فسَّر سياسيون تماسك نظام عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب، طوال ما يقارب من عامين منذ الانقلاب في 3 يوليو من العام قبل الماضي 2013، لعدة أسباب أبرزها اعتماده على التمويل الخليجي، والظهير الشعبي، والتكتلات السياسية التي يعتمد عليها بجانب دعم مؤسسات الدولة له، وحكمه للبلاد بالحديد والنار وبطريقة ديكتاتورية واستبدادية.
الدكتور مها عزام، رئيسة المجلس الثوري المصري، ربطت يبن بقاء السيسي حتى الآن ومستوى القمع الشديد، وقالت: “السيسي يمسك البلد بالحديد والنار، ولا يوجد أي منفذ للمعارضة أو الحريات في بلد يقبع 40 ألف معتقل فيها خلف القضبان”.
وأضافت “مها عزام” لـ”رصد” أن السيسي يحاول السيطرة على البلاد بعمل حاجز من الخوف لدى الشباب حتى لا يخرج أحد لمعارضته.
وتحدت عزام، السيسي بأن يفتح أبواب الحريات للناس في أن الخروج بسلمية وللصحافة والاعلام دون ملاحقات، فلو فعل ذلك فلن يستمر في الحكم ولو ليوم واحد، سواء هو أو النظام العسكري.
وأشارت مها عزام إلى الدعم الخارجي الذي يلقاه السيسي من قبل دول الخليج، في مساعدته في البقاء.
ولفتت إلى مؤشرات تغير رؤية المملكة السعودية وإعادة النظر تجاه نظام السيسي، وفي حالة خلخلة الدعم المالي للسيسي سيسقط السيسي سريعا.
وتابعت أن السيسي جعل مصر لعامين تحت رحمة المساعدات والدعم الخليجي، الذي لم يستثمر منه شيئا في صالح الناس، لذلك يقل الظهير الشعبي للسيسي يوما بعد يوم، حيث الكلام الذي سمعناه عن الاستقرار بعد الانقلاب كان أكذوبة.
الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن تماسك السيسي يرجع لامتلاكه ظهير شعبي، ربما يكون قلَّ أو زاد في لحظة وأخرى، بالإضافة للتكتلات السياسية التي يعتمد عليها في قرارته السياسية، بجانب مؤسسات الدولة التي تقف بجواره على خلاف الدكتور محمد مرسي.
وأضاف غباشي لـ”رصد” أن هناك حالة من التناغم السياسي والسند القوي من قبل مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسه الإمارات والسعودية مع من يرونه بالرجل القوي، الذي يمثل أحداث 3 يوليو.
وأشار غباشي إلى أزمة صراع الأجنحة التي يواجهها السيسي منذ انقلابه على الرئيس مرسي، قائلا: “هناك صراع أجنحة داخل نظام السيسي لكنَّه غير محسوس، وربما يقال إن هناك من هو منتم لحكم مبارك ومن ينتمي لـ3 يوليو ومن ينتمي لـ25 يناير، والسيسي فشل حتى الآن في تحديد رؤية من صراع هذه الأجنحة”.
ولفت غباشي إلى تزامن توقيت ظهور الفريق الهارب أحمد شفيق، والدعوات التي تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مشيرا إلى أن شفيق لديه ظهير شعبي يريده هو الآخر، وربما أطراف خارجية تنادي به وتطالب بقيادته للبلاد، قائلا إن أصعب ما يواجهه شفيق ظهوره في وقت لا يوجد فيه انتخابات رئاسية أو ضيق شعبي شديد تجاه الحكومة.
وتابع غباشي أن الداعين لفكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة، يتمسكون بدعوات تغيير بعض مواد الدستور، بما يعزز من صلاحيات الرئيس وما يقلل من صلاحيات البرلمان والحكومة، وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن نظرا لغياب الشخصية التي يمكنها منافسة السيسي الذي يمثل المؤسسة العسكرية.
الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، قال إن النظام الحالي ليس متماسكا على الإطلاق وإنما هو متصل بشبكة فساد تعرف أنها لا تقوم إلا على بقائها كمنظومة، ويمكننا أنها نشبهها بشبكة بيت العنكبوت وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت.
وأضاف “سعيد” لـ”المصريون” أن النظام يحوي كل أسباب سقوطه وتهاويه، فأولا هو لا يمتلك رؤية سياسية للتعامل مع القضايا الداخلية أو الخارجية، وبدا ذلك واضحا في تخبط سياسته تجاه إثيوبيا والمشكلة اليمنية الأخيرة وغيرها من القضايا.
وتابع سعيد أن النظام الحالي لا يمتلك رؤية اقتصادية فلا مشاريع ولا تنمية إلا الاعتماد على أموال “الرز” أو المال الملوث بالنفط لدعم الرصاص الملوث بالدماء، كما لا يمتلك رؤية اجتماعية للإصلاح المجتمعي ولا يعرف إلا البطش والدماء والسجون كما أشعل حربا أهلية في مصر الوطن وسيناء البوابة الشرقية والعمق الاستراتيجي.
وأشار سعيد إلى أن البناء الهيكلي للنظام نفسه متنافر ومتناقض؛ فمؤسسات الدولة العميقة الفاسدة كانت متكاملة ومترابطة بشكل أفقي ورأسي ويقوم مبارك على إدارتها كما تقوم هي بإدارته، وحين أسقطته الثورة تخلخلت مؤسسات الدولة العميقة بشدة قبل أن تعطيها قوى الثورة -وعلى رأسها الإخوان- الفرصة ﻹعادة التماسك ولكنها حين تصلبت جاءت بشكل رأسي هذه المرة دون البعد الأفقي كما تبدلت فيه الأولويات فتغلبت المخابرات الحربية على العامة، كما سيطرت المؤسسة العسكرية على الداخلية والشرطة بعكس فترة مبارك.
وأكمل: “كما أن قائد الانقلاب لا بد أن يتخلص من شركائه كما هو المنصوص عليه في العقيدة الميكافيلية وقد فعل بالتخلص من المطلوب للعدالة محمد إبراهيم جزار رابعة والنهضة، والتخلص من أغلب قيادات المجلس العسكري من شركاء الانقلاب، وبقيت معضلة صدقي صبحي، الذي طلب تأمين موقعه بثماني سنوات دستورية غير قابلة للنقض إلا بالبرلمان الذي يعدل نصوص الدستور الباطل نسخة 2014، وهذا هو السبب الحقيقي لتأخير الانتخابات البرلمانية”.
واستطرد القيادي بالجبهة السلفية: “الخلاصة أن النظام يحتاج ضربة حجر الدومينو الأول ليتوالى السقوط. والسؤال هو: هل ما يقدمه الحراك الحالي يكفي لفعل هذا؟ أم ينتظر النظام ساعة سقوطه بحجر من داخل منظومته؟ هذا ما ستسفر عنه الأسابيع أو الشهور القليلة القادمة”.