أثارت البيانات التي كشفها “المركزي للتعبئة العامة والإحصاء”، أمس عن عجز الموازنة المصرية، تخوفات عديدة لدى الخبراء والمتخصصين.
وكشف، أمس، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع العجز النقدي خلال الفترة من يوليو- فبراير للعام المالي الحالي 2014/2015 بلغ 57987 مليون جنيه؛ حيث بلغ إجمالي العجز خلال تلك الفترة قيمة 177079 مليون جنيه مقابل 119092 مليون جنيه عن نفس الفترة للعام المالي الماضي 2013/2014، بمعدل تغيير بلغ 48.7 %.
وأوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في بيانه الشهري لشهر إبريل، أن إجمالي الإيرادات بلغ خلال الـ8 شهور الماضية منذ بداية العام المالي قيمة 208078 مليون جنيه مقابل 254224 خلال نفس الفترة للعام المالي الماضي بمعدل تغير -18.2 %، وإجمالي المصروفات بلغ 385157 جنيه مقابل 373316 جنيه، بمعدل تغيير 3.2%.
بدوره، وَصَفَ أستاذ الاقتصاد بجامعة النهضة “إبراهيم الشاذلي” هذا الصعود بأنه كارثة على الاقتصاد القومي؛ مضيفًا أن الأداء الحكومي الفاشل سبب رئيسي في وصول العجز لتلك المستويات.
وتابع “الشاذلي” في حوار خاص لـ”رصد”، أن العجز سيُضعف من قيمة الجنيه المصري الذي يعاني بالأساس من تقلب في الأسعار وهو ما سيُضعف من مستوى معيشة المصريين في الوقت الذي تزداد فيه الأعباء الاقتصادية عليهم.
وأوضح “الشاذلي” أن صعود العجز يُعطي مؤشرًا قويًّا على عدم قدرة الحكومة الحالية على تنفيذ مشروعات استثمارية كبرى؛ مما يؤكد اعتمادنا الكلي على الاستيراد.
وتابع أن ذلك يُضعف الثقة في الاقتصاد المصري ويُنَفّر المستثمرين من القدوم لمصر؛ موضحًا أن “أي مستثمر عندما يطلع على مستويات العجز التي تسجّلها أي دولة ويكتشف استمرار صعوده، يتأكد له أن النظام الاقتصادي الحالي لهذا البلد سلبي؛ وبالتالي ليس آمنًا على استثماراته”.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن غياب الأمن الاجتماعي السياسي يُعَدّ أقوى أسباب نفور الاستثمارات؛ وبالتالي غياب التنمية؛ مشيرًا إلى أن مصر بحاجة إلى حل سياسي وأمني لأوضاعها الداخلية؛ حتى تتجاوز ذلك العجز وكامل أزماتها الاقتصادية.
وعن زيارة قائد الانقلاب المشير السيسي لإسبانيا وقبرص واليونان الأسبوع الماضي، قال “الشاذلي”: “اللافت أن هذه الدول هي أفقر دول البحر المتوسط؛ بل إن اليونان وقبرص من أبرز الدول التي تعاني اقتصاديًّا في تلك المنطقة؛ فما الذي سيجنيه الاقتصاد المصري من تلك العلاقات والزيارات؟”؛ واصفًا ذلك بالفشل السياسي والاقتصادي.
وتوقع “الشاذلي” استمرار صعود العجز وسط غياب مؤشر حقيقي للاستثمارات، قائلاً: “عند حديثي مع رؤساء البنوك يؤكدون لي أن هناك فائض أموال في البنوك المصرية؛ ولكن ليس هناك استثمارات تُضَخّ فيها، والسبب ليس غياب المستثمرين؛ بل فقدانهم الثقة بالاقتصاد وقدرته على جذب المستثمرين الاستثمارات بالوقت الحالي”.
ورَفَضَ “الشاذلي” حديث الوزراء عن ارتفاع مؤشرات النمو الاقتصادي بمصر مؤكدًا أن النمو الحقيقي بإخبار المصريين عن مشروعات الحكومة وتوقيت تنفيذها وتكليفاتها، وما المتوقع منها، ومتى تنتهي؛ وبالتالي تزيد الثقة بالاقتصاد، أما غير ذلك من أحاديث فهي للاستهلاك الإعلامي.
وانتقد “الشاذلي” اتجاه الحكومة لفرض مزيد من الضرائب ورفع فواتير الكهرباء والغاز في الوقت الذي لا يرتفع فيه دخل الأفراد مؤكدًا أن هذا يُعفي من الدخل الحقيقي للفرد وقوته الشرائية، ويقول إن الحكومة الحالية لا تفكر إلا بجلب موارد سيادية من الأفراد، وهو ما يفاقم أعباء المصريين ويهدد الوضع الحالي.
