤتمرات للمانحين لدول ومناطق: العراق والسودان وفلسطين وجزرالقمر واليمن ولبنان، وكردستان وغزة وموريتانيا وجيبوتي وشرق السودان وسوريا والصومال وتونس.

وتستفيد بلدان عربية أخرى من عقد مؤتمرات المانحين مثل الأردن، التي تنال جزءًا من مخصصات مؤتمرات المانحين لسوريا لوجود لاجئين سوريين بها، كذلك أقيمت مؤتمرات للمانحين لدول أخرى مثل أفغانستان ومالي وجنوب السودان.

وتكررت مؤتمرات المانحين للعديد من الدول العربية، مثل اليمن لنحو ست مؤتمرات وجزر القمر مرتين والعراق، ودرافور عدة مؤتمرات وغزه مرتين، وسوريا مرتين والتي سيعقد مؤتمر المانحين الثالث لها في الكويت في شهر مارس القادم، وها هي مصر تستعد لعقد مؤتمر المانحين الثاني لها في مارس القادم.

ولكن ما هي الأغراض الحقيقية من تلك المؤتمرات، ويرد أحد الباحثيين اليمنيين من واقع تجربة اليمن مع ست مؤتمرات للمانحين، بأن الغرض الرئيس هو الحفاظ على المصالح الغربية في تلك البلدان.

 وأشار إلى أنهم يدركون خطورة وجود دولة فاشلة باليمن، على مصالحهم في انتظام خطوط الملاحة الدولية عبر باب المندب، واستمرار تدفق النفط من دول الخليج إلى أوروبا والأمريكتين، واستمرار تدفق السلع في كلا الاتجاهين بين أوروبا وآسيا، ومن هنا فإن اضطرابات الجنوب اليمني لا تهمهم، ومخاطر الحوثيين يتغاضون عنها على أمل أن تنال من عناصر القاعدة باليمن.

ويتكرر الأمر في كل البلدان التي تم عقد مؤتمرات للمانحين لها، مثل الحفاظ على مصالح الشركات الغربية النفطية بالعراق، وتهدف مؤتمرات المانحين لسوريا لمساندة المعارضة السورية التي يسمونها المعتدلة، والبعد عن معاونة الفصائل الإسلامية المعارضة للنظام السوري.

ولعل تجربة المانحين لليونان خير شاهد على رغبتهم في معاونة اليونان، حفاظًا على تماسك الاتحاد الأوروبي وعدم انهيار العملة الأوروبية، والحرص على مصالح البنوك الغربية الدائنة لليونان، وخشية انتقال الآثار السلبية لانهيار اليونان إلى دول أوروبية أخرى.

وكان مؤتمر المانحين الأول لمصر في الخامس من فبراير عام 2002، من بين أهدافه ضمان سداد مصر لديونها الخارجية، في ضوء تعثر الأرجنتين عن سداد ديونها الخارجية عام 2001، بينما كان المبرر المعلن هو تقليل الآثار السلبية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر على الاقتصاد المصري.

وعادة ما تسفر تلك المؤتمرات عن أرقام ضخمة للتعهدات المالية للدول التي يتم عقد المؤتمر من أجلها، لكن الواقع العملي يشير إلى عدم تحقق غالب تلك التعهدات على أرض الواقع.

كما أن جانبًا كبيرًا من تلك التعهدات يكون في صورة قروض ميسرة وليست منحًا، مثلما حدث مع تعهدات مؤتمر المانحين الأول لمصر، والذي أسفر عن تعهدات بقروض ميسرة مجموعها 3ر10 مليار دولار، لكنها لم تتحقق.

وكان مؤتمر المانحين للعراق في اكتوبر 2003 في مدريد قد تعهد بتقديم 33 مليار دولار، لإعادة إعمار العراق منها 3.20 مليار دولار سبق تعهد الولايات المتحدة بها ، لكنه حتى الباقى والبالغ  7.12 مليار من باقي الدول والهيئات الدولية لم يتحقق، ومثل ذلك حدث في اليمن التي تعهد لها المانحون بنحو 4.6 مليار في مؤتمر عام 2012 .

وكان المانحون للسودان في أوسلو بالنرويج عام 2005 قد تعهدوا بدفع 5.4 مليار دولار بشرط وقف انتهاكات دارفور، كذلك تعهد مؤتمر المانحين بشأن دارفور بالكويت عام 2010  بنحو 5.3 مليار دولار، لكن كليهما لم تتحقق.

وهو ما تكرر مع مؤتمري إعادة إعمار غزة الأول، والذي عقد في شرم الشيخ في مايو 2009، وحضره قادة دول أوربية، أو الثاني بالقاهرة في أكتوبر من العام الماضي، والذي تعهد بنحو 4.5 مليار دولار ولم تتحق بعد، وتكرر ذلك مع مؤتمر إعمار لبنان.

وعندما دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند لعقد مؤتمر للمانحين أصدقاء تونس  في أبريل 2014 ، والذي تأجل إلى سبتمبر من العام الماضي، فقد غير التونسيون من مسماه وقالوا إنه لا يرمي إلى جمع مساعدات، ولكن إلى  حشد المستثمرين لإقامة المشروعات ، ولذلك أسموه : استثمر في تونس الديموقراطية الناشئة .

وهو ما حاولت الحكومة المصرية تكراره بتعديل تسمية مؤتمر المانحين والذي سيعقد في مارس القادم ، إلى مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري – مصر المستقبل ، وقال رئيس الوزراء المصري إن المؤتمر يهدف إلى ثلاثة أمور :

الأول :عرض رؤية لمستقبل مصر من خلال إعلان برنامج إصلاحي للسنوات الأربع القادمة، والثاني الحصول على تعهدات مالية من شركاء التنمية لمصر خاصة الإمارات والسعودية ، والثالث عرض مشروعات استثمارية على القطاع الخاص .

ويظل السؤال هل ستتحقق تعهدات المانحين بالمؤتمر القادم، أم تلحق بغيرها من الوعود بالمؤتمرات السابقة ؟ وهل سيحقق مؤتمر شرم الشيخ حصيلة جيدة من الاستثمارات، في ضوء استمرار الإضراب الأمني والسياسي في مصر، إلى جانب العديد من المشاكل الاقتصادية الحادة .

وفي ظل تراجع أسعار النفط وأثرها السلبي على دول الخليج، والتي تمثل الشريك الاستثماري الرئيسي لمصر، وفي ضوء  المشكلات الاقتصادية في اليابان وروسيا ، وانخفاض النمو بالصين ومعدلات النمو الضعيفة ومعدلات البطالة المرتفعة في دول أوروبا ، الشريك التجاري والاستثماري الرئيسي لمصر؟



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023