منذ عام 2011، برزت شبه جزيرة سيناء باعتبارها “ركن ينعدم فيه القانون والأمن”. وأخذت حركات مسلحة في التزايد خلع الرئيس محمد حسني مبارك، كما أخذت في تكثيف عملياتها بعد الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في عام 2013.
مع ذلك فشل العسكري السابق، ورئيس المخابرات الحربية الأسبق، عبدالفتاح السيسي (قائد الانقلاب العسكري)، فشلًا ملحوظًا في إبداء أي قدرة على مواجهة الاضطرابات المسلحة، أو فهم أسبابها.
وورد في مقال منشور بموقع “ذا هيل” الأمريكي، أمس الخميس، والذي كتبه عمرو دراج – رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري والقيادي بتحالف دعم الشرعية – أن نظام السيسي وُجهت له انتقادات لاذعة بسبب السعي غير المبرر لدولة عسكرية أكثر استبدادًا، وصفتها منظمة هيومان رايتس ووتش، المهتمة بمجال حقوق الإنسان، بـ”الدولة القمعية للغاية”.
وأشار المقال إلى أنه “ليس من المفاجئ بعد ذلك أن يكون رد فعل النظام على التمرد الناشئ في سيناء؛ هو معاقبة لأهالي سيناء فقط وليس المسلحين، من خلال استخدام الجرافات والديناميت لهدم أحياء بأكملها، وطرد ذويها منها، وتهجيرهم قسريًا وتشريد الآلاف، لإنشاء منطقة عازلة على طول الحدود مع قطاع غزة، بما يعاقب عليه القانون الدولي”.
من جانبها، توافقت منظمة العفو الدولية مع ما سبق من تقييم للأحداث على الأرض في سيناء، وأشارت المنظمة الدولية إلى وجود حجم “مذهل” من عمليات الإخلاء القسري و”صدمة” قوية من هدم البيوت في رفح وتجريفها وقصفها عن عمد من قِبل السلطات وطرد العائلات بالقوة.
كما ذكرت العفو الدولية أن السلطات عمدت مع عمليات الإخلاء، إلى تجاهل الضمانات الأساسية المطلوبة، بموجب القانون الدولي بما في ذلك التشاور مع السكان، وإشعار الأهالي بالهدم والتهجير قبلها بوقت كاف، والتعويض الكافي عن الخسائر ومنح مساكن بديلة لأولئك الذين لا يستطيعون إعالة أنفسهم.
وأكد الموقع الأمريكي، أن الوضع تفاقم بسبب التعتيم الإعلامي المفروض في جميع أنحاء سيناء، لمنع الإبلاغ عن عمليات الهدم، أو أي عمليات عسكرية أخرى. متبعًا: “حتى عندما استطاع الصحافيون تجنب حظر التجول والوصول إلى المهجرين والمطرودين، والضحايا، وجدوهم خائفين من الكلام خشية الاعتقال”.
وأضاف الموقع: “بعد الذي شاهده الأهالي من تفكك للديمقراطية وقدرة الظالمين من الإفلات من العقاب في مصر خلال العامين الماضيين، فلا يستغرب أحد أن طريقة عمل النظام هي عدم الديمقراطية، في الوقت الذي يحاولون فيه صناعة وتفصيل القوانين لتعطي قشرة من المصداقية لأعمالهم”.
ولفت الموقع الأمريكي إلى أن الأزمة في سيناء تكشف عن سوء تقدير آخر، ليس فقط كيفية إدارة واحتواء العنف، لكن أيضًا في تحقيق الأمن بعد التهجير. مضيفًا: “الجيش المصري كسر كل قاعدة فعالة لمكافحة المسلحين من خلال استعداء السكان المحليين، بما يزيد من دورات العنف التي قد تستمر لأجيال”.
ويُعد هذا العجز الديمقراطي، ناتج عن الاستيلاء غير الشرعي على السلطة من قبل السيسي في عام 2013، والتي سوف تعطي العون للمتطرفين في مصر. وستستغل الجماعات المتطرفة في سينماء “همجية الجيش المصري” في تجنيد الشباب السيناوي الذين فقدوا منازلهم وسبل العيش وأسرهم، وفقًا لـ”ذا هيل”.
وقال “ذا هيل”، إنه “ليس صدفة أنه بعد انقلاب 2013 وعودة الأوضاع في مصر إلى حكم أكثر قمعًا، أن سكون في سيناء فرع خاص بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). المنطقة الفقيرة عانت عقودا من الإهمال، لكن أيضًا مع عدم وجود مساحة للمعارضة السياسية المنظمة، فإن السيسي ونظامه يجبرون المصريين على التطرف”.
ووجه الموقع عبر المقال المنشور رسالة لمن وصفهم بـ”حلفاء السيسي الغربيين”، جاء بها: “هناك أسئلة أخرى يجب أن تسألوها: في الأسابيع القليلة الماضية أعادت الولايات المتحدة 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر، وهذا يشمل دبابات أبرامز.. هل هذا الدعم الضمني للنظام يأتي عل أمل أن لوقف التمرد؟”، مجيًبا: “بالعكس هذا التسليح يعني المزيد من توظيف الجهاديين وسيضيفون لأنفسهم واقعا لمنظور الجهاد الدولي”.
واختتم مؤكدًا: “بشكل حاسم، إذا تخلت الولايات المتحدة وحلفائها عن دعم أفكار الربيع العربي، فلا ينبغي أن تتفاجأ هي ومن معها، عند ظهور الأفكار المتشددة المتطرفة. فلقد رأينا الشباب وغضبه من فشل الديمقراطية وعودة الاستبداد. خاصة في سيناء، ومواجهة الشباب بعنف ظنًا أنه حل للعنف الذي تعاني منه مصر في سيناء”.