شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

“المنطقة العازلة” .. المهر الذي دفعه السيسي لإسرائيل!

“المنطقة العازلة” .. المهر الذي دفعه السيسي لإسرائيل!
إذا عدت إلى بيتك بعد صلاة الجمعة، وفتحت هاتفك الذكي أو حاسوبك النقال للتعرف على آخر الأخبار والمستجدات، ووجدت هذا الخبر فلا تنزعج ولا تستغرب: "الكونجرس يوافق على استئناف المساعدات العسكرية لمصر بـ1.3 مليار دولار"

إذا عدت إلى بيتك بعد صلاة الجمعة، وفتحت هاتفك الذكي أو حاسوبك النقال للتعرف على آخر الأخبار والمستجدات، ووجدت هذا الخبر فلا تنزعج ولا تستغرب: “الكونجرس يوافق على استئناف المساعدات العسكرية لمصر بـ1.3 مليار دولار”

أما في متن الخبر، فستجد رئيسة لجنة الاعتمادات في الكونجرس، النائبة كاي جرانجر، قد أشارت في كلمتها الافتتاحية، إلى أنه في الوقت الذي يشهد فيه الشرق الأوسط حالة من الاضطرابات، تحتاج الولايات المتحدة لمصر كحليف مستقر لديها.

ستحاول أن تجهد عقلك باحثًا عن تفسير، وعن حل للتضارب بين التصريحات والانتقادات التي تصدر من الجانب الأميركي بخصوص سجل حقوق الإنسان “الزفت” في مصر، وبين التصريحات العسكرية التي تؤكد على العلاقة مع النظام في مصر.

ولكي تريح بالك وعقلك، فالأمر ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد للوضع السياسي أو الاقتصادي في مصر، ولا بقمع المعارضين، ولا بتزوير الانتخابات الرئاسية، أو بإلغاء انتخابات البرلمان.. الأمر فقط يتعلق بحماية أمن إسرائيل!

***

حين نقيم العلاقة المصرية الأميركية يجب أن نفهم جيدا وضع مصر بالنسبة للولايات المتحدة؛ فمصر منذ توقيعها اتفاقية كامب ديفيد في العام 1979 مع كيان الاحتلال برعاية أميركية، صارت ملفا حصريا بيد وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، تأخذ مساعدات سنوية بقيمة 1.3 مليار دولار مقابل شيئين لا ثالث لهما: حماية أمن إسرائيل وقناة السويس.

خروج مصر من دائرة الصراع شكل صدمة وخسارة كبيرة لجميع المقاومين في الوطن العربي والعالم الإسلامي، وبعد أقل من عشر سنوات فقط على زيارة القدس الآثمة في 1979 التي قام بها السادات، كانت حركة المقاومة الإسلامية حماس قد بدأت في التشكل في فلسطين.

وعلى مدار ثلاثة عقود صارت الحركة تسبب صداعا مزمنا للاحتلال الإسرائيلي، جعل جنرالها الأكبر شارون يقرر الانسحاب من قطاع غزة، ليكون القطاع بذلك أول قطعة فلسطينية محررة من الأرض التي ضيعتها مصر في حرب 1967.

شنت إسرائيل الحرب تلو الحرب على القطاع في محاولة للتخلص من حركة حماس، إلا أن الحركة ورغم التضييق الخانق من النظام في مصر، قد استطاعت الصمود وصد جميع محاولات اجتياح القطاع.

كان آخر هذه الحروب حرب أواخر 2008 أوائل 2009 “الرصاص المصبوب” (أو معركة الفرقان كما تسميها المقاومة)، وهي المعركة التي انتهت بفشل إسرائيلي آخر، دفع وزير الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفيني ونظيرتها الأميركية كونداليزا رايس إلى توقيع اتفاقية أمنية لتشديد الخناق على حركات المقاومة في قطاع غزة، عرف هذا الاتفاق باسم “ليفيني-رايس”.

***

شمل هذا الاتفاق ثلاثة عدة بنود لتشديد الخناق على قطاع غزة، أهمها:

1- نشر كاميرات مراقبة متطورة جدا موردة من الـ”سي آي إيه” على طول الحدود المصرية مع القطاع، إلى جانب أدوات الكشف الأمريكية الحديثة جدًا والتي تستهدف الأنفاق.

هذه الكاميرات أتاحت صورًا يومية وعلى مدار الساعة للجانب الإسرائيلي، ناهيك عن أنها وضعت حافري وعمال الأنفاق تحت عين الرقيب الصهيوني، مما أدى إلى القصف الإسرائيلي المتقطع على طول المنطقة الحدودية، والذي أدى لاستشهاد وإصابة العشرات من الفلسطينيين، وأحيانا المصريين!.

وأما أجهزة الكشف، فقد أدت إلى تمكين الجيش المصري “الحليف” من كشف مئات الأنفاق وتدميرها (أحيانًا على رءوس من فيها، وباستخدام الغاز في بعض الأحيان).

2- التعاون الاستخباراتي النشط، والذي جعل المخابرات الأميركية والإسرائيلية تستبيحان الجغرافيا المصرية (برًا وبحرًا) والتحرك فيها دون قيود، بما يؤدي إلى تضييق الخناق على “حركة التهريب” إلى قطاع غزة
المحاصر، والذي يعاني تشديدًا متصاعدًا للحصار، من خلال إحكام إغلاق معبر رفح “المصري”، أسوة بالمعابر التي تربط القطاع مع الأراضي المحتلة عام ثمانية وأربعين.

3- بناء الجدار الفولاذي على امتداد عشرة كيلو مترات (هي طول الحدود المصرية مع القطاع)، وبعمق أكثر من ثمانية عشر مترًا، مجهزًا بأحدث التكنولوجيا، وخاصة على صعيد المراقبة والإنذار المبكر (الجدار الفولاذي مزود بحساسات تستطيع مبكرًا كشف أية محاولة لاختراقه أو صهره، مع تحديد مكان حدوثها بدقة عالية). هذا الجدار الذي دافع عنه الإعلاميون على التليفزيون المصري، ووصفوه بأنه “منشأة هندسية” لحفظ أمن أمصر.

***

يبدو أن كل هذا لم يكن كافيًا، وأن حركة حماس استطاعت التغلب على كل هذه المعوقات، ولا سيما بعد وصول الرئيس محمد مرسي لمنصب الرئاسية منتصف العام 2012؛ رأت إسرائيل في ذلك خطرًا داهمًا وتم إعداد خطة لإقامة منطقة عازلة Buffer zone في قلب سيناء لمسافة 5 كيلومترات، لمنع كل محاولات تهريب المال والسلاح والغذاء لأهل غزة المحاصرين والمقاومين.

السيسي أبدى موافقته بل تحمسه على تنفيذ هذه الخطة، وكان هذا هو العربون الذي دفعه من أجل تأييد الانقلاب العسكري الذي قام به، هذه الخطة التي يعمل الجيش المصري وفقًا لها حسبما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جين ساكي، التي قالت: “إن بلدها يؤيد خطة الجيش المصري في سيناء، نحن نؤمن بحق مصر في اتخاذ خطوات للحفاظ على أمنها، ونتفهم الخطر الذي يواجهونه من سيناء، ولهذا السبب، قدمنا طائرات الأباتشي، وهم يعملون وفقًا لخطة، ونحن مستمرون في دعم جهودهم، لاتخاذ خطوات للدفاع عن حدودهم”.

وافقت تل أبيب، ضمن خطة التهجير، على نشر قوات مصرية من فرقتي 777 و999 في مدينتي رفح والعريش، بالإضافة إلى قوات من المظلات وقوات أخرى.. هذه الموافقة الإسرائيلية على نشر قوات مصرية على أرض مصرية افتخر بها السيسي وعدّها دليلا على زوال حالة العداء التي كانت بين البلدين!.

لقد كان تهجير أهل سيناء لصالح إسرائيل هو المهر الذي دفعه السيسي ليخطب ود أميركا وإسرائيل، ولدعم انقلابه الدموي والتغاضي عن جرائمه.

وربما لا نجد تصريحا أكثر دقة في توصيف هذه العلاقة الآثمة إلا تصريح نبيل فهمي وزير الخارجية السابق لنظام الانقلاب في مصر والذي قال فيه: العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر ليست نزوة لليلة واحدة، وإنما زواج كاثوليكي! وطبعا عارفين مين العريس ومين العروسة!.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023