أظهرت دراسة جديدة لوزارة الصحة المغربية عن تعرض مئات المرضى النفسيين لسوء المعاملة، وحتى التعذيب، في مزار “بويا عمر”، الذي تلجأ إليه العائلات المغربية منذ عشرات السنين؛ أملًا في “علاج” أبنائها بالقرب من مراكش جنوبي البلاد.
وحسب فرانس برس، قالت الدراسة، إن ما تظنه هذه العائلات “علاجًا” هو من وجهة النظر الطبية “لا يعدو مجرد شعوذة وتضليل يمارس على هؤلاء المرضى، الذين يعانون أمراضًا نفسية واضطرابات تتطلب علاجًا محترفًا، ولكنهم عوض ذلك يتعرضون للشعوذة”.
وكشفت الدراسة أنه في عام 2014 لجأت عائلات 711 مريضًا نفسيًا إلى مزار بويا عمر، إذ قالت الدراسة إنهم يعيشون ظروفًا بائسة ويتعرضون للتعذيب، متحدثة عن ربط المرضى وتقييدهم وعزلهم عن العالم، حتى بات يشتهر باسم “غوانتنامو المغرب”، بسبب سوء معاملة المرضى النفسيين.
وبوبا عمر هو ضريح اشتهر منذ القرن 16 بعلاج المرضى الذين يعانون اضطرابات عقلية ونفسية، ويقع على بعد 50 كيلومترًا شمال مدينة مراكش، ويزوره حوالي 30 ألف شخص في السنة، منهم 15 ألفًا أثناء المولد النبوي. ويعتبر بويا عمر -وفقًا للبعض- رمزًا لإيمان شريحة من المغاربة بالخرافات.
وتؤكد الدراسة أن الضريح يتقاضى في المعدل 786 درهمًا شهريًا (78 دولارًا) كمصاريف للإيواء، لتناهز تكلفة الإيواء السنوية التي يدفعها مجموع النزلاء حوالي ثمانية ملايين درهم (797 ألف دولار)، إذ صار المريض العقلي محرك الاقتصاد المحلي.
وبحسب الدراسة، فإن أكثر من 60% من النزلاء تتراوح أعمارهم بين 30 و49 سنة، ويشكل الرجال 97% منهم، كما أن 12% منهم أميون، و5% لديهم تحصيل جامعي.
ويُعد التبغ والحشيش والخمر، هي المخدرات الأكثر انتشارًا بين النزلاء قبل القدوم إلى المركز، وأغلبهم مصابون بمرض الفصام.
وقالت الدراسة إن 70% من حالات الإيواء تمت بطلب من عائلة النزيل، وإن 70% من النزلاء لا يتلقون أي علاج أثناء الإقامة، و24% من المرضى لا تزورهم عائلاتهم، و23% منهم في حالة صحية سيئة، و19% تظهر عليهم علامات سوء المعاملة، إضافة الى وجود أربعة أشخاص في الغرفة الواحدة في المعدل.
ويقصد أغلب الأضرحة في المغرب مواطنون وأجانب أحيانًا، ممن يعتقدون بأن الأرواح تسكنهم، وذلك لنيل “بركة” الأولياء كما يعتقدون، وهم في الغالب من المرضى النفسيين أو مدمني المخدرات.