شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

سر رد الفعل الغربي “الفاتر” على أحكام الإعدام الجماعية في مصر

سر رد الفعل الغربي “الفاتر” على أحكام الإعدام الجماعية في مصر
انحصر رد الفعل الغربي تجاه أحكام الإعدامات التي صدرت بحق الرئيس محمد مرسي وآخرين في إجراءات فاترة لم تتعدى زيارات عاجلة لمسؤولة السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي السابقة “كاترين أشتون”، وزيارات لمسؤولين من الاتحاد الأفريقي

انحصر رد الفعل الغربي تجاه أحكام الإعدامات التي صدرت بحق الرئيس محمد مرسي وآخرين في إجراءات فاترة لم تتعد زيارات عاجلة لمسؤولة السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي السابقة “كاترين أشتون”، وزيارات لمسؤولين من الاتحاد الأفريقي واتصالات عاجلة بين وزير الدفاع المصري والأمريكي ومع البيت الأبيض، ومجرد بيان أمريكي لمصدر مجهول رفض ذكر اسمه يعرب فيه عن “القلق العميق”، عقب أحكام الإعدامات الجماعية الأخيرة التي طالت 124 شخص أبرزهم الرئيس محمد مرسي، و123 آخرين، بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع والداعية يوسف القرضاوي ما يحمل في طياته مؤشرات ليست بالقليلة.

فرد الاتحاد الأوروبي ، بحسب “التقرير” جاء ضعيفًا للغاية وبعد 24 ساعة من صدور الأحكام واقتصر علي التعبير “عن أمله في أن تتم “مراجعة” حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس محمد مرسي في محكمة الاستئناف”.

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني إن “قرار المحكمة الحكم بإعدام مرسي وأكثر من مائة من مناصريه في ختام محاكمة جماعية لا يتطابق مع الالتزامات الدولية لمصر“.

وأضافت: “على السلطات القضائية أن تضمن حق المتهمين بمحاكمة عادلة وتحقيقات مناسبة ومستقلة، بما يتوافق مع المعايير الدولية“، وقالت: “الاتحاد الأوروبي يرى أن الحكم سيراجع خلال محكمة الاستئناف“، مذكرة بمعارضة الاتحاد لعقوبة الإعدام.

ولكن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، انتقد إحالة أوراق الرئيس مرسي إلى المفتي قائلًا لـ “دويتشه فيله”: “بالنسبة لنا في ألمانيا فإن هذا الحكم شكل من أشكال العقاب الذي نرفضه رفضًا باتًا“.

وقال شتاينماير: “من المهم بالنسبة للحكومة الألمانية أن يتصرف القضاء المصري وفقًا للحق والقانون وليس وفقًا للمعايير السياسية”، مشيرًا إلى أنه سيتضح خلال الأيام المقبلة، إن كان هذا سيحدث في هذه الحالة أم لا؟.

وأضاف الوزير الألماني: “أنتم تعرفون موقفنا وموقفي الشخصي من الإعدام، هذا لن يتغير، وهذا نرفضه بشكل قاطع“.

ولكن رد الوزير الألماني وغضب الخارجية وهيئة الاستعلامات المصرية من “التعليقات الدولية” على الأحكام، لم يمنعا استمرار الترتيبات لزيارة قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي لألمانيا التي ستجري يوم الأربعاء، بدعوة من المستشارة الألمانية والحديث عن استثمارات ألمانية في مصر.

ورد الفعل الأمريكي كان أكثر ضعفًا، واقتصرت علي بيان من “مصدر” بالخارجية الأمريكية، رفض ذكر اسمه ، قال إن الولايات المتحدة «تشعر بقلق عميق» من قرار محكمة مصرية بإحالة أوراق الرئيس محمد مرسي للمفتي، مؤكدًا: “اعتراضنا على مسألة المحاكمات والأحكام الجماعية التي تجرى بأسلوب لا يتطابق مع الالتزامات الدولية لمصر وسيادة القانون“، ولم يُنشر التصريح في موقع الخارجية الأمريكية، ما يثير تساؤلات حول تغليب إرضاء السيسي على البحث عن الحريات والحقوق في العالم.

مراقبة عن كثب!

أما بيان الأمين العام للأمم المتحدة الذي أعلنه فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، جاء مضحكًا ، حيث قال: بان كي مون تلقى بـ «قلق بالغ» نبأ القرار الذي صدر من محكمة مصرية، السبت، بحق مرسي وأشخاص آخرين، وسيواصل “مراقبة الموضوع عن كثب”، ويؤكد على أهمية أن تتخذ جميع الأطراف خطوات تؤدي إلى تشجيع وتجنب تقويض السلام والاستقرار في المنطقة.

وجاء رد الفعل الوحيد القوي من الرئيس التركي أردوغان الذي قال إن “مصر تعود نحو الوراء”، وكان محور رده هو نقد الأوروبيين على صمتهم، و”وقوف الغرب الديمقراطي موقف المتفرج من قرار إعدام الرئيس المنتخب”.

وقد دفع هذا الإذاعة السويدية الرسمية “P1″، للقول أن أحكام الإعدام التي صدرت السبت، بحق الرئيس المصري “محمد مرسي”، وآخرين بجماعة الإخوان المسلمين، لم تتم إدانتها إلا من قبل الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، ومنظمة العفو الدولية، منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية.

الصحف الغربية تنتقد حكوماتها

ربما لهذا قامت عدد من الصحف الغربية بتوجيه نقد لاذع لحكوماتها، ودون مراسلون لهذه الصحف في القاهرة عدة تغريدات تنتقد الموقف الأمريكي والأوروبي.

فمجلة إيكونوميست البريطانية انتقدت منظومة العدالة المصرية، على خلفية قرار محكمة جنايات القاهرة بإحالة أوراق مرسي و123 آخرين، بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع والداعية يوسف القرضاوي، إلى المفتي لاستطلاع رأيه بشأن الحكم بإعدامهم.

وعنونت المجلة البريطانية تقريرها بعبارة “قضاء فيكتور”، Victor’s justice أو “عدالة المنتصر”، وهو مصطلح إنجليزي ظهر عقب الحرب العالمية الثانية، ويقصد به تفصيل نظام العدالة والأحكام على هوى الفائز في المعارك، وأنه طالما العسكر في مصر هم الأقوى بسلاحهم في ساحة المعركة في مصر، فهم يصدرون أحكامًا مختلفة تجافي الصواب وتنحاز للخطأ علي غرار المحاكم الغربية عقب الحرب العالمية، حيث تفرق العدالة المزعومة هنا بين الحكم على “المقربين” والحكم على من يوصفوا بـ “الأعداء”، وهو ما يعتبره خبراء القانون نفاقًا ويؤدي إلى انعدام العدالة الحقيقية.

لهذا عارضت “إيكونوميست” -في تقريرها الذي نشرته السبت 16 مايو-، قول عبد الفتاح السيسي “إن القضاء ليس مسيسًا”، مؤكدة أن المقارنة بين معاملة القضاء المختلفة للرئيسين السابقين “مرسي” و”مبارك”: “تنسف ما يقوله السيسي في هذا الصدد”.

حيث قالت المجلة إن “السيسي يصر على أن القضاء المصري ليس مسيسًا، لكن قارن بين المعاملة التي يتلقاها مرسي بتلك التي يتلقاها مبارك الذي سيطلق سراحه قريبًا بعد أن قضى أربع سنوات مترددًا بين دخول السجن والخروج منه“.

ودللت على هذا بإسقاط أغلب الاتهامات التي وجهت لمبارك أو نقضها منذ أن أطاح السيسي بمرسي، بعكس ما حدث مع “مرسي”، ولذلك وصفت السيسي بأنه “استنساخ من مبارك”، وقالت إن “السيسي نفسه أشرف على قتل المئات من المتظاهرين، أغلبهم من أنصار جماعة الإخوان المسلمين“، أي يجب أن يقدم للعدالة كما فعل مبارك.

مصر تعود لعهد القمع

وأشارت مجلة “ذي أتلانتك” الأمريكية لنفس المفارقة بين محاكمة مرسي ومبارك في عهد السيسي وذكرت أن “العسكر أصدروا في الأشهر الأخيرة أحكاما بالإعدام على المئات من مؤيدي مرسي كان آخرهم أكثر من مئة شخص يوم السبت، بينما –وللمفارقة -فإن الرئيس المخلوع حسني مبارك يستمتع بحريته هو وكل رموز نظامه بعد إطلاق سراحهم من السجون“.

وقالت المجلة الأمريكية في تقرير بعنوان: “مصر تعود لعهدها القديم” إنه: “بينما كان وصول محمد مرسي لحكم مصر قبل ثلاث سنوات بصفة أول رئيس منتخب علامة فارقة في ثورات الربيع العربي، جاء الحكم بإعدامه ليثير موجة من السخط الدولي“.
وأكدت إن “مصر ترتد بشكل كامل إلى الحكم الشمولي القمعي“، وأن “قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي يشرف بنفسه منذ إطاحته بالرئيس المنتخب على تنفيذ أكبر حملة قمع للمعارضة عرفتها البلاد؛ حيث تم قتل وسجن عشرات الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين“.

تجريم ثورة

أيضًا ركزت صحف أخرى على أن الأحكام غرضها تجريم ثورة 25 يناير والقضاء على الثوار وأبرزهم قادة وأنصار جماعة الإخوان، حيث قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن الأحكام التي صدرت “بدت وكأنها تجرم أحداث ثورة يناير عام 2011″، و”إن الحكم، الذي يمكن الاستئناف عليه، يوجه ضربة عنيفة للثورة المؤيدة للديمقراطية التي شهدت انتفاضة آلاف المصريين ضد الدولة البوليسية التي يتزايد عنفها“.

وأكدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن إدانة مرسي تمثل أحدث علامة على تراجع الثورة التي أطاحت بنظام مبارك، قائلة: “يعد مرسي أول رئيس منتخب في انتخابات حرة، وهو الآن يواجه عقوبة الموت بسبب هروبه من احتجاز غير قانوني، وهو أشكال الاحتجاز التي رغب المصريون في إسقاطها بعد الثورة”.

ووصف الكاتب الأمريكي “إيان بريمر”، الأستاذ في العلوم السياسية، والبروفيسور في جامعة نيويورك، وكاتب عمود في مجلة “تايم”، الحكم بإعدام مرسي بأن “مصر تتنصل من الربيع العربي” وقال بريمر، على تويتر: “حُكم على الرئيس السابق المنتخب ديمقراطيًا محمد مرسي بالإعدام، بما يعني تنصّل مصر تمامًا من الربيع العربي“.

وقالت صحيفة “تليجراف” البريطانية إن الحكم بإحالة أوراق الرئيس السابق محمد مرسي إلى المفتي في قضيتي التخابر واقتحام السجون “ما هو إلا محاولة من جانب السلطات المصرية لضمان عدم عودته إلى الساحة السياسية مجددًا“.

وتحت عنوان “الإسلاميون يحذرون من عواقب حكم إعدام مرسي”، قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية، إن الإسلاميين المصريين حذروا العالم بأن يستعد لعواقب بعد أن تم الحكم على أول رئيس منتخب من خلال انتخابات حرة، محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، بعقوبة الإعدام بشكل مؤقت، بعد الإطاحة به على يد الجيش بعد مظاهرات عارمة ضد حكمه.

وأضافت الصحيفة، أن “ميعاد البت بشكل نهائي في الحكم على مرسي بعقوبة الإعدام سيكون في 2 يونيو، ولو تم تأكيد الحكم حينها، فإن محللين يشككون في أن النظام المصري سينفذ مثل هذا الفعل المثير، وفي قضية تجسس أخرى منفصلة، تم الحكم على مرسي بالسجن مدى الحياة“.

المزيد من المقاتلات والدبابات

وسخر كيفين جون هيلر أستاذ القانون الجنائي البريطاني بمدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في تعقيبه على الحكم على الرئيس محمد مرسي في تدوينة على حسابه علي (تويتر) من الموقف الأمريكي الداعم لقائد الانقلاب السيسي: “الولايات المتحدة ستعاقب دون شك مصر على هذه المحاكمة بإرسال المزيد من المقاتلات والدبابات والصواريخ“.

كذلك أدان جورج جالوي، السياسي البريطاني، والنائب السابق في البرلمان الإنجليزي، وزعيم “حزب الاحترام” الاشتراكي، الحكم بإحالة أوراق الرئيس مرسي وقيادات من الإخوان إلى المفتي، وقال في تغريدة على شبكة تويتر: “الطغاة الغارقون في الدماء في نظام السيسي العسكري يعتزمون قتل رئيس مصر، والرعاة الغربيون أُصيبوا بالخرس“.

فيما وصف “بورزو دراجاي” مراسل فايننشيال تايمز في مصر إحالة مرسي للمفتي بأنه “وصمة عار للقضاء”، وقال دراجاي في تدوينة على حسابه الخاص بـ(تويتر): “الأمر الجدير بالملاحظة أنه من المحتمل ألا يتم تنفيذ حكم الإعدام بمرسي وآخرين، لكن الحكم هو وصمة عار كبيرة في ثوب القضاء الرث“.

سر الرد الفاتر

ولكن ما هو سر هذا الرد الفاتر أو الضعيف من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عمومًا؟ ؛ السبب، كما يراه معلقون ومعارضون يرجع إلى السياسة البرجماتية الغربية القائمة على حماية مصالحها في مصر، أيًا كان الحاكم الذي يحكم، مع القناعة أن الحاكم الديكتاتور يسهل قيادته كحالة مبارك، كما أن الحاكم الذي يظل معتمدًا على الغرب يجري التعامل معه بمنطق تحقيقه مصالح الغرب مقابل حمايته والتعامل معه.

وهذه المصالح الغربية يأتي على رأسها حماية أمن الدولة الصهيونية، وحماية أمن أوروبا، وتيسير مرور الناقلات الغربية في قناة السويس، ومحاربة أي قوى متطرفة تعادي الغرب وتهدد مصالحه، وهو ما يؤكده د. محمد الجوادي المؤرخ المصري الذي يقول إن: “أمريكا والغرب والصهيونية ترسل لكم رسالة يا مسلمين بأن كل من يهدد أمن المدللة إسرائيل فمصيره هو مصير د. مرسي، مصيره هو مصير سوريا”.

كما تساءل الناشط الكويتي ناصر الدويلة علي تويتر: “لماذا يتحالف الشرق والغرب على الإخوان المسلمين وما هو الهاجس الذي يجعل ملة الكفر تتوحد ضد هذه الجماعة؟“، وأشار إلى محاضرة سابقة للمؤرخ الصهيوني “موردخاي كيدار” يتحدث فيها عن خطر الإخوان على إسرائيل والغرب ويحدد ثلاثة أهداف لهم.

ويقول نشطاء على مواقع التواصل، في إشارة منهم لما قاله دينيس روس منسق السياسة الخارجية الأمريكية السابق إن “مرسي كان يتعامل معنا كأنه قوة عالمية وليس دولة تأخذ منا مساعدات“، “هذا ما جعل أمريكا والصهاينة والغرب ينقلبون على مرسي، فهم يريدونه حارسًا لهم كبقية الحكام العرب”.

ربما لهذا، خرجت تعليقات إسرائيلية واضحة بضرورة الدعم الغربي للسيسي، ومنع سقوطه، والتأكيد على أنه هو الذي يحمي أمن إسرائيل وأورويا.

وقال المعلق الصهيوني دان مرغليت: “سنبكي نحن والغرب دمًا لأجيال إن سمحنا بسقوط نظام السيسي”، فيما حذر المعلق الصهيوني يوسي ميلمان نتنياهو من “أي سلوك يظهر السيسي كعميل لإسرائيل”.

فأهم “عائد” استراتيجي تنتظره “إسرائيل”، بحسب هذا المحلل الصهيوني (عمير رايبوبورت) من حكم السيسي هو “تأكدها أنه لن يدفع نحو تطوير الجيش المصري، ما يعني أن تظل إسرائيل مطمئنة إلى ثبات ميزان القوى الاستراتيجي الكاسح لصالحها“.
وقال (ألون ليفين) وكيل الخارجية الصهيونية الأسبق: “علينا تجنيد دعم اقتصادي عالمي لنظام السيسي لتكريس شرعيته داخليًا“.
لماذا يصمت العالم؟


وسبق أن انتقد خالد القزاز سكرتير الرئيس محمد مرسي للعلاقات الخارجية، وأحد المحكوم عليه في القضية الأخيرة، نفاق الغرب وقال إنه صامت على انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، واعتقال وسجن وإعدام الأبرياء دون ذنب.

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، رسالة مسربة من داخل السجن لخالد القزاز، في يونيو الماضي 2014، تحت عنوان “لماذا يصمت العالم؟”، هاجم فيها صمت الغرب على اعتقال رئيس منتخب بواسطة الجيش وفريق الرئاسة ومحاكمتهم باتهامات سخيفة.

قال القزاز في رسالته: “أعلم لماذا تطالب الحكومة العسكرية المصرية بصمتي الكامل، ولكن من فضلكم (الغرب) أجيبوني: لماذا تصمتون بشأني؟“، ولم تلق رسالته أي رد فعل غربي حقيقي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023