“يجوز للرجل ترك زوجته للمغتصبين حفاظًا على النفس”، بهذه الكلمات أفتى الطبيب ياسر برهامي، على موقع دعوته السلفية “صوت السلف”، حيث أكد برهامي في فتواه أن حفظ النفس مقدم على حفظ العرض، وإن كانت هناك نسبة لدفاع الزوج عن زوجته فيدافع عنها، لكن إن تأكد من مقتله فيجوز له تركها.
ربما تحمل الفتوى السابقة التي أطلقها نائب رئيس الدعوة السلفية، بعدًا شرعيًا، لكنها في الحقيقة وطبقًا لوقائع سابقة وقرارات مصيرية اتخذتها الدعوة والحزب، تبدو الفتوى تطبيقًا عمليًا للمسارين الديني والسياسي لمنهج الدعوة وحزبها السلفي.
قبل ثورة 25 يناير، كان لبرهامي رأي وكذلك الدعوة السلفية بعدم المشاركة في التظاهرات، وكان المبرر كالعادة حفظ البلاد وحقن الدماء، ورغم ذلك ارتمى برهامي وجماعته في أحضان الثورة، ليشكل حزب النور السلفي.
وظهر الرجل على الساحة السياسية بقوة بعد ثورة 25 يناير، بعد أن كان حضوره السياسى قبل الثورة مقتصرًا على الرد على أسئلة مريديه عن الأوضاع السياسية القائمة آنذاك.
ولعب برهامي -الرجل المقدس لدى أبناء الدعوة السلفية كمثله في المذهب الشيعي روح الله الخميني- دورًا كبيرًا في المرحلة الانتقالية الأولى التي أعقبت خلع الرئيس السابق حسني مبارك، حيث اقترب كثيرًا من مجلس طنطاوي العسكري ومن الإخوان أيضًا، إلا أن علاقته بالإخوان ملتبسة رغم أن أباه كان إخوانيًا وألقي القبض عليه في قضية 1965، بالإضافة إلى انتماء عمه للإخوان أيضًا.
وعُرف برهامي بعدائه غير الظاهر لجماعة الإخوان المسلمين، والرئيس محمد مرسي، بعدما ذهب إلى الفريق الهارب أحمد شفيق آخر رئيس وزراء بعهد المخلوع مبارك، ليلة إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة 2012، ليعلن ولاءه له، ظنًا منه حينها أن شفيق هو الرئيس.
كان موقف برهامي مماثلًا حول النزول للاحتفال بذكرى الثورة في يناير 2014، حيث أكد عدم مشاركة السلفيين في النزول لإحياء الذكرى، مؤكدًا أنه وأعضاء الدعوة السلفية سيجلسون في بيوتهم في ذلك اليوم يدعون الله ويتضرعون إليه من أجل الحفاظ على دماء المصريين.
الرجل المثير للجدل لم يتوقف عن فتاواه المؤججة للرأي العام، حيث أفتى بعدم جواز تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، بحجة أنها تتنافى ومعتقدات المسلمين، وجاء رد الأزهر على لسان مستشار شيخ الأزهر، الذي وصف الفتوى بـ”الكلام الفارغ الذي ليس به مضمون”، ورغم ذلك قرر “حزب النور” الذراع السياسي للدعوة السلفية السماح بالأقباط بالترشح على قوائمه في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها خلال الأشهر المقبلة.
ويصف محللون سياسيون، برهامي بأنه رجل الصفقات الأول مع جهاز أمن الدولة وقادة الانقلاب العسكري بعد بيان 3 يوليو، معتبرين أنه أحد جسور التمويل اللوجيستي السعودي لإسقاط حكم الرئيس محمد مرسي.
وواصل نائب رئيس الدعوة السلفية بعد مذبحة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، فتاواه، بتبرئة عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري من دماء الشهداء الذين سقطوا في الاعتصامين، واصفًا إياه بأنه مرشح إسلامي في الانتخابات التي جرت في ظل الانقلاب بينه وبين حمدين صباحي مرشح التيار الشعبي.
نشأته
ونشأ ياسر محمود برهامي حشيش في مدينة كفر الدوار محافظة البحيرة سنة 1958، وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1982، ثم ماجستير طب الأطفال من جامعة الإسكندرية، كما حصل على ليسانس الشريعة الإسلامية عام 1999 من جامعة الأزهر.
وكون برهامي، الحركة السلفية أثناء دراسته في كلية الطب مع محمد إسماعيل المقدم وأحمد فريد، وأثناء وجودهم في الكلية نشرت الرسائل الإسلامية وانتشرت محاضراتهم وخطبهم في الإسكندرية، كما تخصص في الاعتقاد ودرس كتب محمد عبد الوهاب، وكذلك كتب ابن تيمية، وله دروس كثيرة في العقيدة والتفسير والحديث والأصول.
كما شارك في تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدرسة السلفية بالإسكندرية والتدريس فيه، حيث قام بتدريس مادتي التوحيد وأصول الدعوة إلى حين إيقافه سنة 1994، ويشرف بنفسه على موقع صوت السلف، كما يعتبر الأب الروحي لحزب النور الذي تأسس عقب ثورة 25 يناير.