دفع رفض رئيس البرلمان الألمانى “البوندستاج” البروفيسور نوربرت لامرت لمقابلة عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، بعض الأقلام المؤيدة للأخير بالصحف القريبة من جهاز الأمن الوطني “أمن الدولة سابقًا” إلى الهجوم على ألمانيا ونشر أباطيل بشأن إنجازات السيسي منذ توليه الحكم.
إذ كشف الباحث السياسي، عبده فايد، طالب الماجستير بالعلوم السياسية في جامعة دوبسبورج-ايس الألمانية، زيف إدعاءات الكاتب معتز بالله عبدالفتاح المؤيد لحكم العسكر في مقالته “رسالة إلى السفير الألماني بالقاهرة” المنشورة في عدد الأربعاء الماضي بصحيفة الوطن المقربة من جهاز الأمن الوطني، والتي يعمد فيها للترويج للسيسي بتشويه تاريخ الألمان، تحت شعار “علمونا ثم لامونا” على حد قوله في مقالته.
الحكم النازي في ألمانيا وحكم الإخوان في مصر:
زعم معتز بالله عبدالفتاح في مقالته، أن مخاطر حكم الرئيس محمد مرسي والإخوان كانت أشبه بمخاطر وتجربة هتلر والنازية، قائلًا “ماذا لو كان الشعب الألمانى، نخبته أو أجهزة حكمه أو الحس الشعبى عند جماهيره، قد أدرك مخاطر الحكم النازى خلال السنة الأولى من حكم هتلر؟ أى كنتم تخلصتم منه بدلًا من أن يستمر فى السلطة من 1933 وحتى 1945 دمر خلالها معظم أوروبا وتسبب فى موت عشرات الملايين من البشر؟ لقد تعلمنا من تجربتكم أننا لا ينبغى أن نحسن الظن، حتى تحت شعارات ديمقراطية، لدرجة أن نخاطر بمستقبل بلادنا ومنطقتنا كافة حتى لو كان مصدر الخطر هو الرئيس المنتخب ديمقراطيًا. أتحدث عن نفسى، لقد كنت قريبًا بما يكفى من صانعى المشهد السياسى فى مصر خلال 2013، ورأيت كم المحاولات التى بُذلت من عقلاء ووطنيين من أجل إقناع الدكتور مرسى وجماعته بأن الإخوان ينبغى أن يكونوا جزءًا من مصر وليس أن مصر جزء من الإخوان. ووعدنى الدكتور مرسى شخصيًا، كما وعد الملايين علنًا، ثم نكث، بما تأكدت معه أنه يعبث بإرادة الأمة، أو على الأقل لا يحترمها. لقد تعلمنا الدرس من أخطائكم يا سيدى، فلا تلومونا. ولو عاد الزمن وأتيحت الفرصة لكم لما انتخبتم هتلر، ولو كنتم انتخبتموه لثرتم ضده من أول أسبوع”.
إلا أن عبده فايد، رد عليه من خلال منشوره عبر صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك”، قائلًا “مليون خسارة علي اللي وصله معتز عبد الفتاح، يعني عارفين من زمن أنك لهطت على كل الموائد، لكن توصل بك الدرجة أنك تدلس علي جمهورك من المطبلاتية السيساوية، في مقالك، اللي كتبته في الوطن، بعد رفض رئيس البرلمان الألماني مقابلة الجنرال السيسي.. نسميه إيه ده يا زلنطحي بس؟ كبير الزلانطجية بيقول احنا عندنا إجراءات للتخلص من الحكم الإخواني، وهي شبه الإجراءات الألمانية للتخلص من الحكم النازي، وهي محفوفة بانتهاكات متوقعة.. كذب وتدليس”.
وأضاف “يعني ألمانيا الغربية أتبنت على الانتهاكات والقتل.. يا ضلالي…ألمانيا الغربية اتبنت علي مبادئ القانون حتي في مواجهة النازيين.. الأميركان توحشوا بعد كل إجراءات اجتثاث الإرث العسكري والثقافي للنازي، وبعد محاكمات نورمبرج الشهيرة، وبدأوا في لصق تهمة النازية بملايين الألمان، لمجرد أنهم اشتغلوا في الجهاز الاداري، فصلوا وشردوا ملايين، واعتبروا ملايين في عداد مجرمي الحرب،ودي كانت كارثة شقت المجتمع الألماني الغربي”.
ومضى مفندًا إدعاءات معتز، قائلًا “لكن المستشار أديناور، خد سكة تانية بعد تأسيس ألمانيا الغربية سنة 1949، البوندستاج مرر بأغلبية ساحقة القانون التكميلي لسنة 1951 المعروف اختصارًا باسم (131er Gesetz ) اللي بيسمح بعودة مئات ألوف الموظفين المفصولين، بسبب ميولهم النازية لوظائفهم مرة تانية.. وأصدر قانونين عفو عام عن مئات ألوف النازيين.. القانون الأول صدر 1949، والثاني 1954 ممنوع طبعًا العفو عن المدانين بجرائم ضد الانسانية وعتاة النازية اللي أبادوا 60 مليون، ولا إسقاط تهم عن الهاربين زي أدولف أيشمان اللي اتعدم في إسرائيل بعد كده في أوائل الستينات”.
واستدرك الباحث السياسي “لكن البشر العاديين، المنتمين تنظيميًا للحزب النازي والمؤمنين بأفكاره اتخفض تصنيفهم من مجرمي حرب لمشاركين في الحرب، وده سهل رجوعهم شغلهم، ودمجهم اجتماعيًا.. هتلر شال أديناور من منصبه كحاكم كولن، سجنه فترة مش قصيرة، كان ممكن ينتقم لما بقي مستشار ألمانيا من كل نازي، لكن فضل مصلحة بلده..ده اسمه لا مؤاخذة رجل دولة”.
وتابع موجهًا حديثه لـ”معتز عبدالفتاح”: “لو كانت ألمانيا الغربية اعتقلت، وقتلت وشردت كل منتمي للفكرة النازية..كانت الأفكار النازية هتكسب تعاطف تاني.. لكن عشان مؤسسها راجل بيفهم بني دولته علي ثلاثية.. (الديمقراطية/حقوق الانسان/دولة القانون) وفوق كل ده أصلح النظام التعليمي كجزء من سياسة التعامل مع الماضي Vergangenheitsbewältigung، وأنتج أجيال تعرف تفكر، تختار بإرادة حرة، لا تنساق وراء شعارات قومية زائفة… ولما ساب النازيين يشكلوا أحزاب سياسية.. زي الحزب الاجتماعي الملكي SPR وبعدها الحزب الملكي الألماني DPR وبعدهم الحزب اللي لسه مكمل لغاية دلوقتي الحزب القومي النازي NPD..كان عارف أن الناس هترفضهم..وسياسات المكافحة الفكرية والتذكير بالماضي الأليم هتنجح.. ونجحت فعلًا، والنازيين بكل هريهم بياخدوا فتات المقاعد في برلمانات الولايات،ولما يحدشوا لمظاهرات زي مظاهرات بيجيدا،بينزل قصاد كل متظاهر منهم 10 من المؤمنين بالتعددية”.
انتهاكات حقوق الإنسان من المواطنين للمواطنين وليس من الدولة:
زعم معتز بالله عبدالفتاح، في مقالته أن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر تتم من جانب مواطنين لمواطنين أخرين، ليس من قبل الدولة، قائلًا “انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر موجودة مع الأسف الشديد. وهى انتهاكات ليست فقط من أفراد جهاز الدولة ضد المواطنين، ولكن من بعض المواطنين ضد مواطنين. وهذه تعكس تشوهات فى الشخصية المصرية لها تاريخ طويل، وهى مسألة بحاجة لأن نعمل عليها بسرعة. ووجهت انتقادات واضحة، علنًا وسرًا، لنظام الحكم الحالى فى مصر لعدة أسباب منها عدم الاهتمام ببناء الإنسان المصرى. ولكن لا أنسى أن أول الانتهاكات هى حالة الفقر المزرية التى يعيشها ملايين المصريين”.
لم يكتفي معتز بذلك، بل طالب حكومة ألمانيا بدعم مصر ماديًا لمواجهة الفقر بقوله “ولو كنتم بالفعل حريصين كل هذا الحرص على حقوق الإنسان فى مصر، فلماذا لا تبدأون بمحاربة الفقر فى مصر بمشروعات ضخمة مخصصة لهذا الغرض؟، وقال السيسى فى لقاء لى معه منذ يومين إن أحد المسئولين الأجانب قال له لماذا لا تطلقون الحق فى التظاهر؟، فكان رده: موافق، حل لى مشاكل مصر الاقتصادية وأنا مستعد أن أنزل أنا أقود المظاهرات بنفسى كل يوم. وأوضح السيسي أنه ليس ضد التظاهر، ولكن ضد الانعكاس السلبى للتظاهر على حياة المصريين”.
وبحسب منشور عبده فايد ردًا على معتز، قال إن “الانتهاكات لا تبني دولة مستقرة.. حتي في مواجهة الخصوم.. ده الدرس الألماني الحقيقي في التعامل مع النازية..يا مُدلس”، على حد قوله.
وأضاف “الزلنطحي بيواصل هرتلته..و بيطالب الألمان يدونا فلوس بدل من مطالبتنا بحريات سياسية وتظاهر وكلام وحش من دوكها..طبعًا مش هاقولك أن الألمان دعمونا قبل كده بمليارات اليورو ومشاريع بالكوم منها مشروع مبارك-كول لتأهيل العمالة الفنية.. وأن كل ده راح في الأونطة وكرش الفساد بلعه.. لكن بذمتك كأستاذ علوم سياسية زلنطحي كبير.. ينفع تروج للكلام الساذج بتاع أننا ممكن نستغني عن الحريات السياسية ونقبل الانتهاكات مقابل كام مشروع وشوية انتعاش اقتصادي.. وشايف كده أننا نبقي شبه ألمانيا الغربية.. إبقي قابلني”.
وتابع “كان في جيران لألمانيا الغربية مشوا زي ما أنت بتقول بالظبط.. صادروا الحريات السياسية.. اعتقلوا مئات ألوف البشر.. قتلوا آلاف مؤلفة من شعبهم، منهم 100 في ساعة سنة 1953 أثناء انتفاضة العمال، عملوا وزارة أمن دولة قذرة زي داخليتنا الموقرة اسمها شتازي، واتجسسوا علي ملايين، وكانوا بيسجلوا كل كلمة وحرف،كانوا بيخلوا العيال تتجسس علي بعض، وبيدربوهم علي كده في مدرسة بوتسدام، اشتروا المثقفين زي الأديبة المرموقة كريستا فولف، بالظبط زي ما النظام اشتراك بالرخيص كده، عملوا أوبريتات تمجد في النظام أشهرها واحد اسمه الحزب عنده حق Die Partei hat immer Recht.. بالظبط برضه زي ما مصر بتعمل اوبريتات وأغاني وطنية هطلة.. النظام القاتل المستبد ده كان عنده اقتصاد جيد، وعدالة اجتماعية، وصناعة عسكرية متطورة، وصناعات تكنولوجية، وصناعة عربيات وطنية اسمها تاربانت..والنتيجة إيه؟ استمر لما أدي للناس حقوقهم الاقتصادية ولهف حرياتهم السياسية؟”.
واستكمل الباحث السياسي “لأ وحياتك..راح في مزبلة التاريخ.. الدولة اللي قتلت، واعتقلت، وراقبت، واتجسست وبنت نظام استبدادي.. وقعت في 9 أكتوبر 1989، الشباب خرجوا كسروها وهدوا السور اللي حواليها، واختاروا باديهم الحرية عند جيرانهم.. ألمانيا الشرقية أنهارت، وألمانيا الغربية انتصرت.. النموذج اللي أتأسس علي الحريات السياسية.. هو اللي استمر.. والنموذج اللي فكر أنه هيضحك على الناس بقرشين ويقتل حريتهم اتهزم واتشال..ده اللي كان لازم تقوله لجمهورك يا معتز.. مش تقولهم أقضي على الفقر بالشحاتة والمعونات، وبعدين أدور علي حريات سياسية، ومفهمهم أنك كده هتبني دولة مستقرة.. كان اللي عندهم صناعة وتكنولوجيا زي ألمانيا الشرقية كملوا عشان مصر تكمل..اتوكس”، على حد قوله.
الإخوان لا يمثلون معارضة ولن تقبل الدولة بإسقاط النظام:
وبالعودة للنقطة الأخيرة، من مقال معتز عبدالفتاح التي قال فيها “الإخوان لا يمثلون معارضة وطنية شريفة، بل إن المصريين يزدادون اقتناعًا بأنهم شرخ فى الهوية الوطنية المصرية، وأنهم تحولوا إلى (سلالة) تتزاوج وتتناسل على قيم تنال من فكرة المواطنة والدولة الوطنية. وأصبحوا يتبنون سياسات مركبة لها ثلاثة أبعاد: إنهاك المجتمع (مظاهرات، تفجيرات، تعطيل أنشطة، تدمير البنية التحتية، تخويف المستثمرين والسائحين)، إفشال الدولة (عبر دعاية سلبية مثل الحديث عن جيش الانقلاب، قضاء الانقلاب، والتشكيك فى وطنية مؤسسات الدولة بين الأجيال)، إسقاط النظام (عبر ربط كل إهمال أو تقصير أو حوادث برئيس الدولة شخصياً، واستغلال أى خطأ أو تقصير فى إثارة كتل حرجة لها مظالم حقيقية)”.
واختتم مقالته، قائلًا “كمواطن مصرى أرفض المبالغة فى أحكام الإعدام، وقطعًا ضد أى انتهاك لحقوق الإنسان، ولكن فى الوقت نفسه أرفض أن يتصور أى مسئول ألمانى أو غير ألمانى أن إحراج رئيس مصر سيجعلنا نُهزم ضد من يمارس ثلاثية: إنهاك المجتمع، إفشال الدولة، إسقاط النظام..لو أراد الإخوان حقن الدماء، فالكرة فى ملعبهم، ولو أراد الألمان مساعدتنا، فالكرة فى ملعبهم.. أرجو إرسال هذه الرسالة إلى البروفيسور نوربرت لامرت”.
وفي تلك النقطة يرد عليها الباحث السياسي بألمانيا عبده فايد، قائلًا “معتز بيدهشنا بفجاجة في النقطة الأخيرة وبيقول أن الدولة المصرية مش هتقبل بانهاك المجتمع ولا افشال النظام ولا اسقاط الدولة علي يد الاخوان..يا أخي اتلهي علي عينك..الدولة هي اللي بتوقع نفسها مش حد تاني..أحكام القضاء الجائر، اعتقال طالب من جامعته وتصفيته، 40 ألف معتقل دون محاكمة و مئات القتلي، وتأجيل البرلمان، قتلي ماتشات الكورة، انتهاكات الداخلية اليومية، الفساد الناهش في الدولة، وتعيين الزند، وقبله وزير الاحتقار الطبقي، التقارير الموجودة في كل صحيفة عالمية والمنشورة من 3 أيام بالانتهاكات الجنسية ضد المعتقلين..كل ده هو اللي هيوقع الدولة..ده اللي انت لازم تقف وتقوله لأ..مش أي حاجة تانية.. (مصر لو وقعت هيبقي بايد نظامها قبل غيره)”.
وأنهى فايد، رده على مقال عبدالفتاح، بقوله “عمومًا.. أدعى يا ميزو بقي أن السفير الألماني ميشفوش رسالتك دي، هتفضح مستوي الأكاديمي والصحافة في مصر أكتر ما هي مفضوحة..وارحمنا من التدليس شوية.. طيب نشوي الحوفي جاهلة.. وعكاشة مطبلاتي برخصة .. إنما أنت أستاذ سياسة.. تكذب ليه؟ تجتزئ معلومات ليه؟ تطبل ليه؟ عشان كرسي.. تبيع ضميرك وشرفك الأكاديمي عشان كرسي وبرنامج ومداخلتين”.